عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 01-29-2015, 12:49 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016

المجلس الحادي عشر

"قاعدة جليلة "
أقسام أفعال العباد:
القسم الأول:
العادات.
القسم الثاني:
العبادات.
وَالْأَصْلُ فِي عَادَاتِنَا الْإِبَاحَـهْ ... حَتَّى يَجِيءَ صَارِفُ الْإِباحَهْ
وَلَيْسَ مَشْرُوعًا مِنَ الأُمُورْ ... غَيْرُ الَّذِي فِي شَرْعِنَا مَذْكُورْ

هذه قاعدة عظيمة نافعة ، تضمنت " أصلين عظيمين " دل عليهما الكتاب والسنة في مواضع
وهذَانِ الأَصْلانِ ذكرهمَا شيخُ الإِسلامِ رحمهُ اللهُ في كتبِهِ، وذكرَ أَنَّ الأَصْلَ الَّذي بنى عليهِ الإِمامُ أَحمدُ مذهبَهُ:
أَنَّ العاداتِ الأَصْلُ فيهَا الإِباحةُ، فلا يحرمُ منهَا إلاَّ مَا وردَ تحريمُهُ.
وأَنَّ الأَصْلَ في العباداتِ أَنَّهُ لا يُشْرَعُ منهَا إلاَّ مَا شَرَعَهُ اللهُ ورسولُهُ صلى الله عليه وسلم.
معنى "الأصل"
الأصل بقاء ما كان على ما كان
فمثلاً: إذا كان الإنسان عليه دَيْن لآدمي أو لله ثم شك في قضاء هذا الدَّيْن، فنقول: الأصل بقاء ما كان على ما كان.القضاء ثابت في الذمة، وهو أمر معلوم فلا يزول بالشك.
ومثله: رجل عليه قضاء رمضان وشك هل قضاه أو لم يقضه؟ نقول: القضاء ثابت في الذمة، وهو أمر معلوم فلا يزول بالشك.ونقول: الأصل بقاء ما كان على ما كان.
الدليل:
شُكيَ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ الرجلُ يجدُ في الصلاةِ شيئًا، أيقطعُ الصلاةَ ؟ . قال : "لا، حتى يسمع صوتًا أو يجدَ ريحًا " .
الراوي: عبدالله بن زيد المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2056- خلاصة حكم المحدث:صحيح
الدرر السنية
"لا، حتى يسمع صوتًا أو يجدَ ريحًا...": أي حتي يتيقن فيبقى على الأصل وهو الطهارة حتى يتيقن من خروج ناقض للطهارة ،ولا عبرة بالشك
*تعريف "العادة"
"العادة" اصطلاحًا: ما استقر في النفس السليمة والطبائع المستقيمة من المعاملات
فالعاداتُ هيَ: مَا اعتادَ النَّاسُ منَ المآكلِ والمشاربِ وأصنافِ الملابسِ، والذَّهابِ والمجيءِ، والكلامِ، وسائرِ التَّصرُّفاتِ المعتادةِ، فلا يحرمُ منها إلاَّ ما حرَّمهُ اللهُ ورسولُهُ، إِمَّا نَصًّا صريحاً أوْ يدخلُ في عمومٍ أَوْ قياسٍ صحيحٍ، وَإلاَّ فسائرُ العاداتِ حلالٌ.

والدَّليلُ على حِلِّهَا قولُهُ تعالى
"
هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" "البقرة29 فهذَا يدلُّ على أَنَّهُ خَلَقَ لَنَا مَا في الأَرْضِ جميعَهُ، لننتفعَ بهِ على أَيِّ وجهٍ منْ وجوهِ الانتفاعِ.
معنى "الإباحة"
الإباحة في الفقه : حكم يقتضي التخيير بين الفعل والترك ، أو إجازة الفعل دون إثم هنا
الإباحة : ما خير الشارع المكلَّف فيه بين الفعل والترك، كالأكل والشرب الزائدين على ما يتم به قيام بنية البدن، واللهو الجائز.هنا
شرح قول الناظم: "حَتَّى يَجِيءَ صَارِفُ الْإِباحَهْ"
لا يشترط القطع بعدم وجود الصارف، وإنما يكتفى فيه بغلبة الظن
أنواع الصوارف الشرعية:

النوع الأول: النص الشرعي
أي من القرآن أو السنة الثابتة
النوع الثاني: الإجماع المعتبر
وهو
اتفاق مجتهدي هذه الأمة في عصر معين ،بعد عصر النبي صلى الله عليه وسلم ،على حكم شرعي
النوع الثالث: القياس الصحيح
وهو :تسوية فرع بأصل في حكم لعلَّة جامعة بينهما. فالفرع: المقيس.
والأصل: المقيس عليه.
والحكم: ما اقتضاه الدليل الشرعي من وجوب، أو تحريم، أو صحة، أو فساد، أو غيرها.
والعلة: المعنى الذي ثبت بسببه حكم الأصل،
وهذه الأربعة أركان القياس، والقياس أحد الأدلة التي تثبت بها الأحكام الشرعية.الشيخ العثيمين

أمثلة للقياس الصحيح
- شرب الخمر: واقعة ثبت بالنص حكمها، وهو التحريم الذي دلّ عليه قوله سبحانه وتعالى"إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ"المائدة: 690، لعِلَّةِ هي الإسكار، فكل نبيذ توجد فيه هذه العلة يسوي بالخمر في حكمه ويحرم شربه.
*أدلة القاعدة:
من القرآن الكريم: قوله تعالى
" هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" "البقرة29
من السنة النبوية:
- أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مرَّ بقومٍ يُلقِّحون . فقال " لو لم تفعلوا لصلَح " قال فخرج شِيصًا . فمرَّ بهم فقال " ما لنخلِكم ؟ " قالوا : قلتَ كذا وكذا . قال " أنتم أعلمُ بأمرِ دنياكم " .
الراوي: أنس بن مالك المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2363-خلاصة حكم المحدث: صحيح الدرر السنية

مثال للقاعدة:
مثال: الخمر من العادات التي ورد النص بتحريمها
آفاق التيسيربتصرف
فالأصلُ في العاداتِ والمعاملاتِ الإباحةُ، فلا يَحْرُمُ منها شيءٌ إلا مادلَّ عليه الدليلُ من الكتابِ أو السُّنَّةِ أو الإجماعِ أو القياسِ الصحيحِ.
وكلُّ مَن حرَّم شيئًا من ذلك طُولِب بالدَّليلِ السَّالمِ مِن المعارِضِ الرَّاجحِ، ولا يُطالَبُ المبيحُ بالدَّليلِ؛ لأنه متمسِّكٌ بالأصلِ.
والأصلُ في هذا قولُه تعالى"هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا"البقرة، 29. فامْتَنَّ علينا بإباحةِ الانتفاعِ بما خلَقه.

وقولُه تعالى"قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ"الأعراف، 32. فأنْكَر اللهُ سبحانَه على مَن حرَّم شيئًا مِن الزِّينةِ والطَّيِّبَاتِ دونَ بُرْهَانٍ منه سبحانَه.
فهذه الآية سيقت مساق الاستفهام الإنكاري.
العبادات
فقولُه:
وَلَيْسَ مَشْرُوعًا مِنَ الأُمُورْ ... غَيْرُ الَّذِي فِي شَرْعِنَا مَذْكُورْ.
أي: الأمورِ العِباديَّةِ.

*فالعباداتُ الأصلُ فيها التَّحريمُ،فلا يُشْرَعُ منها شيءٌ إلا بدليلٍ صحيحٍ، وكلُّ مَن تقَرَّب بعبادةٍ، أو أَذِن فيها طُولِب بالدليلِ الرَّاجحِ، ولا يُطالَبُ المانعُ بإقامةِ الدَّليلِ على تحريمِها، لأنه متمسِّكٌ بالأصلِ.
والأصلُ في هذا قولُه تعالى"أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ"الشورى، 21. فأنكَر تشريعَ شيءٍ من القُرُباتِ دونَ إِذنٍ منه سبحانَه.
وكذلك قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم:
" من عمل عملًا ليس عليه أمرُنا فهو رَدٌّ" الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 6398-خلاصة حكم المحدث:صحيح هنا
مَن عمِلَ عملًا ليسَ علَيهِ أمرُنا فَهوَ مَردودٌ الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث: الألباني - المصدر: تخريج كتاب السنة - الصفحة أو الرقم: 52-خلاصة حكم المحدث:إسناده صحيح هنا
وقد ورد عن جابر -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في خطبته يوم الجمعة: «سمِعتُ مرةً الهمدانيَّ يقولُ : قال عبدُ اللهِ : إن أحسنَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وأحسنَ الهديِ هديُ محمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وشرَّ الأمورِ مُحدثاتُها، و" إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ " . الراوي: عمرو بن مرة الجهني المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7277-خلاصة حكم المحدث: صحيح.نا
"إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ "الأنعام134

"إِنَّ مَا تُوعَدُونَ" من الساعة والعذاب "لآتٍ" لا محالة "وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ"فائتين عذابنا. تفسير الجلالين
فالعبادة هي ما أمر به الشرع، أمر إيجاب أو أمر استحباب، فما خرج عن هذا؛ فليس بعبادة، بل هو بدعة والبدعة نوعان:
النوع الأول: أن يَشرع أو يَخترع عبادة ليس لها أصل في الشرع؛ كأذكار ما لها أصل، أو صلوات لها أصل، ومن هذا النداء لصلاة العيد، أو النداء لصلاة الاستسقاء، هذا ليس له أصل في الشرع؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- صلى العيد بدون نداء وصلى الاستسقاء بدون نداء، لكن في الكسوف فيها نداء، لماذا؟ لأن الكسوف يقع فجأة، لكن العيد يعلم به الناس، الاستسقاء يخبرون به.
النوع الثاني: أن يبتدع العبادة على وجه يغير ما شرعه الله ورسوله؛ مثل: الوضوء أكثر من ثلاث مرات هذا ليس له أصل، وإلا فالوضوء له أصل، ومثل التلحين الزائد في الأذان، فتحسين الصوت في الأذان، لكن التلحين والتمطيط الزائد ليس له أصل، ومثل هذا الأذكار الجماعية، أو التكبير الجماعي.


التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 06-25-2017 الساعة 03:48 AM
رد مع اقتباس