عرض مشاركة واحدة
  #24  
قديم 05-14-2013, 02:23 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,022
شرح الشيخ العثيمين

هذه قاعدة مهمة.يعني لايمكن أن تُؤخذ أسماءُ اللهِ وصفاتهِ إلا من الكتاب والسُنة.وهل تُؤخذ من إجماع السلف؟ نقول:لايمكن أن يوجد إجماعٌ من السلف إلا مبنياً على الكتاب والسُنة أبداً. وحينئذٍ فالمرجع هو الكتاب والسُنة لأن الأسماء والصفات العلمُ بهما من باب العلم بالخبر ماهي أحكامٌ يدخل فيها القياس حتى نقول ربما يكون إجماعٌ عن قياس ولكنها أمورٌ تُدرك بالخبر وحينئذٍ لايوجد إجماع إلا مستندِاً إلى خبر من كتاب الله وسُنةرسولهِ -صلى الله عليه وسلم-.فالمرجعُ إذن في إثبات أسماء الله وصفاته إلى الكتاب والسُنة لكن أحياناً لانطلع على دليل الكتاب والسُنة ولكننا نطلع على الإجماع فنقول:إن الإجماع هنا لابد أن يكون مستنداً إلى الكتاب والسُنة.

*المتن

وعلى هذا فماورد اثباته لله تعالى من ذلك في الكتاب والسُنة وجب إثباته وما ورد نفيه فيهما وجبَ نفيه مع اثبات كمال ضده.ومالم يرد نفيه ولاإثباته فيهما وجب التوقف في لفظه فلايُثبت ولايُنفى لعدم ورود الإثبات والنفي فيه.وأمامعناه فيُفصَّلُ فيه.فإن أرِيدَ به حقٌ يُليقُ بالله تعالى فهو مقبولٌ وإن أريد به معنىً لايليقُ بالله-عزوجل- وجب رده
*شرح الشيخ العثيمين

القاعدة مفهومة. مادمنا نعتمد في الإثبات والنفي على الكتاب والسُنة فما وردإثباته وجب إثباته وماورد نفيه وجب نفيه مع إثبات كمال ضده.فالظلم وردَ نفيه فيُنفى عن الله الظلم مع إثبات كمال العدل. والبصر ورد إثباته فيجب علينا إثباته. هناك أشياء تنازع فيها المتاخرون لأنها مما أحدِث من علم الكلام. تنازع المُتأخرون فيها فمنهم من أثبتها ومنهم من نفاها والصواب أن نتوقف في اللفظ ونستفصل في المعنى فاللفظ لانثبته ولاننفيه والمعنى نستفصل هذا إن لم يكن ذلك الاسم دالا على نقصٍ فيجب علينا نفيه بكل حال. أما إذا كان محتملا فإننا نتوقف في لفظه ونستفصل عن معناه.
*المتن
فمما ورد إثباته لله تعالى: كل صفة دل عليها اسم من أسماء الله تعالى دلالة مطابقة، أو تضمن، أو التزام.
ومنه كل صفة دل عليها فعل من أفعاله كالاستواء على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا، والمجيء للفصل بين عباده يوم القيامة، ونحو ذلك من أفعاله التي لا تحصى أنواعها فضلاً عن أفرادها (وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ)(103).
ومنه: الوجه، والعينان، واليدان ونحوها.
ومنه :الكلام، والمشيئة، والإرادة بقسميها: الكوني، والشرعي. فالكونية بمعنى المشيئة، والشرعية بمعنى المحبة.
ومنه :الرضا، والمحبة، والغضب، والكراهة ونحوها(104).
ومما ورد نفيه عن الله سبحانه لانتفائه وثبوت كمال ضده: الموت، والنوم، والسِنَة، والعجز، والإعياء، والظلم، والغفلة عن أعمال العباد، وأن يكون له مثيل أو كفؤ ونحو ذلك.

ومما لم يرد إثباته ولا نفيه لفظ (الجهة) فلو سأل سائل هل نثبت لله تعالى جهة؟

قلنا له: لفظ الجهة لم يرد في الكتاب والسنة إثباتاً ولا نفياً، ويغني عنه ما ثبت فيهما من أن الله تعالى في السماء. وأما معناه فإما أن يراد به جهة سفل أو جهة علو تحيط بالله أو جهة علو لا تحيط به.
فالأول باطل لمنافاته لعلو الله تعالى الثابت بالكتاب والسنة، والعقل والفطرة، والإجماع.
والثاني باطل أيضاً؛ لأن الله تعالى أعظم من أن يحيط به شيء من مخلوقاته.
والثالث حق؛ لأن الله تعالى العلي فوق خلقه ولا يحيط به شيء من مخلوقاته.
*شرح الشيخ العثيمين

الآن نقول مما ورد فيه النزاع"الجهة".
نقول:هل اللهُ في جهة؟ نقول الجهات إما عُلوأو سُفل. والعُلو إما أن يُحيط بالله أولايُحيط به.فإن أردت بالجهة جهة السُفل فهذا باطلٌ بلاشكٍ لأنه مُخالفٌ لما ثبتَ من عُلوه الدال على كماله.وإن أردتَ أنه في جهةٍ تُحيط ُبه جهةٍ عُليا لكن تُحيط ُبه فهذا باطلٌ لأن اللهَ تعالى لا يُحيط ُبه شيءٌ من مخلوقاته.وإن أردت جهة عُلوٍ لا تُحيط ُبه بل هي عدمٌ مافوقه شيءٌ ولاعن يمينه ولاعن شماله شيءٌ.كل شيءٍ كل ُمافوق عدم.يعني مافي شيءٌ من المخلوقات فهذا جهة عُلو لاتُحيط ُبه فهذا حقٌ لأن الله-سبحانه وتعالى-فوق كل شيء.إذن هذه جهة علو لكن بدون إحاطة يعني بدون أن يُحيط َبه شيءٌ من المخلوقات وهذا حقٌ .فإذن الله تعالى في جهة عُلو ولاتُحيط ُبه.
والدليل على ذلك- أي على علو الله بذاته -في كتاب الله وسُنة رسوله وإجماع الصحابة والعقلوالفطرة.


*المتن
ودليل هذه القاعدة السمع والعقل.
فأما السمع فمنه قوله تعالى:(وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)(105)، وقوله: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)(106)، وقوله: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)(107)، وقوله: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً)(108)، وقوله: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)(109)، وقوله: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ)(110).
إلى غير ذلك من النصوص الدالة على وجوب الإيمان بما جاء في القرآن والسنة.
وكل نص يدل على وجوب الإيمان بما جاء في القرآن فهو دال على وجوب الإيمان بما جاء في السنة؛ لأن مما جاء في القرآن الأمر باتباع النبي صلى الله عليه وسلم والرد إليه عند التنازع. والرد إليه يكون إليه نفسه في حياته وإلى سنته بعد وفاته.
فأين الإيمان بالقرآن لمن استكبرعن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم المأمور به في القرآن؟
وأين الإيمان بالقرآن لمن لم يرد النزاع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد أمر الله به في القرآن؟
وأين الإيمان بالرسول الذي أمر به القرآن لمن لم يقبل ما جاء في سنته؟
ولقد قال الله تعالى: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ)(111). ومن المعلوم أن كثيراً من أمور الشريعة العلمية والعملية جاء بيانها بالسنة، فيكون بيانها بالسنة من تبيان القرآن.
*شرح الشيخ العثيمين
هذا كله يدل على أن ماجاء في السُنة من ذلك فهو كما جاء في القرآن سواءً بسواء.

*المتن
وأما العقل: فنقول: إن تفصيل القول فيما يجب أو يمتنع أو يجوز في حق الله تعالى من أمور الغيب التي لا يمكن إدراكها بالعقل، فوجب الرجوع فيه إلى ما جاء في الكتاب والسنة.
*شرح الشيخ العثيمين
الآن لوقال قائلٌ:إنَّ اللهَ في جهة وقال آخرٌ:إن اللهَ ليس في جهةٍ إيش نقول؟ نقول:أما بالنسبة للفظ لانثبت ولاننفي لكن بالنسبة للمعنى نستفصل لماذ؟ لأن الذين نفوا الجهة ادعو أن أهل السُنة يُثبتون أن الله في جهةٍ تُحيط ُبه فصاروا يتوصلون بنفي الجهة إلى نفي العُلو ولهذا نحتاج أن نستفصل.طيب لو قال قائلٌ:إن اللهَ ليس بجسم وقال آخر بل للهِ جسمٌ لأنه استوى على العرش وينزل إلى السماء الدنيا ويأتي للفصل بين عباده ويقبضُ الصدقاتِ ويُربيها بكفه وما أشبه ذلك.فهذا يقول جسم والثاني يقول غير جسم نستفصل لأن الذين نفوا الجسم ادعوا أن إثبات أي صفة يستلزم التجسيم وقالواأجساما مُتماثلة فقالوا:إن الله لم يستو على العرش لأنك لو قلتَ استوى على العرش معناه صار جسماً..لاينزل لأنك لو قلتَ ينزل صار جسماً . ولايأتي للفصل بين العباد لأنه لو كان كذلك لكان جسماً وليس له يدٌ حقيقية وإلا لكان جسماً إلى آخره فنفوا الصفات بهذه الحجة. نقول لهم:أين في الكتاب أوالسُنةِ نفي الجسم؟ لو أن أحداً أثبته وقال:نعم أنا أقول له جسم هات لي دليلاً يدل على أن الله ليس بجسم؟ يستطيع يأتي بدليل؟ مايستطيع لكن إذا قال لي هات دليل على أن اللهَ جسمٌ أنا ماعندي دليل.إذن لاتثبت أنَّ اللهَ جسمٌ ولاتنفي أن اللهَ جسمٌ ولكن نستفصل عن المعنى وأثبت المعنى الحق وأنفِ المعنى الباطل أما اللفظ فدعه لاتقل الله ليس بجسم ولاتقول الله جسم.اترك هذا اللفظ هذا ماتكلم به الكتاب ولا السُنة ولا الصحابة. فنقول:ماتُريد بمعنى الجسم؟ إن قال:أريدُ بمعنى الجسم الشيء المركب من أعضاء وأبعاض وماأشبه ذلك.هذا ممتنع على الله ونقول نفيك الجسم بهذا المعنى صحيحٌ وإن أراد بنفي الجسم قال:أنا أنفي وأريد بالجسم الشيء القائم بنفسه المُتصف بالصفات اللائقة به قلنا:هذا ليس بصحيح يعني نفيك إياه ليس بصحيح بل هو بهذا المعنى جسم يعني أنه ذاتٌ قائمٌ بنفسه مُتصفٌ بالصفات التي تليقُ به يستوى على العرش وينزل إلى السماء الدنيا وماأشبه ذلك. إذن لفظ الجسم إثبات على سبيل الإطلاق خطأ ونفيه على سبيل الإطلاق خطأ والواجب التفصيل هذا في المعنى أما في اللفظ فأنا لاأقول:إن اللهّ جسمٌ ولاأقول : إن اللهَ ليس بجسم.ولهذا السفاريني-رحمه الله-صار عليه انقادٌ في قوله: وليس ربنا بجوهر ولاجسم ولاعرضٍ تعالى ذوالعُلو هذا خطأ ولهذا أبدله شيخنا عبد الرحمن السعدي في قوله: ليسَ الإلهُ مُشبِهاً عبيدَه في الوصفِ مع أسمائه العديدة وهذا بالحقيقةِ صحيحٌ لكن وليس ربنا بجوهر إيش يدريك؟ ولاجسم إيش يدريك؟ ولاعرض إيش يدريك؟ لاتنف اسكُت كما سكتَ اللهُ ورسوله.مافي القرآن جسم ولاليس بجسم ولاعند الصحابة.لكن هذه المسائل ولَّدها المتكلمون المُحْدَثون ليتوصلوا بها إلى معنىً باطلٍ لكن يوهمون العامة ومن ليس عندهم علمٌ راسخٌ بأن الذي قالوه هو الحق وأن هذا هوغاية ُالتنزيه لله-عزوجل-فينفون الصفات بمثل هذه الطرق.
الخلاصة:-هذه القاعدة مهمة.أيُّ إنسان يُجادلك في نفي شيءٍ أوإثبات عن الله تقول له:هات الدليل وإلا فاسكت لا تثبت ولاتنف والمعني الحق ثابتة لله تعالى والمعني الباطلة منفية عن الله.


التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 05-14-2013 الساعة 03:26 AM