عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 01-08-2015, 03:10 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,022
المجلس الثامن
3- من أصول العبادة الرجاء
فالرجاء منزلة عظيمة من منازل العبودية وهي عبادة قلبية تتضمن ذلاً وخضوعًا ، أصلها المعرفة بجود الله وكرمه وعفوه وحلمه ، ولازمها الأخذ بأسباب الوصول إلى مرضاته ، فهو حسن ظن مع عمل وتوبة وندم .
الرجاء نقيض اليأس، وهو طمع القلب في حصول منفعة.
الرجاء غالباً ما يرد مقروناً بالخوف أو بأحد معانيه
"تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ".السجدة16
كما ورد في السنة الشريفة:
- دخلَ على شابٍّ وَهوَ في الموتِ ، فقالَ : كيفَ تَجدُكَ ؟ قالَ : أرجو اللَّهَ يا رسولَ اللَّهِ وأَخافُ ذنوبي ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ : لا يجتَمعانِ في قَلبِ عَبدٍ في مثلِ هذا الموطنِ ، إلَّا أعطاهُ اللَّهُ ما يَرجو ، وآمنَهُ مِمَّا يخافُ"
الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 3455-خلاصة حكم المحدث:حسنالدرر السنية

اسم الرجاء قد يطلق في بعض الأحيان ويُراد به الخوف كما ورد في قوله تعالى : نوح ، 13. "مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا "نوح13
أي :مالكم -أيها القوم- لا تخافون عظمة الله وسلطانه.التفسير الميسر
*وجوب رجاء رحمة الله عز وجل فقد وردت في القرآن والسُّنة وأحاديث الصحابة والصالحين ، قال تعالى "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ "الزمر53 ، الزمر ، 53 .
وقد ذم الله عز وجل اليأس والقنوط من رحمته فقال تعالى "يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ "يوسف 87.
بيان معنى القنوط
س: ما معنى القنوط من رحمة الله وذلك من الكتاب والسنة؟ جزاكم الله خيرًا .1 .
ج: القنوط من رحمة الله هو اليأس، كونه لا يرجو الله يقنط أن الله يرحمه، هذا من الكبائر من كبائر الذنوب، ربنا جل وعلا نهانا عن هذا، قال جل وعلا"قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ" 2 ، وقال تعالى"إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ"3. هذا لا يجوز لأحد أن يقنط من رحمة الله، يعني ييأس لكفره، أو لمعاصيه، بل عليه التوبة والرجوع إلى الله والإنابة إليه، وله البشرى بأن الله يقبل توبته، ويعظم أجره، ويجازى على ما فعل من الخير، أما اليأس والقنوط لأجل سوء العمل فهذا من تزيين الشيطان، ولا يجوز، بل يجب على العبد الحذر من ذلك، وألا يقنط وألا ييأس، بل يرجو رحمة ربه، وأن الله يتوب عليه، يرجو أن الله يقبل عمله ولا ييأس.
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم 379.
(2) سورة الزمر الآية 53
(3) سورة يوسف الآية 87

والرجاء على قسمين:
القسم الأول: رجاء العبادة.
القسم الثاني: رجاء نفع الأسباب.
- فرجاء العبادة لا يجوز صرفه لغير الله ، ومن صرفه لغير الله تعالى فهو مشرك لأنه يحمل معاني العبادة من التذلل والخضوع والمحبة والانقياد واعتقاد النفع والضر وتفويض الأمر وتعلق القلب والتقرب إلى المعبود، وهذه كلها عبادات عظيمة تقتضيها عبادة الرجاء فمن صرفها لغير الله فهو مشرك كافر.
وهذا كرجاء المشركين في آلهتهم التي يعبدونها من دون الله أنها تشفع لهم عند الله أو أنها تقربهم إلى الله زلفى، وكرجاء بعض عباد الأولياء والقبور بأنهم ينجونهم من الكربات ويدفعون عنهم البلاء ويجلبون لهم النفع ونحو ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله تعالى.
- القسم الثاني: رجاء نفع الأسباب مع اعتقاد أن النفع والضر بيد الله .
وهذا على ثلاث درجات:
الدرجة الأولى: رجاء جائز، وهو رجاء نفع الأسباب المشروعة مع عدم تعلق القلب بها، فهذا جائز، وليس بشرك، وفي مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي من حديث أبي هريرة عن النبي قال:

أَلَا أُخْبِرُكُمْ بخيرِكم مِنْ شرِّكم ؟ خيرُكم مَنْ يُرْجَى خيرُهُ ، ويُؤْمَنُ شرُّهُ ، وشرُّكم مَنْ لَا يُرجَى خيرُه ، ولَا يؤمَنُ شرُّهُ الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 2603- خلاصة حكم المحدث: صحيحالدرر السنية

فهذا الرجاء ليس هو رجاء العبادة، وإنما هو رجاء نفع السبب مع اعتقاد أن النفع والضر بيد الله .
الدرجة الثانية: رجاء محرم، وهو الرجاء في الأسباب المحرمة ليستعين بها على معصية الله .
الدرجة الثالث: شرك أصغر، وهو تعلق القلب بالأسباب؛ كتعلق بعض المرضى بالرقاة والأطباء تعلقاً قلبياً يغفلون معه عن أن الشفاء بيد الله ؛ فهذا من شرك الأسباب
وهذه العبادات قاعدتها واحدة من فقهها سهل عليه معرفة هذه التقسيمات وتيسر له ضبط مسائلها إن شاء الله تعالى. هنا


* ثمراتُ الرَّجاءِ:
1- يُورثُ طريقَ المجاهدةِ بالأعمالِ.
2- يُورثُ المواظبةَ على الطاعاتِ كيفما تقلَّبت الأحوالُ.
3- يُشعرُ العبدَ بالتَّلذُّذِ والمداومةِ على الإقبالِ على اللهِ والتَّنعّمُ بمناجاتهِ والتَّلطفُ في سؤالهِ والإلحاح عليهِ.
4- أنْ تظهرَ العبوديةُ من قبلِ العبدِ، والفاقةِ والحاجةِ للرَّبِّ، وأنه لا يَستغني عن فضلهِ وإحسانهِ طرفةَ عينٍ.
5- التَّخلُّصُ منْ غضبِ الرَّبِّ؛ ذلكَ بأَنَّ اللهَ يحبُّ منْ عبادهِ أنْ يسألوه ويرجوه ويُلحُّوا عليه؛ لأَنَّهُ جَوادٌ كريمٌ، أجودُ من سُئِل؛ ومنْ لا يسألِ اللهَ يغضبُ عليه، والسائلُ عادةً يكونُ راجيًا مطالبَ أن يُعطى؛ فمنْ لم يرج اللهَ يغضب عليه .هنا
فمن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ
، بمعنى: من قال: الله عز وجل غفور رحيم، وسيغفر لنا جميع الذنوب، يترك الفرائض ويعمل المحرمات، ويقول: الله غفور رحيم، هذا مرجئ، المعنى أنه مال إلى مذهب غلاة المرجئة؛
هنا ( مجمل أصول أهل السنة - توحيد العبادة )
للشيخ * ناصر بن عبدالكريم العقل *




التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 06-25-2017 الساعة 02:38 AM
رد مع اقتباس