عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 09-23-2018, 06:16 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,023
المتن
* مثال ذلك: "الحي"اسم من أسماء الله تعالى، متضمن للحياة الكاملة ؛التي لم تسبق بعدم، ولا يلحقها زوال. الحياة المستلزمة لكمال الصفات من العلم، والقدرة، والسمع، والبصر وغيرها.
* ومثال آخر: "العليم" اسم من أسماء الله متضمن للعلم الكامل، الذي لم يُسبق بجهل، ولا يلحقه نسيان، قال الله تعالى "عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى"سورة طه، الآية: 52..العلم الواسع المحيط بكل شيء جملةً وتفصيلاً، سواء ما يتعلق بأفعاله، أو أفعال خلقه، قال الله تعالى: "وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ"سورة الأنعام، الآية 59.


الشرح
قوله"ظُلُمات"جمع "ظُلمة" والظلمات كما تكون فى البحر تكون فى الأرض،فانظرإلى حبةٍ مدفونةٍ في قاع البحر في ليلةٍ ممطرةٍ وغيمٍ كثيف ، فهاهنا عدة ظلمات ،فأولاً : الطبقة التى غطتها في قاع البحر، وثانيًا: البحر نفسه, وثالثًا: ظلامُ الليل ،ورابعًا: السحاب، وخامسًا: المطر، فعندنا الآن خمسُ ظلمات تُحيط بهذه الحبة الصغيرة المدفونة في قاع البحر ولاتراها العين المجردة ، والله تعالى يعلمها، بل هي في كتابٍ مبين - أي مكتوبة- وهذا دليلٌ على عموم علم الله وسعته وأنه لايخفى عليه شىءٌ في الأرض ولا في السماء.
أنت إذا آمنت بهذا العلم بعلم الله وأنه يعلم كل شىءٍ في السموات والأرض ، فإنه ينبغى أن يردعك إيمانك هذا عن فعل مايكرهه الله ، ويوجب لك أن تفعل مايُحبه الله ،وينبغي عليك أن تعلم أنك مهما كتمت في نفسك من شىءٍ ،فالله يعلمه ،ومهما كتمت عن الخلق فلم يعلموه فإن الله يعلمه، ومماينبغي كذلك معرفته ههنا أنك إن فعلت مايكرهه الله مُستترًا عن الناس فإن الله قد يُطلع الناس على ذلك وسواء أخبروك أم لم يُخبروك ، فالشيطان قد يأمرك بالفحشاء فتفعلها سِرًا ولا يعلم بذلك إلا الله ،فيُلقي فى قلوب الناس أنكَ فعلت ذلك ، فتشعر أن الناس ينظرون إليك وكأنهم يعلمون مافعلت ، وكأنهم يلومونك ويُؤنبونك مع أنهم ماقالوا لك ذلك صراحة ، لكن الشيطان يُلقي في قلوب الناس ذلك ليسيئوا الظن بك ، وتنظرإلى الناس وكأنهم شاهدوا فعلك ، وفي مثله قال الشاعر:
إذا ساءَ فِعلُ المرءِ ساءت ظنونه وصدَّق ماقالوه مِن توهُّمِ
وهذا من أسرارحكمةِ الله عزوجل :أنَّ ما يخفيه الإنسان في نفسه وإن كان لم يُطلع عليه أحد، فإنَّ الله تعالى يعلم به ، وإذاعَلِمَ الله به أوشك أن يُطلِع عباده عليه.
وفى ذلك يقول ابن القيم رحمه الله:إن الشيطان الذي أمرك بالسوء يُلقي في قلوب الناس أنك فعلت ذلك السوء وإن لم يطلعوا عليه.
هذه مسألة تُوجب للإنسان أن يحترس غاية الاحتراس من الذنوب وإن خفيت.
رد مع اقتباس