عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 01-03-2011, 08:20 PM
أمة الله أمة الله غير متواجد حالياً
مشرفه الملتقى عام
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 741
افتراضي

ربَّما بعد هذه الأحداث التي مرَّ بها صاحبُنا ظنَّ أنَّه لن يدهشه شيءٌ في هذا العالم الغريب،


لكن لَم يلبَثْ أن طلب العلم وتصدَّر - وهو بعدُ حدَث - لدعْوة النَّاس لأمر واحد: اتِّباع السنَّة بفهْم الصَّحابة وترْك ما عداها.






فلمَّا تحدَّث مع بعض الإخْوة في يوم، قال: عليْنا باتِّباع السنَّة ولا نتَّبع الفرق الضالَّة، من صوفيَّة وأشعريَّة وشيعة، فإنَّنا أهل سنَّة وجماعة، فنلزم جماعة الصَّدر الأوَّل من المؤمنين، وهم السَّلف الصَّالح.
فبعد أن أنْهى حواره أخذه أخٌ في ناحية، وابتسم في ودٍّ شديد لم يرَه الأخ من قبل ولا ظنَّ أنَّه سيراه، وقال له: لماذا قلتَ إنَّ (.....) فرقة ضالَّة؟! ثمَّ راح يعدِّد حلاوتها ووو....!




فردَّ عليْه بما فتح الله عليْه، وكان ممَّا قال بثقة: هل كانت تلك الفرقة على عهد النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم؟
فتحيَّر الأخ الودود.






فردَّ على سؤال نفسه بثقة: لا، لم يكونوا،



وأنا على ما كان عليْه النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - وأصحابه، يسعُني ما يسَعُهم ويضيق عليَّ ما ضاقوا به ولم يسعْهم،



وأقول لك - أي صديقي -: إنَّ الله تعالى مستوٍ[8] على عرْشه كما قال سبحانه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]،

وأولياؤُك المزْعومون لا أقبل منهم إلاَّ ما وافق الكتاب والسنَّة، ولو طاروا في الهواء ومشَوا على الماء، فليسوا أحبَّ إلى الله من النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم – والصحابة،






ولو كان ثمَّ قبر يستحقُّ العبادة لكان قبر النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلم - ولكنَّه نهى عن ذلك فقال: ((لا تَجعلوا بيوتَكم قبورًا ولا تَجعلوا قبري عيدًا))؛ صحَّحه الألباني في صحيح أبي داود، (أ)






وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لعنة الله على اليهود والنصارى، اتَّخذوا قبور أنبيائهم مساجد))؛ متفق عليه واللفظ للبخاري.(ب)



ولم يعدم صاحبنا من شبهات رغْم أنَّه ردَّ عليها بثقةٍ، غير أنَّه احتاج للرجوع إلى شيخه[9].






وبعد أن راجع معه بعْضَ الأمور، قال له صاحبُنا في تعجُّب:
يا شيخَنا، ما ظننت أبدًا أن أجِد ما نقرأ في الكتُب حاضرًا في أذْهان النَّاس، كنت أظنُّ النَّاس كلَّها على الفطرة والسنَّة!






فقال له الشَّيخ مبتسمًا: كيف بك لو رأيت عبَّاد الطواطم والأصنام؟!



إذًا لبكيْت كمدا وغيظًا.




آخر صدمة!:


ليست هذه آخر صدمة باعتبار أنَّ الأخ لم يرَ صدمات أُخَر؛ بل هي الأخيرة باعتبار إحساسه، فبعدها تبلَّد إحساسُ صاحبِنا، فلوْ رأى مَن يعبُد البقر لما أثار هذا دهشتَه، ولو رأى مَن يَمشي على رأسه لما اهتزَّت في بدنه شعرة، اللَّهُمَّ إلاَّ هزَّة الغضب والغيظ.






هكذا تغيَّر صاحبُنا المتحيِّر مع الوقت والاحتِكاك، فلمَّا قابل هذه الصَّدمة اهتزَّ قليلاً، وضاق صدرُه بعض الشَّيء، ثم صار يألف واقعَ المسلمين فلا يصدمه، ولم يَمنعه هذا الإلف من محاولة الدَّعوة والتَّغيير، فقط منعتْه من الصَّدمات!






جدير بالذِّكْرِ أنَّ صدمات صاحبِنا كانت كلّها في فترة واحدة تقريبًا، فقد نزلت العصا على رأسه بعددٍ من الصَّدمات متتاليات، فصار بعد عام واحدٍ من لقائِه بالمبتدع السَّابق في الحرم النَّبوي، إذا رأى العصا تقع على رأسِه قفز سريعًا للخلف ويتركُها تضرب الهواء، ثمَّ يُمسكها بلطف ويجذبُها من صاحبها ويضعها بعيدًا، ثمَّ إمَّا يقبل منه صاحب العصا نصْحَه، وإمَّا ينصرف حانقًا يتحرَّق هو بالغضب والصَّدمة!


*******************************


[8] ذكر الله - عزَّ وجل - استواءَه على العرش في سبعة مواضع من القُرآن الكريم.


[9] سبحانك ربي، وفوق كلِّ ذي علم عليم، ولو لَم يرجع الطالب لشيخه يتأكَّد ويتحرَّى الصَّواب دومًا لضلَّ وأضلَّ؛ فلا بدَّ من مراجعة أهل العلم والرُّجوع إلى الأصول من مراجع سمعيَّة أو مقْروءة، وهذه مذاكرة نافعة لا يستغني عنها إلاَّ متكبِّر؛ لئلاَّ يطول الأمد فينسى ويقْسو القلب ويضلّ عن الحق.

======================

(أ)صحيح/ سنن أبي داوود
218/2/ حديث رقم2042/الشيخ الألباني

(ب)
الراوي: عائشة وعبدالله بن عباس المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم
4443خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

رد مع اقتباس