عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 05-21-2013, 09:04 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
افتراضي

مجلس رقم 7
18 رجب 1434 هـ
**( العلـيّ ) الـذي لـه العلـوّ التـام المطلـق
مـن جميـع الوجـوه ، فيشـمل علـوّ
الـذات
: بمعنـى أنـه مسـتوٍ علـى عرشـه
عـالٍ علـى خلقـه ، ويشـمل علـوّ
القهـر : بمعنـى أن كـل شـيء تحـت
سـلطانه وقدرتـه ، فهـو الـذي قهـر
الأشـياء بجلالـه وعظمتـه .
وقـد جمـع
بينهمـا فـي قولـه تعالـى :
{ وَهُـوَ الْقَاهِـرُ فَـوْقَ عِبَـادِهِ ... } .
سورة الأنعام / آية : 18 .
ويشـمل : علـو القـدر والمكانـة والشـأن :
قـال تعالـى : { وَمَـا قَـدَرُواْ اللهَ حَـقَّ قَـدْرِهِ .
..
} .
سورة الأنعام / آية : 91 .
والعلـي مـن أسـماء الله الحسـنى ، كمـا قـال تعالـى : { ... وَهُـوَ الْعَلِـيُّ الْعَظِيـمُ } . سورة البقرة / آية : 255 .

**( الأَرفــقِ ) : علـى وزن أفعـل ، وهـو
أفعـل تفضيـل ، ولكـن ليـس علـى بابـه
هنـا ؛ لأن أفعـل التفضيـل دليـل علـى أن شـيئين أو أشـياء اشـتركت فـي صفـة وزاد أحدهمـا علـى الآخـر ، وإذا قلنـا شـيئين
أحدهمـا وليـس أفعـل هـا هنـا وفـي هـذا البـاب قاطبـة ـ مثـل الله الأكـرم ،
الله الأعلـم ـ ليـس مـرادًا بـه تفاضـل
أحـد الشـريكين علـى الآخـر فـي هـذه
الصفـة ؛ لأن الله لا يشـبهه شـيء فضـلاً
علـى أن يزيـد عليـه شـيء ، فهنـا ( أرفـق ) بمعنـى الرفيـق كقولـه تعالـى :
{ ... هُـوَ أَعْلَـمُ بِكُـمْ ... } .
سورة النجم / آية : 32 . أي عليـم بكـم ،
وكقولـه :
{ ... وَهُـوَ أَهْـوَنُ عَلَيْـهِ ... } .
سورة الروم / آية : 27 .
أي هَيِّـن ،
لأن الله ليـس عنـده شـيء أهــون مـن
شـيء ، كـل الأشـياء عنـده واحـدة
سـبحانه وتعالـى ، فيسـتوي فـي جانـب
عظيـم قدرتـه الخردلـة والسـماء .
معنـى الرفـق : الليـن مع حسـن السـياسـة ،
ولا نصـف الله بالليـن والسـياسـة لكـن هـذا مـن الناحيـة اللغويـة .
القواعد الفقهية ... / شرح : عبيد الجابري / بتصرف .


**( الأَرفــقِ ) أي الرفيـق فـي أفعالـه ،
فأفعالـه كلهـا رفـق ، علـى غايـة المصالـح والحكمـة ، والرفـق
صفـة ثابتـة لله عـز وجـل .
القواعد الفقهية ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم .
* فعـن عائشـة ـ رضي الله عنها ـ زوج النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ؛ أن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال :
" يـا عائشـة إن الله رفيـق يحـب الرفـق ، ويعطـي علـى الرفـق مـا لا يعطـي علـى العنـف ، ومـا لا يعطـي علـى مـا سـواه " .
صحيح مسلم . متون / ( 45 ) ـ كتاب البر والصلة والآداب /
( 23 ) ـ باب : فضل الرفق /
حديث رقم : 77 ـ ( 2593 ) /
ص : 661

وقـد أظهـر سـبحانه لعبـاده مـن آثـار
رفقـه مـا يسـتدلون بـه علـى كمالـه
وكمـال حكمتـه ورفقـه ،

كمـا فـي خلقـه السـموات والأرض ومـا
بينهمـا فـي سـتة أيّـامٍ ، مـع أنـه قـادر
علـى أن يخلقهـا فـي لحظـة ، وكذلـك خلقـه الإنسـان والحيوانـات والنبـات ، علـى اختـلاف أنواعـه ، يخلقهـا شـيئًا فشـيئًا ، حتـى تنتهـي وتكمـل ، مـع قدرتـه علـى تكميلهـا فـي
لحظـة ، ولكنـه رفيـق حكيـم ، فمـن رفقـه وحكمتـه تطويرهـا فـي هـذه الأطــوار ،
فـلا تَنافـي بيـن قدرتـه وحكمتـه ،
كمـا أنـه يقـدرعلـى هدايـة الضاليـن ،
ولكـن حكمتـه اقتضـت إبقاءَهـم علـى
ضلالهـم عـدلاً منـه تعالـى ، ليـس ظلمـًا ،
لأن إعطـاء الإيمـان والهـدى محـض فضلـه ،
فـإذا منعـه أحـدًا لـم يُعَـد ظلمـًا ،
لا سـيّما إذا كـان المحـلّ غيـر قابـلٍ للنعـم ، فكـل صفـة مـن صفاتـه تعالـى لهـا أثـر
فـي الخلـق والأمـر ، ولا ينافـي بعضهـا
بعضـًا ، ومَـن فَهِـم هـذا الأصـل العظيــم انحلـت عنـه إشـكالات كثيـرة فـي معرفـة أسـماءِ الله وصفاتـه ، ونَـزَّل كـل اسـم مـن أسـماءِ الله فـي محلـه اللائـق بـه .

" جامـع الأشـياء والمفــرق " : يعنـي أنـه سـبحانه يجمـع بيـن الأشـياء فـي بعـض
المعانـي والصفـات ، ويفـرق بينهـا فـي
البعـض الآخـر ، فجمـع الأشـياء فـي شـيء ، وفرّقهـا فـي شـيء آخــر ، كمـا جَمَـعَ
بيـن خلقـه فـي كونـه خلقهـم ، وَرَزَقهـم ، وفـرّق بينهـم فـي الأشـكال والصـور ،
والطـول والقِصَـر ، والسـواد والبيـاض ، وغيـر ذلـك مـن الصفـات .

والنـاس يشـتركون فـي أصـل الـرزق ،
فكـل مخلـوق مـرزوق ، قـال تعالـى :

{ وَمَـا مِـن دَابَّـةٍ فِـي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَـى اللهِ
رِزْقُهَـا
... } . سورة هود / آية : 6 .

ولكنهـم يتفاوتـون فـي مقـدار الـرزق
ونوعـه علـى حسـب الحكمـة الإلهيـة ،
كمـا قـال سـبحانه :

{ وَلَـوْ بَسَـطَ اللهُ الـرِّزْقَ لِعِبَـادِهِ لَبَغَــوْا فِـي الأَرْضِ وَلَكِـن يُنَـزِّلُ بِقَـدَرٍ مَّـا يَشَـاءُ إِنَّـهُ
بِعِبَـادِهِ خَبِيـرٌ بَصِيـرٌ } .
سورة الشورى / آية : 27 ..

وكـل هـذا صـادر عـن كمــال قدرتـه وحكمتـه ، ووضعـه الأشـياءَ مواضعهـا اللائقـة بهـا .
رسالة القواعد الفقهية / السعدي / ص : 5 / بتصرف .
وإطـلاق هـذا اللفـظ أعنـي :
( وجامـع الأشـياء والمفـرق ) ـ علـى
الله تعالـى مـن بـاب الإخبـار ، وليـس مـن بـاب التسـمية ، فيصـح الإخبـار عـن
الله تعالـى بكـل مـا صـح مـن حيـث
المعنـى ، ولكـن لا يُسـمى إلا بمـا سـمى بـه نفسـه .

القواعد الفقهية ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم .
o لطيفـــة نحويــة :
ـــــــــــــ
( ... وجامــعِ) هكـذا بالجـر عطفًـا علـى
( الأرفـقِ ) . ويجـوز الرفـع ( ... وجامـعُ ) علـى الرفـع خبـر لمبتـدأ محـذوف ، تقديـره هـو ،
( وهـو جامـع الأشـياء والمفـرق ) .

منظومة القواعد ... / شرح : عبيد الجابري .
س : مـا علاقـة هـذه المقدمـة بموضـوع المنظومـة ؟
ج : كأنـه رحمـه الله يقـول : إذا كـان ربُّـك عليـًّا ورفيقـًا ، فمعنـاه أنـك لـن تنـال الفهـم فـي دينـه ، إلا بـأن تسـتعين بـه سـبحانه لأنـه هـو العلـي ، وأن تكـون رفيقـًا ، كمـا يحبـه لنفسـه ، وكمـا يحبـه لعبـاده . فهـذا الديـن متيـن ، ويحتـاج إلـى أن يوغِـلَ الإنسـانُ فيـه برفـق ، مـع التنبيـه علـي ضعـف الحديـث الـوارد : ( إن هـذا الديـن متيـن فأوغلـوا فيـه برفـق ) .
فالحديـث ضعيـف ، ولكـن المعنـى صحيـح (1) وموافـق لقواعـد الشـريعة فممـا صـح بهـذا المعنـى :
* عـن أبـي هريـرة ، قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" إن هـذا الديـنَ يُسـرٌ ، ولـن يُشـاد الديـنَ أحـدٌ إلا غلبـه ، فسـددوا وقاربـوا ، وأبشـروا ويسـروا ،
واسـتعينوا بالغـدوةِ والرَّوْحَـةِ ؛ وشـيءٍ مـن الدَّلْجَـةِ " .
سنن النسائي [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 47 ) ـ
كتاب : الإيمان وشرائعه /
( 28 ) ـ باب : الدين يسر / حديث رقم : 5034 / ص : 764 / صحيح

( 1 ) ليس معنى صحة المعنى أنه يصلح للاستشهاد به ، بل لابد من توافر صحة المعنى وصحة النسبة للرسول صلى الله عليه وسلم .
* عـن عائشـة ، زوج النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال : " إن الرفـقَ لا يكـونُ فـي شـيء إلاَّ زانـه ، ولا ينـزع مـن شـيء إلا شـانه " .
صحيح مسلم . متون / ( 45 ) ـ كتاب البر والصلة والآداب /
( 23 ) ـ باب : فضل الرفق /
حديث رقم : 78 ـ ( 2594 ) /
ص : 661 .

وتعبيـر الناظـم بقولـه : ( وجامـع الأشـياء والمفـرق ) ، فيه براعـة اسـتهلال كما يسـميه البلاغيـون ، والمـراد بهـا : دلالـة مطلـع الكـلام علـى مضمونـه ، فهـذا التعبيـر يـدل علـى أن هـذا النظـم فـي القواعـد التـي مـن شـأنها الجمـع لكثيـر مـن الفـروع ، والتفريـق بيـن بعضهـا .
رسالة القواعد الفقهية / السعدي / ص : 5 / بتصرف .
وشرحها للدكتور / مصطفى كرامة مخدوم .

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 05-28-2013 الساعة 09:06 PM
رد مع اقتباس