عرض مشاركة واحدة
  #27  
قديم 07-05-2018, 04:19 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
Haedphone

38 ـ وَكُلُّ حُكْمٍ دَائِرٌ معْ عِلَّتِهْ **وَهِيَ التي قَدْ أَوْجَبَتْ لِشِرْعَتِهْ
العلة : لغة : ما يتغير به حال المحل ، ومنه سُمي المرض علة ؛ لأنه بحلوله يتغير حال الشخص من القوة إلى الضعف
وفي الاصطلاح : الوصف الظاهر المنضبط الذي عُلِّق عليه الحُكم ، وذلك كالإسكار في الخمر ، والسرقة في القطع .
أما الحِكْمَة : فهي : المصلحة المقصودة من تشريع الحُكم ، كحفظ العقل في تحريم الخمر ، وحفظ المال في إيجاب الحدِّ على السارق ، ودفع المشقة في جواز القصر والجمع للمسافر .
وبذا يتضح الفرق بين العلة ، والحِكمة .
لشرعته : أي لتشريع الحكم .
والمعنى : أن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا ، فإذا وجِدَت العلةُ وُجِدَ الحكمُ ، وإذا انتفت العلة انتفى الحكم .
مثاله : حِل الميتة ، ما علته ؟ . الضرورة ، فإذا عُدمت الضرورة عُدم هذا الحِلّ . كذلك التيمم عِلته فَقْد الماء أو العجز عن استعماله ؛ فإذا وُجدت هذه العلة وجد التيمم ، وإذا انعدمت عُدِمت مشروعية التيمم ، وعاد للوضوء .
والأصل في الأحكام التعليل ، بمعنى أن تكون لها عِلَل معروفة ، ولكن بعض الأحكام لم يُدْرِك العلماءُ العلة فيها ، وتسمى أحكامًا تعبُّديةً ـ مثل تقبيل الحجر الأسود .
* فعن عمر ـ رضي الله عنه ـ أنه جاء إلى الحَجَرِ ، فقبله فقال : إني أعلمُ أنك حجر لا تنفع ولا تضر ، ولولا أني رأيتُ رسولَ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يُقبلك ما قَبَّلتك .
سنن أبي داود / تحقيق الشيخ الألباني / 5 ـ أول كتاب : المناسك / 47 ـ باب :في تقبيل الحجر / حديث رقم : 1873 / ص : 325 / صحيح .
الحجَر : أي الحجر الأسود ، وتقبيله من مناسك الحج والعمرة .
ـ والشرع قد ينص على العلة أحيانًا ، كما جاء في الحديث عن الهِرة .

"إنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ قالَ إنَّها ليسَت بنجَسٍ إنَّها منَ الطَّوَّافينَ عليْكم والطَّوَّافاتِ"الراوي : كبشة بنت كعب بن مالك - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح أبي داود-الصفحة أو الرقم: 75 - خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح-الدرر السنية -

إنَّها ليسَتْ بنَجَسٍ"، أي: إنَّها حيوانٌ طاهرٌ، وليسَتْ فيها نَجاسةٌ؛ "إنَّها مِنَ الطَّوَّافينَ عليكم والطَّوَّافاتِ"، والطَّوَّافونَ والطَّوَّافاتُ هم الخَدَمُ، وسُمُّوا بذلك؛ لكثرةِ دُخولِهم وطَوافِهم في البيوتِ على مَوالِيهم، وشَبَّه بهم القِططَ لكَثْرةِ دُخولِها ووُجودِها في البيوتِ.-الدرر السنية -
وفي الحَديثِ: أنَّ القِطَّةَ مِنَ الحَيواناتِ الطَّاهرةِ المُسْتأنَسةِ.

فعلَّل الحكم بطهارتها بكثرة طوافِها وتردُّدِها على الناس .
ـ وقد تكون العلة غير منصوص عليها صراحةً ، ولكن يستنبطها العلماء تبعًا للقواعد الموضوعة لذلك ، كما في عِلةِ جريان الربا في الأصناف الستة .
منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم / بتصرف .

منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : الشيخ عبيد الجابري .
مسألة :
هناك بعض الألفاظ إذا جاءت في الكتاب والسنة دلت على أن ما بعدها علة . من ذلك :
* لفظة " كي " كما في قوله تعالى "كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلاَ تَحْزَنَ " . سورة القصص / آية : 13 .
* ومثالها من السنة :
* عن نُبيشة ، قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم" إنَّا كنَّا نهيناكم عن لحومها أن تأكلوها فوق ثلاثٍ ، لكي تَسَعَكُم ، فقد جاء اللهُ بالسَّعَةِ ، فكلوا وادَّخروا وأتَجِرُوا * ، ألا وإنَّ هذه الأيام أيامُ أكلٍ وشُربٍ وذِكرِ الله عز وجل " .
سنن أبي داود / تحقيق الشيخ الألباني / 10 ـ أول كتاب : الضحايا /10 ـ باب : في حبس لحوم الأضاحي / حديث رقم : 2813 / ص : 499 / صحيح .
* وأتَجِرُوا : افتعل من الأجر الذي هو الثواب .
وفي نسخة : **واتَّجِرُوا : افتعل من التجارة ـ التجارة مع الله وليس البيع والشراء ، لأنه يحرم بيع شيء من الأضحية .
مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 112 / بتصرف .
** حاشية سنن أبي داود / تحقيق الشيخ الألباني / حديث رقم : 2813 / ص : 499 .
* ومن ذلك " النون المشددة " ، هذه تفيد التعليل كما في قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ " إِنَّها ليست بنجس ، إنَّها من الطوافين عليكم والطوافات " .
* كذلك " لام التعليل " كما في قوله تعالى" كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ " .سورة ص / آية : 29 .
* ومن ذلك " الباء " كما في قوله تعالى :
{ فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ" . سورة النساء / آية : 160 .

وغير ذلك من الألفاظ التي إذا جاءت في الكتاب أو السنة دلت على التعليل .
منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي .
وهذه القاعدة المشار إليها هي قاعدة أغلبية لا مُطَّرِدة .
وقد اتفق عليها الفقهاء ، قاله ابن النجار في " شرح مختصر التحرير " ، وبنحوه قال الشاطبي في " الموافقات " .
مجموعة الفوائد البهية على منظومة القواعد الفقهية / ص : 112 .
* وإنما قيل أن هذه القاعدة هي قاعدة أغلبية لا مُطَّرِدَة ، لأن لها استثناءات ، وهي ترجع إلى مجموعة أمور :
أولها :
ما كان له ـ يعني الحكم ـ أكثر من عِلة ؛ فإن انتفاء بعض تلك العلل لا يوجب انتفاء الحكم ، كالحدث ببول وغائط ، فإنه يوجب عدم الصلاة حتى يرتفع الحدث ، فلو انتفت عِلة البول ، فلا يعني ذلك جواز مباشرة الصلاة وصحتها ؛ لأنه قد توجد علة أخرى ـ مثل الغائط ـ تمنع من الصلاة .
وثانيها :
هو الحكم الذي بقي مع انتفاء علته .
ومثاله : الرَّمَل ـ عند طواف القدوم ـ ، فإن علته إظهار النشاط للكفار ، وأن حُمَّى يثرب لم تُصِب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه ، غير أن هذه العلة انتفت وبقي الحكم ، ويدل عليه فعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ للرَّمَل في حجة الوداع .
وثالثها :
ما كان الحكم مبنيًّا على علة ظنية .
ومثاله : الرخص المتعلقة بالسفر ؛ لأنه مظنة المشقة ، فإن أحكام الرخص تستمر ولو لم توجد تلك العلة ، وهي المشقة لكونها ظنية ، قاله شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ في " مجموع الفتاوى " .
مجموعة الفوائد البهية على منظومة القواعد الفقهية / ص : 113 .
ويدخل تحت هذه القاعدة مسائل كثيرة ، منها :
* أن المشقة عُلِّق عليها أحكام كثيرة من التخفيفات بـ : الصلاة والزكاة ، والصوم ، والحج ، والعمرة ، ونحوها من الأحكام ، إذا وجدت المشقة : حصلت التخفيفات المرتبة عليها ، وإذا عُدِمَت المشقة عُدِمَت هذه الأحكام ، وتفصيل المشقة معروف في كتب الفقه .
* ومن ذلك :
التكليف ، وهو : البلوغ ، والعقل : علِّق عليه أمور كثيرة من : الوجوب في العبادات ، وصحة العقود في المعاملات ، ووجوب القَوْد (1) في الجنايات ، ووجوب الحدود ، والعقوبات كلها معلقة بالتكليف : تثبت بوجوده ، وتنتفي بعدمه ، وكذلك التمييز ، والعقل . والإسلام : شرط لصحة جميع العبادات ، لا تصح إلا بها ، بل جميع شروط الأحكام داخلة تحت هذا الأصل .
رسالة القواعد الفقهية / للسعدي / ص : 42 .
( 1 ) القَوَدُ : أي : القِصاص . ( المعجم الوجيز / ص : 519 ) .
o تعقيب :
ــــ
ليس معنى هذه القاعدة أن كل حكم لابد له من عِلة ، بل هناك بعض الأحكام التي لا يُعلملها عِلة ـ فلا يفهم العلماء لها حكمة بينة ـ ، ويسمونها الأحكام التعبدية ، أي : علينا أن نتعبد به ، وإن لم نفهم حكمته .
فنحن نؤمن ويجب أن نؤمن بأنه ما من شيء شرعه الله إلا وله حِكمة ، إن حرَّم شيئًا فله حكمة وإن لم نعلمها ، وإن أوجب شيئًا فله حكمة وإن لم نعلم الحكمة ؛ لأنه سبحانه وتعالى لا يخلق شيئًا عبثًا ولا لعبًا ولا لهوًا ولا باطلاً ، وإنما يشرع الأشياء لحكمة ، لكن لقصور عقولنا قد لا نفهم هذه الحكمة ، وعدم فهمنا لا يعني انتفاءها .
القواعد والأصول الجامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة / للسعدي / تعليق : العثيمين / ص : 199 .
* عن عابس بن ربيعةَ ، قال : رأيتُ عمر بن الخطاب يُقَبِّلُ الحجرَ ، ويقول : إني أقبلك وأعلم أنك حجرٌ ، ولولا أني رأيتُ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقبلكَ لم أُقبلك .
سنن الترمذي / تحقيق الشيخ الألباني / 7 ـ كتاب : الحج عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ / ( 37 ) ـ باب : ما جاء في تقبيلَ الحجر / حديث رقم : 860 / ص : 209 / صحيح .
رد مع اقتباس