عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 03-26-2013, 02:12 PM
أخت الإسلام أخت الإسلام غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 27
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير الآيات 169_ 171 من سورة آل عمران

من تفسير السعدي (تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن )

169ـ 171‏]‏ ‏{‏وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ‏}‏
هذه الآيات الكريمة فيها فضيلة الشهداء وكرامتهم، وما منَّ الله عليهم به من فضله وإحسانه،
وفي ضمنها تسلية الأحياء عن قتلاهم وتعزيتهم، وتنشيطهم للقتال في سبيل الله والتعرض للشهادة، فقال‏:‏ ‏{‏ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله‏}‏ أي‏:‏ في جهاد أعداء الدين،
قاصدين بذلك إعلاء كلمة الله ‏{‏أمواتا‏}‏ أي‏:‏ لا يخطر ببالك وحسبانك أنهم ماتوا وفقدوا،
وذهبت عنهم لذة الحياة الدنيا والتمتع بزهرتها، الذي يحذر من فواته،
من جبن عن القتال، وزهد في الشهادة‏.‏ ‏{‏بل‏}‏ قد حصل لهم أعظم مما يتنافس فيه المتنافسون‏.‏ فهم ‏{‏أحياء عند ربهم‏}‏ في دار كرامته‏.‏
ولفظ‏:‏ ‏{‏عند ربهم‏}‏ يقتضي علو درجتهم، وقربهم من ربهم، ‏{‏يرزقون‏}‏ من أنواع النعيم الذي لا يعلم وصفه، إلا من أنعم به عليهم، ومع هذا ‏{‏فرحين بما آتاهم الله من فضله‏}‏ أي‏:‏ مغتبطين بذلك، قد قرت به عيونهم، وفرحت به نفوسهم، وذلك لحسنه وكثرته، وعظمته، وكمال اللذة في الوصول إليه، وعدم المنغص، فجمع الله لهم بين نعيم البدن بالرزق،
ونعيم القلب والروح بالفرح بما آتاهم من فضله‏:‏ فتم لهم النعيم والسرور،
وجعلوا ‏{‏يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم‏}‏ أي‏:‏ يبشر بعضهم بعضًا، بوصول إخوانهم الذين لم يلحقوا بهم، وأنهم سينالون ما نالوا، ‏{‏ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون‏}‏ أي‏:‏ يستبشرون بزوال المحذور عنهم وعن إخوانهم المستلزم كمال السرور
يستبشرون بنعمة من الله وفضل‏}‏ أي‏:‏ يهنىء بعضهم بعضًا، بأعظم مهنأ به،
وهو‏:‏ نعمة ربهم، وفضله، وإحسانه، ‏{‏وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين‏}‏ بل ينميه ويشكره، ويزيده من فضله، ما لا يصل إليه سعيهم‏.‏
وفي هذه الآيات إثبات نعيم البرزخ، وأن الشهداء في أعلى مكان عند ربهم،
وفيه تلاقي أرواح أهل الخير، وزيارة بعضهم بعضًا، وتبشير بعضهم بعضًا‏.‏


مختصر تفسير الحافظ ابن كثير تحقيق الشيخ أحمد شاكر

169 ـ 171‏]‏ ‏{‏وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ‏}‏

يخبر تعالى عن الشهداء بأنهم وإن قتلوا في هذه الدار فإن أرواحهم حية مرزوقة
في دار القرار.
وقد ورد :
في أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم الذين أرسلهم نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل بئر معونة , قال : لا أدري أربعين أو سبعين .
وعلى ذلك الماء عامر بن الطفيل الجعفري ,
فخرج أولئك النفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ,
حتى أتوا غارا مشرفا على الماء فقعدوا فيه , ثم قال بعضهم لبعض :
أيكم يبلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل هذا الماء ؟
فقال _ أراه ابن ملحان الأنصاري _ :
أنا أبلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم . فخرج حتى أتى حواء منهم فاختبأ أمام البيوت ,
ثم قال : يا أهل بئر معونة , إني رسول رسول الله إليكم :
أني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله , فآمنوا بالله ورسوله .
فخرج إليه رجل من كسر البيت برمح فضربه في جنبه حتى خرج من الشق الآخر .
فقال : الله أكبر . فزت ورب الكعبة . فاتبعوا أثره حتى أتوا أصحابه في الغار فقتلهم أجمعين عامر بن الطفيل .
وقال ابن إسحاق :
حدثني أنس بن مالك : أن الله أنزل فيهم قرآنا :
بلغوا عنا قومنا أنا قد لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه ,
ثم نسخت فرفعت بعد ما قرأناه زمنا وأنزل الله :
{ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون } .
وقد روى مسلم عن مسروق قال :
إنا سألنا عبد الله عن هذه الآية :
{ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون }
الراوي: أنس بن مالك المحدث: أحمد شاكر - المصدر: عمدة التفسير - الصفحة أو الرقم: 1/438
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح


روى مسلم في صحيحه عن مسروق قال: سألْنا عبد الله -رضي الله تعالى عنه- عن هذه الآية: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [(169) سورة آل عمران] فقال: أما إنا قد سألنا عن ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش, تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع إليهم ربهم اطلاعة فقال: هل تشتهون شيئاً؟ فقالوا: أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا؟ ففعل ذلك بهم ثلاث مرات فلما رأوا أنهم لن يُتركوا من أن يُسألوا, قالوا: يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى, فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا))( ) وقد روي نحوه عن أنس وأبي سعيد -رضي الله تعالى عنهما-".
"وروى الإمام أحمد عن أنس -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما من نفس تموت لها عند الله خير يسرها أن ترجع إلى الدنيا إلا الشهيد فإنه يسره أن يرجع إلى الدنيا فيقتل مرة أخرى لما يرى من فضل الشهادة))( ) [انفرد به مسلم]".
1 - لما قتل أبي جعلت أبكي ، وأكشف الثوب عن وجهه ، فجعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ينهونني والنبي صلى الله عليه وسلم لم ينه ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تبكيه - أو : ما تبكيه - مازالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع ) .
الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4080
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
"وروى الإمام أحمد عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترِد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها, وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش فلما وجدوا طيب مشربهم ومأكلهم وحسن متقلبهم قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله لنا؛ لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عن الحرب، فقال الله -عز وجل-: أنا ابلغهم عنكم, فأنزل الله -عز وجل- هذه الآيات: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} وما بعدها))( )

الراوي: عبدالله بن عباس المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 1379
خلاصة حكم المحدث: حسن



الشهداء على بارق نهر بباب الجنة في قبة خضراء يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشيا

الراوي : عبدالله بن عباس المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 1378
خلاصة حكم المحدث: حسن


وكأن الشهداء أقسام :منهم من تسرح أرواحهم في الجنة ومنهم من يكون على هذا النهر بباب الجنة وقد يحتمل أن يكون منتهى سيرهم إلى هذا النهر فيجتمعون هنالك ويغدى عليهم برزقهم هناك ويراح والله أعلم
"وقد روينا في مسند الإمام أحمد حديثاً فيه البشارة لكل مؤمن بأن روحه تكون في الجنة تسرح أيضاً فيها".
"بأن روحه تكون في الجنة تسرح أيضاً فيها وتأكل من ثمارها, وترى ما فيها من النضرة والسرور".
"وتشاهد ما أعده الله لها من الكرامة, وهو بإسناد صحيح عزيز عظيم. اجتمع فيه ثلاثة من الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المتبعة؛ فإن الإمام أحمد -رحمه الله- رواه عن محمد بن إدريس الشافعي -رحمه الله- عن مالك بن أنس الأصبحي -رحمه الله- عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه -رضي الله تعالى عنه-
قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
((نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه ."

الراوي: كعب بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 2373
خلاصة حكم المحدث: صحيح



يعلق –يأكل
"وفي هذا الحديث: إن روح المؤمن تكون على شكل طائر في الجنة, وأما أرواح الشهداء فكما تقدم في حواصل طير خضر, فهي كالكواكب بالنسبة إلى أرواح عموم المؤمنين فإنها تطير بأنفسها, فنسأل الله الكريم المنان أن يثبتنا على الإيمان".
"وقوله تعالى: {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ} إلى آخر الآية [(170) سورة آل عمران] أي: الشهداء الذين قتلوا في سبيل الله أحياء عند الله, وهم فرحون بما هم فيه من النعمة والغبطة ومستبشرون بإخوانهم الذين يقتلون بعدهم في سبيل الله أنهم يقدمون عليهم وأنهم لا يخافون مما أمامهم, ولا يحزنون على ما تركوه وراءهم, نسأل الله الجنة".
"وقد ثبت في الصحيحين عن أنس -رضي الله تعالى عنه- في قصة أصحاب بئر معونة السبعين من الأنصار الذين قتلوا في غداة واحدة, وقنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الذين قتلوهم يدعو عليهم ويلعنهم, قال أنس ونزل فيهم قرآن قرأناه حتى رفع (أن بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا)".
قوله: "(أن بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا)" هذا مما نسخت تلاوته وبقي حكمه.
"ثم قال تعالى: {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} [(171) سورة آل عمران]، قال محمد بن إسحاق: استبشروا وسروا لمَا عاينوا من وفاء الموعود وجزيل الثواب, وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: هذه الآية جمعت المؤمنين كلهم سواء الشهداء وغيرهم, وقلَّما ذكر الله فضلاً ذكر به الأنبياء وثواباً أعطاهم إياه إلا ذكر ما أعطى الله المؤمنين من بعدهم".




من كتاب بدائع التفسير لابن القيم رحمه الله


( آل عمران:169- 170){‏وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * ‏}
ثم عزّى نبيه وأولياءه عمن قتل منهم في سبيله أحسن تعزية , وألطفها وأدعاها إلى الرضى بما قضاه لها , فجمع لهم إلى الحياة الدائمة منزلة القرب منه , وأنهم عنده , وجريان الرزق المستمر عليهم , وفرحهم بما آتاهم من فضله , وهو فوق الرضى , واستبشارهم بإخوانهم الذين باجتماعهم بهم يَتمُّ سُرورُهم ونعيمُهم , واستبشارهم بما يجدِّدُ لهم كلَّ وقت مِن نعمته وكرامته , وذكّرهم سبحانه في أثناء هذه المحنة بما هو من أعظم مننه ونعمه عليهم , التي إن قابلوا بها كل محنة تنالهم وبليّة , تلاشت في جنب هذه المنة والنعمة ,ولم يبق لها أثر البتّة , وهي منّته عليهم بإرسال رسول من انفسهم إليهم , يتلو عليهم آياته , ويُزكّيهم, ويُعلمهم الكتابَ والحكمةَ , ويُنقذهم من الضلال _ الذي كانوا فيه قبل إرساله _ إلى الهدى , ومن الشقاء إلى الفلاح , ومن الظُّلمة إلى النّور , ومن الجهل إلى العلم . فكلُّ بليّةٍ ومحنةٍ تنالُ العبد بعد حصول هذا الخير العظيمِ له , أمرٌ يسيرٌ جدًا في جن الخير الكثير , كما ينال الناس بأذى المطر في جنب ما يحصل لهم به من الخير .
فأعلمهم أن سبب المصيبة من عند أنفسهم ليحذروا , وأنها بقضائه وقدره لِيوحِّدوا ويتَّكِلوا , ولا يخافوا غيره . وأخبرهم بما لهم فيها من الحكم لئلا يتهموه في قضائه وقدره وليتعرف إليهم بأنواع أسمائه وصفاته، وسلاهم بما أعطاهم مما هو أجل قدراً وأعظم خطراً مما فاتهم من النصر والغنيمة وعزاهم عن قتلاهم بما نالوه من ثوابه وكرامته لينافسوهم فيه ولا يحزنوا عليهم، فله الحمد كما هو أهله وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله.
وإذا كان الشهداء إنما نالوا هذه الحياة بمتابعة الرسل وعلى أيديهم , فما الظن بحياة الرسلفي البرزخ؟ ولقد أحسن القائل :
فالعيش نوم والمنية يقظة والمرء بينهما خيال ساري
فللرسل والشهداء والصديقين من هذه الحياة - التي هي يقظة من نوم الدنيا - أكملها وأتمها ، وعلى قدر حياة العبد في هذا العالم يكون شوقه إلى هذه الحياة ، وسعيه وحرصه على الظفر بها ، والله المستعان.
رد مع اقتباس