عرض مشاركة واحدة
  #19  
قديم 12-25-2013, 06:18 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
{17} ﴿وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًاأي: حفظهم الله من الشمس فيسر لهم غارا إذا طلعت الشمس تميل عنه يمينا، وعند غروبها تميل عنه شمالا فلا ينالهم حرها فتفسد أبدانهم بها، ( وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ) أي: من الكهف أي: مكان متسع، وذلك ليطرقهم الهواء والنسيم، ويزول عنهم الوخم والتأذي بالمكان الضيق، خصوصا مع طول المكث، وذلك من آيات الله الدالة على قدرته ورحمته بهم، وإجابة دعائهم وهدايتهم حتى في هذه الأمور، ولهذا قال: ( مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ ) أي: لا سبيل إلى نيل الهداية إلا من الله، فهو الهادي المرشد لمصالح الدارين، ( وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا ) أي: لا تجد من يتولاه ويدبره، على ما فيه صلاحه، ولا يرشده إلى الخير والفلاح، لأن الله قد حكم عليه بالضلال، ولا راد لحكمه.

تفسير السعدي
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى { وَتَرَى الشَّمْس إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفهمْ ذَات الْيَمِين } يَقُول تَعَالَى ذِكْره { وَتَرَى الشَّمْس } يَا مُحَمَّد { إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفهمْ ذَات الْيَمِين } يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { تَزَاوَرُ } : تَعْدِل وَتَمِيل , مِنْ الزِّوَر : وَهُوَ الْعِوَج وَالْمَيْل ; يُقَال مِنْهُ : فِي هَذِهِ الْأَرْض زَوَر : إِذَا كَانَ فِيهَا اِعْوِجَاج , وَفِي فُلَان عَنْ فُلَان اِزْوِرَار , إِذَا كَانَ فِيهِ عَنْهُ إِعْرَاض ; وَمِنْهُ قَوْل بِشْر بْن أَبِي خَازِم : يَؤُمّ بِهَا الْحُدَاة مِيَاه نَخْل وَفِيهَا عَنْ أَبَانِينِ اِزْوِرَار يَعْنِي : إِعْرَاضًا وَصَدًّا . وَقَدْ اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَمَكَّة وَالْبَصْرَة : " تَزَّاوَرُ " بِتَشْدِيدِ الزَّاي , بِمَعْنَى : تَتَزَاوَر بِتَاءَيْنِ , ثُمَّ أُدْغِمَ إِحْدَى التَّاءَيْنِ فِي الزَّاي , كَمَا قِيلَ : تَظَّاهَرُونَ عَلَيْهِمْ . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ : { تَزَاوَرُ } بِتَخْفِيفِ التَّاء وَالزَّاي , كَأَنَّهُ عَنَى بِهِ تَفَاعُل مِنْ الزَّوَر . وَرُوِيَ عَنْ بَعْضهمْ : " تَزْوَرّ " بِتَخْفِيفِ التَّاء وَتَسْكِين الزَّاي وَتَشْدِيد الرَّاء مِثْل تَحْمَرّ , وَبَعْضهمْ : " تَزْوَارّ " مِثْل تَحْمَارّ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي قِرَاءَة ذَلِكَ عِنْدنَا أَنْ يُقَال : إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ , أَعْنِي { تَزَاوَرُ } بِتَخْفِيفِ الزَّاي , و { تَزَّاوَرُ } بِتَشْدِيدِهَا مَعْرُوفَتَانِ , مُسْتَفِيضَة الْقِرَاءَة بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا فِي قُرَّاء الْأَمْصَار , مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب الصَّوَاب . وَأَمَّا الْقِرَاءَتَانِ الْأُخْرَيَانِ فَإِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ لَا أَرَى الْقِرَاءَة بِهِمَا , وَإِنْ كَانَ لَهُمَا فِي الْعَرَبِيَّة وَجْه مَفْهُوم , لِشُذُوذِهِمَا عَمَّا عَلَيْهِ قُرَّاء الْأَمْصَار . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل قَوْله { تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفهمْ } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17283 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن أَبِي الْوَضَّاح , عَنْ سَالِم الْأَفْطَس , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : { وَتَرَى الشَّمْس إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفهمْ ذَات الْيَمِين } قَالَ : تَمِيل . 17284 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : حدثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : حد ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفهمْ ذَات الْيَمِين } يَقُول : تَمِيل عَنْهُمْ . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : حدثني أَبِي , قَالَ : حدثني عَمِّي , قَالَ : حد ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَتَرَى الشَّمْس إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفهمْ ذَات الْيَمِين وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَات الشِّمَال } يَقُول : تَمِيل عَنْ كَهْفهمْ يَمِينًا وَشِمَالًا . 17285 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَتَرَى الشَّمْس إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفهمْ ذَات الْيَمِين } يَقُول : تَمِيل ذَات الْيَمِين , تَدَعهُمْ ذَات الْيَمِين . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفهمْ ذَات الْيَمِين } قَالَ : تَمِيل عَنْ كَهْفهمْ ذَات الْيَمِين . 17286 - حُدِّثْت عَنْ يَزِيد بْن هَارُون , عَنْ سُفْيَان بْن حُسَيْن , عَنْ يَعْلَى بْن مُسْلِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : لَوْ أَنَّ الشَّمْس تَطْلُع عَلَيْهِمْ لَأَحْرَقَتْهُمْ , وَلَوْ أَنَّهُمْ لَا يُقَلَّبُونَ لَأَكَلَتْهُمْ الْأَرْض , قَالَ : وَذَلِكَ قَوْله : { وَتَرَى الشَّمْس إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفهمْ ذَات الْيَمِين وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَات الشِّمَال } . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سِنَان الْقَزَّاز , قَالَ : ثنا مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن مُسْلِم بْن أَبِي الْوَضَّاح , عَنْ سَالِم الْأَفْطَس , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : { تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفهمْ } تَمِيل .

{17} وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا وَقَوْله : { وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَات الشِّمَال } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِذَا غَرَبَتْ الشَّمْس تَتْرُكهُمْ مِنْ ذَات شِمَالهمْ . وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَام : وَتَرَى الشَّمْس إِذَا طَلَعَتْ تَعْدِل عَنْ كَهْفهمْ , فَتَطْلُع عَلَيْهِ مِنْ ذَات الْيَمِين , لِئَلَّا تُصِيب الْفِتْيَة , لِأَنَّهَا لَوْ طَلَعَتْ عَلَيْهِمْ قُبَالهمْ لَأَحْرَقَتْهُمْ وَثِيَابهمْ , أَوْ أَشْحَبَتْهُمْ . وَإِذَا غَرَبَتْ تَتْرُكهُمْ بِذَاتِ الشِّمَال , فَلَا تُصِيبهُمْ ; يُقَال مِنْهُ : قَرَضْت مَوْضِع كَذَا : إِذَا قَطَعْته فَجَاوَزْته . وَكَذَلِكَ كَانَ يَقُول بَعْض أَهْل الْعِلْم بِكَلَامِ الْعَرَب مِنْ أَهْل الْبَصْرَة . وَأَمَّا الْكُوفِيُّونَ فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ الْمُحَاذَاة , وَذَكَرُوا أَنَّهُمْ سَمِعُوا مِنْ الْعَرَب قَرَضْته قُبُلًا وَدُبُرًا , وَحَذَوْته ذَات الْيَمِين وَالشِّمَال , وَقُبُلًا وَدُبُرًا : أَيْ كُنْت بِحِذَائِهِ ; قَالُوا : وَالْقَرْض وَالْحَذْو بِمَعْنًى وَاحِد . وَأَصْل الْقَرْض : الْقَطْع , يُقَال مِنْهُ : قَرَضْت الثَّوْب : إِذَا قَطَعْته ; وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمِقْرَاضِ : مِقْرَاض , لِأَنَّهُ يَقْطَع ; وَمِنْهُ قَرَضَ الْفَأْر الثَّوْب ; وَمِنْهُ قَوْل ذِي الرِّمَّة : إِلَى ظُعْن يَقْرِضْنَ أَجْوَاز مُشْرِف شِمَالًا وَعَنْ أَيْمَانهنَّ الْفَوَارِس يُعْنَى بِقَوْلِهِ : يَقْرِضْنَ : يَقْطَعْنَ . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17287 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثني أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَات الشِّمَال } يَقُول : تَذَرهُمْ . 17288 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن أَبِي الْوَضَّاح , عَنْ سَالِم الْأَفْطَس , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ { وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ } تَتْرُكهُمْ ذَات الشِّمَال . 17289 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { تَقْرِضُهُمْ } قَالَ : تَتْرُكهُمْ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 17290 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَات الشِّمَال } يَقُول : تَدَعهُمْ ذَات الشِّمَال . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { تَقْرِضُهُمْ ذَات الشِّمَال } قَالَ : تَدَعهُمْ ذَات الشِّمَال . * - حَدَّثَنَا اِبْن سِنَان الْقَزَّاز , قَالَ : ثنا مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن مُسْلِم بْن أَبِي الْوَضَّاح عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر { وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ } قَالَ : تَتْرُكهُمْ .
{17} وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا وَقَوْله : { وَهُمْ فِي فَجْوَة مِنْهُ } يَقُول : وَالْفِتْيَة الَّذِينَ أَوَوْا إِلَيْهِ فِي مُتَّسَع مِنْهُ يُجْمَع : فَجَوَات , وَفِجَاء مَمْدُودًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذَكَرَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17291 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَهُمْ فِي فَجْوَة مِنْهُ } يَقُول : فِي فَضَاء مِنْ الْكَهْف , قَالَ اللَّه : { ذَلِكَ مِنْ آيَات اللَّه } . 17292 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن أَبِي الْوَضَّاح , عَنْ سَالِم الْأَفْطَس , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر { وَهُمْ فِي فَجْوَة مِنْهُ } قَالَ : الْمَكَان الدَّاخِل . 17293 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد { وَهُمْ فِي فَجْوَة مِنْهُ } قَالَ : الْمَكَان الذَّاهِب . * - حَدَّثَنِي اِبْن سِنَان , قَالَ : ثنا مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن مُسْلِم أَبُو سَعِيد بْن أَبِي الْوَضَّاح , عَنْ سَالِم الْأَفْطَس , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر { فِي فَجْوَة مِنْهُ } قَالَ : فِي مَكَان دَاخِل .
{17} وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا وَقَوْله : { ذَلِكَ مِنْ آيَات اللَّه } يَقُول عَزَّ ذِكْره : فَعَلْنَا هَذَا الَّذِي فَعَلْنَا بِهَؤُلَاءِ الْفِتْيَة الَّذِينَ قَصَصْنَا عَلَيْكُمْ أَمْرهمْ مِنْ تَصْيِيرِنَاهُمْ , إِذْ أَرَدْنَا أَنْ نَضْرِب عَلَى آذَانهمْ بِحَيْثُ تَزَاوَرُ الشَّمْس عَنْ مَضَاجِعهمْ ذَات الْيَمِين إِذَا هِيَ طَلَعَتْ , وَتَقْرِضُهُمْ ذَات الشِّمَال إِذَا هِيَ غَرَبَتْ , مَعَ كَوْنهمْ فِي الْمُتَّسَع مِنْ الْمَكَان , بِحَيْثُ لَا تُحْرِقهُمْ الشَّمْس فَتُشْحِبُهُمْ , وَلَا تَبْلَى عَلَى طُول رَقْدَتهمْ ثِيَابهمْ , فَتَعْفَنُ عَلَى أَجْسَادهمْ , مِنْ حُجَج اللَّه وَأَدِلَّته عَلَى خَلْقه , وَالْأَدِلَّة الَّتِي يُسْتَدَلّ بِهَا أُولُو الْأَلْبَاب عَلَى عَظِيم قُدْرَته وَسُلْطَانه , وَأَنَّهُ لَا يُعْجِزهُ شَيْء أَرَادَهُ .
{17} وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا وَقَوْله { مَنْ يَهْدِ اللَّه فَهُوَ الْمُهْتَد } يَقُول عَزَّ وَجَلَّ : مَنْ يُوَفِّقهُ اللَّه لِلِاهْتِدَاءِ بِآيَاتِهِ وَحُجَجه إِلَى الْحَقّ الَّتِي جَعَلَهَا أَدِلَّة عَلَيْهِ , فَهُوَ الْمُهْتَدِي . يَقُول : فَهُوَ الَّذِي قَدْ أَصَابَ سَبِيل الْحَقّ . { وَمَنْ يُضْلِلْ } يَقُول : وَمَنْ أَضَلَّهُ اللَّه عَنْ آيَاته وَأَدِلَّته , فَلَمْ يُوَفِّقهُ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهَا عَلَى سَبِيل الرَّشَاد { فَلَنْ تَجِد لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا } يَقُول : فَلَنْ تَجِد لَهُ يَا مُحَمَّد خَلِيلًا وَحَلِيفًا يُرْشِدهُ لِإِصَابَتِهَا , لِأَنَّ التَّوْفِيق وَالْخِذْلَان بِيَدِ اللَّه , يُوَفِّق مَنْ يَشَاء مِنْ عِبَاده , وَيَخْذُل مَنْ أَرَادَ ; يَقُول : فَلَا يَحْزُنك إِدْبَار مَنْ أَدْبَرَ عَنْك مِنْ قَوْمك وَتَكْذِيبهمْ إِيَّاكَ , فَإِنِّي لَوْ شِئْت هَدَيْتهمْ فَآمَنُوا , وَبِيَدِي الْهِدَايَة وَالضَّلَال .
تفسير ابن كثير

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 01-01-2014 الساعة 05:48 AM
رد مع اقتباس