عرض مشاركة واحدة
  #69  
قديم 09-27-2018, 01:32 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,023
Haedphone

*المثال الخامس عشر
قوله تعالى في الحديث القدسي"يا ابن آدم، مرضت فلم تعدني". الحديث.
وهذا الحديث رواه مسلم في باب فضل عيادة المريض من كتاب البر والصلة والآداب رقم 43 ص1990 ،ترتيب محمد فؤاد عبد الباقي، رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يقولُ ، يومَ القيامةِ : يا بنَ آدمَ ! مرِضتُ فلم تعُدْني . قال : يا ربِّ ! كيف أعودُك ؟ وأنت ربُّ العالمين . قال : أما علمتَ أنَّ عبدي فلانًا مرِض فلم تعدْه . أما علمتَ أنَّك لو عدتَه لوجدتني عنده ؟ يا بنَ آدم ! استطعمتُك فلم تُطعمْني . قال : يا ربِّ ! وكيف أُطعِمُك ؟ وأنت ربُّ العالمين . قال : أما علمتَ أنَّه استطعمك عبدي فلانٌ فلم تُطعِمْه ؟ أما علمتَ أنَّك لو أطعمتَه لوجدتَ ذلك عندي ؟ يا بنَ آدمَ ! استسقيتُك فلم تَسقِني . قال : يا ربِّ ! كيف أسقِيك ؟ وأنت ربُّ العالمين . قال : استسقاك عبدي فلانٌ فلم تَسقِه . أما إنَّك لو سقَيْتَه وجدتَ ذلك عندي"رواه مسلم –كتاب البر والصلة.
الشرح
طيب هؤلاءِ ما قالوا ظاهرَ الحديثِ؟ ظاهرُ الحديثِ أنَّ اللهَ يمرضُ وأنَّ اللهَ يحتاجُ إلى الطعام ويحتاجُ إلى الشرابِ.قالوا:هذا ظاهرُالحديثِ فهل أنتم يا أهلَ السُنةِ تقولون - بهذا-؟
الجواب:لأ لكننا لانقولُ إنَّ هذا ظاهِرُ الحديثِ.لكن هم يقولون بل هذا ظاهرُ الحديثِ من أجل أن يُلزمونا بأننا أوَّلنا.وتأمل هذا الحديث فيه فوائدٌ عظيمة

أولًا: أنَّ اللهَ تعالى قال"يا ابن آدم مرضتُ فلم تعدني" قال:يارب كيفَ أعودكَ وأنتَ ربُ العالمين؟ما قال: كيفَ تمرضُ وأنتَ ربُ العالمين؟ وهذا من بابِ الأدبِ لأن المرضَ ليس من شأنِ العائدِ.اللي من شأن العائدِ وفعلِهِ هوالعيادة فلهذا قال:كيف أعودَك وأنتَ ربَ العالمين.يعني فأنتَ لستَ بحاجةٍ إليَّ ففعلي هذا لا تحتاجُ إليهِ فهو إنما دافعَ هذا الرجلُ دافَعَ عن فعلهِ هو عن نفسِهِ وما يُمكن أن يكون تقصيرًا له.كذلك في الاستطعام قال"استطعمتُكَ فلم تُطعمني" قال:يارب وكيفَ أُطعمُكَ وأنتَ ربُ العالمين؟ ولم يقل: يارب كيف تستطعِمُني وأنتَ ربُ العالمين؟ ولكن قال: كيف أُطعمُكَ وأنتَ ربُ العالمين؟ فدافع عن فعله لاعن أنَّ اللهَ تعالى يستطعم.يقول "يا ابن آدم استسقيتك فلم تُسقني"قال:يارب كيف أُسقيكَ وأنت ربُ العالمين؟ فدافع أيضًا عن فعل نفسه.وقد يُقالُ إنه عَدَّلَ عن قوله كيف تمرض؟ كيف تحتاجُ إلى طعام؟ كيفَ تحتاجُ لشرابٍ لأنَّ هذا أمرٌ معلومٌ لأنه مستحيلٌ على الله عز وجل لكن العِيادة َوالإطعامَ والسَّقيَ مستحيلٌ ولاَّ غيرُ مستحيلٍ؟غير مستحيلٍ بالنسبةِ لفعلِ الفاعلِ فدافعَ عنه.ثم تأمل الحديثَ في المرضِ: قال"لوعدتَهُ لوجدتني عنده". في الطعام: قال "لوأطعمتَهُ لوجدتَ ذلك عندي". في السَّقي:قال "لوسقيتَهُ لوجدتَ ذلك عندي".
لماذا فَرَقَ؟ لأن المريضَ يكونُ في حالِ ضعفٍ وفي حال انكسارٍ واللهُ-سبحانه وتعالى-عندَ المُنكَسِرَةِ قلوبُهم عندَ الضعفاءِ فلهذا كانَ اللهُ تعالى عندَ المريضِ أما الطعام والشراب فإنَّ الطعامَ والشرابَ إنفاقٌ؛ والإنفاقُ يجدهُ الإنسانُ عندَاللهِ-عزوجل-"مثلُ الذينَ يُنفِقونَ أموالَهُم في سبيلِ اللهِ كمثلِ حبةٍ أنبتت سبعَ سنابلَ في كلِ سُنبلةٍ مئة ُحبةٍ" نعم نرجع الآن إلى الردعلى هؤلاءِ
المتن
والجواب: أن السلف أخذوا بهذا الحديث ولم يصرفوه عن ظاهره بتحريف يتخبطون فيه بأهوائهم، وإنما فسروه بما فسره به المتكلم به، فقوله تعالى في الحديث القدسي: "مرضت واستطعمتك واستسقيتك" بينه الله تعالى بنفسه حيث قال: "أما علمت أن عبدي فلان مرض، وأنه استطعمك عبدي فلان. واستسقاك عبدي فلان". وهو صريح في أن المرادَ به مرضُ عبد من عباد الله، واستطعام عبد من عباد الله، واستسقاء عبد من عباد الله، والذي فسره بذلك هو الله المتكلم به وهو أعلم بمراده، فإذا فسرنا المرض المضاف إلى الله والاستطعام المضاف إليه والاستسقاء المضاف إليه، بمرض العبد واستطعامه واستسقائه لم يكن في ذلك صرف الكلام عن ظاهره؛ لأن ذلك تفسير المتكلِّم به فهو كما لو تكلم بهذا المعنى ابتداءً. وإنما أضاف الله ذلك إلى نفسه أولاً ؛للترغيب والحثِ عليه كقوله تعالى "مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ" البقرة 245
الشرح
مع أنَّ الذي يتصدق هل هو يُقرضُ الله؟ لأ إنما يُعطي الفقير لكن سماهُ اللهُ تعالى إقراضًا له من باب الترغيبِ والحثِ وبيان أنَّ هذا لابدَ أن يُثابَ عليه كالمُقرِض لابدَ أن يُوفَى.الحاصلُ أننا نحن إذا قلنا المرادُ بمرضتُ أي مَرِضَ عبدي واستطعمتُك أي استطعمَكَ عبدي واستسقيتُكَ أي استسقاكَ عبدي إذا قلنا بهذا فهل نحنُ أوَّلنا الحديثَ؟ أو نحنُ قلنا بما فسَرَهُ به مَنْ تكلمَ به؟ الثاني.
وإذا قلنا بما فسرهُ المتكلمُ فكأنما قلنا بكلامٍ ابتدائي أي لو ابتدأ اللهُ وقال "مرِضَ عبدي فلم تُعِدهُ,استطعمكَ عبدي فلم تُطعِمْهُ واستسقاكَ فلم تُسْقِهِ"لوكنا نقولُ بهذا.إذن مادامَ فَسَرَ مرضتُ واستطعمتُكَ واستسقيتُك بمعنى مَرِضَ عبدي واستطعمَكَ واستسقاكَ؛ فنحنُ لم نُخرجْ الحديثَ عن معناه الذي أرادَهُ به المتكلم.
المتن
وهذا الحديث من أكبر الحجج الدامغة لأهل التأويل الذين يحرفون نصوص الصفات عن ظاهرها بلا دليل من كتاب الله تعالى ولا من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإنما يحرفونها بشبه باطلة هم فيها متناقضون مضطربون. إذ لو كان المراد خلاف ظاهرها كما يقولون لبينه الله تعالى ورسوله، ولو كان ظاهرُها ممتنعًا على الله - كما زعموا - لبينه الله ورسوله كما في هذا الحديث. ولو كان ظاهرها اللائق بالله ممتنعًا على الله لكان في الكتاب والسنة من وصف الله تعالى بما يمتنع عليه ما لا يحصى إلا بكُلْفَة، وهذا من أكبر المحال.
الشرح
نقول هذا الحديث دليلٌ دامغٌ وحُجة ٌ ظاهرة ٌ على هؤلاءِ المُحرِّفين لنصوصِ الكتابِ والسُنةِ في بابِ الصفاتِ.لأننا نقول:لوكانَ المُرادُ خِلافَ ظاهرِها لبيَّنَهُ اللهُ كما بيَّنهُ في هذا الحديثِ.هذا الحديث لما كانَ المُرادُ غيرَظاهرهِ بيَّنهُ الله-عزوجل-ولوكان ظاهِرُهُ ممتنعًا على اللهِ كما زعموا لبيَّنَهُ اللهُ ورسولُهُ كما في هذا الحديثِ.فاليدُ مثلاً يقولون:يمتنِعُ أن يكون لله يد الحقيقية.نقول:لوكان هذا ممتنعًا لبيَّنهُ اللهُ لِئَلا نعتقدَ فيهِ ماهو ممتنعٌ.طيب وإذا قلنا:إنَّ ظاهِرَها خِلافُ المعنى اللائقُ باللهِ وهو الاحتمالُ الثالث.لوقلنا:إنَّ ظاهِرَها ممتنِعٌ على اللهِ لكان في الكتابِ والسُنةِ مِنْ وصفِ اللهِ بما يمتنعُ عليه مالا يُحصى إلابكلفَةٍ صح ولا لأ؟ لأن الصفاتِ التي في الكتابِ والسُنةِ كثيرة فإذا قلنا أن بظاهرِها ممتنعٌ؛صارَ في الكتابِ والسُنةِ مما يمتنعُ على اللهِ الشيءُ الكثير.مثلاً الاستواء بمعناه الحقيقي ممتنعٌ اليد بمعناها الحقيقي ممتنعة ٌ الوجهُ ممتنعٌ الرضا ممتنعٌ وهكذا بقيةُ الصفاتِ إذن في الكتابِ والسُنةِ مِنْ ذِكرِ ماهو ممتنعٌ على اللهِ ونُسِبَ إليهِ ما هوكثيرٌ وهذا بلاشكٍ ظاهرُ البُطلانِ.كلُ مَنْ تأمله يعلمُ أنه باطلٌ ومن أبطلِ الباطلِ.
المتن
ولنكتف بهذا القدر من الأمثلة لتكون نبراسًا لغيرها، وإلا فالقاعدة عند أهل السنة والجماعة معروفة، وهي إجراء آيات الصفات وأحاديثها على ظاهرها من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل.
وقد تقدم الكلام على هذا مستوفى في قواعد نصوص الصفات. والحمد لله رب العالمين.
رد مع اقتباس