عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 02-24-2013, 08:31 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,022
افتراضي



متن الأصول الثلاثة

لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهَّاب التميمي –رحمه الله تعالى-

متن ثلاثة الأصول وأدلتها ( كامل)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


المسائل الأربع
اعْلَمْ رَحِمَكَ اللهُ أنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا تَعَلُّمُ أرْبَعِ مَسَائِلَ:
الأُولَى:أَنَّ اللهَ خَلَقَنَا وَرَزَقنَا وَلَمْ يَتْرُكْنا هَمَلاً؛ بَلْ أَرْسَلَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَمَنْ أَطَاعَهُ دَخَلَ الجَنَّةَ وَمَنْ عَصَاهُ دَخَلَ النَّارَ.
والدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إنَّا أَرْسَلْنَا إلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيكُم كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرعَوْنَ رَسُولاً (15) فَعَصَى فِرْعَونُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً} [المزمل:14-15].
الثَّانِيَةُ: أَنَّ اللهَ لاَ يَرْضَى أَنْ يُشْرَكَ مَعَهُ أَحـدٌ فِي عِبَادَتِهِ، لاَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَلا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلا غَيرُهُمَا، وَالدَّلِيلُ قَولُهُ تَعَالى: {وَأَنَّ المَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً} [الجن:18].
الثَّالِثَةُ:أَنَّ مَنْ أَطَاعَ الرَّسُولَ وَوَحَّدَ اللهَ لاَ يَجُوزُ لَهُ مُوَالاَةُ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَو كَانَ أَقْرَبَ قَرِيبٍ، وَالدَّلِيلُ قَولُهُ تَعَالى: {لاَ تَجِدُ قَوماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَو كَانُوا آبَاءَهُمْ أَو أَبْنَآءَهُمْ أَو إِخْوَانَهُمْ أَو عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ في قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ وأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللهِ ألا إنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ المُفْلِحُونَ} [المجادلة:22].


الأُولى:العِلْمُ: وَهُوَ مَعْرِفَةُ اللهِ وَمَعْرِفَةُ نَبِيِّهِ وَمَعْرِفَةُ دِينِ الإِسْلاَمِ بالأَدِلَّةِ.
الثَّانِيَةُ:العَمَلُ بِهِ.
الثَّالِثَةُ:الدَّعْوَةُ إلَيْهِ.
الرَّابِعَةُ:الصَّبْرُ عَلَى الأَذَى فِيهِ.
والدَّلِيلُ قَولُه تَعَالَى: بسم اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {وَالعَصْرِ (1) إنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ(2) إلاَّ الَّذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَواصَوا بِالحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)} [العصر:1-3]
قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ الله تَعَالى-: (هَذِهِ السُّورَةُ لَو مَا أَنْزَلَ اللهُ حُجَّةً عَلَى خَلْقِهِ إلاَّ هِيَ لَكَفَتْهُمْ).
وَقَالَ البُخَارِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالى-: (بَابٌ: العِلْمُ قَبْلَ القَوْلِ والعَمَلِ، والدَّليلُ قَوْلُهُ تَعَالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلهَ إلاَّ اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِك} [محمد:19]، فَبَدَأَ بِالعِلْمِ قَبْلَ القَولِ وَالعَمَلِ).

المسائل الثلاث
اعْلَمْ رَحِمَكَ اللهُ: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ تَعَلُّمُ ثَلاَثِ هذِهِ المَسَائِلِ والعَمَلُ بِهِنَّ:
***
اعْلَمْ أَرْشَدَكَ اللهُ لِطَاعَتِهِ أَنَّ الحَنِيفِيَّةَ - مِلَّةَ إِبْراهِيمَ -: أَنْ تَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ، وَبِذَلكَ أَمَرَ اللهُ جَمِيعَ النَّاسِ وَخَلَقَهُمْ لَهَا؛ كَمَا قَالَ تَعَالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]، وَمَعْنَى يَعْبُدُونِ: يُوَحِّدُونِ.
وَأَعْظَمُ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ التَّوْحِيدُ، وَهُوَ: إِفْرَادُ اللهِ بِالْعِبَادَةِ، وَأَعْظَمُ مَا نَهَى عَنْهُ الشِّرْكُ، وَهُوَ: دَعْوَةُ غَيْرهِ مَعَهُ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالى: {وَاعْبُدُوا اللهَ وَلاَ تُشْرِكُوْا بِهِ شَيْئاً} [النساء:36].
فَإذَا قِيلَ لَكَ: مَا الأُصُوْلُ الثَّلاثَةُ الَّتِي يَجِبُ عَلَى الإِنْسَانِ مَعْرِفَتُها؟
فَقُلْ: مَعْرِفَةُ العَبْدِ رَبَّهُ، وَدِينَهُ، وَنَبِيَّهُ مُحَمَّداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَإِذَا قِيلَ لَكَ: مَنْ رَبُّكَ؟
فَقُلْ: رَبِّيَ اللهُ الَّذِي رَبَّانِي، وَرَبَّى جَمِيعَ العَالَمِينَ بِنِعْمَتِهِ، وَهُوَ: مَعْبُودِي لَيْسَ لِي مَعْبُودٌ سِوَاهُ.

وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالى: {الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ} [الفاتحة:2]، وَكُلُّ مَن سِوَى اللهِ عَالَمٌ، وَأَنَا وَاحِدٌ مِنْ ذَلِكَ العَالَمِ.

فَإِذَا قِيلَ لَكَ: بِمَ عَرَفْتَ رَبَّكَ؟
فَقُلْ: بِآيَاتِهِ وَمَخْلُوقاَتِهِ، وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَالشَّمْسُ وَالْقمَرُ، وَمِنْ مَخْلُوقَاتِهِ السَّمَاواتُ السَّبْعُ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَالأَرَضُونَ السَّبْعُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَمَا بَيْنَهُمَا.
وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالى: {لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالأَرْضِ أكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} [غافر:57].
وَقَوْلُهُ تَعَالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لاَ تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت:37].
وَقَوْلُهُ تَعَالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماوات وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْـرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف:54].
وَالرَّبُّ: هُوَ الْمَعْبُودُ.
وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ والَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رزْقاً لَكُمْ فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة:21-22]
قَالَ ابْنُ كَثيِرٍ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالى-: (الْخَالِقُ لِهذِهِ الأَشْيَاءِ، هُوَ المُسْتَحِقُّ لِلْعبَادَةِ).




وَأَنْوَاعُ العِبَادَةِ الَّتِي أَمَرَ اللهُ بِهَا:
مِثْلُ الإسْلاَمِ، وَالإيمَانِ، وَالإحْسَانِ؛ وَمِنْهُ: الدُّعَاءُ، وَالخَوْفُ، وَالرَّجَاءُ، وَالتَّوَكُّلُ، وَالرَّغْبَةُ، وَالرَّهْبَةُ، وَالخُشُوعُ، وَالخَشْيَةُ، وَالإنَابَةُ، والاسْتِعَانَةُ، والاسْتِعَاذَةُ، والاسْتِغَاثَةُ، وَالذَّبْحُ، وَالنَّذْرُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْعِبَادَةِ الَّتِي أَمَرَ الله بِهَا:كُلُّها لِلَّهِ تَعَالى.
وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالى: {وَأَنَّ المَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً} [الجن:18].
فَمَنْ صَرَفَ مِنْها شَيْئاً لِغَيْرِ اللهِ فَهُوَ مُشْرِكٌ كَافِرٌ.
وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَـرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [المؤمنون:117]
وَفِي الْحَدِيثِ: ((الدُّعَاءُ مُخُّ العِبَادَةِ)).
وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذيِنَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر:60].
وَدَلِيلُ الخَوْفِ قَوْلُهُ تَعَالى: {إنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيطَانُ يُخَوِّفُ أوْلِيَآءَهُ فَلاَ تَخَافُـوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران:175]
وَدَلِيلُ الرَّجَاءِ قَوْلُهُ تَعَالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} [الكهف:110].
وَدَلِيلُ التَّوَكُّلِ قَوْلُهُ تَعَالى: {وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة:23]، وَقَوْلُهُ تَعَالى: {ومَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:3].
وَدَلِيلُ الرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ وَالْخُشُوعِ قَوْلُهُ تَعَالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء:90].
وَدَلِيلُ الْخَشْيَةِ قَوْلُهُ تَعَالى: {فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَونِي} [البقرة:150].
وَدَلِيلُ الإِنَابَةِ قَوْلُهُ تَعَالى: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} الآية [الزمر:54].
وَدَلِيلُ الاسْتِعَانَةِ قَوْلُهُ تَعَالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5]، وَفِي الْحَدِيثِ: ((إذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ))
وَدَلِيلُ الاسْتِعَاذَةِ قَوْلُهُ تَعَالى: {قلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق:1]، وَقَوْلُهُ تَعَالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس:1].
وَدَلِيلُ الاسْتِغَاثَةِ قَوْلُهُ تَعَالى: {إذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} الآية [الأنفال:9].
وَدَلِيلُ الذَّبْحِ قَوْلُهُ تَعَالى: {قُلْ إِنَّ صَـلاَتِي وَنُسُكِـي وَمَحْيَايَ وَمَمَـاتِي للهِ رَبِّ العَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ} [الأنعام:162]، وَمِنَ السُّنَّةِ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ: ((لَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ)).
وَدَلِيلُ النَّذْرِ قَوْلُهُ تَعَالى: {يُوفُـونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً} [الإنسان:7].

الأَصْلُ الثاَّنِي: مَعْرِفَةُ دِينِ الإسْلاَمِ بالأَدِلَّةِ

وَهُوَ: الاسْتِسْلامُ لِلّهِ بِالتَّوْحِيدِ، والانقيادُ لَهُ بِالطَّاعَةِ، وَالبَرَاءَةُ مِنَ الشِّرْكِ وَأَهْلِهِ.
وَهُوَ ثَلاثُ مَرَاتبَ: الإسْلاَمُ، وَالايمَانُ، وَالإحْسَانُ.
وَكُلُّ مَرْتَبَةٍ لَهَا أَرْكَانٌ؛ فَأَرْكَانُ الإِسْلاَمِ خَمْسَةٌ، وَالدَّلِيلُ مِنَ السُّنَّةِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ: ((بُنِي الإسْلاَمُ عَلى خَمْسٍ؛ شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلهَ إلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، وَإقَامِ الصَّلاَةِ، وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ البَيْتِ)).
وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإسْلامُ} [آل عمران:19]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ في الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرينَ} [آل عمران:85].
وَدَلِيلُ الشَّهَادَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {شَهدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلهَ إلاَّ هُوَ وَالمَلاَئِكَةُ وَأُولُوا العِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لاَ إلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ} [آل عمران:18].
وَمَعْنَاهَا: لاَ مَعْبُودَ بِحَقٍّ إِلاَّ اللهُ.
{لاَ إِلهَ} نَافِياً جَمِيعَ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ، {إِلاَّ اللهُ} مُثْبِتاً العِبَادَةَ للَّهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ فِي عِبَادَتِهِ، كَمَا أَنَّهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ فِي مُلْكِهِ.
وَتَفْسِيرُهَا الَّذِي يُوَضِّحُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَآءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي} الآيَة [الزخرف:26-27].
وَقَوْلُهُ: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَينَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لاَ نَعْبُدَ إلاَّ اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران:64].
وَدَلِيلُ شَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّداًرَسُولُ اللَّهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالمُؤْمِنِينَ رَؤُوْفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:128].
وَمَعْنَى شَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّداًرَسُولُ اللَّهِ: طَاعَتُهُ فِيمَا أَمَرَ، وَتَصْدِيقُهُ فِيمَا أَخْبَرَ، وَاجْتِنَابُ مَا عَنْهُ نَهَى وَزَجَرَ، وَأنْ لاَ يُعْبَدَ اللَّهُ إِلاَّ بِمَا شَرَعَ.
وَدَلِيلُ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَتَفْسِيرُالتَّوْحِيدِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لَيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة:5].
وَدَلِيلُ الصِّيَامِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183].
وَدَلِيلُ الحَجِّ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران:97].

الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ: الإِيمَانُ

وَهُوَ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، أعْلاَهَا قَوْلُ لاَ إِلهَ إِلا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَن الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ.
وَأَرْكَانُهُ سِتَّةٌ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلاَئِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَبِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ؛ كُلُّهُ مِنَ اللَّهِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذِهِ الأَرْكَانِ السِّتَّةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} الآية [البقرة:177].
وَدَلِيلُ الْقَدَرِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر:49].
الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ: الإِحْسَانُ

رُكْنٌ وَاحِدٌ؛ وَهُوَ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ.
وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الوُثْقَى} [لقمان:22].
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل:128].
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {ومَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:3].
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الشعراء:217-220].
- وَقَوْلُهُ: {وَمَا تَكُونُ فِي شَانٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} الآية [يونس:61].
وَالدَّلِيلُ مِنَ السُّنَّةِ: حَدِيثُ جِبْرِيلَ الْمَشْهُورُ عَلَيْهِ السَّلامُ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (بَيْنَما نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ، لاَ يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَر، وَلاَ يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، فَجَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ.
فَقَالَ: يَامُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنِ الإِسْلاَمِ؟
فَقَالَ:((أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِيَ الزّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)).
فَقَالَ: صَدَقْتَ، فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ.
قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنِ الإِيمَانِ؟
قَالَ:((أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلاَئِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَاليَوْمِ الآخِرِ، وَبِالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ)).
قَالَ: صَدَقْتَ.
قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنِ الإِحْسَانِ؟
قَالَ: ((أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ)).
قَالَ: صَدَقْتَ.
قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ؟
قاَلَ: ((مَا المَسْؤُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ)).
قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَاتِهَا؟
قَالَ: ((أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرَى الحُفَاةَ العُرَاةَ العَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ في البُنْيَانِ)).
قَالَ: فَمَضَى فَلَبِثْنَا مَلِياًّ.
فَقَالَ صَلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:((يَا عُمَرُ؛ أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ))؟
قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: ((هذَا جبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ أَمْرَ دِينِكُمْ)).
الأَصْلُ الثَّالِثُ: مَعْرِفَةُ نَبِيِّكُمْ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.

وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ هَاشِمٍ، وَهَاشمٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَقُرَيْشٌمِنَ العَرَبِ، وَالعَرَبُ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الخَلِيلِ،عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا أَفْضَلُ الصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ.
وَلَهُ مِنَ العُمْرِ ثَلاَثٌ وَسِتُّونَ سَنَةً، مِنْهَا أَرْبَعُونَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ، وَثَلاَثٌ وَعِشْرُونَ نَبِياًّ رَسُولاً.
نُبِّئَ بِإقْرَا، وَأُرْسِلَ بِالمُدَّثِّرِ، وَبَلَدُهُ مَكَّةُ.
بَعَثَهُ اللهُ بِالنِّذَارَةِ عَنِ الشِّرْكِ، وَيَدْعُو إِلى التَّوْحِيدِ.
وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلاَ تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} [المدثر:1-7].
وَمَعْنَى: {قمْ فَأَنْذِرْ} يُنْذِرُ عَنِ الشِّرْكِ، وَيَدْعُو إِلى التَّوْحِيدِ.
{وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} أَيْ: عَظِّمْهُ بِالتَّوْحِيدِ.
{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} أَيْ: طَهِّرْ أَعْمَالَكَ عَنِ الشِّرْكِ.
{وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}الرُّجْزُ: الأَصْنَامُ، وَهَجْرُهَا: تَرْكُهَا وَأَهْلِهَا، وَالبَرَاءَةُ مِنْهَا وَأَهْلِهَا، وَعَدَاوَتُها وَأَهْلِهَا، وَفِرَاقُهَا وَأَهْلِهَا.
أَخَذَ عَلَى هَذَا عَشْرَ سِنِينَ يَدْعُو إِلى التَّوْحِيدِ، وَبَعْدَ العَشْرِ عُرِجَ بِهِ إِلى السَّمَاءِ، وَفُرِضَتْ عَلَيْهِ الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَصَلَّى في مَكَّةَ ثَلاَثَ سِنِينَ، وَبَعْدَهَا أُمِرَ بِالهِجْرَةِ إِلى المَدِينَةِ.
وَالهِجْرَةُ: الاِنْتِقَالُ مِنْ بَلَدِ الشِّرْكِ إِلى بَلَدِ الإِسْلاَمِ، وَالهِجْرَةُ: فَرِيضَةٌ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ مِنْ بَلَدِ الشِّرْكِ إِلى بَلَدِ الإِسْلاَمِ، وَهِيَ بَاقِيَةٌ إِلى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ.

وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ المَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ في الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولئِكَ مَأوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً (97) إِلاَّ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (98) فَأُولئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللهُ عَفُوَّاً غَفُورًا} [النساء:97-99].
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {يا عبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ} [العنكبوت:56].
قَالَ البَغَوِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: (سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ في المُسْلِمِينَ الَّذِينَ بِمَكَّةَ لَمْ يُهَاجِرُوا؛ نَادَاهُـمُ اللهُ باسْمِ الإِيمَانِ).
وَالدَّلِيلُ عَلَى الهِجْرَةِ مِنَ السُّنَّةِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: ((لا تَنْقَطِعُ الهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا)).
فَلَمَّا اسْتَقَرَّ بِالمَدِينَةِ أُمِرَ فِيهَا بِبَقِيَّةِ شَرَائِعِ الإِسْلاَمِ؛ مِثْلِ الزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالحَجِّ والأَذَانِ وَالجِهَادِ وَالأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ،وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ شَرَائِعِ الإِسْلاَمِ.
أَخَذَ عَلَى هَذَا عَشْرَ سِنِينَ، وَبَعْدَهَا تُوُفِّيَ- صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ - وَدِينُهُ بَاقٍ.
وَهَذَا دِينُهُ، لاخَيْرَ إِلاَّ دَلَّ الأُمَّةَ عَلَيْهِ، وَلا شَرَّ إِلاَّ حَذَّرَهَا عَنْهُ.
وَالخَيْرُ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ: التَّوْحِيـدُ وَجَمِيعُ مَا يُحِبُّهُ اللهُ وَيَرْضَاهُ، وَالشَّرُّ الَّذِي حَذَّرَ عَنْهُ: الشِّرْكُ وَجَمِيعُ مَا يَكْرَهُهُ اللهُ وَيَابَاهُ.
بَعَثَهُ اللهُ إِلى النَّاسِ كَافَّةً، وَافْتَرَضَ طَاعَتَهُ عَلَى جَمِيعِ الثَّقَلَيْنِ الجِنِّ وَالإِنْسِ.
وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {قلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً} [الأعراف:158].
وَأَكْمَلَ اللهُ لَهُ الدِّينَ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} [المائدة:3].
وَالدَّلِيلُ عَلَى مَوْتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ قوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} [الزمر:30-31].
وَالنَّاسُ إِذَا مَاتُوا يُبْعَثُونَ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه:55].
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {واللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتاً (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً} [نوح:17-18].
وَبَعْدَ البَعْثِ مُحَاسَبُونَ وَمَجْزِيُّونَ بِأَعْمَالِهِمْ.
وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ ليَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالحُسْنَى} [النجم:31].
وَمَنْ كَذَّبَ بِالبَعْثِ كَفَرَ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ} [التغابن:7].

هنا
وأرسل الله جميع الرسل مبشرين ومنذرين والدليل قوله تعالى "رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لئَلا يَكُونَ للنَّاسِ عَلى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُل"

وأولهم نوح عليه السلام وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم وهو خاتم النبيين . والدليل على أن أولهم نوح عليه السلام قوله تعالى "إِنَّا أَوْحَيْنَا إِليْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِه"

وكل أمة بعث الله إليها رسولاً من نوح إلي محمد يأمرهم بعبادة الله وحده وينهاهم عن عبادة الطاغوت والدليل قوله تعالى "وَلقَدْ بَعَثْنَا فِي كُل أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ " .

وافترض الله على جميع العباد الكفر بالطاغوت والإيمان بالله ، قال ابن القيم رحمه الله تعالى "الطاغوت ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع "

والطواغيت كثيرون ، ورؤوسهم خمسة: إبليس لعنه الله ، ومن عُبد وهو راض ، ومن دعا الناس إلي عبادة نفسه ، ومن ادعى شيئاً من علم الغيب ، ومن حكم بغير ما أنزل الله والدليل قوله تعالى (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى لا انْفِصَامَ لهَا وَاللهُ سَمِيعٌ عَليمٌ) وهذا هو معنى ( لا إله إلا الله )

وفي الحديث " رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله " والله أعلم .
هنا

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 02-25-2013 الساعة 11:46 PM