عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 02-24-2019, 01:11 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
Haedphone

*ومما يَنطِق بلينِ جانبِه، وخَفضِ جَناحه، وحسنِ أدبه مع زوجاته - عليه الصلاة والسلام : استِشارة زوجِه أمِّ سلمة - رضي الله تعالى عنها - في أمر مِن أهمِّ أمور المسلمين يوم الحُديبيَة؛ فقد عاهَد النبي - صلى الله عليه وسلم - المشركين على تركِ القتال عشر سِنين، ووافقَهم على شروطٍ ظاهِرها فيه الإجحاف بالمسلمين، فكَرِهَ ذلك أصحابُه، وأبَوا أن يَتحلَّلوا بالحَلْقِ أو التقصير من إحرامهم بالعمرة ليعودوا إلى المدينة، وخالَفوا أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يُنفِّذه واحدٌ منهم، ولم يَحصُل مثل ذلك مِن قبْل ولا مِن بعد، فأحزنَه ذلك، وشقَّ عليه، فذهب إلى أمِّ سلمة يَستشيرُها. الألوكة =

فلا فرق في الإسلام بين أن تأتي المشورة من رجل أو امرأة ما دامت مشورة صائبة ، وهذا عين التكريم للمرأة التي يزعم أعداء الإسلام أنه غمطها حقها ، وتجاهل وجودها ، وهل هناك اعتراف واحترام لرأي المرأة أكثر من أن تشير على نبي مرسل ، ويعمل النبي بمشورتها لحل مشكلة اصطدم بها وأغضبته.

"....قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأصْحَابِهِ: قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا، قالَ: فَوَاللَّهِ ما قَامَ منهمْ رَجُلٌ حتَّى قالَ ذلكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ منهمْ أحَدٌ دَخَلَ علَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ لَهَا ما لَقِيَ مِنَ النَّاسِ، فَقالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، أتُحِبُّ ذلكَ، اخْرُجْ ثُمَّ لا تُكَلِّمْ أحَدًا منهمْ كَلِمَةً، حتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ، فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أحَدًا منهمْ حتَّى فَعَلَ ذلكَ نَحَرَ بُدْنَهُ، ودَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذلكَ قَامُوا، فَنَحَرُوا وجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا...." الراوي : المسور بن مخرمة و مروان بن الحكم - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 2731 - خلاصة حكم المحدث : صحيح= الدرر =
الشرح
صُلحُ الحُدَيْبِيةِ كانَ فَتحًا للمُسلمينَ قبلَ الفَتحِ، وهذا الحديثُ يحْكي قصَّةَ الصُّلحِ
فدخلَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على أمِّ سلمةَ يَشكو إِليها امتِناعَ أصحابِهِ رِضوانُ اللهِ عَليهِمْ مِن تَلبِيةِ أَوامرِهِ، فأشارتْ عليه أمُّ سلمةَ رضيَ اللهُ عنها بأنْ: لا تتكلَّمْ معَ أحدٍ منهمْ كلمةً، حتى تنحَرَ بُدْنَكَ، وتدْعوَ حالِقكَ فيَحلِقَكَ، فرضِيَ النبيُّ صلى عليه وسلم ما قالتْ، وخرجَ وفعلَ ما أَشارتْ بهِ. قيلَ: إنَّ حالِقَهُ خِراشُ بنُ أمَّيةَ بنِ الفَضلِ الخُزاعِيُّ، فلمَّا رأى الصَّحابةُ فِعلَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قاموا ففَعلوا فِعلَهُ واهتَدَوْا بِهَدْيِهِ، حتى كادَ بعضُهم يقْتُلُ بعضًا غمًّا، أي: حُزنًا على أنَّهم صُدُّوا عن البيتِ ولم يُكْمِلوا نُسكَهم، ولتَحقُّقهم مِن فِعلِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ذلك أنَّ الأمرَ نافذٌ، وأنَّ الوحيَ لم يَنزِلْ ولم يُبطِلِ اللهُ الصُّلحَ وشُروطَه المجحفةَ، وأنَّهم بذلك قدْ تأخَّروا في تنفيذِ أمرِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم الأوَّلِ لهم بالتحلُّلِ والحَلقِ والنَّحْر.
وفي الحديثِ: أنَّ اللهَ تعالى يَنصُر هذا الدِّينَ بما قدْ يَظُنُّ البعضُ أنَّه خِذلانٌ، وأنَّ الفرَجَ مع الصَّبرِ.
وفيه: أنَّ طاعةَ اللهِ ورسولِه واجبةٌ دون النَّظرِ إلى معرفةِ الحِكمةِ مِن الأمْرِ أو النَّهي.. = الدرر =


"بلغَ صفيَّةَ أنَّ حفصةَ قالت بنتُ يهودِيٍّ فبكت فدخلَ عليها النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وهيَ تبكي فقالَ ما يبكيكِ ؟قالتْ: قالتْ لي حفصةُ إنِّي بنتُ يهوديٍّ. فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ :وإنَّكِ لابنةُ نَبِيٍّ وإنَّ عمَّكِ لنبيٌّ وإنَّكِ لتحتَ نبيٍّ ففيمَ تفخرُ عليكِ ثمَّ قالَ اتَّقي اللَّهَ يا حفصةُ"الراوي : أنس بن مالك - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي -الصفحة أو الرقم: 3894 - خلاصة حكم المحدث : صحيح =الدرر =

الشرح:
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خيرَ النَّاسِ لأهلِه، وقد ضَرَبَ أَرْوعَ الأمثلةِ في حُسْنِ العِشْرةِ مَعَ أهلِهِ وزَوْجاتِه.
وفي هذا الحديثِ يَحكي أَنَسُ بنُ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه: أنَّه بَلَغَ "صَفيَّةَ" بنتَ حُييِّ بنِ أَخْطَبَ رَضيَ اللهُ عنها، أنَّ "حَفْصَةَ" بِنتَ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنها، "قالتْ"، أي: في حَقِّ صَفيَّةَ: إنَّها "بنتُ يَهوديٍّ"، أي: إنَّ أباها مَنَ اليهودِ، "فبَكَتْ" صفِيَّةُ مِنْ هذا الكلامِ، فدَخَلَ "عليها"، أي: على صَفِيَّةَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهي تَبْكي، "فقال" لها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "ما يُبْكيكِ"؟ أي: ما الذي جَعَلَكِ تَبْكينَ؟ قالتْ صفيَّةُ: "قالتْ لي حَفْصَةُ"، أي: في حَقِّي "إنِّي بِنتُ يَهوديٍّ" تُريدُ أنْ تُعيَّرني وتَنتَقِصَ مِنْ قَدْري بذلِكَ.
فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مادحًا لها ومُطيِّبًا خاطِرَها: "وإنَّكَ" يا صفيَّةُ، "لابنةُ نَبيٍّ"، وهو هارونُ بنُ عِمرانَ عليه السَّلامُ؛ لأنَّها مِنْ ذُريَّتِهِ، وقيل المُرادُ: إسحاقُ بنُ إبراهيمَ عليهما السَّلامُ، "وإنَّ عَمَّكِ لنَبيٌّ"، أي: موسى بنُ عِمرانَ كليمُ اللهِ عليه السَّلامُ، وقيل المُرادُ: إسماعيلُ بنُ إبراهيمَ عليهما السَّلامُ، "وإنَّكَ لتَحْتَ نبيٍّ"، أي: زَوْجةُ النبيِّ مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ "ففيمَ"، أي: في أيِّ شيءٍ "تَفْخَرُ عليكِ" حَفْصةُ بنتُ عُمَرَ، وليس لها مِنْ المَحاسِنِ ما لَكِ؟! "ثُمَّ قال" النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لحَفْصةَ "اتَّقي اللهَ يا حَفْصةُ"، وذلك بتَرْكِ هذا الكلامِ المُنهيِّ عنه، وخافي مِنَ اللهِ تعالى بفِعْلِ أوامِرِهِ وتَرْكِ نَواهِيهِ.
وفي الحديثِ: أَمْرُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأَهْلِ بيتِهِ بالمعروفِ ونَهيهُ لهم عِنْ المُنْكَرِ.
وفيه: فَضْلُ أُمِّ المؤمنينَ صفيَّةَ بنتِ حُييِّ بنِ أخطبَ رَضيَ اللهُ عنها.=الدرر =

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 02-24-2019 الساعة 04:40 PM
رد مع اقتباس