عرض مشاركة واحدة
  #64  
قديم 09-26-2018, 03:42 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,023
المتن
الوجه الثاني: أن سمع الولي وبصره ويده ورجله كلُّها أوصاف أو أجزاء في مخلوق حادث بعد أن لم يكن، ولا يمكن لأي عاقل أن يفهم أن الخالق الأول الذي ليس قبله شيء يكون سمعًا وبصرًا ويدًا ورجلاً لمخلوق،....
الشرح
سمعُ الإنسانِ حادثٌ,بصره,يده,رجله هل يُمكن أن يكونَ الخالقُ الأولُ الذي ليس قبله شيءٌ؛يُمكن ان يكون هذا الشيءُ الحادثُ!!.هذا شيءٌ مستحيلٌ غاية َ الاستحالة.وماكان مستحيلًا فلا يمكن أن يكونَ ظاهرَ الحديثِ ولا ظاهرَ القرآن لأن المُستحيل على اسمه مُمتنعُ الوجودِ.فهل يدلُ القرآن والسُنة على شيءٍ مستحيلٍ لاسيما بما يتعلق بجناب الرب-عزوجل-؟ الجواب:لا يمكن وبهذا علمنا من حيثُ اللفظ ومن حيثُ المعنى أن هذا الحديثَ ليس ظاهرهُ أنَّ اللهَ يكونُ سمعَ الوليِّ أوبصره أويده أورجله.بل يقول
المتن
ولا يمكن لأي عاقل أن يفهم أن الخالق الأول الذي ليس قبله شيء يكون سمعًا وبصرًا ويدًا ورجلاً لمخلوق، بل إن هذا المعنى تشمئز منه النفس أن تتصوره، ويحسر اللسان أن ينطق به ولو على سبيل الفرض والتقدير، فكيف يسُوغ أن يقال: إنه ظاهر الحديث القدسي وأنه قد صرف عن هذا الظاهر، سبحانك اللهم وبحمدك لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك.
الشرح
أقولُ هذا صحيحٌ لا يمكن لأيِّ عاقلٍ أن يتصور أن يكونَ اللهُ تعالى رِجْلاً أو أن يكون يدًا حاشاه وكلا.بل إن الإنسانَ يكادُ لاينطقُ به ولو على سبيلِ الفرض؛ وحينئذٍ يتبيَّن أنَّ دعواهم أنَّ ظاهرَ الحديثِ؛ أن يكونَ اللهُ رجْلَ الوليِّ ويدَهُ وسمعَهُ وبصرَهُ؛دعوى باطلة ٌ لاتمسُّ إلى الحقيقة َبصلة لكن هم يموهون على العوام ويقولون:إنَّ أهلَ السُنةِ يُشَنِعون علينا التأويل وهم يتأوَّلون؛ ونحنُ نقول هذ اليس بتأوِّلٍ لأن هذا الظاهرَ الذي ادعيتموه لايمكن أنَّ يكونَ ظاهرُ الحديثِ لأنه معنى باطل والمعنى الباطل لايمكن أن يكون ظاهر الكلام الحق .
المتن
وإذا تبين بطلان القول الأول وامتناعه تعين القول الثاني وهو أن الله تعالى يسدد هذا الولي في سمعه وبصره وعمله بحيث يكون إدراكه بسمعه وبصره وعمله بيده ورجله كله لله تعالى إخلاصًا، وبالله تعالى استعانة، وفي الله تعالى شرعًا واتباعًا، فيتم له بذلك كمال الإخلاص والاستعانة والمتابعة وهذا غاية التوفيق، وهذا ما فسره به السلف، وهو تفسير مطابق لظاهر اللفظ موافق لحقيقته متعين بسياقه، وليس فيه تأويل ولا صرف للكلام عن ظاهره، ولله الحمد والمنة.
الشرح
أظن هذا واضِحٌ.فصار دعوى أنَّ ظاهِرَ الحديثِ أنَّ اللهَ يكونُ سمعَ الوليِّ وبصره ويدَه ورِجْلَهُ دعوى باطلة ٌ يُبطِلها ما ذكرنا من الوجهينِ.وإذابَطلت تعَيَّنَ أن يكون معنى الحديث أنَّ اللهَ يُسدده بسمعه وبصره ويده ورجْلِه؛ بحيثُ يكونُ سمعُهُ وبصرُهُ وبطشُهُ بيدِهِ ومشيُهُ برجْلِه ؛كله لله وبالله وفي الله.وهذا لاشك أنَّهُ غاية ٌ تامة ٌ لكلِ مَنْ أرادَ الوصولَ إلى ربهِ. ما أكثرَ مايكونُ سمعُنا لغيرِ الله:قد نسمعُ أشياءً نُنصِتُ إليها لغيرِ اللهِ ولكن خوفًا من هذا المخلوق أوخوفًا من أن يُعابَ علينا فيُقالُ هذا الرجلُ لايستمعُ إلى كلام هذا الواعِظِ مثلا فلايكونُ سمعنا لله. وكثيرًا مايكونُ سمعُنا بغيرِ الله: أي أنَّ الإنسانَ يفتَخِرُ بنفسِهِ ويستبِدُ بنفسِهِ ولايُلقي بالًا لمعونةِ اللهِ تعالى له. وتارة ًيكونُ سمعُنا في غيرِ الله-عزوجل-فنسمعُ الشيءَ المُحرمَ واللهو وتضيعُ أوقاتُنا بذلك.لكن إذا سددَ اللهُ الإنسانَ وكان سمعُهُ لله وفي الله وبالله وكذلك بصرُهُ وكذلك بطشُهُ ومشيُه حصَّلَ بذلكَ السعادة َ والتوفيق.
رد مع اقتباس