عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 01-07-2014, 06:24 PM
متفائلة بنصر الله متفائلة بنصر الله غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Dec 2013
المشاركات: 7
جزاك الله خيرا
قال ابن القيّم رحمه الله في " النّونيّة ":

وهو الحكيم، وذاك من أوصافه *** نوعان أيضا ما هما عدمان

حُكم وإحكـام فكلّ منهـما *** نوعـان أيضا ثابتا البرهان

ويقصد بقوله " الإحكام نوعان أيضا "، ما ذكره السّعدي رحمه الله فقال:

" وحكمته عزّ وجلّ نوعان:

أحدهما: الحكمة في خلقه: فإنّه خلق الخلق بالحقّ، وكان غايته والمقصود به الحقّ، خلق المخلوقات كلّها بأحسن نظام، ورتّبها أكمل ترتيب، وأعطى كلّ مخلوق خلقه اللاّئق به، بل أعطى كلّ جزء من أجزاء المخلوقات، وكلّ عضو من أعضاء الحيوانات خلقته وهيئته، فلا يرى أحد من خلقه خللا ولا نقصا ولا فطورا.

فلو اجتمعت عقول الخلق من أوّلهم إلى آخرهم ليقترحوا مثل خلق الرّحمن أو ما يقارب ما أودعه في الكائنات من الحسن والانتظام والإتقان لم يقدروا، وأنّى لهم القدرة على شيء من ذلك..

وقد تحدّى عباده أن ينظروا ويكرّروا النّظر والتأمّل هل يجدون في خلقه خللا أو نقصا ؟ وأنّه لا بدّ أن ترجع الأبصار كليلة عاجزة عن الانتقاد على شيء من مخلوقاته. يشير إلى قوله تعالى:{الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ (4)}.

النّوع الثّاني: الحكمة في شرعه وأمره: فإنّه تعالى شرع الشّرائع وأنزل الكتب، فهل هناك كرم أعظم من هذا ؟!

فإنّ معرفته تعالى، وعبادته وحده لا شريك له، وإخلاص العمل له، وحمده وشكره والثّناء عليه أفضل العطايا منه لعباده على الإطلاق .. كما أنّها هي السّبب الوحيد للوصول إلى السّعادة الأبديّة والنّعيم الدّائم، فلو لم يكن في شرعه، وأمره إلاّ هذه الحكمة العظيمة الّتي هي أصل الخيرات وأكمل اللّذّات لكانت كافية شافية.

هذا وقد اشتمل شرعه ودينه على كلّ خير، فأخباره تملأ القلوب علما ويقينا وإيمانا وعقائد صحيحة، وتستقيم بها القلوب، ويزول انحرافها، وتُثمر كلّ خُلُق جميل، وعمل صالح وهدى ورشد.

ونواهيه محتوية على غاية الحكمة والصّلاح والإصلاح للدّين والدّنيا، فإنّه لا يأمر إلاّ بما فيه مصلحته خالصة أو راجحة، ولا ينهى إلاّ عمّا مضرّته خالصة أو راجحة ".اهـ.

قال ابن القيّم رحمه الله:

والحكمة العُليا على نوعين أيـ *** ـضا حُصّلا بقواطع البُرهـان

إحكام هذا الخلـق إذ إيجـاده *** في غـاية الإحكام والإتـقـان

والحكمة الأخرى فحكمة شرعه *** أيضـا وفيـها ذانك الوصـفان

التعديل الأخير تم بواسطة متفائلة بنصر الله ; 01-07-2014 الساعة 07:23 PM
رد مع اقتباس