عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 07-20-2011, 12:03 AM
هند هند غير متواجد حالياً
عضوة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,493
وقد أثنى الله على عباده المتعففين فقال
{ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ

يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا}

( البقرة : 273 )

وقد بايع النبي صلى الله عليه وسلم رهطا من أصحابه على ترك سؤال الناس

وكان منهم أبوبكر الصديق و أبو ذر الغفاري و ثوبان رضي الله عنهم أجمعين

فامتثلوا لذلك جميعا

حتى إن أحدهم إذا سقط منه سوطه أو خطام ناقته لا يسأل أحدا أن يأتي به .

إن ما سبق ذكره من الثناء على المتعفّفين إنما هو متوجه لمن تعفّف

عن سؤال الناس فيما يقدرون عليه ، وما يملكون فعله

أما ما يفعله بعض الجهلة من اللجوء إلى الأولياء والصالحين الأحياء منهم أو الأموات

ليسألونهم ويطلبون منهم أعمالاً خارجةً عن نطاق قدرتهم

فهذا صرفٌ للعبادة لغير الله عزوجل

وبالتالي فهو داخل تحت طائلة الشرك .


وفي قوله : ( وإذا استعنت فاستعن بالله )

أمر بطلب العون من الله تعالى دون غيره

لأن العبد من شأنه الحاجة إلى من يعينه في أمور معاشه ومعاده

ومصالح دنياه وآخرته ، وليس يقدر على ذلك إلا الحي القيوم

الذي بيده خزائن السموات والأرض ، فمن أعانه الله فلا خاذل له

ومن خذله الله فلن تجد له معينا ونصيرا

قال تعالى : {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ }

( آل عمران : 160 )

ولهذا المعنى كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من

قول : ( اللهم أعني ولا تعن علي) (1)

وأمر معاذا رضي الله عنه ، ألا يدع في دبر كل صلاة

أن يقول ( اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك )(2)

وإذا قويت استعانة العبد بربّه

فإن من شأنها أن تعمّق إيمانه بقضاء الله وقدره

والاعتماد عليه في كل شؤونه وأحواله

وعندها لا يبالي بما يكيد له أعداؤه

ويوقن أن الخلق كلهم لن ينفعوه بشيء لم يكتبه الله له

ولن يستطيعوا أن يضرّوه بشيء لم يُقدّر عليه

ولم يُكتب في علم الله

كما قال سبحانه

{ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ

إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}

( الحديد : 22 )

ولما وعى سلفنا الصالح هذه الوصية ، أورثهم ذلك ثباتا في العزيمة

وتفانيا في نشر هذا الدين ، غير مبالين بالصعوبات التي تواجههم

والآلام التي تعتريهم ، لأنهم علموا أن طريق التمكين إنما يكون بالعمل بهذه الوصية النبوية

وأن الفرج يأتي من بعد الكرب ، وأن العسر يعقبه اليسر

وهذا هو الطريق الذي سلكه أنبياء الله جميعا عليهم السلام

فما كُتب النصر ل نوح عليه السلام ، إلا بعد سلسلة طويلة من الجهاد مع قومه

والصبر على أذاهم ، وما أنجى الله نبيه يونس عليه السلام من بطن الحوت

إلا بعد معاناة طويلة عاشها مستغفرا لربّه ، راجيا فرجه

معتمدا عليه في كل شؤونه ، حتى انكشفت غمّته

وأنقذه من بلائه ومحنته

وهكذا يكون النصر مرهونا بالصبر على البلاء والامتحان .

إننا نستوحي من هذا الحديث معالم مهمة

ووصايا عظيمة ، من عمل بها ، كتبت له النجاة

واستنارت له عتبات الطريق

فما أحوجنا إلى أن نتبصّر كلام نبينا صلى الله عليه وسلم وتوجيهاته

ونستلهم منها الحلول الناجعة لمشكلات الحياة

ونجعلها السبيل الأوحد للنهضة بالأمة نحو واجباتها .

منقول من إسلام ويب
هنا
***
(1)الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني
المصدر: صحيح الأدب المفرد - الصفحة أو الرقم: 516
خلاصة حكم المحدث: صحيح
***
(2)الراوي: معاذ بن جبل المحدث: الألباني
المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 1522
خلاصة حكم المحدث: صحيح

رد مع اقتباس