الموضوع: شهر الله
عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 10-04-2015, 05:12 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,023

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، ونتوب إليه، ونثني عليه الخير كله، ونشكره ولا نَكْفُره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، قاهر الطغاة والمتجبرين، وناصر أوليائِه، لا حول ولا قوة إلا به، ولا غالب إلا الله، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله ومن دعا بدعوته وعمل بسنته ونصح لأمته إلى يوم الدين.
أما بعد:
الأمـــر بوجــوب صيــام يــوم عاشــوراء

قبـل أن يفـرض صيـام رمضـان قـد كـان الأمـر بصيـام يـوم عاشـوراء علـى الوجـوب والفرضيـة كمـا جـاء فـي صحيـح البخـاري .
*قـال البخـاري فـي صحيحـه : حدثنـا المَكِّـيُّ ابـنُ إبراهيـمَ ، قـال : حدثنـا يَزيـدُ بـنُ أبـي عُبيـدٍ ، عـن سـلمة بـن الأكْـوعِ ـ رضي الله عنه ـ قـال : أمـرَ النبـيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ رجُـلاً مِـن أسـلمَ " أن أذّن فـي النـاس أنَّ مَـن كـان أكـلَ فليصُـم بقِيَّـة يومـهِ وَمَـن لم يكـن أكـل فليصُـم فإنَّ اليَـومَ يـومُ عاشـوراءَ " .
صحيح البخاري / ( 30 ) ـ كتاب : الصوم / ( 69 ) ـ باب : صيام يوم عاشوراء / شرح حديث رقم : 2007 / ص : 225 .
واسـتُدِل بهـذا الحديـث علـى أن صيـام عاشـوراء كـان مفترضًـا قبـل أن ينـزل فـرض رمضـان ثـم نسـخ .
قـال ابـن حجـر :
ويؤخـذ مـن مجمـوع الأحاديـث أنـه كـان واجبًـا لثبـوت الأمـر بصومـه ، ثـم تأكـد الأمـر بذلـك ثـم زيـادة التأكيـد بالنـداء العـام ثـم زيادتـه بأمـر مـن أكـل بالإمسـاك . ا . هـ .
فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ( 30 ) ـ كتاب : الصوم / ( 69 ) ـ باب : صيام يوم عاشوراء / شرح حديث رقم : 2003 .
*قـال مسـلم فـي صحيحـه : وحدثنـي محمـد بـنُ حاتِـمِ ، قـال : حدثنـا إسـحقُ بـنُ منصـورِ ، قـال : حدثنـا إسـرائيلُ عـن منصـور ، عـن إبراهيـمَ ، عـن عَلْقَمَـةَ قـال : دخـلَ الأشْـعَثُ بـنُ قيـسٍ علـى ابـن مسـعودٍ وهـو يأكـلُ يـومَ عاشـوراءَ فقـال : يـا أبـا عبـدِ الرحمـنِ إنَّ اليـومَ يـومُ عاشـوراءَ . فقـال : قـد كـان يُصـامُ قبـلَ أن يَنْـزِلَ رمضـانُ ، فلمـا نـزل رمضـانُ تُـركَ فـإن كنـتَ مُفْطِـرًا فاطْعَـمْ.
صحيح مسلم / ( 13 ) ـ كتاب : الصيام / ( 19 ) ـ باب : صوم يوم عاشوراء / حديث رقم : 123 ـ ( 1182 ) / ص : 271 .
* * * * *

تحذيـــــر
ــــــــ
علـى المسـلم أن لا يتكـل علـى صيـام هـذا اليـوم علـى أنـه يُكَفِّـرَ السَّـنة الَّتـي قبْلَـهُ مـع مقارفتـه للكبائـر إذ الواجـب التوبـة مـن جميـع الذنـوب كبيرهـا وصغيرهـا ثـم يرجـو أن يُكَفِّـرَ صـوم هـذا اليـوم السَّـنَة الَّتـي قبلـهُ .
قـال ابـن القيـم ـ رحمه الله تعالى ـ :
" وكاغتـرار بعضهـم علـى صـوم يـوم عاشـوراء أو يـوم عرفـة حتـى يقـول بعضهـم : يـوم عاشـوراء يكفـر ذنـوب العـام كلهـا ويبقـى صـوم عرفــة زيـادة فـي الأجــر ولـم يـدر هـذا المغتـر أن صــوم رمضـان والصلـوات الخمـس أعظـم وأجـل مـن صيـام يـوم عرفـة ويـوم عاشـوراء وهـي إنمـا تكفــر مـا بينهمـا إذا اجتنبـت الكبائـر فرمضـان والجمعـة إلـى الجمعـة لا يقويـا علـى تكفيـر الصغائــر إلا مـع انضمــام تـرك الكبائــر إليهـا فيقـوى مجمــوع الأمريـن علـى تكفيــر الصغائـر ، فكيـف يكفــر صــوم تطــوع كـل كبيـرة عملهـا العبــد وهـو مُصــر عليهـا غيــر تائـب منهـا ، هـذا محـال علـى أنـه لا يمتنـع أن يكـون صـوم يـوم عرفـة ويـوم عاشـوراء يكفـر لجميـع ذنـوب العـام علـى عمومـه ويكـون مـن نصـوص الوعــد التـي لهـا شـروط وموانـع ويكـون إصـراره علـى الكبائـر مانعًـا مـن التكفيــر ، فـإذا لـم يصـر علـى الكبائـر يسـاعد الصـوم وعـدم الإصـرار وتعاونًـا علـى عمـوم التكفيـر كمـا كـان رمضـان والصلـوات الخمـس مـع اجتنـاب الكبائـر متسـاعدَين متعاونيـن علـى تكفيــر الصغائــر ، مـع أنـه سـبحانه قـد قـال { إِن تَجْتَنِبُـواْ كَبَآئِـرَ مَـا تُنْهَـوْنَ عَنْـهُ نُكَفِّـرْ عَنكُـمْ سَـيِّئَاتِكُمْ ... } فاعلــم أن جعـل الشــيء سـببًا للتكفيــر لا يمنـع أن يتسـاعد هـو وسـبب آخـر علـى التكفيــر ويكـون التكفيــر مـع اجتمــاع السـببين أقــوى وأتـم منـه مـع انفــراد أحدهمـا وكلمـا قويـت أسـباب التكفيــر كـان أقـوى وأتــم وأشـمل "
.
ا . هـ . الجواب الكافي / 13 .
فمـن فضـل الله علينـا أن أعطانـا بصيـام يـوم واحـد تكفيـر ذنـوب سـنة كاملـة ، فهـو سـبحانه ذو الفضـل العظيـم .
فالمعاصـي والذنـوب سـبب مـن أسـباب الـذل والمهانـة ، فكـم تأتـي المعاصـي بتسـلط الأعـداء والـذل والصغـار .
اللهـم انقلنـا مـن ذل المعصيـة إلـى عـز الطاعـة ، برحمتـك يـا أرحـم الراحميـن .
فلكـي ننتفـع بهـذه النفحـات سـواء فـي عاشـوراء أو أي فضـل لله لابـد مـن التخليـة قبـل التحليـة أي نخلـي بيننـا وبيـن المعاصـي ونحـن فـي حـال رجـاء رحمـة الله وعفـوه وفضلـه .
اللهـم ارزقنـا يقظـة مـن رقـدات الغفلـة ، وارزقنـا الاسـتعداد قبـل النقلـة ، وألهمنـا اغتنـام الزمـان وقـت المهلـة ، ووفقنـا لفعـل الخيـرات ، وتـرك المنكـرات والفـوز بالرحمـات .
**الآثار النفسية للصوم تتمثل في كونه مدرسة إيمانية عملية تزكي النفس وتمدها بطاقة نفسية كبيرة تقوي صلة الصائم بربه، وتصفي روحه بشكل يجعله طَيِّعاً للخيرـ مُبتعدا عن الشر؛ ذلك أن الإنسان عندما ينوي الصوم يعرف أنه يُقبل على الله بهذه الطاعة التي هي سر خفي بينه وبين مولاه، فيظل نهاره خاشعا موصول القلب بالله سبحانه وتعالى.. ويُقبل بنفس واعية على تلمس أسباب الخير المفضية إلى رضاه وثوابه الجزيل سبحانه. أنه يلتزم العفة في كل شيء لأن صومه يُذكّره دائما برقابة الله عليه، ويدفعه للإقبال علىتنفيذ أوامره والابتعاد عما نهى عنه.
فقد "فرض الله الصيام ليتحرر الإنسان من سلطان غرائزه، وينطلق من سجن جسده، ويتغلب على نزعات شهوته، ويتحكم في مظاهر حيوانيته،"
والصوم هو العبادة التي يتحقق فيها الإخلاص المجرد لله، يستحضر فيه الإنسان الصائم رقابة الله عليه لأنه أمانة بين المخلوق وربه، لا يطلع عليه إلا هو سبحانه. لهذا كان الصوم ثوابُه عظيم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي حكاية عن ربه: "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به"

عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " كـل عمـل ابـن آدم يضاعـف الحسـنة عشـر أمثالهـا ؛ إلـى سـبعمائة ضعـف ، قـال الله عـز وجـل : إلا الصـوم فإنـه لـي وأنـا أجـزي بـه ، يـدَعُ شـهوته وطعامـه مـن أجلـي ، للصائـم فرحتـان ؛ فرحـة عنـد فطـره ، وفرحـة عنـد لقـاء ربـه ، ولخلـوف فيـه أطيـب عنـد الله مـن ريـح المسـك " . صحيح مسلم " متون " / ( 13 ) ـ كتاب : الصيام / ( 30 ) ـ باب : فضل الصيام / حديث رقم : 164 ـ ( 1151 ) / ص : 275 .
والصوم في الإسلام ليس المقصود منه الجوع والعطش لذاتهما، بل ما يتبع ذلك من كسر للشهوة، وإطفاء لثائرة الغضب والطيش .. إنه وسيلة لغاية أسمى وأكبر هي تقوى الله كما قال سبحانه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }البقرة183 .
فحقيقة الصيام إذن أنه مدرسة سلوكية تُربي النفوسَ على التقوى وعلى طاعة الله سبحانه، فإذا لم يحصل للصائم شيء من ذلك للن ينفعه صومه .. وإذا وجدتَ صائما لم يرتفع به الصوم عما يُشينه، ولم ينهه عن الابتعاد عن إيذاء الناس بالقول أو بالعمل، فاعلم أنه غير صائم على الحقيقة وأن ليس له من صومه إلا الجوع والعطش، لأن الصوم لم تتشرَّبه نفسُه بعد.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"مَن لَم يدَع قَولَ الزُّورِ والعمَلَ بِه والجَهلَ ، فليسَ للَّهِ حاجَةٌ أن يدَعَ طعامَه وشرابَهُ"الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 6057- خلاصة حكم المحدث : [صحيح]- انظر شرح الحديث رقم 15887- الدرر السنية.


معناه: سُقوطُ الأجرِ، وليس مَعناه أن يُؤمَرَ بأن يَدَعَ صِيامَه، وإنَّما مَعناه التَّحذيرُ من قَولِ الزُّورِ أو العَمَلِ به؛ حيثُ إنَّه يكونُ سببًا في نُقصانِ أَجرِ عِبادَةٍ من أفضَلِ العِباداتِ، يَدَعُ الرَّجلُ طعامَه وشرابَه وشَهوتَه؛ ويَنقُصُ ثَوابَه قَولُ الزُّورِ والعَملُ به.
قال الإمام الغزالي عن صوم الصالحين الذي تتحقق فيه ثمرة الصوم المرجوة "إنه كف الجوارح عن الآثام وتمامُه بستة أمور: الأول غض البصر وكفه عن الاتساع في النظر إلى كل ما يُذم ويُكره .. والثاني: حفظ اللسان عن الهذيان والكذب والغيبة والنميمة والفُحش والجفاء والخصومة والمِراء. الثالث: كف السمع عن الإصغاء إلى كل مكروه لأن كل ما حَرُم قوله حرُم الإصغاء إليه، الرابع: كف بقية الجوارح عن الآثام من اليد والرجل عن المكاره، وكف البطن عن الشبهات وقت الإفطار .. الخامس: أن لا يستكثر من الطعام الحلال وقت الإفطار بحيث يمتلئ جوفه ... السادس: أن يكون قلبُه بعد الإفطار معلقا مضطربا بين الخوف والرجاء، إذ ليس يدري أيُقبل صومُه فهو من المقربين أو يُرد عليه فهو من الممقوتين" "الصيام فقرٌ إجباري تتساوى فيه جميع طبقات الشعب، ومظهر عملي لوحدة المجتمع الإسلامي يجوع فيه الناس جوعا واحدا ويتألمون ألما واحدا، ومن الآلام المشتركة تنشأ الرحمة، ومن الرحمة تحصل العدالة، مما يُذكر الصائم الغني [بما عليه] من واجبات نحو أخيه الفقير"
منقول بتصرف

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 10-18-2015 الساعة 01:02 AM
رد مع اقتباس