عرض مشاركة واحدة
  #17  
قديم 02-23-2015, 04:06 AM
هند هند غير متواجد حالياً
عضوة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,493
" أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (77)
وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ
وَإِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ (78) "
( أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ )
فهم وإن أسروا ما يعتقدونه فيما بينهم
وزعموا أنهم بإسرارهم لا يتطرق عليهم حجة للمؤمنين
فإن هذا غلط منهم وجهل كبير
فإن الله يعلم سرهم وعلنهم, فيظهر لعباده ما أنتم عليه
( وَمِنْهُمْ ) أي: من أهل الكتاب ( أُمِّيُّونَ )
أي: عوام, ليسوا من أهل العلم
( لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ )
أي: ليس لهم حظ من كتاب الله إلا التلاوة فقط
وليس عندهم خبر بما عند الأولين الذين يعلمون
حق المعرفة حالهم
وهؤلاء إنما معهم ظنون وتقاليد لأهل العلم منهم
فذكر في هذه الآيات علماءهم
وعوامهم, ومنافقيهم, ومن لم ينافق منهم
فالعلماء منهم متمسكون بما هم عليه من الضلال
والعوام مقلدون لهم
لا بصيرة عندهم فلا مطمع لكم في الطائفتين

"فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ
ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ
ثَمَنًا قَلِيلا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ
وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79) "
توعد تعالى المحرفين للكتاب
الذين يقولون لتحريفهم وما يكتبون
( هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ )
وهذا فيه إظهار الباطل وكتم الحق
وإنما فعلوا ذلك مع علمهم
( لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا )
والدنيا كلها من أولها إلى آخرها ثمن قليل
، فجعلوا باطلهم شركا يصطادون به ما في أيدي الناس
فظلموهم من وجهين: من جهة تلبيس دينهم عليهم
ومن جهة أخذ أموالهم بغير حق
بل بأبطل الباطل
وذلك أعظم ممن يأخذها غصبا وسرقة ونحوهما
ولهذا توعدهم بهذين الأمرين
فقال: ( فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ )
أي: من التحريف والباطل
( وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ )
من الأموال
والويل: شدة العذاب والحسرة
وفي ضمنها الوعيد الشديد
قال شيخ الإسلام لما ذكر هذه الآيات
من قوله: أَفَتَطْمَعُونَ إلى ( يَكْسِبُونَ )
فإن الله ذم الذين يحرفون الكلم عن مواضعه
وهو متناول لمن حمل الكتاب والسنة
على ما أصله من البدع الباطلة
وذم الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني
وهو متناول لمن ترك تدبر القرآن
ولم يعلم إلا مجرد تلاوة حروفه
ومتناول لمن كتب كتابا بيده مخالفا لكتاب الله
لينال به دنيا
وقال: إنه من عند الله
مثل أن يقول: هذا هو الشرع والدين
وهذا معنى الكتاب والسنة, وهذا معقول السلف والأئمة
وهذا هو أصول الدين
الذي يجب اعتقاده على الأعيان والكفاية
ومتناول لمن كتم ما عنده من الكتاب والسنة
لئلا يحتج به مخالفه في الحق الذي يقوله
< 1-57 >
وهذه الأمور كثيرة جدا في أهل الأهواء جملة
كالرافضة, وتفصيلا مثل كثير
من المنتسبين إلى الفقهاء
"وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَةً
قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا
فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ
مَا لا تَعْلَمُونَ (80)
بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ
فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (81)
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (82)"
ذكر أفعالهم القبيحة, ثم ذكر مع هذا أنهم يزكون أنفسهم
ويشهدون لها بالنجاة من عذاب الله
والفوز بثوابه, وأنهم لن تمسهم النار إلا أياما معدودة
أي: قليلة تعد بالأصابع, فجمعوا بين الإساءة والأمن
ولما كان هذا مجرد دعوى, رد الله تعالى عليهم
فقال: ( قُلْ )
لهم يا أيها الرسول ( أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا )
أي بالإيمان به وبرسله وبطاعته
فهذا الوعد الموجب لنجاة صاحبه الذي لا يتغير ولا يتبدل
( أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) ؟
فأخبر تعالى أن صدق دعواهم متوقفة
على أحد هذين الأمرين اللذين لا ثالث لهما
إما أن يكونوا قد اتخذوا عند الله عهدا
فتكون دعواهم صحيحة
وإما أن يكونوا متقولين عليه فتكون كاذبة
فيكون أبلغ لخزيهم وعذابهم
وقد علم من حالهم أنهم لم يتخذوا عند الله عهدا
لتكذيبهم كثيرا من الأنبياء
حتى وصلت بهم الحال إلى أن قتلوا طائفة منهم
ولنكولهم عن طاعة الله ونقضهم المواثيق، فتعين بذلك
أنهم متقولون مختلقون, قائلون عليه ما لا يعلمون
والقول عليه بلا علم, من أعظم المحرمات
وأشنع القبيحات
ثم ذكر تعالى حكما عاما لكل أحد
يدخل به بنو إسرائيل وغيرهم, وهو الحكم الذي لا حكم غيره
لا أمانيهم ودعاويهم بصفة الهالكين والناجين
فقال: ( بَلَى ) أي: ليس الأمر كما ذكرتم
فإنه قول لا حقيقة له، ولكن ( مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً )
وهو نكرة في سياق الشرط
فيعم الشرك فما دونه، والمراد به هنا الشرك
بدليل قوله: ( وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ )
أي: أحاطت بعاملها, فلم تدع له منفذا
وهذا لا يكون إلا الشرك
فإن من معه الإيمان لا تحيط به خطيئته.
( فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )
وقد احتج بها الخوارج على كفر صاحب المعصية
وهي حجة عليهم كما ترى, فإنها ظاهرة في الشرك
وهكذا كل مبطل يحتج بآية
أو حديث صحيح على قوله الباطل
فلا بد أن يكون فيما احتج به حجة عليه
( وَالَّذِينَ آمَنُوا ) بالله وملائكته, وكتبه, ورسله
واليوم الآخر، ( وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ )
ولا تكون الأعمال صالحة
إلا بشرطين: أن تكون خالصة لوجه الله
متبعا بها سنة رسوله
فحاصل هاتين الآيتين, أن أهل النجاة والفوز
أهل الإيمان والعمل الصالح
والهالكون أهل النار المشركون بالله, الكافرون به


التعديل الأخير تم بواسطة أم حذيفة ; 03-01-2015 الساعة 12:51 PM
رد مع اقتباس