عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 10-03-2011, 02:30 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
y

المبحث الثاني

العشر من ذي الحجة
توطئة :
من نِعم الله ،أنه سبحانه مَنُّ علينا بفضائل عظيمة ونفحات يعيها كل ذي عقل فطن حذر .
* قال صلى الله عليه وسلم " افعلوا الخيرَ دهركم ، وتعرضوا لنفحاتِ رحمة الله ، فإن لله نفحاتٍ من رحمته ، يصيب بها من يشاء من عباده ، وسلوا الله أن يستر عوراتِكم ، وأن يؤمِّن رَوعاتِكم " . أخرجه الطبراني في الكبير وحسنه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في سلسلة الأحاديث الصحيحة - ج : 4 -حديث رقم : 1890 / ص : 511 .
إلى من فاتهم أن يُغفر لهم في رمضان فظلوا تائهين ، ومن الهدى محرومين ... مازالت فرص النجاة سانحة ، وأبواب المغفرة واسعة ، والأمل في الفوز يتجدد ، وفي الآخرة نعيم الجنة ينتظر .
لقد مر علينا شهر رمضان منذ فترة وجيزة ، مر كأنه يوم واحد وليس ثلاثين يومًا ، وها هي نفحة أخرى من نفحات الخير التي منحها الله عز وجل لعباده الذين لم يلحقوا بركب رمضان ، فالقافلة ما زالت تنتظر مَنْ يُسْرِع الخطى كي يصل إليها ويحصّل الخير الجزيل والأجر الوفير . إنها دعوة لندرك ما فاتنا في مواسم مضت ولم نستثمرها .
فها هو رمضان يمضي ، ولكن قف ، هناك نفحة تلو الأخرى .
بعد رمضان شوال :
* عن أبي أيوب صاحب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال "من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر " .
سنن أبي داود المجلد الواحد / تحقيق الشيخ الألباني / ( 8 ) ـ أول كتاب : الصيام / ( 58 ) ـ باب : في صوم ستة من شوال / حديث رقم :2433 / ص: 427 / صحيح .
هل اغتنمت الفرصة وتعرضت للنفحة بحقها .إذا كنت قصرت في حسن العبادة أو ..... . قف !! هناك نفحة قد نغفل عنها ونظلم أنفسنا .

°انتبه ! شهر حرام . شهر ذي القَعدة من الأشهر الحُرُم .
قال تعالى "إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ".سورة التوبة / آية : 36 .

* عن أبي بكرة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال :
"إنَّ الزَّمانَ قَدِ اسْتَدارَ كَهَيْئَتِهِ يَومَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَواتِ والأرْضَ، السَّنَةُ اثْنا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْها أرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاثٌ مُتَوالِياتٌ: ذُو القَعْدَةِ، وذُو الحِجَّةِ، والمُحَرَّمُ، ورَجَبُ مُضَرَ الذي بيْنَ جُمادَى وشَعْبانَ" . صحيح البخاري . متون / ( 65 ) ـ كتاب : تفسير القرآن / ( 8 ) ـ باب : قوله : " إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا ... / حديث رقم : 4662 / ص : 550 / طبعة : دار ابن الهيثم .

* عن أبي ذر ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ . فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال "يا عبادي إنِّي حرَّمْتُ الظُّلمَ على نفسي وجعَلْتُه بيْنَكم مُحرَّمًا فلا تظالَموا ... " . صحيح مسلم / متون / ( 45 ) ـ كتاب : البر والصلة والآداب / ( 15 ) ـ باب : تحريم الظلم / حديث رقم : 2577 / ص : 658 .

وحَذَّر النبي ـ
صلى الله عليه وسلم ـ من الظلم :

* فعن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال " الظلمُ ظُلُماتٌ يوم القيامةِ " .صحيح البخاري / متون / ( 46 ) ـ كتاب : المظالم والغضب / ( 8 ) ـ باب :الظلم ظلمات يوم القيامة / حديث رقم : 2447 / ص : 280 .

وخَوَّفَ النبيُّ أمتَهُ من دعوةِ المظلوم :

* فعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ بعث معاذًا إلى اليمن فقال :
" اتقِ دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب " .
صحيح البخاري / متون / ( 46 ) ـ كتاب المظالم والغضب / ( 9 ) ـ باب :الاتقاء والحذر من دعوة المظلوم / حديث رقم : 2448 / ص : 280 .

فظلم النفس الذي هو ترك طاعة الله ، وترك الانقياد لامتثال أوامره ، واجتناب نواهيه ، محرم بنص القرآن الكريم ، وأيضًا ظلم الناس بعضهم لبعض محرم على الدوام . ولكنه في شهر ذي القعدة ، وبقية الأشهر الحرم أشد تحريمًا .

فالمشروع في هذا الشهرالحرام :
1ـ ترك ظلم النفس :
وذلك بالاتباع وفعل المأمورات والبعد عن المحرمات والمنهيات .
2 ـ ترك ظلم العباد :
فظلمهم يكون بشتمهم وقذفهم ، وأكل أموالهم ، وسفك دمائهم ، واغتيابهم ، والسعي بينهم بالفساد ..... حتى يلقى الله مفلسًا .
* فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال :
" أتدرون ما المفلس ؟ " . قالوا : المُفلسُ فينا من لا درهم له ولا متاع .فقال " إن المفلس من أمتي ، يأتي يوم القيامة بصلاةٍ وصيام وزكاةٍ ، ويأتي قد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا ، وضرب هذا . فيُعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته . فإن فَنِيت حسناتُهُ ، قبل أن يُقْضَى ما عليه . أخذ من خطاياهم فطُرحت عليه . ثم طُرح في النار " . صحيح مسلم . متون / ( 45 ) ـ كتاب : البر والصلة والآداب / ( 15 ) ـ باب :تحريم الظلم / حديث رقم : 59 ـ ( 2581 ) / ص : 659 .

هل اغتنمت الفرصة وتعرضت للنفحة بحقها .
إذا كنت قصرت في حسن العبادة أو ..... . قف !!
هناك نفحة قد نغفل عنها ونظلم أنفسنا .
انتبه ! شهر حرام . شهر ذي الحجة من الأشهر الحرم ، واجتمعت فيه أمهات العبادة ، فيه أيام أفضل أيام الدنيا .
فمن حكمة الله تعالى ودلائل ربوبيته ووحدانيته ، وصفات كماله ، تخصيص بعض مخلوقاته بمزايا وفضائل ، وتفضيل بعض الأزمنة والأمكنة على بعض في تعظيم الأجور، وكثرة الفضائل .
ومن ذلك أن الله تعالى فضل بعض الشهور والأيام والليالي على بعض ليكون ذلك مغنمًا للطائعين ، وميدانًا لتنافس المتنافسين ، ليكون ذلك عونًا للمسلم في زيادة العمل ؛ والرغبة في الطاعة، وتجديد النشاط ليعظم أجره ، ويحظى بنصيب وافر من الثواب ، فيتأهب للموت قبل قدومه ويتزود للمعاد .
ومن هذه المواسم ؛ والنفحات العظيمة ، ما شهد النبي صلى الله عليه وسلم ـ بأنها أفضل أيام الدنيا ألا وهي عشر ذي الحجة .
* فعن جابر ـ رضي الله عنه ـ ، قال : قال صلى الله عليه وسلم
" أفضل أيام الدنيا أيام العشر " .تخريج السيوطي : ( رواه : البزار ) / وصححه الشيخ الألباني في : في صحيح الجامع الصغير وزيادته / مرتب على الحروف الهجائية / ج : 1 / حديث رقم : 1133 / ص : 253
أيام العشر : أي عشر ذي الحجة .
وترجع أفضليتها ؛ لاجتماع أمهات العبادة فيها .
فيض القدير شرح الجامع الصغير للأحاديث النبوية بالترتيب ... / ج :2 / ص : 71 / بتصرف .
فلماكانت هذه العشر محلاً لأمهات العبادة من الصلاة والصيام والصدقة والحج والنحر والتكبير؛ والتهليل ..... ، وليس ذلك لغيرها ، فعلى المسلم الفطن ؛ أن يسارع بتعميرها بما يقدر عليه من الطاعات .فاليوم تستطيع أن تفوز بهذا الأجر الكبير ، فهذه العبادات من صلاة وصيام وصدقة واستغفار ودعاء وإعانة للمحتاج وذكر لله عز وجل ، ..... ، كلها في هذه الأيام هي أثقل في ميزانك من الجهاد في سبيل الله . فالعمل الصالح في هذه العشر : أحب ، و أزكى وأفضل عند الله عز وجل ، و أعظم أجرًا ، عما في سواها .
* فعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم " ما من أيام العمل الصالح فيهن أحبُّ إلى الله من هذه الأيام العشر" .فقالوا ولا الجهاد في سبيل الله ؟ . فقال صلى الله عليه وسلم " ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء " . سنن الترمذي / تحقيق الشيخ الألباني / ( 6 ) ـ كتاب : الصوم عن رسول الله ... / ( 52 ) ـ باب : ما جاء في العمل في أيام العشر/ حديث رقم : 757 / ص: 187 / صحيح .
* وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؛ قال " ما من عمل أزكى عند الله عز وجل ، ولا أعظم أجرًا من خير يعمله في عشر الأضحى ، قيل : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء " .
وكان سعيد بن جُبَير إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهادًا شديدًا حتى ما يكاد يقدر عليه .رواه الدارمي 1 /357 . وحسن إسناده الشيخ الألباني في : إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل : ج :3 / ص: 398 .
* وعن ‏ ‏سعيد بن جُبَيْر ، ‏‏عن ‏ ابن عباس ،‏عن النبي ‏ـ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ـ ‏أنه قال "‏ ‏ما العمل في أيام أفضلَ منها في هذه " . قالوا ولا الجهاد . قال " ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء " .
صحيح البخاري / ( 13 ) ـ كتاب : العيدين / ( 11 ) ـ باب : فضل العمل في أيام التشريق / حديث رقم : 969 / ص : 111 .
ـ قال ابن حجر العسقلاني في شرح هذا الحديث :
قوله : فلم يرجع بشيء :
أي فيكون ـ أي فيكون المجاهد في هذه الحال
ـ أفضل من العامل في أيام العشر ،أو مساويًا له .
في هذه الحال : المقصود قوله : رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء .
قال ابن بطال : هذا اللفظ يحتمل أمرين:أن لا يرجع ـ أي المجاهد في سبيل الله ـ بشيء من ماله وإن رجع هو , وأن لا يرجع هو ولا ماله بأن يرزقه الله الشهادة .ا .هـ .
ويجاب بأجوبة :
أحدها :أن الشيء يشرف بمجاورته للشيء الشريف ،وأيام التشريق تقع تلو أيام العشر , وقد ثبتت الفضيلة لأيام العشر بهذا الحديث فثبتت بذلك الفضيلة لأيام التشريق .
ثانيها : أن عشر ذي الحجة إنما شرف لوقوع أعمال الحج فيه.وبقية أعمال الحج تقع في أيام التشريق كالرمي والطواف وغير ذلك من تتماته فصارت مشتركة معها في أصل الفضل.ولذلك اشتركت معها في مشروعية التكبير في كل منها ، وبهذا تظهر مناسبة إيراد الآثار المذكورة في صدر الترجمة لحديث ابن عباس كما تقدمت الإشارة إليها .
ثالثهًا :
أن بعض أيام التشريق هو بعض أيام العشر وهويوم العيد , وكما أنه خاتمة أيام العشر فهو مفتتح أيام التشريق , فمهما ثبت لأيام العشر من الفضل شاركتها فيه أيام التشريق , لأن يوم العيد بعض كل منها بل هو رأس كل منها وشريفه وعظيمه.وهو يوم الحج الأكبر كما سيأتي في كتاب الحج إن شاء الله تعالى . ا . هـ .

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 07-31-2019 الساعة 10:52 AM