عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-22-2011, 01:40 PM
الصورة الرمزية توبة
توبة توبة غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 817
افتراضي شرح حديث: ( مررت ليلة أسري بي بالملأ الأعلى وجبريل كالحلس البالي من خشية الله تعالى )


شرح حديث:-
( مررت ليلة أسري بي بالملأ الأعلى وجبريل كالحلس البالي ... )
للشيخ / محمد إسماعيل المقدم .

فقد روى جابر بن عبدالله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال:
(مررت ليلة أسري بي بالملأ الأعلى وجبريل كالحلس البالي من خشية الله تعالى). (1)

- أما الحلس :- فهو كساء يبسط ويفرش في أرض البيت، وهو قماش رقيق يوضع على ظهر البعير تحت قتبه،
فشبه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جبريل عليه السلام بالحلس برؤيته لاصقاً بما تلبس به من هيبة الله تعالى،
وشدة فرقه منه، فالسر في هذا التشبيه هو أن الحلس يلصق بالأرض، أو يلصق بظهر البعير.


- وكذلك هذا الخوف وهذه الخشية من الله سبحانه وتعالى لصيقة بجبريل عليه السلام
تماماً كلصوق الحلس بالأرض، أو بظهر البعير.

- وتلك الخشية التي تلبس بها جبريل عليه السلام هي التي ترقيه في مدارج التبجيل والتعظيم،
حتى دعي في التنزيل بأنه الرسول الكريم، وعلى قدر خوف العبد من ربه سبحانه وتعالى يكون قربه،
فلأن جبريل عليه السلام شديد الخوف والخشية والهيبة لله سبحانه وتعالى فلذلك كان قريباً معظماً عند الله سبحانه وتعالى.


- وفي الحديث أن الملائكة بين الخوف والرجاء كسائر المكلفين، مع أن الملائكة
لم يخلقوا من نفس طبيعة البشر من حيث وجود الشر أو العصيان،
وإنما هم لا وظيفة لهم سوى عبادة الله سبحانه وتعالى وتسبيحه وتحميده والسجود له،
ومع ذلك فهم دائماً بين الخوف والرجاء يخافون الله سبحانه وتعالى،
فأولى لهم أن يكونوا كالملائكة الذين لا يفعلون المعاصي وهم معصومون منها،
فما بالك بمن ليله ونهاره في معصية الله سبحانه وتعالى، فلاشك في أنه لو فقه
وعلم حق العلم لكان أشد خشية لله سبحانه وتعالى.

- فهذا حال جبريل (وهو أفضل الملائكة) يقول عنه النبي صلى الله عليه وسلم:
(مررت ليلة أسري بي بالملأ الأعلى وجبريل كالحلس البالي من خشية الله تعالى).
فيفهم من ذلك أن الملائكة يكونون بين الخوف من الله سبحانه وتعالى ورجائه كسائر المكلفين.
قال الحكيم الترمذي : (وأوفر الخلق حظاً من معرفة الله سبحانه وتعالى أعلمهم به)
فكلما زاد علم الإنسان بالله سبحانه وتعالى وعرف الله أكثر
كلما ازداد خوفه من الله عز وجل، وأعظمهم عنده منزلة هو -أيضاً-
أخوفهم من الله، وأرفعهم عنده درجة وأقربهم منه وسيلة.


- فالأنبياء إنما فضلوا على الخلق بالمعرفة لا بالأعمال، وما ثبت من تفضيل الأنبياء عليهم السلام على سائر البشر
ليس بكثرة العمل، بل بكثرة العلم والمعرفة بالله سبحانه وتعالى؛
لأنهم يعرفون الله عز وجل أكثر، فلو كان تفاضلهم بالأعمال لكان المعمرون
من الأنبياء وقومهم أفضل من نبينا صلى الله عليه وسلم وأمته، أي
لكانت تلك الأمم التي عاشت أكثرمنا أفضل عند الله من أمة
محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا لا يقع، ولكان أنبياؤهم كذلك الذين عمروا
وطالت أعمارهم أفضل من نبينا صلى الله عليه وسلم،ولكن الأمر ليس بذلك،

- وإنما العبرة بمعرفة الله سبحانه وتعالى وليس بالأعمال، فنوح عليه السلام مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً،
والرسول صلى الله عليه وسلم عاش ثلاثاً وستين سنة صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك هو أفضل من نوح،
بل أفضل من سائر الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، فدل على أن العبرة في المفاضلة خشية الله،
وعظم المعرفة به، وليس بمجرد الأعمال.

- فهذا نموذج من الغيب الذي أخبرنا به النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرحلة المباركة رحلة الإسراء.

- وهذا الملك العظيم جبريل عليه السلام لو تخيلنا عظم خلقه لرأينا أمراً يفوق الوصف،
فجبريل رآه النبي عليه السلام على صورته الحقيقية التي خلقه الله عليها
وله ستمائة جناح قد سدَّ الأفق (2) .

- هذا هو جبريل وعظيم خلقه، ومع ذلك فانظر إلى خوفه وخشيته لله سبحانه وتعالى،
وهذا شأن الملائكة، فالملائكة قد وصفهم الله تبارك وتعالى بقوله:
{ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ
إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ * وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ
فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ } [الأنبياء:26-29]؛

منقول
شبكة طريق السلف
*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.

(1) أخرجه السيوطي / حققه الألباني / صحيح الجامع الصغير وزيادته/ حديث رقم 5864 / حسن
(2) أخرجه الترمذي / كتاب تفسير القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم / باب من سورة النجم /
وحققه الألباني / مشكاة المصابيح / حديث رقم 5661 / صحيح .


إن شاء الله
__________________


مدونة ( أصحابي )
مناقب الصحابة رضي الله عنهم




رد مع اقتباس