عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 10-25-2016, 04:13 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,023

المجـلـس الخامس
الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة
إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ.
وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه .
@ نعود لحديث كعب بن مالك :
قال كعب بن مالك " إنه ما تخلف عن رسول الله "؛ عن غزوة غزاها قط.كل غزوات الرسول ؛ قد شارك فيها كعب- رضي الله عنه- فهو من المجاهدين في سبيل الله إلا في غزوة بدر، فقد تخلَّف فيها كعب وغيره لأن النبي - عليه الصلاة والسلام- خرج من المدينة لا يريد القتال.وإنما خرج للعير، ولكن الله جمع بينه وبين عدوِّه على غير ميعاد، وكانت غزاةً مباركةً ولله الحمد.
ثم ذكر بيعته النبي ليلة العقبة في منى ، حيث بايعوا النبيَّ ؛
على الإسلام وقال: إنني لا أحبُّ أن يكون لي بدلها بدر.
يعني هي أحبُّ إليه من غزوة؛ لأنها بيعة عظيمة.
رضي الله عنه- يُسلِّي نفسه بأنه
إن فاتته بدرٌ فقد حصلت له بيعة العقبة، فرضي الله عن كعب وعن جميع الصحابة.

نزل الجيش الإسلامي
بتبوك، فعسكر هناك، وهو مستعد للقاء العدو، وقام رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فيهم خطيبًا، فخطب خطبة بليغة، أتي بجوامع الكلم، وحض على خير الدنيا والآخرة، وحذر وأنذر، وبشر وأبشر، حتى رفع معنوياتهم، وجبر بها ما كان فيهم من النقص والخلل من حيث قلة الزاد والمادة والمؤنة‏.‏ وأما الرومان وحلفاؤهم فلما سمعوا بزحف رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أخذهم الرعب، فلم يجترئوا على التقدم واللقاء، بل تفرقوا في البلاد في داخل حدودهم، فكان لذلك أحسن أثر بالنسبة إلى سمعة المسلمين العسكرية، في داخل الجزيرة وأرجائها النائية، وحصل بذلك المسلمون على مكاسب سياسية كبيرة خطيرة، لعلهم لم يكونوا يحصلون عليها لو وقع هناك اصطدام بين الجيشين‏.‏

فوائد
* يقول كعب بن مالك رضي الله عنه: إن الرسول صلى الله عليه وسلم تجهَّز هو والمسلمون وخرجوا من المدينة.
أما هو - رضي الله عنه-
فتأخَّر وجعل يغدو كل صباح يرحِّل راحلته ويقول: ألْحَق بهم، ولكنه لا يفعل شيئًا، ثم يفعل كل يوم، حتى تمادى به الأمر ولم يدرك.
وفي هذا دليل على أن الإنسان إذا لم يبادر بالعمل الصالح فإنه- حَرِيٌ أن يُحرمَ إياه.
فالإنسان إذا علم الحق ولم يقبله ويذعنْ له من أول وهلة، فإن ذلك قد يفوته ويحرم إياه- والعياذ بالله- .
ومن فوائد هذا الحديث: شدَّةُ امتثال الصحابة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم ودليل ذلك ما جَرَى لأبي قتادة - رضي الله عنه- مع كعب بن مالك رضي الله عنه
- لم يرد عليه لما سأله- أنشُدُكَ باللهِ ! هل تعلمنَّ أني أحبُّ اللهَ رسولَه ؟
ومن فوائد هذا الحديث: أنه يجب التحرز من أصحاب الشر وأهل السوء الذين ينتهزون الضعف في الإنسان والفرص في إضاعته وهلاكه.
فإن هذا الملكَ- ملكَ غسَّان- انتهز الفرصة في كعب بن مالك- رضي الله عنه- يدعوه إلى الضلال لعله يرجع عن دينه إلى دين هذا الملك بسبب هذا الضيق.
أنه ينبغي للإنسان إذا رأى فتنة أو خوف فتنة أن يُتلِف هذا الذي يكون سببًا لفتنته.
فإن كعبًا لما خاف على نفسه أن تميل فيما بعد إلى هذا الملك ويتَّخذ هذه الورقة وثيقة، حرقها رضي الله عنه.
فالمهمُّ أنك إذا رأيت شيئًا من مالك يصدُّك عن ذكر الله فأبعِدهُ عنك بأي وسيلة تكون، حتى لا يكون سببًا لإلهائك عن ذكر الله.

ومن فوائد الحديث: قوَّةُ كعب بن مالك- رضي الله عنه- في دين الله وأنه من المؤمنين الخُلَّص، فبعض الناس- والعياذ بالله- يقول: آمنا بالله، ولكن إيمانه ضعيف، إذا أوذيَ في الله ارتدَّ- والعياذ بالله- وفسق وترك الطاعة، وكعب بن مالك رضي الله عنه أُوذِيَ في الله إيذاءً أيما أيذاء، لكنه صَبَر واحتسب وانتظر الفرج، ففرَّج الله له تفريجًا لم يكن لأحد غيره وصاحبيه،، أنزل الله فيهم ثناءً عليهم آيات تتلى إلى يوم القيامة.
" وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ "التوبة118

نحن نقرأ قصتهم في القرآن في صلاتنا! وهذا فضل عظيم.

ومن فوائد هذا الحديث أيضًا:
فلما تمت أربعون ليلة أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى كعب وصاحبيه هلال بن أمية ومرارة بن الربيع - رضي الله عنهم- أن يعتزلوا نساءهم.
وفيها :
شدَّةُ هجر النبي - عليه الصلاة والسلام- لهؤلاء الثلاثة، حتى إنه أمرهم أن يعتزلوا نساءهم، والتفريق بين الرجل وامرأته أمره عظيم.
* شدَّةُ امتثال الصحابة-
رضي الله عنهم- لأمر النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه- رضي الله عنه- ما تردد، ولا قال: لعَلِّي أراجعُ الرسول عليه الصلاة والسلام، أو قال للرسول الذي أرسله النبي صلى الله عليه وسلم : ارجع إليه لعله يسمح، بل وافق بكل شيء.

أن النبي صلى الله عليه وسلم كان رحيمًا بأمته، فإنه بعد أن أمرهم باعتزال النساء رخَّص لهلال بن أمية، لأنه يحتاج لخدمة امرأته.
- يقول رضي الله عنه
:
فلما مضى عشر ليال بعد هذا، وكنت ذات يوم أصلي الصبح على سطح بيت من بيوتنا لأنه كما مرَّ كانوا- رضي الله عنهم- قد ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وضاقت عليهم أنفسهم،...
ومن الفوائد:
*
.حرص الصحابة - رضي الله عنهم- على التسابق إلى البُشرى؛ لأن البشرى فيها إدخال السرور على المسلم. وإدخال السرور على المسلم مما يقرِّب إلى الله عز وجل؛ لأنه إحسان والله- سبحانه وتعالى- يحب المحسنين ولا يُضيعُ أجرهم.
فلذلك ينبغي لك إذا رأيت من أخيك شيئا يَسَّرَهُ، كأن يكون خبرًا سارًا أو رؤيا سارَّة أو ما أشبه ذلك، أن تبشره بذلك، لأنك تدخل السرور عليه.

هنا

اللهم اغفر لنا وارحمنا وارزقنا البشرى في الدنيا والآخرة.
نماذج من وصايا الصالحين
وصية معاذ بن جبل

"لمَّا حضرَ معاذَ بنَ جبلٍ الموتُ قيلَ لهُ يا أبا عبدِ الرَّحمنِ أوصِنا قالَ أجلسوني فقالَ إنَّ العلمَ والإيمانَ مكانَهما من ابتغاهما وجدَهما يقولُ ذلكَ ثلاثَ مرَّاتٍ والتمِسوا العلمَ عندَ أربعةِ رهطٍ عندَ عويمرٍ أبي الدَّرداءِ وعندَ سلمانَ الفارسيِّ وعندَ عبدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ وعندَ عبدِ اللَّهِ بنِ سلامٍ الَّذي كانَ يهوديًّا فأسلمَ فإنِّي سمعتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ إنَّهُ عاشِرُ عشرةٍ في الجنَّةِ"الراوي : يزيد بن عميرة - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 3804 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - هنا .

أبو الدرداء رضي الله عنه
جاء رجل إلى أبي الدرداء فقال: أوصني.
قال: اذكر الله في السراء يذكرك في الضراء ; وإذا ذكرت الموتى، فاجعل نفسك كأحدِهم، وإذا أشرَفَتْ نفسُكَ على شيءٍ من الدنيا، فانظر إلى ما يصير .

سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي رحمه الله : 350 ـ 349 /2 .هنا

*قالت أم الدرداء رضي الله عنها : إن أبا الدرداء رضي الله عنه لما حضرته الوفاة قال: من يعمل لمثل ساعتي هذه، من يعمل لمثل مصرعي هذا، من يعمل لمثل يومي هذا،.هنا. وصايا الأنبياء والصالحين للشيخ : سلمان العودة .

الإمـام أحمـد ووصايا الصالحين

ها هو الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ يساق إلى المأمون مقيدًا بالأغلال ، وقد توعده وعيدًا شديدًا قبل أن يصل إليه حتى قال خادمه : يعز عليَّ يا أبا عبد الله أن المأمون قد سلَّ سيفًا لم يسلَّه قبل ذلك ، وأنه أقسم لئن لم تجبه ليقتلنك بذلك السيف . وهنا يأتي الصالحون ، أهل البصيرة لينتهزوا الفرصة ليلقوا بالوصايا التي تثبت في المواقف الحرجة .ففي السير 241أ11. أن أبا جعفر الأنباري قال : لما حُمل الإمام أحمد إلى المأمون أُخبرتُ ، فعبرتُ الفرات ، وجئتَهُ ، فسلمتُ عليه ، وقلتُ : يا إمام أنت اليوم رأس ، والناس يقتدون بك ؛ فوالله لئن أجبت إلى خلق القرآن ليجيبنَّ خلق كثير ، وإن لم تجب ليمتنعن خلق كثير ، ومع هذا فإن الرجل إن لم يقتلك فإنك تموت ، لابد من الموت فاتق الله ولا تجبه .
والإمام أحمد في سياق رحلته إلى المأمون يقول : وصلنا إلى رحبة - رحبة : تقع بين الرقة وبغداد على شاطئ الفرات - ورحلنا منها في جوف الليل ، قال : فعرض لنا رجل ، فقال : أيكم أحمد بن حنبل ؟ فقيل هذا . فقال : يا هذا ماعليك أن تُقْتَل ها هنا وتدخل الجنة . ثم قال : أستودعك الله ، ومضى .
وأعرابي يعترضه ، ويقول : يا هذا إنك وافد الناس فلا تكن شؤمًا عليهم ، إنك رأس الناس فإياك أن تجيبهم إلى ما يدعونك إليه ؛ فيجيبوا فتحمل أوزارهم يوم القيامة ، إن كنت تحب الله فاصبر ، فوالله ما بينك وبين الجنة إلا أن تُقتل .
ويقول الإمام أحمد : ما سمعت كلمة مُذ وقعت في هذا الأمر أقوى من كلمة أعرابي كلمني بها في " طوق " ، قال : يا أحمد إن يقتلك الحق مت شهيدًا ، وإن عشت عشت حميدًا فقوَّى بها قلبي .


من أعلام السلف للشيخ أحمد فريد

وَصِيَّةُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَلَدَهُ بِنِيَّةِ الْخَيْرِ .
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ لِأَبِيهِ يَوْمًا أَوْصِنِي يَا أَبَتِ ، فَقَالَ " يَا بُنَيَّ انْوِ الْخَيْرَ فَإِنَّكَ لَا تَزَالُ بِخَيْرٍ مَا نَوَيْتَ الْخَيْرَ " وَهَذِهِ وَصِيَّةٌ عَظِيمَةٌ سَهْلَةٌ عَلَى الْمَسْئُولِ سَهْلَةُ الْفَهْمِ وَالِامْتِثَالِ عَلَى السَّائِلِ ، وَفَاعِلُهَا ثَوَابُهُ دَائِمٌ مُسْتَمِرٌّ لِدَوَامِهَا وَاسْتِمْرَارَهَا ، وَهِيَ صَادِقَةٌ عَلَى جَمِيعِ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ الْمَطْلُوبَةِ شَرْعًا سَوَاءٌ تَعَلَّقَتْ بِالْخَالِقِ أَوْ بِالْمَخْلُوقِ ، وَأَنَّهَا يُثَابُ عَلَيْهَا وَلَمْ أَجِدْ فِي الثَّوَابِ عَلَيْهَا خِلَافًا قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ : مَا هَمَّ بِهِ مِنْ الْقَوْلِ الْحَسَنِ وَالْعَمَلِ الْحَسَنِ فَإِنَّمَا يُكْتَبُ لَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِذَا صَارَ قَوْلًا وَعَمَلًا كُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ إلَى سَبْعِمِائَةٍ ، وَذَلِكَ لِلْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ فِي الْهَمِّ .

الآداب الشرعية » في وجوب التوبة وأحكامها وما يناب منه » فصل وصية الإمام أحمد ولده بنية الخير ص: 104

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 07-25-2019 الساعة 01:22 AM
رد مع اقتباس