عرض مشاركة واحدة
  #27  
قديم 01-13-2024, 10:42 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,659
افتراضي

- كل ما يتمتع به الكفار في الحياة الدنيا لاتنسى أنه زائل لا خير فيه، ﴿مَتَٰعٞ قَلِيلٞ﴾ كل ما في الدنيا لا شك أنه قليل، ثم بعد ذلك يصيرون إلى جهنم جزاءً وفاقًا لكفرهم وشركهم.

- لا تغتر حيث رأيت هؤلاء الكفار لأن ذلك عما قريب يزول، وهذا العطاء وهذا الذي تُشاهدون وترون من حالهم لا يدل على رضا الله عنهم، وقد جاء الوصف هنا "تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ" فالله لا يرضى بالكفر، ولا يرضى عن أهله، وما يُعطيهم ويُمدهم به من المال والبنين كل ذلك من أجل استدراجهم، فهو من كيده ومكره بهم مقابل أفعالهم.

- إذا كان هذا العطاء الدنيوي مع سخط الله، ويكون ذلك زيادة في العذاب في الدنيا، وزيادة في العذاب في الآخرة، فكيف يتلذذ من له عقل بنعيم كهذا! وكيف يغتر من علم بذلك! كيف يغتر بحال هؤلاء، كيف لك الاغترار بإنسان مصيره الخلود في النار ليس له إلا هذا المصير!

- عادة القرآن إذا ذكر حال السُّعداء أعقبه بذكر حال الأشقياء، والعكس؛ ليبقى العبدُ مُراوحًا بين الحالتين: الخوف، والرَّجاء، فهما كالجناحين للطَّائر لا يطير إلا بهما، فيكون جامعًا بين الخوف من الله -تبارك وتعالى- فيتَّقي بذلك محارمَه، ويكون جامعًا معه الرَّجاء؛ فلا يحصل له يأسٌ وقنوطٌ، فإنَّ ذلك أيضًا من صفات الكافرين، وليس ذلك من صفات أهل الإيمان.

- تقوىٰ الله بإتقاء محارمه وحدوده، وفعل المأمور وترك المحظور.

- لا يكن همَّك من وراء حفظ القرآن وتدبره مكاسب دنيوية، فيحبط عملك وتخسره.

- مقامات التَّفكر، والتَّقوى، والعمل بطاعة الله، ومجانبة مساخطه، كل ذلك يحتاج إلى صبرٍ، يحتاج إلى حبسٍ للنُّفوس، فإنَّ النفسَ شرودٌ، تميل إلى الدّعة، والراحة، والإخلاد إلى الأرض، ولربما تحتاج إلى مُزاولات طويلة ومُجاهدات حتى تسكن، ويحصل لها نوعٌ من التَّرويض، فتكون بعد ذلك مُنسجمةً مع الأعمال التي تُزاولها من طاعة الله وطاعة رسوله ﷺ.

- قال ثابت البناني _رحمه الله: «كابدتُ الصلاةَ عشرين سنة، وتمتعتُ بها عشرين سنة» فبعد عشرين سنة من المكابدة والمجاهدة في شأن الصَّلاة وصل إلى مرحلة اللَّذة -لذَّة المناجاة- صارت الصلاةُ له قُرةَ عينٍ، صار يأنس بها، ويُسَرّ، ويجد الانشراح.

- يقول أحدهم: (إني لأفرح بالظَّلام)، يفرح بالظَّلام من أجل ماذا؟ السَّمر؟! المؤانسة؟! يفرح بالظَّلام من أجل مُناجاة الله، فأين نحن من هؤلاء؟!

- النفوس إذا رُوِّضت على هذا، وارتقت إلى هذه المقامات؛ صارت العبادةُ سجيةً لها، لا تحتاج إلى كثير كُلفةٍ ومُعاناةٍ عند القيام، هذه المراتب العالية متى نصل إليها؟ ونحن لربما نُكابد من أجل أن نُصلي الفرض كصلاة الفجر!

- يحتاج الإنسانُ إلى صبرٍ على الطاعة، وصبرٍ عن المعصية، ويحتاج إلى صبرٍ على أقدار الله المؤلمة، وإن كان الصبر شاقًا عليه فليعود نفسه عليه بالمصابرة.

- الصَّبر حبس النَّفس، قال الحسنُ _رحمه الله:- «الصبر على دينه الذي ارتضاه اللهُ له، وهو الإسلام، فيكون مُستقيمًا كما أمره الله حتى يلقاه».

- المُصابرة: هي صبرٌ زائد، فالمصابرة مرتبةٌ أعلى من الصَّبر؛ صبرٌ وزيادة.

- تجد بعض الناس ليس عنده أدنى قُدرة على الصَّبر والمدافعة والمجاهدة، يقوده الشيطانُ حيث شاء، يلعب به لعب الصبيان بالكُرة، ولو لم تكن له شهوة في هذه المعاصي التي يعملها، لكن صار يُقاد إلى المنكر والمعصية، ولا يجد في نفسه أدنى قُدرة على الدَّفع، والصَّبر، والثَّبات، يكفيه مجرد الخاطر الذي يُلقيه الشيطانُ في قلبه فينقاد مُباشرةً ويستجيب، هنا نحتاج إلى هذه المصابرة.

- مرتبه أعلى من الصبر والمصابرة وهي (المُرابطة) فُسِّرت بالمداومة على الطَّاعة: أن يثبت ولا يحصل له تزعزع ولا تراجع، ولا تخلِّي، يثبت في مكانه، هذه هي المُرابطة.

- المُرابطة هي: المداومة في مكان العبادة، والثَّبات أيًّا كانت؛ إن كانت مُرابطة في الثُّغور في الجهاد، أو كانت من قبيل المرابطة في الصَّلاة، أو المرابطة في طريق الدعوة إلى الله.

- قال بعض السلف: المقصود بالمُرابطة: انتظار الصَّلاة بعد الصَّلاة، قال رسول الله ﷺ: «فذلكم الرِّباط، فذلكم الرِّباط» والأقرب -والله أعلم- أنَّ المعنى أعمُّ من هذا، فيدخل فيه هذا الرِّباط بانتظار الصَّلاة، ويدخل فيه الرِّباط الآخر؛ وهو الرِّباط في جميع أنواع الثُّغور، قال رسول الله ﷺ: «رباط يومٍ في سبيل الله خيرٌ من الدنيا وما عليها».

- الرِّباط لا يختصّ بانتظار الصلاةٍ، فهذا منه، ومن أجلِّه وأفضله، كما أنَّه لا يختصّ أيضًا بالوقوف في نحر العدو في بلاد المسلمين المتاخمة لبلاد الكفَّار، فهذا من أجلِّه وأشرفه، فلا تنسى الرباط في تعلُّم العلم وفي الدعوة إلى الله وفي الأعمال الصالحة بأكملها.

يُتبع،،، 👇🏻
رد مع اقتباس