عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 04-23-2020, 12:25 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

🟢 على منهاج النُّبُوَّة

2⃣9️⃣

✍كان زكريا عليه السلام نجاراً!

قالَ مرةً لأصحابه: ما بعث الله نبياً إلا رعى الغنم
فقالوا: وأنت يا رسول الله؟
قال: نعم، كنت أرعاها على قراريط/أُجرة لأهل مكة!

وكان يحِب أن يكون للمرءِ مهنة يكتسب منها قوته، فقال: ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده، وإنَّ نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده!
وحدثهم مرة فقال: كان زكريا عليه السلام نجاراً!

ويقول عمر بن الخطاب: أرى الرجل فيعجبني، فأسأل هل له مهنة؟ فإن قيل لا، سقط من عيني!
وقال الأوائل: ليس هناك مهنة حقيرة، وإنما هناك أُناس حقيرون!
إن من دلائل عظمة الله، أنه أحاج الناس للناسِ، واستغنى هو عنهم جميعاً! الطبيب يحتاج النجار، والحداد يحتاج المزارع، والتاجر يحتاج العتال، ولا يستغني أحد عن الخباز!
الفكرة أن كل عملٍ يدر دخلاً حلالاً هو عمل نبيل، وصاحبه يستحق الاحترام أن أغنى نفسه أن يكون عالةً على غيره!
لا شيء في أن يسعى المرء إلى وظيفة مرموقة، وليس على المرءِ حرج إذا أراد من ابنه أن يكون الطبيب لا الخباز، والمهندس لا الإسكافي، ولكن العيب أن يحتقر الخباز والإسكافي بعد أن صار طبيباً!

🍂المهن في الأصل هي لكسب القوت وتأمين المعيشة وليس للتفاضل بين الناس، صحيح أن بعض المهن لها "برستيج" اجتماعي أكثر من غيرها، والناس ينظرون إلى أصحابها بعين إجلالٍ لا ينظرون فيها إلى غيرها، ولكن من الفهم السقيم للحياة، قياس الناس بحسب مِهنهم، وجعل قيمتهم بقيمة المناصب التي يشغلونها، والمال الذي يجنونه!
الأنبياء كلهم عملوا في رعي الغنم كما في الحديث، وداود عليه السلام كان يأكل من مهنة له، وزكريا عليه السلام كان نجاراً، فلا تخجل بمهنتك، ما دمت تكسب رغيفك بالحلال فارفع رأسكَ، وافخرْ بنفسك، ثيابك المتسخة ليست عيباً، العيب أن تكون ثيابك أنيقة وقلبك متسخ ومالك حرام!
الأيدي الممتلئة بالنُّدوب لكثرة ما تتعرض له من ضربات أثناء العمل هي شهادة في العصامية والاعتماد على الذات بعد الله، والأيدي المتسخة بالسواد والشحم والغبار صك براءة من البطالة والكسل!
سر الحياة ليس في أي مهنة تعمل، وإنما أن تكون مع الله، كما أمر وكما أراد في أية مهنة عملت، في الحياة نجد الطبيب المخلص والنجار الغشاش، ونجد المهندس المرتشي وعامل البلدية الشريف، والله لا يحاسب على المهنة وإنما على طريقة العمل بها!
أحقرُ الناس من إذا وصلوا إلى الجامعات خجِلوا بمهن آبائهم المتواضعة، بدل أن يفخروا برجالٍ بمهنٍ متواضعة استطاعوا أن يُوصلوهم إلى الجامعات! قرأت منذ أيامٍ عن فتاةٍ تخرجت من الجامعة، فطلب منها أبوها أن لا تذكر لأحدٍ أنه يعمل في البلدية كناساً للطريق، فلبست ثوب تخرجها، وذهبت إلى مكان عمله، وطلبت من أحدهم أن يصورها وهي تطبع على رأسه قبلة، ثم نشرت الصورة في مواقع التواصل، وكتبت هذا الرجل العظيم أبي!
رد مع اقتباس