عرض مشاركة واحدة
  #25  
قديم 10-28-2020, 12:04 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

📩 قواعد قرآنية

القاعدة الثالثة والعشرون

🔅 {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} [البقرة:189].

📌هذه القاعدة القرآنية جاءت ضمن سياق الحديث عن عادة من عادات أهل الجاهلية، الذين إذا أحرَمُوا لم يدخلوا البيوت من أبوابها، تعبُّدًا بذلك، وظنًّا أنه بر، فأخبر الله أنه ليس ببر؛ لأن الله تعالى لم يشرعه لهم، كما ثبت سبب هذا النزول في الصحيحين من حديث البراء -رضي الله عنه-.

🔅قال -تعالى-: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [البقرة:189].

🎯 من تطبيقات هذه القاعدة:

١- عبادة الله -تعالى-، ومن أراد أن يصل إلى الله، فعليه أن يسلك الطريق الموصل إليه -ﷻ-، ولا يكون ذلك إلا بواسطة الطريق الذي سنه رسول الله -ﷺ-.

💬 يقول العلامة ابن القيم -رحمه الله-:

«فالوصول إلى الله وإلى رضوانه بدونه محال، وطلب الهدى من غيره هو عين الضلال، وكيف يوصل إلى الله مِن غير الطريق التي جعلها هو -سبحانه- موصلة إليه، ودالة لمن سلك فيها عليه! بعث رسوله بها مناديًا، وأقامه على أعلامها داعيًا، وإليها هاديًا، فالباب عن السالك في غيرها مسدود، وهو عن طريق هداه وسعادته مصدود، بل كلما ازداد كدحًا واجتهادًا: ازداد من الله طردًا وإبعادًا».

💬ويؤكد ذلك العلامة السعدي -في تعليقه على هذه القاعدة التي نحن بصدد الحديث عنها- فيقول:

«وكل من تعبد بعبادة لم يشرعها الله ولا رسوله، فهو متعبد ببدعة، وأمرهم أن يأتوا البيوت من أبوابها لما فيه من السهولة عليهم، التي هي قاعدة من قواعد الشرع».

٢- ومن تطبيقات هذه القاعدة، أنه يؤخذ من عمومها اللفظي والمعنوي أن كل مطلوب من المطالب المهمة ينبغي أن يؤتى من بابه، وهو أقرب طريق ووسيلة يتوصل بها إليه، وذلك يقتضي معرفة الأسباب والوسائل معرفة تامة؛ ليسلك الأحسن منها والأقرب والأسهل، والأقرب نجاحًا، لا فرق بين الأمور العلمية والعملية، ولا بين الأمور الدينية والدنيوية، ولا بين الأمور المتعدية والقاصرة، وهذا من الحكمة.

💡وكلما عظم المطلوب تأكَّد هذا الأمر، وتعيَّن البحث التام عن أمثل وأقوم الطرق الموصلة إليه.

٣- ومن تطبيقات هذه القاعدة: إغلاقها لباب الحيل على الأحكام الشرعية؛ ذلك أن المتحايل على الشريعة لم يأتِ الأمر من بابه، فخالف بذلك ما دلت عليه هذه القاعدة المحكمة.

❗️فإذا تبين ذلك؛ فقارن: كم هم الذين وقعوا في هذا المرتع الوخيم ممن نصبوا أنفسهم للإفتاء في بعض المنابر الإعلامية، أو في بعض المواقع، وساعدهم على ذلك تراكض كثير من الناس في هذا الباب؟! وأدنى نظرة في الواقع، تبين أن الأمر جلل، والله المستعان.

وما أجمل ما قاله قيس بن الخطيم:

إذا ما أتيت العزّ من غير بابهِ
ضللتَ، وإن تقصد من الباب تهتدِ

٤- ومن تطبيقات هذه القاعدة القرآنية في الحديث مع الناس؛ أن الآية ترشد إلى أن المؤمن عليه أن يسلك الطريقة المناسبة في الحديث، فيعرف الموضوع المناسب الذي يحسن طرقُه، والوقت الملائم، ويعرف طبيعة الشخص أو الناس الذين يتحدث إليهم، فإن لكل مقام مقالًا، ولكل مجال جدالًا، ولكل حادثة مقامًا، ومن يؤتَ الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا.

🔆 والواجب علينا أن ننطلق في إصلاح مشاكلنا كلها مهما تنوعت من كتاب ربنا، وسنة نبينا ﷺ، وأن نعتقد ذلك يقينًا؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ في كل شيء: في أمر العقائد، وأحكام الحلال والحرام، والقضايا الاجتماعية، والاقتصادية والسياسية، نسأل الله تعالى أن يعيننا على فهم كتابه، والاهتداء بهديه، والاستنارة بنوره.


"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب ღ
رد مع اقتباس