عرض مشاركة واحدة
  #20  
قديم 07-05-2018, 04:13 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,023
Haedphone

30 ـ وَإِنْ أَتى التَّحْرِيمُ فِي نَفْسِ العَمَلْ* أَو شرطِهِ ، فَذُو فَسَادٍ وخَلَلْ
هذه القاعدة أصولية نَظَمَهَا الشيخ السعدي ـ رحمه الله تعالى ـ ضمن القواعد الفقهية .
منظومة القواعد ... / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي .
وذكر الناظم في هذا البيت تفصيلاً يتعلق بمسألة أصولية ، وهي : اقتضاء النهي الفساد (1) .
منظومة القواعد الفقهية / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم .


( 1 ) أي اقتضاء فعل المنهي عنه فساد العمل ، وبصيغة أخرى : فعل المنهي عنه يقتضي فساد العمل .
ـ ومن أدلة هذه القاعدة :
* قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " .
رواه الإمام أحمد ، عن عبادة ... / وصححه الشيخ الألباني في : صحيح الجامع ... /الهجائي / ج : 2 / حديث رقم : 7513 / ص : 1249 .
* وقوله صلى الله عليه وسلم :
" لا صلاة لمن لا وضوء له ، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه " .
رواه الإمام أحمد ، عن سعيد بن زيد . وصححه الشيخ الألباني في : صحيح الجامع ... /ج : 2 / حديث رقم : 7514 / ص : 1249 .
ـ ضابط القاعدة :
التحريم وإن شئت فقل : النهي ، والنهي في العبادات :
تارة يرجع إلى نفس العمل أو شرطه ، وفي هذه الحالة يفسد العمل .
وتارة لا يرجع النهي إلى شرط العمل ولا إلى نفسه ، ولكن إلى سبب خارجي ، فإن العمل لا يفسد .
وهذا كلام مُجْمَل .
لذا نحتاج أولاً إلى معرفة المراد بالصحيح والفاسد من العمل ، حتى نتصور الحكم .
والفساد لغة : ضد الصلاح .
والفساد عند الفقهاء : عدم سقوط القضاء في العبادات ـ أي عدم صحة العبادة ، وبالتالي لم تَبرأ الذمة منها ـ ، وعدم ترتب أثر العقد عليه في المعاملات ، وهو مرادف للبطلان عند جمهور الأصوليين .
الصحيح : مأخوذ من الصحة في اللغة ، وهو ضد السَّقم والمرض .
أما الصحة في الشرع نعرضها من جهتين :
1 ـ الصحة في العبادات .
2 ـ الصحة في المعاملات .
" الصحة في العبادات ": فالعبادات تسمى صحيحة إذا أجزأت وأبرأت الذمة وأغنت عن القضاء والإعادة ، فإذا توفرت هذه الشروط حكمنا بصحة العبادة .
وبمعنى آخر إذا تحققت الشروط وانتفت الموانع ـ صحت العبادة ـ .
فمن صلى قبل الوقت مثلاً لم تصح صلاتُه ، لأنه من شروط الصلاة دخول الوقت .
ومن صامت حال حيضها أو نِفاسها ، لم يصح صيامها لوجود مانع من موانع صحة الصيام ألا وهو كون المرأة حائض أو نُفَساء .
وأما " الصحيح في المعاملات ": فهو ما ترتبت عليه أحكام العقد المقصودة منه ، لأن كل عقد ومعاملة يجريها الإنسان يقصد منها مصلحة ، وبِناء على ذلك يكون فساد العقد إما لعدم تحقق الشروط أو لوجود الموانع كبيع المجهول ـ الغرر ـ مثلاً .
منظومة القواعد ... / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي / ص : 83 / بتصرف
ـ ومن أمثلة هذه القاعدة في " العبادات " :
* لو صلى رجل فرض الظهر ستًّا عالمًا عامدًا ، هذه الصفة في العمل أو في شرطه ؟
في العمل ، إذًا الصلاة باطلة .
* من شروط الصلاة الطهارة ، فلو صلى الصلاة بهيئة تامة ؛ لكن كان محدِثًا عامدًا ، فما حكم صلاته ؟ باطلة . هنا التحريم راجع إلى شرط العمل ، والأول راجع إلى نفس العمل .
* [ ومن صلى قبل الوقت لم تصح صلاته ، لأن من شروط الصلاة دخول الوقت ] .
ـ ومن أمثلة هذه القاعدة في " المعاملات " :
من شروط البيع " العلم بالمبيع " ـ للنهي الوارد عن بيع الغرر ـ فلو باع حَمْلاً ، ما حُكم البيع ؟ حكمه التحريم ، والتحريم رجع إلى شرط من شروط البيع إجمالاً ، وبصيغة أخرى لوجود مانع من موانع البيع .
منظومة القواعد ... / شرح : عبيد الجابري / بتصرف .
هل كل محرم يفسد العمل من أصله ؟
لا ، ليس كل منهي عنه يفسد العبادة إلا بقيد مهم وهو أن يكون منهيًّا عنه في هذه العبادة بالذات ، فهناك فرق بين التحريم العام والخاص ، فما كان تحريمًا خاصًّا في عبادة أو معاملة فإنه يبطلها ، وما كان عامًّا لا يبطلها مع التحريم والإثم . مثاله : لو أكل الصائم أو شرب بَطَل صيامُه لأنه محرم عليه ذلك حال صومِهِ ، ولكن لو اغتاب الناس حال صيامِهِ ، لم يبطل الصيام ولكنه آثم . لماذا ؟ ! . لأن الأكل والشرب محرم في الصيام بخصوصه . والغيبة محرمة عمومًا ، في الصيام وغير الصيام .
القواعد والأصول الجامعة ... / ص : 81 / بتصرف .
حاصل كلام الناظم : أن المحرم إذا وقع في نفس العمل ، يعني في أركانه وواجباته ، أو شرطه ، فذو فسادٍ وخلل ، أي يوجب فساد العمل وخلله .
وبيان هذا التفصيل أن ننظر إلى متعلق النهي ومرجعه ، فإن كان النهي متعلقًا بذات الفعل وراجعًا إلى ركن من أركانه ، أو شرطٍ من شروطه ، كالنهي عن بيع الخمر والخنزير ، والنهي عن الصلاة بدون طهارة ، أو قبل دخول الوقت ، فإنه يقتضي فساد العمل .
وإما إن كان النهي متعلقًا بوصفٍ خارجٍ ، ولا يرجع إلى ذات الفعل ولا شرطه ، فإنه لا يقتضي الفساد بل يُحكم عليه بالصحة ، لتوفر شروط الفعل وأركانه ، ويُحكم على الفاعل بالإثم لارتكابه الفعل المنهي عنه . وذلك كمن صلى وعليه عمامة من حرير ، أو لابسًا خاتمًا من ذهب ، فصلاته صحيحةٌ لتوفر شروطها وأركانها ، ولُبْسُهُ لعمامةِ الحرير أو خاتَم الذهب محرمٌ .
================
31 ـ وَمُتْلفُ مُؤْذِيهِ لَيْسَ يَضْمَنُ* بَعْدَ الدِّفاعِ بِالتي هِيَ أَحْسَنُ
قول الناظم : مُتْلفُ :
من التلف ، وهو إفساد الشيء وإزهاقه ، قاله الزبيدي في " شرح القاموس " .
وقوله مُؤْذِيهِ : من الإيذاء ، وهو إيصال المكروه .
لَيْسَ يَضْمَنُ: الضمان : التزام العِوَض ورد المثل .
بَعْدَ الدِّفاعِ بِالتي هِيَ أَحْسَنُ : أي الدفاع بالأقل فالأكثر حسب الحال .
منظومة القواعد الفقهية / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم / بتصرف .
ومعنى كلام الناظم ـ رحمه الله ـ :
أن من أتلف صائلاً (1) لدفع أذاه فلا ضمان عليه ؛ لأن الصائلَ هو المعتدي والظالم ، ولكن بشرط الدَّفع بالتي هي أحسنُ ، أي : لا يكون الدَّافعُ متعديًا في دفعِه ، فمن أمكن دفعُه بالتهديد فلا يُضرَبُ ، ومن أمكن دفعه بالضرب فلا يجوز دفعه بالقتلِ ؛ لقوله تعالى "ادْفَعَ بِالَّتِي هِي أَحْسَنُ " . سورة فصلت / آية : 34 .
فإن تعدَّى في الدفاع فهو ضامن .
وأما إن كان المتْلَف ـ بفتح اللامِ ـ غيرَ الصائلِ فيجب ضمانُه ، وهذا ما عبَّر عنه الحافظ ابن رجب ـ في قواعده * ـ بقوله : من أتلف شيئًا لدفع أذاه ـ له * ـ لم يضمنْه ، ومن أتلفه لدفع أذًى به ضِمنه ) (2) .
وهذا أقرب إلى المسائل الفقهية منه إلى القواعد .
منظومة القواعد الفقهية / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم .

( 1 ) الصائل : هو الذي يهاجم ويعتدي . منظومة ... / عبيد الجابري .
( 2 ) قواعد ابن رجب ( 1 / 206 ) ، القاعدة السادسة والعشرون . الدرة المرضية ... / ص : 81 .

· ومثال ذلك :
* إذا كان المسلم محرِمًا ، وصال عليه ضبع ، فقتله المسلم المحْرِم لدفع الأذى عن نفسه .
فلا إثم على المسلم ولا ضمان عليه . ولكن عليه الدفع بالتدريج ، أي الدفاع بالتي هي أحسن ، فإن استطاع أن يدفع الأذى بغير إتلاف ؛ فَعل ، وإذا لم يستطع واستطاع إتلاف البعض دون الكُل ، فَعل ، فإن لم ينصرف الأذى ، أتلف الكل للضرورة .
* أما إذا أتلفه لدفع أذاه به ، ضمنه ـ أي عليه عِوَض ـ فإذا اضطر إلى صيد ، وهو مُحْرِم ، فأتلَفه لضرورته ، أي كان يهلك جوعًا فاضطر للصيد وهو محرِم ليأكل ويدفع الهلاك عن نفسه به ، فإنه يضمن ولا إثم عليه .

oلطيفة :
ـ يَحْرُم الصيد على المسلم داخل مكة حتى لو لم يكن مُحْرِمًا لأن مكة كلها حرم ، ويحرم الصيد على المحرم حتى لو كان خارج مكة .
ـ الضبع حلال أكله ، فهو مستثنى من ذي ناب .
ـ هذه القاعدة مبنية على قاعدة : " الضرورة تبيح المحظور " وقد سبقت وقال فيها الناظم :
وَلَيْسَ وَاجِبٌ بِلاَ اقْتِدَارِ* وَلاَ مُحَرَّمٌ مَعَ اضطِّرارٍ

ـ من أدلة هذه القاعدة :
* عن قابوس بن مُخارِقٍ ، عن أبيه ، قال وسمعتُ سُفيان الثوريَّ يحدِّثُ بهذا الحديث ، قال : جاء رجلٌ إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فقال : الرجلُ يأتيني فيريدُ مالي ؟ ! قال " ذكِّره بالله " . قال : فإن لم يذَّكَّر ؟ قال " فاستعن عليه من حولك من المسلمين " . قال : فإن لم يكن حولي أحدٌ من المسلمين ؟ قال " فاستعن عليه بالسلطان " . قال : فإن نأى السلطانُ عني ؟ . قال " قاتل دون مالِك ، حتى تكونَ من شهداء الآخرةِ ، أو تمنعَ مالَكَ " .
سنن النسائي / تحقيق الشيخ الألباني / ( 37 ) ـ كتاب : تحريم الدم / ( 21 ) ـ باب : ما يَفعَلُ مَنْ تُعرِّضَ لِمَالِهِ / حديث رقم : 4081 / ص : 630 / حسن صحيح .
* عن عِمرَانَ بنِ حُصَينٍ ، قال : قاتل يعلى رجلاً ، فعض أحدهما صاحِبَه ، فانتزع ده من فيه فَنَدَرَتْ ثنيتُه ، فاختصما إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال " يَعَضُّ أحدكم أخاه كما يَعَضُّ الفحْلُ !! لا دِيَةَ له " .
سنن النسائي / تحقيق الشيخ الألباني / ( 46 ) ـ كتاب : القِامة / ( 18 ، 19 ) ـ باب :الْقَوَدُ من العَضَّة ، ... / حديث رقم : 4760 / ص : 727 / صحيح .
شرح الحديث :

فقَاتَلَ الأَجِيرُ إنسانًا، فعَضَ أحدُهما يَدَ الآخَرِ، فانْتَزَعَ المعضوضُ يَدَه مِن فَمِ العَاضِّ فانتَزَع إحدى ثَنِيَّتَيْهِ - أي إحدى ثَنِيَّتَيْ العاض ، أي: أَسْنانِه، فأَتَيَا النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فأَهْدَرَ صلَّى الله عليه وسلَّم ثَنِيَّتَهُ ولم يُوجِب له دِيَةً ولا قِصَاصًا، وقال: أَفَيَدَعُ- أي: أفيَتْرُكُ- يدَه في فِيكَ تَقْضَمُها، أي: تَأكُلُها بأطرافِ أسنانِك، كأنَّها فِي فِي فَحْلٍ يَقْضَمُها، أي: في فَمِ ذَكَرِ إِبِلٍ يَأكُلها!
في الحديثِ: رَفْعُ الجناياتِ إلى الحُكَّام لأجلِ الفَصْلِ.
وفيه: تَشبيهُ فِعل الآدَمِيِّ بفِعلِ الحيوانِ الذي لا يَعقِل؛ لِلتَّنْفِيرِ عن مِثل فِعله.الدرر-
=============
رد مع اقتباس