عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 03-16-2018, 11:10 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,648
افتراضي


60. ﴿وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ﴾: أصحاب إيمان مصلحي، وتدين نفعي، فلا يستفتون العلماء إلا إذا عرفوا أن الحكم في صالحهم، ولا يسترشدون بأحكام الشرع إلا إن حكم لهم.

61. ﴿وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ﴾: قيِّم عبوديتك! قال السعدي: فليسوا ممدوحين في هذه الحال، ولو أتوا إليه مذعنين، لأن العبد حقيقة، من يتبع الحق فيما يحب ويكره، وفيما يسره ويحزنه، وأما الذي يتبع الشرع عند موافقة هواه، وينبذه عند مخالفته، ويقدم الهوى على الشرع، فليس بعبد على الحقيقة.

62. ﴿وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ﴾: بعض الناس يأتي إلى العالم ليسأله، ويبتغي جواباً محددا قد بيَّته قبل أن يعرض سؤاله، فإن لم يحصل على هذه الفتوى طلب الما آخر، ولا يزال كذلك حتى يسمع ما يريد.

63. ومن طريف ما يُروَى: خاصمت امرأة جميلة زوجها إلى الإمام الشعبيّ، فحكم الإمام للمرأة دون الرجل، فلما وجد الرجل أن الشعبي لم يحكم له اتهمه بالجور قائلا:

فُتِنَ الشعبي لما .. رفع الطرف إليها

سحرته ببنان وخ...ضاب في يديها

كيف لو أبصر منها.. نحرها أو ساعديها

لصبا حتى تراه ... ساجدا بين يديها

فانتشرت بين الناس، فلما بلغ ذلك الشعبي قال:

فوُلِع الناس بهذه الأبيات وتناشدوها، حتى اضطر الشعبي إلى الاستعفاء من القضاء، وقال: أوجعتُ ظهره (بالعدل) حين جوَّرَني في شعره.

فما أقبح هذه الصورة، لكنها متأصلة في المنافقين ﴿وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ﴾.

64. ﴿أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ﴾ [النور:50]، فهذه الثلاث مجتمعة فيهم، وليس المقصود التساؤل: هل فيهم مرض أم ارتياب أم خوف من الجور؟ بل المقصود التدرج في وصف أخلاق المنافقين، فإن هذه الصفات الثلاثة موجودة فيهم، ففي قلوبهم مرض النفاق والكفر، ولذا فهم مرتابون شاكون في نبوة النبيﷺ وعدله، ولذايخافون أن يجور عليهم، وصيغة الاستفهام هنا أشد في التوبيخ.

65. ﴿بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾: ﴿بلْ﴾ هنا للإضراب الانتقالي أي للانتقال من الاستفهام إلى خبر آخر هام، وليست ﴿بلْ﴾ للإبطال لأنه لا يستقيم إبطال المرض أو الارتياب أم الخوف من الجور، فهذا ثابت في المنافقين، وفائدة ﴿بلْ﴾ ترقب ماذا سيرسي عليه تحقيق حالهم، فكان قوله: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ بيانا لما يترقبه المستمع، وإفادة اتصافهم بالظلم دون غيرهم.

66. ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ، لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ﴾: أقسم المنافقون بالأيمان المؤكَّدة أنه متى أمرهم رسول الله ﷺبالجهاد ليخرجن، فأمر الله نبيه أن يردَّ فيتهكم: ﴿ قُلْلا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ﴾:معروف أن طاعتَكم طاعةٌ باللسان فحسب،وتكذِّبها الأفعال والأحوال.

67. ﴿أَوْ صَدِيقِكُمْ﴾: اعرف قدر الصديق! قال ابن عباس: «الصديق أوكد من القرابة، ألا ترى استغاثة الجهنميين: ﴿ فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ. وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ﴾».

68. ﴿أَوْ صَدِيقِكُمْ﴾: قال مَعْمَر: «دخلت بيت قتادة فأبصرت فيه رطبا فجعلت آكله، فقال: ما هذا؟ فقلت: أبصرتُ رطبا في بيتك فأكلت، قال: أحسنت. قال الله تعالى: ﴿أَوْ صَدِيقِكُمْ﴾».

69. ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا﴾: نزلت في بني ليث بن بكر، وكان الرجل منهم لا يأكل وحده، ويمكث أياما جائعا حتى يجد من يؤاكله! وكانت هذه السيرة موروثة عندهم عن إبراهيم عليه السلام، فإنه كان لا يأكل وحده، فكن مثل أبي الضيفان إبراهيم.

70. ﴿وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه﴾: العمل الجماعي والقيادة الموحَّدة هدي نبوي وأمرٌ رباني.

71. ﴿فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ﴾: أذِن لهم، ومع هذا استغفر لهم، لأن الإذن في التخلف لا يبرِّؤك من التقصير، ويفرض عليك مراجعة نفسك لتعرف سبب حرمانك من الخير الوفير.

72. ﴿لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا﴾: قال ابن عباس: «لا تتعرضوا لدعاء الرسول عليكم بإسخاطه فإن دعوته موجِبة»، وقد لعن النبي ﷺ (أي دعا بالطردمن رحمة الله) آكل الربا وشارب الخمروالراشي والمرتشي والمتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء.

73. {لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور:63] المراد بالدعاء هنا: النداء، أي لا تقيسوا نداء النبي ﷺ إياكمعلى نداء بعضكم على بعض، بل يجب عليكمإذا دعاكم لأمر أن تلبوا فورا بلا تقاعس أو تباطؤ.

رد مع اقتباس