عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 09-23-2018, 06:26 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,022
Haedphone

*المتن*

القاعدة الرابعة:

دلالة أسماء الله تعالى على ذاته وصفاته تكون بالمطابقة وبالتضمن وبالالتزام.
* الشرح *

هذه القاعدة في الواقع لاتختص بأسماء الله فقط ، بل كل لفظ فإنه يدل على المعنى بالمطابقة والتضمن والالتزام، وعليه فأنواع الدلالات ثلاثة:
1- دلالة المطابقة
2- دلالة التضمن
3- دلالة الالتزام
1- دلالة المطابقة:هو أن يدل اللفظ على جميع أجزاء معناه وأفراده.أي دلالة اللفظ على جميع معناه
2-دلالة التضمن:فمعناها :دلالة اللفظ على جزء معناه.
3-دلالة الالتزام: فمعناها : دلالة اللفظ على لازمٍ خارج.

مثال ذلك كلمة "السيارة"، كلمة السيارة تدل على كل السيارة :هيكلها وماكيناتها وأنابيبها وإطاراتها وكل شيء فيها بالمطابقة ، وتدل على العجلات فقط بالتضمن ، وتدل على البطارية فقط بالتضمن وتدل على الشاسيه ؛ بالتضمن، وتدل على صانعها بالالتزام؛ لأن لها صانعًا ، وهي لم تصنع نفسها السيارة.

مثال آخر: كلمة "الدار" إذا قلت اشتريتُ دارًا دلالة هذه الكلمة على كل الدار دلالة مطابقة ، ودلالتها على الحمام والقهوة والمستراح ؛ دلالة تضمن ، ودلالتها على الذي بناه دلالة التزام.
*المتن*

* مثال ذلك: "الخالق" يدل على ذات الله، وعلى صفة الخلق بالمطابقة، ويدل على الذات وحدها وعلى صفة الخلق وحدها بالتضمن، ويدل على صفتي العلم والقدرة بالالتزام.
* الشرح *
واسم"الخالق"يدل على ذاتٍ وصفةٍ، يدل على ذات الله ويدل على صفة الخلق، دلالته على هذين المعنيين بالمطابقة ،ودلالته على ذات وحدها بالتضمن ؛ ،ودلالته على الخلق وحده بالتضمن أيضًا ، ودلالته على العلم والقدرة بالالتزام.كيف ذلك؟نقول:الخالق لايُمكن أن يخلق إلاوهو عالمٌ كيف يخلق ، والخالق لايُمكن يخلق إلا وهوقادرٌ على أن يخلق .ونحن نعلم أنه لوأراد أحدٌ أن يصنع شيئًا وهو لايعلم ،فإنه لا يستطيع. ولو كان يعلم و لكن ماعنده القدرة ؛فإنه كذلك لايستطيع ، إذًا فكلمة "صانع" تدل على "ذاتٍ صانعةٍ" وتدل على "صُنع" وتدل على "عِلم" و"قُدرة". فدلالتها على ذاتٍ الخالق وعلى الصُنع جميعًا ؛"دلالة مطابقة "ودلالتها على ذاتٍ صانعة وحدها بالتضمن ،ودلالتها على "صُنع" وحده؛ "دلالة تضمن" ،وودلالتها على "علم" و"قدرة"دلالة التزام".
*المتن*
ولهذا لما ذكر الله خلق السموات والأرض قال"لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا"سورة الطلاق، الآية: 12.
* الشرح *
لما ذكر الله خلق السموات والأرض فقال:
"اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ"قال:لِتَعْلَمُوا:يعني بيَّنا لكم ذلك وإننا خالقون السموات والأرض"لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا"الطلاق12". أي: أن الله هو الخالق وقد خلق بقدرة وعلم ، ولولا قدرة الله ماصار خلق ولولا علمه ماصار خلق.
*المتن*
ودلالة الالتزام مفيدة جدًا لطالب العلم إذا تدبر المعنى ووفقه الله تعالى فهمًا للتلازم، فإنه بذلك يحصل من الدليل الواحد على مسائل كثيرة.
* الشرح *

ومثال ذلك لوقال قائل : هل يجوز للرجل أن يُصبح صائمًا جُنبًا؟ نعم ، ماهو الدليل؟ من القرآن
قال اللهُ تعالى:" َالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ"البقرة 187.
فهذه الآية دلت على أنه يجوز المباشرة إلى الفجر، ومن لازم ذلك يُصبح وهو جُنب،وحينئذ نقول هذه الآية دلت على جواز إصباح الصائم جُنبًا من أي طُرق الدلالة ؟ بدلالة الالتزام.
ومثل ذلك جواز أن يصبح الصائم- بعد طلوع الفجر – وهوشبعان،نعم؛ لأنه جاز له الأكل والشرب إلى طلوع الفجر، ومن لازم ذلك أن يطلع عليه الفجر وهو شبعان .

*المتن*
واعلم أن اللازم من قول الله تعالى، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا صح أن يكون لازمًا فهو حق؛وذلك لأن كلام الله ورسوله حق، ولازم الحق حق، ولأن الله تعالى عالم بما يكون لازمًا من كلامه وكلام رسوله فيكون مرادًا.

* الشرح *
هذه أيضًا قاعدة مهمة اللازم من كلام الله إذا صح أن يكون لازمًا فهو حقٌ، فإن لم يصح أن يكون لازمًا فليس بحقٍ؛ مثالُ ذلك: أهل التعطيل يقولون : يلزم من إثبات الصفات إثبات التمثيل ،وإذا لزم من إثبات الصفات إثبات التمثيل وجب علينا إنكارُ الصفات لأن التمثيل يجب إنكارُه.
ونحن نقول: لايلزم من إثبات الصفات إثبات التمثيل. لو قال قائلٌ :يلزم من قولكم:" إن الله استوى بذاته" أن يكون لله ذاتٌ تستوي على العرش وتنزل إلى السماء الدنيا ؛وما أشبه ذلك؟
نقول: هذا اللازم حق، ولامانع من أن نُثبت لله ذاتًا لا تُشبه الذوات وحينئذٍ يكون هذا اللازمُ حقًا.
الخلاصة: أن اللازم من كلام الله ورسوله حقٌ متى؟إذا صح أن يكون لازمًا.
وأما أن ندَّعي أنه لازمٌ ، وليس هو في الحقيقة بلازمٍ، فهذه دعوى تحتاج إلى دليل. فإذا صح اللازم فإنه حقٌ لسببين:
الأول:أن كلام الله ورسولِه-صلى الله عليه وآله وسلم- حقٌ ، ولازم الحقِّ حقٌّ.
الثاني: أن الله- عزوجل- يعلمُ ماذا يترتب على كلامه وكلامِ رسولِه – صلى الله عليه وسلم – ؛ فإذا كان يعلم ذلك ؛ كان هذا الشيء لازمًا لكلامه علمنا أن هذا اللازم مرادٌ لله عز وجل وعليه إذا قيل : هل لازم القول قول؟
فالجواب:إن كان القولُ قولَ اللهِ ورسوله – صلى الله عليه وسلم – فلازمه حق ويكون كقولهما ؛ لأن قولهما دل عليه باللازم ؛ ، وأما قولُ غيرهما ففيه تفصيلٌ.

*المتن*
وأما اللازم من قول أحدٍ سوى قول الله ورسوله، فله ثلاث حالات:
الأولى:أن يذكرَ للقائلِ ويلتزم به،مثل أن يقول من ينفي الصفات الفعلية لمن يثبتها: يلزم من إثباتك الصفات الفعلية لله - عز وجل - أن يكون من أفعاله ما هو حادث. فيقول المثبِت: نعم، وأنا ألتزم بذلك فإن الله تعالى لم يزل ولا يزال فعالاً لما يريد ولا نفاد لأقواله وأفعاله كما قال تعالى: "قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا"سورة الكهف، الآية: 109.. وقال: "وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"سورة لقمان، الآية: 27 وحدوث آحاد فعله تعالى لا يستلزم نقصًا في حقه.


* الشرح *

اللازم من قول غيرالله ورسوله-صلى الله عليه وسلم- له ثلاثُ حالاتٍ:
الأول : "أن يُذكر – اللازم - للقائل ويلتزم به"، فهذا معلومٌ أنه إذا التزم به صار من قوله، فإذا ذكِراللازم للقائل وقال:" نعم، هذا يلزم من قولي ،وأنا مُلتزمٌ به " صار هذا اللازم قولاً له للالتزامه إياه، فإنه قال :" نعم أنا ألتزم به وليس في ذلك عندي مانع "
ومثاله : إذا قال من يُنفي الصفات لمن يثبتها:يلزم من إثباتك الصفات الفعلية أن يكون من أفعال الله ماهوحادثٌ!!.
فقد وجد بعض من ينكرون أفعالَ اللهِ-عزوجل-،فيُنكرون"أن ينزل وأن يأتي وأن يضحك ؛وماأشبه ذلك"ليش؟وعللوا ذلك بأن قالوا : هذه حوادث، والحادث لايقوم إلابحادث.
ونحنُ نُسَلِّم بأن الصفات الفعلية حادثة ، ولكن لانُسلم بأن الحوادث لاتقوم إلا بحادث ،لأن الحوادث قد تقوم بالقديم الذي ليس بحادث.
فإذا كان هناك رجلٌ يُنكر الأفعال الاختيارية ويُناظر مَنْ يُثبت الأفعال الاختيارية ، فإنه أي: النافي ، سيقول للمثبت:يلزم على قولك بإثبات الأفعال الاختيارية ؛أن يكون من أفعال الله شيءٌ حادث، فالنزول إلى السماء الدنيا يحدث كل ليلة ولا لأ؟ . فقال المُثبت للأفعال الاختيارية :نعم يلزم من إثبات الصفات الفعلية ؛أن يكون من أفعال الله ماهو حادثٌ، وأنا ألتزم بذلك، وأقول:" في أفعال الله ماهو حادثٌ" وليس في هذا شيءٌ أبدًا. فهذا اللازم التزم به القائل ، فيكون من قوله بلا شك لأمرين :
أولاً ؛ لأن كلامه دل عليه .
وثانيًا : ولأنه التزمه فعلاً.

وفي هذه القاعدة عدة فوائد، وقد سبق أن اللازم من قول أحد سوى قول الله ورسوله له ثلاث حالاتٍ، وتكلمنا عن الحالة الأولى ، وهي :" أن يذكر للقائل ويلتزم به"
فإذا قيل للقائل:"يلزمُ على قولِك كذاوكذا " فقال:" نعم ، وأنا ألتزم به " فلازم قوله قولاً له ، ويكون قائلا باللازم والملزوم .

مثاله:أن يقول مَنْ يُنفي الصفات الفعلية- وهم المعتزلة والأشعرية ،فهم ينكرون الأفعال الاختيارية بالله عز وجل ونحوهم ، والذين يثبتونها هم السلف "أهل السنة والجماعة " – يلزم لإثبات الصفات الفعلية لله عز وجل ؛ أن يكون من أفعال الله ما هو حادث .
فإذا قال النفاة ذلك، ماذا يقول المُثبِت؟
فإذا قال المثبت :لا، لايلزم.
قيل له : بيِّن لنا عدم وجه الملازمة.
وإن قال: يلزم وأنا ألتزم بذلك وأثبته .
قيل له : لابأس ، وأنت الآن التزمتَ أمرًا نرى أنه غيرُ صحيح، وأنت ترى أنه صحيحٌ ، فما بيان ذلك ؟
يقول المُثبتُ: نعم، وأنا ألتزم بذلك ،فإن الله لم يزل ولايزال فعالاً لمايُريد، ولا نفاد لأقواله وأفعاله كما قال الله تعالى:"قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا"سورة الكهف، الآية: 109.وقال تعالى:"وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"سورة لقمان، الآية:27..وحدوث أحاد فعله تعالى لايستلزم نقصًا في حقه، بل هو في الحقيقة كمالٌ ،لأن كونه يفعل مايُريدُ متى شاء، لاشك أنَّ هذا كمالٌ.
والذي يقول :"إنَّ الله لايفعل ولاتحدث أفعاله" فمعنى كلامه أنه عطل كمال الله ،وأما الذي يقول:بأنَّ أفعال الله تحدث ُ، فهذا هوالذي وصف الله تعالى بالكمال؛ولهذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم-إذا نزل المطر حَسر عن ثوبه ليصيبه الماء ،ويقول :" إنه حديث عهدٍ بربه"صحيح مسلم :898.إذًا فخلقُ اللهِ لهذا المطرمتجدد ولا بقديم؟ متجدد لأنه قال حديثُ عهد بربه فتجدد أحاد فعل الله كمالٌ وليس بنقصٍ.
والنفاة يقولون: لايُمكن أن تتجدد أفعاله؛ لأن الحادث لايكون إلابحادث. هل هذا صحيح؟ أبداً حدوث الفعل لايلزم منه حدوث الفاعل.نحن الآن جئناإلى هذا المكان اليوم وفعلنا أفعالاً في هذه الساعة هل يلزم من ذلك أننا لم نُخلقْ إلا هذه الساعة؟ لايلزم فالوجود يسبق الفعل،وعليه نقول: إنَّ اللهَ-عزوجل-لم يزل ولايزال موجودًا، ولكن آحادُ أفعاله تتجدد حسب ماتقتضيه حكمته ،وليس في هذا نقصٌ بل في هذاكمالٌ.
رد مع اقتباس