عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 02-11-2015, 05:24 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,023
المجلس الثاني عشر
12 ربيع الآخر 1436 هـ

ثالثًا : توحيد الأسماء والصفات

وهو الإيمان بما وصف الله تعالى به نفسه في كتابه ووصفه به رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الأسماء الحسنى والصفات العلى ، لفظًا ومعنىً ،من غير تحريف،ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ، ولا تمثيل

-التحريف: لغة: هو التغيير والتبديل، واصطلاحًا: هو صرفُ اللَّفظ عن المعنى الظاهر منه، بلا دليل، كتحريف اليدين إلى القوة والنعمة- .

-التعطيل: لغة: مأخوذ من العطل، الذي هو الخلو والفراغ والترك، واصطلاحًا: هو إنكار ما يجب لله من الأسماء والصفات، وإنكار بعضها، وهو قسمان :- تعطيل كُلي: وهو إنكار كل الصفات. - تعطيل جزئي: وهو إنكار بعض الصفات . -

-التكييف: لغة: جعْل الشيء على هيئة معلومة، واصطلاحًا: هو الخوض في هيئة وكُنْهِ الصفات التي أثبتها الله لنفسه، فالتحريف في النصوص، والتعطيل في المعتقد، وأما التكييف والتمثيل في الصفة . -
-التمثيل: لغة: من المثيل والند والنظير، واصطلاحًا: هو اعتقاد أن صفات الخالق مثل صفات المخلوق .-

والإيمان بما دلَّ عليه هذا الاسمُ من معنًى ، وما ترتَّب عليه من آثار ، وبهذا الإيمان يَعرِف الإنسانُ ربَّه ، ويرتبط قلبه به محبة وثناءً وتمجيدًا ؛ فتزكو النفوس ، ويزداد الإيمان ؛ لذلك كان من أشرف العلوم معرفةُ أسمائه وصفاته
هنا

واعتقاد أن هذه الأسماء والصفات على الحقيقة لا على المجاز ، وأن لها معانٍ حقيقية تليق بجلال الله وعظمته .

أي : نثبت لله ما أثبته لنفسه من أسماء وصفات ، ونؤمن بمعناها ، وأن لها كيف . لكنْ نفوض هذا الكيف لله لعجزنا وجهلنا بهذا الكيف .
لقوله تعالى " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ "
سورة الشورى / آية : 11.
فقد أثبت سبحانه صفتي السمع والبصر ، ونفى المِثلية .
*أهمية العلم بقواعد الأسماء والصفات
وخطورة الخوض في الأسماء والصفات بلا علم:

تتأكد معرفة هذه القواعد في مثل هذا الوقت الذي كثرت فيه شبهات أهل الأهواء وأباطيل أهل الضلال، فيتأكد على طالب العلم أن يكون على عناية ودراية بهذه القواعد النافعة والتأصيلات المفيدة التي حررها أهل العلم وجمعوها تسهيلًا وتيسيرًا ونفعًا لطلاب العلم، ومن لا علم له بها ولا دراية له بها، فالأولى به أن يسكت في هذا الباب؛ لأن الخطأ فيه ليس كالخطأ في أمر آخر؛ عندما يخطئ الإنسان في أسماء الله وفي صفاته -سبحانه وتعالى- فالأمر ليس بالهين، بل هو أمر كبير وخطير للغاية، وفي هذا المقام -التنبيه على خطورة الغلط في أسماء الله وصفاته- أضرب دائما مثلين من القرآن الكريم؛ يتضح بهما خطورة هذا الأمر.
وقبل ذكرِ هذين المثلين أذكر أن توحيد الأسماء والصفات قائم عند أهل السنة على أصلين: الإثبات والنفي، كما قال الإمام أحمد -رحمه الله-: نصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم لا نتجاوز القرآن والحديث، وقال الأوزاعي -رحمه الله-: ندور مع السنة حيث دارت، أي: نفيًا وإثباتًا، فما ثبت في الكتاب والسنة أثبتناه، وما نفي في الكتاب والسنة نفيناه
-فائدة -النفي في باب الصفات ليس نفيًا محضًا أو نفيًا صرفًا، وإنما هو نفي متضمن لثبوت كمال الضد لله -سبحانه وتعالى- كمال الضد أي: كمال ضد المنفي فمثلاً نفي اللغوب وهو التعب عنه -سبحانه وتعالى- هذا ليس نفيًا صرفًا، في قوله تعالى" وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ" وإنما هو نفي متضمن لثبوت كمال قوة الله سبحانه وتعالى، وكذلك نفي الظلم عنه -جل وعلا- في قوله "وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ" ليس نفيًا صرفًا، وإنما هو نفي متضمن لثبوت كمال العدل لله -جل وعلا- وهكذا قُل في كل الصفات المنفية.
المثل الأول: يتعلق بجانب الإثبات، قال الله سبحانه وتعالى: "وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ "فصلت22

"وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ "فصلت23

تأملْ معي الخطأ الذي وقع فيه هؤلاء، ثم قارنه بأخطاء أهل الضلال والباطل الذين عطلوا صفات الله -سبحانه وتعالى- وجحدوا أسماءه.
تأمل في الخطأ الذي وقع فيه هؤلاء وما ترتب عليه: "وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ "هنا نفي لشيء أثبته الله، الله -عز وجل- أحاط بكل شيء علمًا، وأحصى كل شيء عددًا، ولا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحاط علمُه بها -سبحانه وتعالى- يعلم ما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، فهؤلاء قالوا في حق الله: إنه لا يعلم كثيرا مما يعملون، فهل نفوا صفة العلم من أصلها أو أثبتوها؟
أثبتوا صفة العلم لم ينفوا الصفة من أصلها بل أثبتوها، ولكنهم اعتقدوا أن علم الله -سبحانه وتعالى- الذي أثبتوه له ليس محيطا ولا شاملا، بل يفوته -تعالى الله عن قولهم- كثيرًا مما يعمله الناس، ولم يقولوا أيضًا يفوته كل ما يعمله الناس بل قالوا كثيرًا، فلم ينفوا هذه الصفة من أصلها، ولم يجحدوها من أساسها، وإنما نفوا علم الله -سبحانه وتعالى- بكثير مما يعمله الناس.
قال الله -عز وجل- مبينا ما ترتب على هذا الظن الباطل والاعتقاد الفاسد: "وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ" وهذه فائدة عظيمة وكبيرة أن الخطأ في باب الأسماء والصفات يردي صاحبه ويوقعه في الهلاك والردى ، ولهذا قال العلماء: إن من شؤم الاعتقاد الفاسد فساد العمل وفساد الخلق وفساد الدين والدنيا والآخرة، كل ذلك يترتب على الخطأ في هذا الباب فيما يتعلق بأسماء الله جل وعلا وصفاته" وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ "ردى وخسران وهلاك ونار كل ذلك ترتب على هذا الظن، إذا كان هذا ترتب على من وقع في هذا الاعتقاد، فكيف بمن يجحد الأسماء كلها ويجحد الصفات جميعها، ولا يثبت منها شيئا، ويخوض فيها خوضا باطلا بعقله الكاسد وفكره الفاسد ورأيه السيئ، ينفي عن الله -سبحانه وتعالى- ما أثبته الله لنفسه، وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم
"قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ"البقرة140فهذا في جانب الإثبات وخطورة الخطأ.
**في جانب النفي وهو المثال الثاني وهو: أن يثبت الإنسان شيئا نفاه الله، قال الله -سبحانه وتعالى-:
"وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا"مريم88أثبتوا ما نفاه الله: "لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ "نزه -سبحانه وتعالى- نفسه عن الولد فأثبتوه له "وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا" أثبتوا لله ما نزه الله -سبحانه وتعالى- نفسه عنه، ماذا ترتب على ذلك؟ قال الله:" لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًّا إِدًّا "مريم89. أي: عظيمًا خطيرًا مهلكًا في غاية الخطورة، وانظر وقع هذه الكلمة "إدًّا" لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ""تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً "أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا "مريم89 :91
فالخطأ في أسماء الله -تبارك وتعالى- وصفاته بالغ الخطورة، سواء في إثبات ما نفاه الله، أو في نفي ما أثبته الله، وفي المثالين المشار إليهما تبيان واضح لذلك.


مقتطفات -الشيخ عبد الرزاق البدر

ولأهل السنة والجماعة طريقةٌ في الأسماء والصفات وسَط بين فِرَق الضلال ، وهي :
1- طريقتهم في إثبات الأسماء والصفات : فهم يُثبتون ما ثبَت في الكتاب والسنَّة الصحيحة من غير تحريف ولا تعطيلٍ ، ومن غير تمثيلٍ ولا تشبيه .
2- طريقتهم في النفي : فهم ينفون ما نفاه الله عن نفسه ، وعلى لسان رسوله من صفات النقص ، وإثبات كمال ضد الصفة المنفية ؛ مثل قوله - تعالى -" لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ "الشورى: 11.نفي، لكنه يتضمن إثباتَ الكمال لله - عز وجل - فهم ينفون المماثلة للخلق، ويُثبتون الكمال لله - سبحانه وتعالى .
وكذا قوله - تعالى -" لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ " البقرة: 255. نفيٌ، يتضمن كمال القيوميَّة والحياة لله - سبحانه وتعالى .
3- طريقتهم فيما لا يرِد فيه نفيٌ ولا إثبات - مثل : الجسم والحيِّز والجهة - فهم يتوقَّفون في اللفظ، ويسألون عن المراد عنه، فإن كان يُراد به باطلٌ، ردُّوه، وإن كان يراد به حقٌّ، قبِلوه، مثل الجهة: إن كانوا يقصدون بها أن اللهَ في السماء، فهذا صحيح، وإن كانوا يقصدون أن الله تحويه السماءُ، فهذا باطلٌ .
• وهذا النوع من التوحيد هو الذي ضلَّ فيه بعضُ الأمَّة الإسلامية ، وانقسموا فيه إلى فِرَق كثيرة من معطِّلة وممثِّلة ومحرِّفة، وغيرهم من فِرَق الضلال، ولكن الله قيَّض لهؤلاء - مِن أهل العلم - مَن يردون عليهم، ويدحضون شبهاتِهم في كل عصر ومصرٍ، ولله الحمد والمنة .
وقد ارتكز معتقد أهل السنة والجماعة في باب أسماء الله وصفاته على ثلاثة أسسٍ رئيسية ، هي :
الأساس الأول : الإيمان بما وردت به نصوصُ القرآن والسنَّة الصحيحة من أسماء الله وصفاته إثباتًا ونفيًا .
الأساس الثاني : تنزيه الله - جل وعلا - عن أن يشبه شيءٌ من صفاته شيئًا من صفات المخلوقين .
الأساس الثالث : قطع الطمع عن إدراك كيفية اتِّصاف الله بتلك الصِّفات .
وهذه الأسس الثلاثة هي التي تفصل وتميِّز عقيدةَ أهل السنة والجماعة في هذا الباب عن عقيدة أهل التعطيل من الفلاسفة وأهل الكلام من جهة، وعن عقيدة أهل التمثيل من الكرَّامية والهِشامية وغيرهم من جهة أخرى .
فالأساس الأول : فيه تمييزٌ لعقيدة أهل السنَّة عن عقيدة المعطلة، فأهل السنة يجعلون الأصل في إثبات الأسماء والصفات أو نفيِها عن الله - تعالى - هو كتابَ الله وسنَّةَ نبيه - صلى الله عليه وسلم - ولا يتجاوزونهما ، فما ورد إثباتُه من الأسماء والصفات في القرآن والسنة الصحيحة ، فيجب إثباتُه ، وما ورد نفيُه فيهما، فيجب نفيه .
أما أهل التعطيل ، فقد جعلوا "العقل" وحده هو أصلَ علْمِهم ، فالشُّبَه العقلية هي الأصول الكلية الأولية عندهم ، وهي التي تُثبت وتنفي ، ثم يعرِضون الكتاب والسنة على تلك الشُّبَه العقلية ، فإن وافقتها قُبِلت اعتضادًا لا اعتمادًا ، وإن عارضتها رُدَّت تلك النصوص الشرعية وطُرِحت ، وفي هذا يقول قائلهم : كل ما ورَد السمع به يُنظر ، فإن كان العقل مجوِّزًا له ، وجَب التصديقُ به ، وأما ما قضى العقل باستحالته ، فيجب فيه تأويل ما ورد السمعُ به ، ولا يُتصور أن يشمل السمعُ على قاطع مخالف للمعقول ، وظواهر أحاديث التشبيه - يعني بها أحاديث الصفات - أكثرُها غيرُ صحيح ، والصحيح منها ليس بقاطع ، بل هو قابل للتأويل .الاقتصاد في الاعتقاد؛ لأبي حامد الغزالي- 32 - 33 .
ومن يُلقِ نظرة على كتب الأشاعرة - مثلاً - يجد أن القوم يقسِّمون أبواب العقيدة إلى إلهيات ، ونبوات ، وسمعيات ، وهم في باب الإلهيات والنبوات لا يعتمدون نصوص الكتاب والسنَّة ؛ ولذلك لن تجد في هذين البابين إلا الشُّبَه العقلية المركَّبة وَفْق القواعد المنطقية .
وأما باب السمعيات - أي البعث والحشر ، والجنة والنار ، والوعد والوعيد - فهم يَقبَلون النصوص الشرعية ، وبالتالي سمَّوا هذا الباب بالسمعيات في مقابل باب الإلهيات والنبوات ؛ إذ إنهم يعتمدون فيهما على العقليات ، وهؤلاء شابَهوا حال من قال الله - تعالى - فيهم"أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ "البقرة: 85.
وأما الأساس الثاني : - وهو تنزيه الله عن مشابهة المخلوقين - ففيه تمييزٌ لعقيدة أهل السنة والجماعة عن عقيدة المعطِّلة من جهة، وعن عقيدة المشبِّهة من جهة أخرى، فأهل السنَّة: يعتقدون أن ما اتَّصف الله به من الصفات لا يماثله فيها أحدٌ من خلقه، فالله - عز وجل - قد أخبرنا بذلك بنص كتابه العزيز؛ حيث قال" لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ "الشورى: 11.
أما أهل التعطيل ، فإنهم لم يفهموا من أسماء الله وصفاته إلا ما هو اللائق بالمخلوق ، ثم شرعوا في نفي تلك المفهومات التي لا وجود لها إلا في أفهامهم الفاسدة، فعقيدةُ هؤلاء المعطِّلة جمعت بين التمثيل والتعطيل ، وهذا الشر إنما جاء من تنجُّس قلوبهم وتدنُّسها بأقذار التشبيه ، فإذا سمعوا صفةً من صفات الكمال التي أثنى اللهُ بها على نفسه - كاستوائه على عرشه ، ومجيئِه يوم القيامة، وغير ذلك من صفات الجلال والكمال - فإن أول ما يخطر في أذهانهم أنَّ هذه الصفةَ تُشبه صفات الخلق .
وأما عقيدة أهل التمثيل ، فهي تقوم على دعواهم أن الله - عز وجل - لا يخاطبنا إلا بما نعقل ، فإذا أخبرنا عن اليد ، فنحن لا نعقل إلا هذه اليدَ الجارحة ، فشبَّهوا صفاتِ الخالق بصفات المخلوقين ، فقالوا : له يدٌ كأيدينا ونحو ذلك ، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا .
وأما الأساس الثالث ، ففيه تمييز لعقيدة أهل السنَّة والجماعة عن عقيدة المُشبِّهة ، فأهل السنة يفوِّضون علم كيفية اتصاف البارئ - عز وجل - بتلك الصفات إلى الله - عز وجل - فلا علْم للبشر بكيفية ذات الله - تبارك وتعالى - ولا تفسير كُنْهِ شيء من صفات ربنا - تعالى - كأن يقال : استوى على هيئة كذا ، بخلاف المفوِّضة، فهم يفوِّضون المعنى والكيفَ ، فهم بذلك يخالفون السلف في تفويضهم للكيف فحسب ، فكل مَن تجرَّأ على شيء من ذلك ، فقوله من الغلو في الدين والافتراء على الله - عز وجل - واعتقاد ما لم يأذنْ به الله ولا يليق بجلاله وعظمته، ولم ينطق به كتاب ولا سنة، ولو كان ذلك مطلوبًا من العباد في الشريعة، لبيَّنه الله - تعالى - ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فهو لم يدَعْ ما للمسلمين إليه حاجةٌ إلا بيَّنه ووضَّحه، والعباد لا يعلمون عن الله - تعالى - إلا ما علَّمهم؛ كما قال - تعالى -" وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ "البقرة: 255.
فليؤمن العبد بما علَّمه الله - تعالى - وليقف معه، وليُمسك عما جهِله، وليَكِلْ معناه إلى عالمه .
وأما المشبِّهة فقد تعمَّقوا في شأن كيفيات صفات الله ، وتقوَّلوا على الله بغير علم ؛ حيث يقول أحدهم : له بصرٌ كبصري ، ويد كيدي ، وقدم كقدمي ، تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا .
انظر : شرح الواسطية (14 - 23) ، والقول المفيد شرح كتاب التوحيد ( 8 - 17) ؛ لابن عثيمين ، وماذا يعني انتمائي لأهل السنة والجماعة ؛ لشيخنا العزازي ( 11 - 46) ، وإتحاف أهل الألباب بمعرفة التوحيد والعقيدة في سؤال وجواب ؛ للشيخ وليد بن راشد بن سعيدان ( 1/ 114 - 119) ، ومواقف الطوائف من توحيد الأسماء والصفات ؛ للشيخ محمد بن خليفة بن علي التميمي (21 - 38 ) .

هنا



التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 06-25-2017 الساعة 07:18 AM
رد مع اقتباس