عرض مشاركة واحدة
  #22  
قديم 10-25-2020, 01:12 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,646
افتراضي

قواعد قرآنية

القاعدة العشرون:

🔅 {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} [الحج:18].

📌 هذه قاعدة من القواعد المحكمة في أبواب العدل والجزاء، ولتدبرها أثرٌ في فهم المؤمن لما يراه أو يقرأه في كتب التاريخ، أو الواقع من تقلبات الزمن والدهر بأهله، سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات.

📍وإذا كان الشرك بالله هو أعظم صورةٍ يذلُّ بها العبد نفسه، ويدسّها في دركات الهوان؛ فإنّ ثمةَ صورًا أخرى -وإن كانت دون الشرك- إلا أن أثرها في هوان العبد وذله ظاهر بيّن: إنه ذل المعصية، وهوان العبد بسببها.

💬 يقول ابن القيم موضحًا شيئًا من معاني هذه القاعدة القرآنية المحكمة، وهو يتحدث عن شيء من شؤم المعاصي، وآثارها السيئة:

«ومنها: أن المعصية سببٌ لهوان العبد على ربه وسقوطه من عينه، قال الحسن البصري: هانوا عليه فعصوه ولو عزوا عليه لعصمهم!

❗️وإذا هان العبد على الله لم يكرمه أحد، كما قال الله تعالى: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} ! وإنْ عَظّمهم الناس في الظاهر لحاجتهم إليهم، أو خوفًا من شرهم، فهم في قلوبهم أحقر شيء وأهونه…»

💬 وقال ابن القيم -وهو يتحدث عن بعض عقوبات المعاصي-:

«أن يرفع الله -ﷻ- مهابته من قلوب الخلق، ويهون عليهم، ويستخفون به، كما هان عليه أمر الله، واستخفَّ به، فعلى قدر محبة العبد لله يحبه الناس، وعلى قدر خوفه من الله يخافه الناس، وعلى قدر تعظيمه الله وحرماته يعظم الناس حرماته! وكيف ينتهك عبدٌ حرمات الله ويطمع أن لا ينهك الناس حرماته؟! أم كيف يهون عليه حق الله ولا يهوّنه الله على الناس؟! أم كيف يستخف بمعاصي الله ولا يستخف به الخلق؟!

💡وقد أشار -سبحانه- إلى هذا في كتابه عند ذكر عقوبات الذنوب، وأنه أُركس أربابها بما كسبوا، وغُطي على قلوبهم، وطُبع عليها بذنوبهم، وأنه نَسِيهم كما نسوه، وأهانهم كما أهانوا دينه، وضيّعهم كما ضيعوا أمره.

🔅ولهذا قال تعالى -في آية سجود المخلوقات له-: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} فإنهم لما هان عليهم السجود له، واستخفوا به ولم يفعلوه؛ أهانهم فلم يكن لهم من مكرم بعد أن أهانهم، ومن ذا يكرم من أهانه الله أو يهن من أكرم؟!».

📌وفي كلمة ابن القيم الآنفة: «ومن ذا يُكرم من أهانه الله، أو يُهنْ من أكرم» إشارة إلى معنى يفهم من هذه القاعدة القرآنية المحكمة وهو: أن من أكرمه ربه بطاعته، والانقيادِ لشرعه ظاهرًا وباطنًا؛ فهو الأعز الأكرم، وإن خاله المنافقون أو الكفار على خلاف ذلك، كما قال من طمس الله على بصائرهم من المنافقين وأشباههم: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [المنافقون:8] إي والله.. لا يعلمون من هم أهل العزة حقًا!
ألم يقل الله: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران:139]؟!

⁉️وكيف يشعر المؤمن بالهوان وسنده أعلى؟! ومنهجه أعلى؟! ودوره أعلى؟ وقدوته ﷺ أعلى وأسمى؟!

❓فهل يعي ويدرك أهل الإيمان أنهم الأعزة حقًا؛ متى ما قاموا بما أوجب الله عليهم؟

أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم منهم، وأن يكرمنا وإياكم بطاعته، ولا يذلنا ويهيننا بمعصيته.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب ღ
رد مع اقتباس