عرض مشاركة واحدة
  #29  
قديم 02-26-2013, 05:09 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,031
افتراضي


مجلس رقم 23
23 ربيع آخر 1434هـ
تابع :الإيمان باليوم الآخر
*وللإيمان باليوم الآخر ثمراتٌ جليلة منها :
الأولى : الرغبة في فعل الطاعة ، والحرص عليها ؛ رجاء لثواب ذلك اليوم .
الثانية : الرهبة من فعل المعصية ، ومـن الرضـى بها ؛ خوفـًا من عقاب ذلك اليوم .
الثالثة : تسلية المؤمن عمَّا يفوته من الدنيا بما يرجوه من نعيم الآخرة ، وثوابها .
وقد أنكر الكافرون البعث بعد الموت ؛ زاعمين أن ذلك غير ممكن .
وهذا الزعم باطل ، دلَّ على بطلانه الشرع ، والحس ، و العقل .
أما الشرع : فقد قال الله تعالى : (
زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثـُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بـِمَا عَمِلْتُمْ وَذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) [سورة التغابن : 7] . وقد اتفقت جميع الكتب السماوية عليه .
وأما الحس : فقد أرى الله عباده إحياء الموتى في هذه الدنيا ، وفي سورة البقرة ، خمسة أمثلة على ذلك ، هي :
المثال الأول : قوم موسى حين قالوا له : (لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ) [سورة البقرة : 55] فأماتهم الله تعالى ، ثم أحياهم وفي ذلك يقول الله تعالى مخاطبـًا بني إسرائيل : ( وَإِذ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ *ثـُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [سورة البقرة : 55 ، 56] .
المثال الثاني : في قصة القتيل الذي اختصم فيه بنو إسرائيل ، فأمرهم الله تعالى أن يذبحوا بقرة فيضربوه ببعضها ؛ ليخبرهم بمن قتله ، وفي ذلك يقول الله تعالى : (وَإِذ قَتَلْتُمْ نَفْسـًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ * فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ ببَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيي اللّهُ الْمَـوْتَى وَيُرِيكُـمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [سورة البقرة : 72، 73]
المثال الثالث : في قصة القوم الذين خرجوا من ديارهم فرارًا من الموت وهم ألوف ؛ فأماتهم الله تعالى، ثم أحياهم وفي ذلك يقول الله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ ثـُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَيَشْكُرُونَ ) [سورة البقرة : 243].
المثال الرابع : في قصة الذي مرَّ على قرية مـَيـِّتةٍ ، فاستبعد أن يحييها الله تعالى ؛ فأماته الله تعالى مائة سنة ، ثم أحياه ، وفي ذلك يقول الله تعالى : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِي هََذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثـُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبثْتَ قَالَ لَبثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ ننشِزُهَا ثـُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [ سورة البقرة : 259].
المثال الخامس : في قصة إبراهيم الخليل ، حين سأل الله تعالى أن يريه كيف يحيي الموتى ؛ فأمره الله تعالى أن يذبح أربعة من الطير ، ويفرقهن أجزاء على الجبال التي حوله ، ثم يناديهن ؛ فتلتئم الأجزاء بعضها إلى بعض ، ويأتين إلى إبراهيم سعيـًا ، وفي ذلك يقول الله تعالى : ( وَإِذ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثـُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثـُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَـكِيمٌ) [سورة البقرة : 260].
فهذه أمثلة حسِّيَّة واقعة ، تدل على إمكان إحياء الموتى ، وقد سبقت الإشارة إلى ما جعله الله تعالى من آيات عيسى بن مريم في إحياء الموتى ، وإخراجهم من قبورهم - بإذن الله تعالى - .
وأما دلالة العقل : فمن وجهين :
أحدهما : أن الله تعالى فاطر السموات ، والأرض ، وما فيهما ، خالقهما ابتداء ، والقادر على ابتداء الخلق، لا يعجز عن إعادته ، قال الله تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثـُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) [سورة الروم : 27] . وقال تعالى : ( كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) [سورة الأنبياء : 104]. وقال آمرًا بالرد على من أنكر إحياء العظام وهي رميم:(قُلْ يُحْييهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) [سورة يس : 79] .
الثاني : أن الأرض تكون ميتة هامدة ، ليس فيها شجرة خضـراء ؛ فينزل عليها المطر ؛ فتهتز خضراءَ حيـَّةً ، فيها من كل زوج بهيج ، والقادر على إحيائها بعد موتها ، قادر على إحياء الأموات، قال الله تعالى : (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأرْضَ خَاشِعَةً فَإِذا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [سورة فصلت : 39] ، وقال تعالى : (وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَارَكـًا فَأَنبَتْنَا بـِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ * رِزْقًا لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بـِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ) [سورة ق : 9 ، 11]
ويلتحق بالإيمان باليوم الآخر :
الإيمان بكل ما يكون بعد الموت مثل :
(أ) فتنـة القبر : وهي سؤال الميـت بعد دفنـه عن ربه ، ودينه ، ونبيه ؛ فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت ، فيقول : ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبيِّي محمد صلى الله عليه وسلم ، ويضلُ الله الظالمين فيقول الكافر : هـاه ، هاه ، لا أدري ، ويقـول المنافق أو المرتاب (5) : لا أدري سمعت النـاس يقولون شيئـًا فقلته .
(ب) عذاب القبر ونعيمه : فيكون للظالمين من المنافقين والكافرين ، قال الله تعالى : ( وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بـِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبـِرُونَ) [سورة الأنعام : 93].
وقال تعالى في آل فرعون : (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) [سورة غافر : 46] .
وفي صحيح مسلم من حديث زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( فلولا أن لا تدافنوا ؛ لدعوتُ الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه ، ثم أقبل بوجهه ؛ فقال: تعوَّذوا بالله من عذاب النار ) قالوا : نعوذ بالله من عذاب النار ، فقال : (تعوَّذوا بالله من عذاب القبر) ، قالوا : نعوذ بالله من عذاب القبر ، قال: ( تعوَّذوا بالله من الفتن ، ما ظهر منها ، وما بطن ) ، قالوا : نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن ، قال: ( تعوَّذوا بالله من فتنة الدجال ) قالوا : نعوذ بالله من فتنة الدجال (6) .
وأما نعيم القبر ؛ فللمؤمنين الصادقين قال الله تعـالى : (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثـمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بـِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) [سورة فصلت : 30]
وقال تعالى : ( فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لا تُبْصِرُونَ* فَلَوْلا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ) [سورة الواقعة: 83 ، 89] .
وعن البراء بن عازب : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المؤمن إذا أجاب الملكين في قبره : ( ينادي منادٍ من السماء : أن صدق عبدي ، فأفرشوه من الجنة ، وألبسوه من الجنة ، وافتحوا له بابـًا إلى الجنة ، قال: فيأتيه من رَوحها وطِـيبها ، ويفسحُ له
في قبره مدَّ بصره ) (7) .

- يُنادِي مُنادٍ مِنَ السماءِ : أَنْ صَدَقَ عَبْدِي ، فَأَفْرِشوه مِنَ الجنَّةِ ، وافْتَحوا له بابًا إلى الجنَّةِ ، قال : فَيَأْتِيه مِنْ رَوْحِها وطِيبِها
"يُنادِي مُنادٍ مِنَ السماءِ : أَنْ صَدَقَ عَبْدِي ، فَأَفْرِشوه مِنَ الجنَّةِ ، وافْتَحوا له بابًا إلى الجنَّةِ ، قال : فَيَأْتِيه مِنْ رَوْحِها وطِيبِها"
الراوي: البراء بن عازب المحدث:الألباني - المصدر: شرح الطحاوية - الصفحة أو الرقم: 421-خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية

----------



(5) (أو) للشك من الراوي كما في الصحيحين .

(6) رواه مسلم ، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها ، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه ، و إثبات عذاب القبر ، و التعوذ منه ، رقم ( 7142) .
(7) رواه أحمد ، كتاب حديث البراء بن عازب ، رقم : (18063)، وأبو داود ، كتـاب أول كتـاب السنــة ، باب المسألـة في القبر وعـذاب القبـر ، رقـم : ( 4753) .

1 -" يُنادِي مُنادٍ مِنَ السماءِ : أَنْ صَدَقَ عَبْدِي ، فَأَفْرِشوه مِنَ الجنَّةِ ، وافْتَحوا له بابًا إلى الجنَّةِ ، قال : فَيَأْتِيه مِنْ رَوْحِها وطِيبِها"
الراوي: البراء بن عازب المحدث:الألباني - المصدر: شرح الطحاوية - الصفحة أو الرقم: 421-خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية


التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 03-18-2013 الساعة 04:10 AM