عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 09-13-2012, 02:24 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,031
6- طلب الهداية من الله، فجميع الخلق مفتقرون إلى الله تعالى في أمور دينهم ودنياهم، والله سبحانه وتعالى يهدي من يشاء ويضل من يشاء، فمن هداه الله تعالى للإيمان فبفضله وله الحمد، كما قال تعالى: ((وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ)) (الأعراف : 43).
وقوله تعالى: ((وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِين)) (الصافات: 57) .
ومن أضله فبعدله، قال سبحانه: ((وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)) (فصلت : 46).
وقال عز وجل: ((فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ)) (الصف : 5).
وقوله: ((إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)) (الأحقاف : 10).
وقد جعل الله سبحانه وتعالى للهداية سبلاً وطرقاً فمن أخذ بأسبابها هداه الله، ومن أخذ بأسباب الضلال أضله الله، قال تعالى: ((إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً)) (الإنسان : 3).
وقال: ((وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ)) (البلد : 10) .
قال ابن رجب : (الإنسان يولد مفطوراً على قبول الحق، فإن هداه الله سبب له من يعلمه الهدى، فصار مهتدياً بالفعل بعد أن كان مهتدياً بالقوة، وإن خذله الله قيض له من يعلمه ما يغير فطرته... والهداية نوعان هداية مجملة وهي الهداية للإسلام والإيمان وهي حاصلة للمؤمن وهداية مفصلة وهي هداية إلى معرفة تفاصيل أجزاء الإيمان والإسلام وإعانته على فعل ذلك وهذا يحتاج إليه كل مؤمن ليلا ونهارا ولهذا أمر الله عباده أن يقرأوا في كل ركعة من صلاتهم قوله: ((اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)) (الفاتحة :6).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه بالليل : ( اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ) [14] .
والهداية نوعان: هداية إرشاد وبيان وهي التي يملكها الرسل وأتباعهم والتي ذكرها الله تعالى بقوله: ((وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى)) (فصلت: 17).
وهداية توفيق وهي التي بيد الله تعالى ، ومن أسمائه تبارك وتعالى الهادي فهو الذي هدى الخلق إلى معرفته وربوبيته، وهدى عباده إلى الصراط المستقيم، وقد ورد هذا الاسم في آيتين من الكتاب العزيز وهما قوله تعالى: ((وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)) (الحج : 54).
وقوله تعالى: ((وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً)) (الفرقان : 31).
ولا يمكن أن يكون المسلم مهتدياً إلا بإتباع الرسول الكريم كما قال تعالى: ((وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ)) (العنكبوت : 18) .
واتباع هديه أحد شرطي قبول العمل الصالح، وهما : المتابعة والإخلاص، وجعل الله سبحانه وتعالى الكتب المنزلة هداية للناس ونوراً وفرقاناً بين الحق والباطل قال تعالى: ((إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ)) (المائدة : 44).
وقال عن عيسى: ((وَآتَيْنَاهُ الْأِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ))
(المائدة : 46).

وغير ذلك من الآيات الكثيرة، فالهداية أكبر نعمة ينعم بها الله سبحانه وتعالى على العبد، وبقدر هدايته تكون سعادته في الدنيا والآخرة، والأنبياء عليهم السلام هم أكمل البشر هداية، وكانوا يسألون الله سبحانه وتعالى الهداية ومن ذلك قوله موسى عليه السلام: ((عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ)) (القصص : 22).
والنبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر في دعائه من طلب الهداية من الله ومن ذلك ما أخرجه مسلم [15]من حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: ((كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)) .
وما أخرجه أيضاً [16]من حديث عبد الله بن مسعود عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى)) .
وأمرنا الله سبحانه وتعالى بطلب الهداية منه في كل ركعة من صلاتنا فقال تعالى: ((اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)) (الفاتحة :6). .
قال ابن القيم: (ولما كان سؤال الله الهداية إلى الصراط المستقيم أجل المطالب ونيله أشرف المواهب علم الله عباده كيفية سؤاله وأمرهم أن يقدموا بين يديه حمده والثناء عليه وتمجيده ثم ذكر عبوديتهم وتوحيدهم فهاتان وسيلتان إلى مطلوبهم: توسل إليه بأسمائه وصفاته وتوسل إليه بعبوديته وهاتان الوسيلتان لا يكاد يرد معهما الدعاء .... وقد جمعت الفاتحة الوسيلتين وهما التوسل بالحمد والثناء عليه وتمجيده والتوسل إليه بعبوديته وتوحيده ثم جاء سؤال أهم المطالب وأنجح الرغائب وهو الهداية بعد الوسيلتين فالداعي به حقيق بالإجابة)[17].
وهداية الله سبحانه وتعالى وسعت كل المخلوقات، فقد هدى سبحانه وتعالى جميع الأحياء إلى جلب مصالحها ودفع مضارها، قال تعالى: ((رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى)) (طه : 50) .
وقال تعالى: ((وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى)) (الأعلى: 3).فهدى سبحانه كل مخلوق إلى ما لابد منه في قضاء حاجاته.
رد مع اقتباس