عرض مشاركة واحدة
  #26  
قديم 04-10-2011, 08:07 PM
هند هند غير متواجد حالياً
عضوة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,493
افتراضي



مفاتيح الغيب
(الحديث 20 )



قال الإمام البخاري فى صحيحه

حدثني إبراهيم بن المنذر،قال حدثنا معن قال حدثني مالك
عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما
" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال مفاتح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله
لا يعلم ما في غد إلا الله ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله
ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله ولا تدري نفس بأي أرض تموت
ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله " (1)

(إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَـزِّلُ الْغَيْثَ
وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا
وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )(2)


المفردات
مفاتيح: جمع مفتاح وهو ما يفتح به
، وعُبِرَ بالمفاتيح عن أمور الغيب من باب التشبيه
حيث شُبِّهت الأمور المغيّبة عن الناس بالمتاع النفيس
الذي يُدّخر بالمخازن والخزائن المستوثق عليها
بأقفال بحيث لا يعلم ما فيها إلاّ الذي بيده مفاتيحها

الغيب: هو الشيء المستتر
ويقال للشيء المستتر
غيب وغائب باعتبار الناس لا باعتبار الله تعالى
فإنه سبحانه لا يغيب عنه شيء
تغيض: تحمل



المعنى الإجمال
يؤكد الحديث على معنى غاية في الأهمية
وهو انحصار علم الغيب في الله سبحانه
فلا يعلم الغيب أحد إلا الله
وذكر الحديث أنواعاً من الغيوب التي لا يعلمها إلا الله
وتخصيصها بالذكر لتعلقها بحياة الإنسان ورزقه ومصيره

فذكر اختصاص الله بعلم قيام الساعة
والتي تمثل بداية حياة الإنسان في الدار الآخرة
وبدأ بها لأهميتها، وذكر اختصاص الله بعلم نزول الغيث
وهو سبب رزق الإنسان وحياته على الأرض
وذكر اختصاص الله بعلم ما اشتملت أرحام النساء
من ذكور وإناث ومعرفة أحوالهم سعادة وشقاءً
وذكر اختصاص الله بعلم ما يكتسبه الإنسان في غده
واختصاصه بعلم مكان موته

فهذه الأمور الخمسة
هي مفاتيح الغيب فيما يتعلق بحياة الإنسان
منذ كان جنينا إلى أن يتوفاه الله ويبعثه

الفوائد العقدية
1- لا أحد يعلم الغيب إلا الله
2- بطلان كل علم يدعي صاحبه من خلاله معرفة الغيب
كالتنجيم والكهانة
قال الشيخ الشنقيطي في أضواء البيان
" ولا خلاف بين العلماء في منع العيافة
زجر الطير والتفاؤل بأسمائها وأصواتها
والكهانة والعرافة، والطرق
الضرب بالحصى لمعرفة الغيب
والزجر ، والنجوم وكل ذلك يدخل في الكهانة
لأنها تشمل جميع أنواع ادعاء الإطلاع على علم الغيب "


3- لا يفهم من الآية والحديث أن أمور الغيب محصورة
في هذه الأمور الخمسة
وإنما خصت هذه الأمور الخمسة
بالذكر دون غيرها من المغيبات
لتعلقها بأمور الإنسان واختصاصها به
منذ كان جنيناً إلى ساعة ومكان موته
إلى قيام الساعة التي يجهل وقوعها
ولو كان قاب قوسين منها أو أدنى
فالآية تقريع للإنسان الذي يتطلع ويسأل عن موعد الساعة
فيقال له: " يا أيها السائل إنك تسأل عن الساعة
أيان مرساها، وأنت لا تعلم معاشك
ولا تعلم ماذا تكسب غداً مع أنه فعلك وزمانك
ولا تعلم أين تموت مع أنه شغلك ومكانك
فكيف تعلم قيام الساعة متى تكون
فالله ما أعلمك كسب غدك مع أن لك
فيه فوائد تبنى عليها الأمور من يومك
ولا أعلمك أين تموت مع أن لك فيه أغراضاً تهيىء أمورك
بسبب ذلك العلم
وإنما لم يعلمك لكي تكون في وقت بسبب الرزق
راجعاً إلى الله تعالى متوكلاً على الله
ولا أعلمك الأرض التي تموت فيها
كي لا تأمن الموت وأنت في غيرها
فإذا لم يعلمك ما تحتاج إليه كيف يعلمك ما لا حاجة لك إليه
وهي الساعة، وإنما الحاجة إلى العلم بأنها تكون
والحاجة إلى العمل لها
وقد أعلمك الله على لسان أنبيائه بوقوعها
وبالأعمال التي تنفعك فيها
" من تفسير الرازي مع بعض التصرف

4- أن الغيب قسمان
غيب كلي وهو ما لا يعلمه إلا الله وحده كالخمس المذكورة
في الآية والحديث
وغيب جزئي: وهو ما غاب عن شخص دون غيره
فما يراه شخص في مكان ما هو غيب عمن غاب
عن ذلك المكان

5- أن وقت قيام القيامة مما اختص الله بعلمه
فلا يعلم أحد زمن وقوعها
وعندما سأل جبريلُ – عليه السلام
النبي – صلى الله عليه وسلم -
عن الساعة قال
( ما المسئول عنها بأعلم من السائل ) (3)
أي أنا وإياك في الجهل بزمن وقوعها سواء

6- أن علم نزول الغيث مما اختص الله به
وما يخبر عنه خبراء الطقس والأرصاد
إنما هو من باب توقع الحدوث لا الجزم بالحدوث
وعلى من يخبر بنزول المطر بناء على تلك التوقعات
أن يقرن قوله بالمشيئة كأن يقول
يتوقع نزول المطر غداً إن شاء الله

7- أن الله انفرد بعلم ما في الأرحام من ذكر أو أنثى
وذلك في جميع أطوار الجنين من كونه نطفةوعلقة ومضغة
إلى تكونه جسداً كاملاً
ومعرف أحوال الجنين سعادة وشقاوة
ومعرفة كونه قبيحاً أم حسناً
ولا تعارض الآية والحديث
بما توصل إليه العلم الحديث من القدرة على معرفة نوع الجنين
كون هذا التحديد إنما جاء في مرحلة متأخرة
من تكون الجنين
وليس في بدايات تكونه
هذا فضلا عن اقتصار هذه المعرفة على تحديد الجنس
دون تطرق إلى معرفة سعادته وشقاوته وجماله وقبحه

8- أن لا أحد يعلم ما تكتسبه نفسه أو ما يكتسبه
غيره في المستقبل من علم وعمل ومال

9- أن لا أحد يعلم زمن ولا مكان موته ولا موت غيره
فهذا مما استأثر الله بعلمه وحجب العلم به عن جميع خلقه

10- تكفير مدعي علم الغيب وذلك لنسبته لنفسه
ما استأثر الله تعالى به دون خلقه
وتكذيب القرآن في حصر علم الغيب بالله
قال تعالى
{قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ } (4)
11- إثبات صفتي العلم والخبرة لله تعالى
واقتران علمه بخبرته هنا يدل على انصراف العلم إلى العلم
بظواهر الأمور والخبرة إلى العلم ببواطنها
هنا
الخلود الأبدي لأصحاب الجنة والنار
يتـــــــــــبع


~~~
(1)صحيح البخاري - كتاب تفسير القرآن - سورة الرعد

باب قوله الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام
( غيض ) نقص/ رقم4420
~~~
(2) (لقمان:34)
~~~
(3) صحيح البخاري - كتاب الإيمان / رقم 50
باب سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم
عن الإيمان والإسلام والإحسان وعلم الساعة
~~~
(4) النمل:65
رد مع اقتباس