عرض مشاركة واحدة
  #66  
قديم 09-26-2018, 05:08 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,023
Haedphone

*المثال الثالث عشر
قوله تعالى"أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا" يس 71.
الشرح
أهلُ التعطيل يقولون:إنكم أهلَ السُنةِ صرفتم هذه الآية َ عن ظاهرها فإذا سوَّلت لكم أنفسُكم أن تصرفوا هذه الآية َعن ظاهرها فلماذا تُنكرون علينا صرف الآيات الأخرى عن ظاهرها؟ وهل البابُ إلا واحدٌ؟. قلنا لهم:ما ظاهِرُها؟ قالوا:ظاهرها أنَّ اللهَ تعالى ما خلق الأنعام كالإبل بل خلقها بيده كما خلقَ آدمَ بيدهِ لأنه قال "مماعَمِلت أيدينا أنعامًا"فهوكقوله:"لِمَا خلقتُ بيدي". هكذا زعموا أن هذا ظاهِرُ الآيةِ.ونحنُ نقولُ ليس هذا ظاهرُ الآيةِ لوجهين:الوجه الأول.
المتن
والجواب: أن يقال: ما هو ظاهر هذه الآية وحقيقتها حتى يقال إنها صرفت عنه؟
هل يقال: إن ظاهرها أن الله تعالى خلق الأنعام بيده كما خلق آدم بيده؟
أو يقال: إن ظاهرها أن الله تعالى خلق الأنعام كما خلق غيرها لم يخلقها بيده لكن إضافة العمل إلى اليد والمراد صاحبها معروف في اللغة العربية التي نزل بها القرآن الكريم.
أما القول الأول فليس هو ظاهر اللفظ لوجهين:
أحدهما: أن اللفظ لا يقتضيه بمقتضى اللسان العربي الذي نزل به القرآن، ألا ترى إلى قوله تعالى: "وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ"الشورى 30، وقوله: "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" الروم 41، وقوله: "ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُم"آل عمران 182. فإن المراد ما كسبه الإنسان نفسه وما قدمه وإن عمله بغير يده بخلاف ما إذا قال: عملته بيدي كما في قوله تعالى"فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ"البقرة 79. فإنه يدل على مباشرة الشيء باليد.
الشرح
أظنُ الفرقَ بين الصيغتين ظاهرٌ؟ تقول:عملتُهُ بيدي فيقتضي مباشرته باليدِ.لكن بما كسبت أيدينا وما أشبه ذلك لايدلُ على أن المرادَ مباشرتُهُ باليدِ.ولهذا نقول:عملُ الناس هل هو باليد؟ اوباليد والرجْل والعين والأذن وغير ذلك من الجوارح؟. الثاني. ولهذا قوله تعالى"بما كسبت أيدي الناس","فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ",بما قدمت أيديكم"المُرادُ بما قدَّمتم؛ سواءٌ عملتموه باليدِ أوعملتموه بالرجل أوعملتموه بالأذن أو عملتموه بالعين أو عملتموه بالأنف أوعملتموه بالفم أوعملتموه بالرأس أو بالصدر أوبالظهر.تستقيم هذه الأمثلة أم ماتستقيم؟كلها تستقيم.عملتموه باليد بالبطش كالاعتداء على شخص بالضرب,بالرجل بالمشي كالمشي إلى الأشياء المحرمة أو الرَّكل بالرجل هذا عملٌ بالرجل.,بالعين:النظر المحرم, بالأذن:السماع المحرم, باللسان:الكلام المحرم, بالرأس عَفهُ برأسه,بالظهر: يُدبرعليه بظهره,الأنف:بالشم يشم الرائحة الطيبة من امرأةٍ لاتحِلُ له,كذلك أيضًا بالصدر:يرُصًّه بصدره مثلًا.على كل حال كلُ هذا ممكنٌ فالعمل لايختصُ باليد فقوله" بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ","فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ"," بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ"المرادُ إيش؟ بما كسبوا سواءٌ عن طريق اليد أو عن طريق الرجل أوغير ذلك.فهذه الصيغة لا تدلُ على مباشرةِ الشيءِ باليد خاصة ًبل تُضافُ إلى الإنسان؛ بل يُرادُ بها الإنسانَ نفسَه.فإذا قال قائلٌ:إذا كان المرادُ بها الإنسان نفسَهُ؛ فلماذا أضيفت إلى اليد؟ نقول لأن الغالب أن العملَ يكونُ باليدِ.الأعمالُ التي يُزاولها الإنسانُ أكثرُ مايكونُ باليدِ:الكتابة ُباليد,الربط ُباليد, الفكُ باليد,الصناعة ُباليد والأكلُ باليد وغيرُذلكَ.أكثرُ الأعمالِ تُزاولُ باليدِ فلهذا أُضيفت الأعمالُ إليها بِنَاءً على الغالبِ والكثرةِ.والتقييدُ بالأغلبِ والكثرةِ لايدل ُ على التخصيص. إذن نرجعُ إلى قوله تعالى" مِّمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا"لم يقل:مماعَمِلنا بأيدينا".لوقال مما عملنا بأيدينا أنعاماً لكانَ اللهُ تعالى خلقها بيدهِ لكن قال" مِّمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا" المعنى مماعملنا؛ فهو كقوله"مِمَّا خَلَقْنَا "نعم" لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا "الفرقان49 "فالمرادُ أنَّ هذه الأنعامَ عمِلها اللهُ-عزوجل-بنفسهِ يعني خلقها؛ وليس المعنى أنه عملها بيده أي خلقها بيده لأن هذا اللفظ َلايقتضيه في اللغةِ العربيةِ.
رد مع اقتباس