عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 10-29-2019, 03:21 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,022
y

* قال: وَتَرْكُ اَلْخُصُومَاتِ:
"وترك الخصومات في الدين" هذا من أصول السنة، الخصومات جمع خصومة، وهي الجدال والمراء والنزاع .
الجدال: قصدُ إفحام الغير، وتعجيزه، وتنقيصه؛ بالقدح في كلامه، ونسبته إلى القصور والجهل فيه.

قال المناويُّ عن الجدال: هو مراءٌ يتعلق بإظهارِ المذاهب وتقريرها.
والمراء: طعنٌ في كلام الغير؛ بإظهار خلل فيه، من غير أن
يرتبط به غرضٌ سوى تحقير الغير،
وإظهار مزيته عليه. وإن كان المماري على حق ، فإنه لا يجوز له أن يسلك هذا السبيل؛ لأنه لا يقصد من ورائه إلا تحقير غيره والانتصار عليه.
وإطلاق المماراة على المجادلة؛ لأن كلًّا من المتجادلين يستخرج ما عند صاحبه.
والجدال والمراء بغير حقٍّ والدفاعِ عن الباطل وأهله من كبائرِ الإثمِ وعظائمِ الذنوب.
وذكر الذهبي رحمه الله في الكبائر - نقلًا عن النووي رحمه الله :
"اعلم أن الجدال قد يكون بحق، وقد يكون بباطل، قال الله تعالى" وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ "العنكبوت: 46
، وقال تعالى"وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ "النحل: 125، وقال الله تعالى"مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا "غافر: 4، قال: فإن كان الجدال للوقوف على الحق وتقريره، كان محمودًا، وإن كان في مدافعة الحق أو كان جدالًا بغير علم، كان مذمومًا، وعلى هذا التفصيل تنزل النصوصُ الواردة في إباحته وذمِّه".

قال صلى الله عليه وسلم "ما ضَلَّ قومٌ بعدَ هُدًى كانوا عليهِ إلَّا أوتوا الجدَلَ ثمَّ تلا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ هذهِ الآيةَ" مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ"الراوي : أبو أمامة الباهلي - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 3253 - خلاصة حكم المحدث : حسن=الدرر=
الشرح:كان الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عَنْهم أبعَدَ النَّاسِ عَن الجدَلِ والمِرَاءِ؛ وذلك امتِثالًا منهم لِوَصايا رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم"ما ضَلَّ قومٌ أي: أصبَحوا ضالِّين عن الحقِّ واتِّباعِه، "بعدَ هُدًى كانوا عليه أي: بعدَ أن كانوا على الحقِّ "إلَّا أُوتوا الجدَلَ أي: أُعطُوا الجدَلَ، والجدَلُ هو شِدَّةُ المُخاصَمةِ في الباطلِ، والتَّعصُّبُ للمذاهبِ الفاسدةِ، والابتِعادُ عَن القرآنِ وعن سُنَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم، وليس الغرَضُ مِن هذا الجدالِ كَشْفَ الحقائقِ وتبيينَها، "ثمَّ تلا"، أي: قرَأ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم هذه الآيةَ لِيَستدِلَّ ويَستشهِدَ بما قرَّره بقولِ اللهِ تعالى"مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ"الزخرف: 58، أي: بهذا المثَلِ الَّذي هو قولُه تعالى"وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ * وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ"الزخرف: 57، 58، أي: الأوثانُ التي يَعبُدونها خيرٌ أم عِبادةُ عيسى عليه السَّلامُ، فبيَّن اللهُ عزَّ وجلَّ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم أنَّه ما كان هذا المثَلُ الَّذي ضرَبوه "إلَّا جدَلًا"، أي: للجِدالِ والخُصومَةِ بالباطلِ.
وفي الحديثِ: الحثُّ على تَرْكِ الجدالِ، وبيانُ المفاسدِ التي يُؤدِّي إليها الجِدالُ في الباطلِ.
=الدرر=
الألوكة - هنا - بتصرف.
الدين: ما يدين الإنسان به ربه من العبادات، والعبادات التي يدين بها الإنسان ربه توقيفية مأخوذة من الكتاب والسنة، فلا جدال فيها، ما ثبت في الكتاب والسنة من الدين ومن العبادة فهو دين، فهو دين وعبادة لا خصومة فيه ولا جدال فيه، ليس هناك خصومات في الدين، ومن خاصمك وجادلك فإنك ترد هذا الخصام، أو إذا تخاصم الناس وتنازعوا فإن هذا النزاع يرد إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لقول الله عز وجل في كتابه العظيم" فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ "النساء: 59
.
وحينئذ تزول الخصومة، نرد هذه الخصومة وهذا النزاع إلى الله.
والرد إلى الله هو الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول عليه الصلاة والسلام رد إليه في حياته، ورد إلى سنته بعد وفاته عليه الصلاة والسلام، وقال تعالى"وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ "سورة الشورى :آية رقم:10. فلا خصومات في الدين.
___________

"
وَالْجُلُوسِ مَعَ أَصْحَابِ اَلأهْوَاءِ"
يقصد:و
تَرْك الْجُلُوسِ مَعَ أَصْحَابِ اَلأهْوَاءِ
اتباع الهوى ـ وهو "ما تميل إليه النفس مما لم يبحه الشرع" ،خلاف مقصود الشرع ؛ لأن "المقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج المكلَّف عن داعية هواه ؛ حتى يكون عبدًا لله اختيارًا، كما هو عبد لله اضطرارًا".
المعاصي، والبدع، كلها منشأها من تقديم الهوى على الشرع . قال تعالى"فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى"النازعات: 37ـ 39 .
"وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى"
النازعات: 4039 . إن فساد الدين يقع بالاعتقاد بالباطل، أو بالعمل بخلاف الحق "فالأول البدع، والثاني اتباع الهوى، وهذان هما أصل كل شر وفتنة وبلاء، وبهما كُذِّبت الرسل، وعُصى الرب، ودُخلت النار، وحلت العقوبات" ولذلك ما ذكر الله الهوى في كتابه إلا على سبيل الذم ، وأمر بمخالفته، وبين أن العبد إن لم يتبع الحق والهدى، اتبع هواه.هنا =
اَلأهْوَاءِ :جمع هوى ومراد الأئمة بهذا : مخالفة مدلول النصوص ،فمن ترك دلالة النص جعلوه من أهل الأهواء.
جاءت النصوص بالنهي عن اتباع الهوى قال تعالى" وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ" ص: 26. والنَّاس في هذا على نوعين :
النوع الأول : متبع هواه وهذا على ضلالة وخطأ.
النوع الثاني: من اتخذ إلهه هواه فهذا ليس كمثل الأول لأن الأول اتبع الهوى في مسألة ونحوها بينما هذا جعل الهوى إلها يطيعه ويمتثل أمره ويقدمه على أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى " أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً
فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ "الجاثية :23.
.هنا=

وترك
الْجُلُوسِ مَعَ أَصْحَابِ اَلأهْوَاءِ »من عقيدة أهل السنة والجماعة« لأن مجالسة أصحاب الأهواء تؤدي إلى الزيغ في الغالب.
وكثير من الناس يغترون بما عندهم من معرفة، وبما عندهم من الذكاء، فيخالطون أهل البدع ويعاشرونهم فيكلهم الله إلى أنفسهم، فيقعون في الضلال، هذا شيء ملموس، وأشار إلى هذا الإمام ابن بطة رحمه الله، قال:
عرفنا أناسًا كانوا يسبون ويلعنون أهل البدع، فجالسوهم وعاشروهم فأصبحوا منهم.
وهذا ملموس في كل زمان ومكان، وقد اغتر بعض الناس بأنفسهم من كبار الناس فوقعوا في هوة البدع مع الأسف الشديد، ولا نريد أن نسمي؛ هم معروفون عند طلاب العلم.
شرح أصول السنة للإمام أحمد رحمه الله.
قال تعالى "وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا
"28 : الكهف .

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 11-05-2019 الساعة 05:02 PM
رد مع اقتباس