الموضوع: قواعد]_نبوية
عرض مشاركة واحدة
  #39  
قديم 04-13-2019, 12:39 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي



قال الزُّبَيرَ بنَ عَدِيٍّ
أَتَيْنَا أنَسَ بنَ مَالِكٍ، فَشَكَوْنَا إلَيْهِ ما نَلْقَى مِنَ الحَجَّاجِ، فَقالَ: اصْبِرُوا، فإنَّه لا يَأْتي علَيْكُم زَمَانٌ إلَّا الذي بَعْدَهُ شَرٌّ منه، حتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ سَمِعْتُهُ مِن نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري

الصفحة أو الرقم: 7068 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] |


🌟القاعدة الثامنة والثلاثون:

"لا يأتي على الناس زمانٌ إلا والذي بعده شرٌ منه"

📌هذه قاعدة نبوية تبيّن سنّةً من سنن الله في الأمم والمجتمعات.

وحاشا نبيّ الله -ﷺ- أن يدعو أمته إلى اليأس والقنوط! أو يسوقهم إلى الإحباط والركود! كيف وهو سيد المتفائلين، وإمام الصابرین، علیه صلوات وسلام رب العالمين!

💡لكن كلامه -عليه الصلاة والسلام- يفسّر بعضه بعضًا، ويأخذ بعضه بأعناق بعض، مع بقاء العبرة والفائدة لكلِّ حديثٍ في زمنه الذي خرج فيه، وحاله التي تكلم به النبي -ﷺ- فيها.

▪ هذا الشرّ الذي أشارَ إليه النبي -ﷺ- ليس شرًا مطلقًا عامًا، بل قد يكون شرًّا في بعض المواضع، ويكون خيرًا في مواضع أخرى، ويكون في بقعةٍ دون بقعة.

💬 يقول ابن حجر -رحمه الله-: «وقد استشكل هذا الإطلاق! مع أن بعض الأزمنة تكون في الشر دون التي قبلها، ولو لم يكن في ذلك إلا زمن عمر بن عبدالعزيز -وهو بعد زمن الحجّاج بيسير- وقد اشتهر الخير الذي كان في زمن عمر بن عبدالعزيز، بل لو قيل: إن الشر اضمحلَّ في زمانه لما كان بعيدًا فضلًا عن أن يكون شرًا من الزمن الذي قبله».

💡لكن هذا الإشكال حمله العلماء بما يلي:

- حمله الحسن البصري على الأكثر الأغلب، ولما سُئل عن وجود عمر بن عبدالعزيز بعد الحجاج؟ فقال: لا بدّ للناس من تنفيس.

- وأجاب بعضهم: أن المراد بالتفضيل تفضيل مجموع العصر على مجموع العصر، فإن عصر الحجاج كان فيه كثيرٌ من الصحابة في الأحياء، وفي عصر عمر بن عبدالعزيز انقرضوا، والزمان الذي فيه الصحابة خير من الزمان الذي بعده؛ لقوله-ﷺ- : "خير القرون قرني...".

- وقال عبدالله بن مسعود: "لا يأتي عليكم يوم إلا وهو شر من اليوم الذي كان قبله حتى تقوم الساعة، لست أعني رخاء من العيش يصيبه، ولا مالًا يفيده، ولكن لا يأتي عليكم يوم إلا وهو أقل علمًا من اليوم الذي مضى قبله، فإذا ذهب العلماء استوی الناس؛ فلا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر، فعند ذلك يهلكون".

📚 ومما يؤخذ من هذه القاعدة العظيمة:

١- أن فيها: الحثّ على اقتباس العلوم الدينية قبل هجوم تلك الأيام الرديئة، فينبغي للإنسان أن يبادر لصالح الأعمال، وإن لحقته المتاعب والمشاقّ والأتعاب، ولا يترقب الخلوّ عن ذلك، فما يأتي بعدُ أشد في ذلك مما في الزمان الذي كان فيه؛ لأن الزمان لا يزال في البعد عن مشكاة النبوة، والقرب من البدع والفتن... فلا راحة للمؤمن دون لقاء ربه.

۲- تعظيم قدر الصحابة والتابعين؛ لأنهم كانوا في تلك القرون المفضلة.

٣- أن المؤمن إذا عاش في آخر الأزمان، أو في بيئةٍ غلب فيها الشر، أو علت فيها راية المنكر؛ فعليه أن يعقد العزم على أن يكون من المصلحين، والداعين إلى الهدی، المخففين لوطأة الشر وأهله، الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر حسب الوسع والطاقة، فإنه لا يوجد زمان يخلو من قائم لله بالحجة على العباد، ولا يخلو زمان إلا ويوجد فيه دعاة للخير، وهداة للحق، يبصرون الناس من العمى، ويهدون من ضل إلى الحق، فكن -یا عبدالله- وكوني -يا أمة الله- من هؤلاء؛ فإنهم خيار الخَلق، وأحبهم إلى الله

٤- لقد سمع الصحابة بهذا الحديث، بل إن سبب إيراده من أنس -رضي الله عنه- -وهو ما لقيه التابعون من اضطهاد الحجاج وغيره من حكام السوء- يوضّح أنهم فقهوا معناه جيدًا، وهو فهمهم لهذه السنة الإلهية التي نقلتهم إلى التعامل الأمثل معها، وهو يتلخص في أمرين:

▼ الأول: الصبر على ما يمر بهم حتى يستريح بَرٌّ، ويُستراح من فاجر.

▼ الثاني: العمل لهذا الدين، ونشر تعاليمه، وعدم انتظارهم لمُجدّد أو مصلح يخرج ليصلح الأحوال! كلا .. بل كانوا غاية في الفقه والفهم للسنن..

اللهم ارزقنا الفقه في الدين والبصيرة فيه، واجعلنا من دعاة الحق، وهداة الخلق.

💫من كتاب: قواعد نبوية- أ.د.عمر المقبل (باختصار)

التعديل الأخير تم بواسطة أم حذيفة ; 04-13-2019 الساعة 12:54 AM
رد مع اقتباس