عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 07-05-2018, 04:04 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
16 ـ وَلَيْسَ وَاجِبٌ بِلاَ اقْتِدَارِ* وَلاَ مُحَرَّمٌ مَعَ اضطِّرارٍ
الوَاجِبٌ : هو ما طَلَب الشارعُ فعله على وجه اللزوم ، كالصلاة والصيام ... .
المُحَرَّم: هو ما طلب الشارع تركَهُ على وجه اللزوم ، كالربا والكذب.منظومة القواعد الفقهية .د.مصطفى كرامة مخدوم
هذه القاعدة لها صورتان :
ـ نفي الواجب مع عدم القدرة عليه [ أي : سقوط الواجب لعدم القدرة عليه ] . فإذا عجز المكلَّفُ عن القيام بالواجب فلا يكـون واجبًا في حقه ، كالأعمى والأعرج لا يجب عليهما الجهاد لعجزهما عنه . والأصل في هذه الصورة قوله تعالى : " فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا " .سورة التغابن / آية : 16 .
ـ إعمال المحرم مع الاضطرار إليه [ أي : إباحة المحرم عند الضرورة ] .
فالمكلّف إذا اضطرَّ إلى فعلِ المحرم ، فإنه لا يكون محرمًا في حقه ، ولا يكون آثمًا عند ذلك ، كالمنقطع في الصحراء يضطرُّ إلى أكلِ الميتةِ فلا حرج عليه في ذلك . وهذا معنى قول الفقهاء :الضرورات تبيح المحظوراتِ .
والأصل في هذه الصورة قوله تعالى "وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ" .سورة الأنعام / آية : 119 .
فأخبر ـ سبحانه ـ أن المضطر إليه مستثنى من المحرمات
أي ما اضطررتم إليه ليس حرامًا عليكم .
o فائدة :
ـــــ
أدلة هذه القاعدة هي نفس أدلة القاعدة السابقة ، لأن سقوط الواجب مع عدم القدرة عليه ، وفعل المحرم عند الضرورة إليه هذا من يسر الشريعة . منظومة القواعد ... / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي .

ـ شروط تطبيق هذه القاعدة :
ـ أن تندفع الضرورة بفعل المحظور . فإن لم تندفع ، لم يجز فعل المحظور .
مثلوا له بالظمآن الذي لا يجد إلا الخمر ، فهذا لا يجوز له تناول الخمر ، لأن الخمر لا يبعد الظمأ ، وإنما يزيد الإنسان ظمأ إلى ظمئه ، فالمحظور هنا زاد الضرورة ولم يدفعها .
ـ ألا يوجد طريق آخر تندفع به الضرورة . فإن وُجد ، لم يجز ـ حينئذ ـ فعل المحظور .
مثال ذلك : طبيبة مسلمة ، وطبيب رجل ، وعندنا امرأة مريضة ، يمكن دفع الضرورة بكشف المرأة الطبيبة .
ـ أن يكون المحظور أقل من الضرورة ، فإن كانت الضرورة أعظم ، لم يجز ـ فعل المحظور ـ .
مثال ذلك : إذا اضطُّرَ إلى قتل غيره لبقاء نفسه . كما في مسألة الإكراه ، فهنا الضرورة أقل من المحظور ، [ فلا يجوز فعل المحظور ] .
المحظور هو : قتل الغير . الضرورة هي : أنه سيقتل الإنسان ، بعد تهديده بالقتل إذا لم يقتل هذا الغير .
ـ ويلاحظ أنه إذا زالت الضرورة ، زال حكم استباحة المحظور .
القواعد الفقهية ... / شرح : سعد بن ناصر الشثري / بتصرف .
=================
17 ـ وَكُلُّ مَحْظُورٍ مَعَ الضَّرُورَةْ* بِقَدْرِ ما تَحْتَاجُهُ الضَّرُورَةْ
فهذه القاعدة فرع عن القاعدة السابقة وقَيد لها ، وهي كقاعدة فقهية يذكرها الفقهاء بقولهم :
" الضرورات تقدَّر بقدرِها " .
وبيانها : أن ما تدعو إليه الضرورة من المحظورات إنما يرخص منه القدر الذي تندفع به الضرورة فَحَسْب . فإذا اضطر الإنسان لمحظور فليس له أن يتوسَّع فيه ، بل يقتصر منه على قدر ما تندفع به الضرورة فقط .
وأصلها قوله تعالى " فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ " .سورة البقرة / آية : 173 .
ـ قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ في تفسيره لهذه الآية
" فالباغي " : الذي يبتغي الميتة مع قدرته على التوصّل إلى المذكَّى . [ فالبغي : أن يأخذ الإنسان بحكم الضرورة ، وهو غير مضطر ] .
و " العادي " : الذي يتعدى قدر الحاجة بأكملها " . 1 / 71
[ فالعدوان : هو تجاوز مقدار الضرورة ] .
القواعد الفقهية ... / لابن القيم / ص : 315 / بتصرف .
[ شرح القواعد ... / د . مصطفى كرامة مخدوم ] .
* مفهوم الضرورة :
__________
لغة :الضرورة : مأخوذة من الاضطرار ، وهو الحاجة الشديدة والمشقة والشدة التي لا مدفع لها .
اصطلاحًا : الضرورة : هي أن تطرأ على الإنسان حالة من الخطر ، أو المشقة الشديدة بحيث يخاف حدوث ضرر أو أذى بالنفس أو بالعضو أو بالعِرْض أو بالعقل أو بالمال ، ويتعين أو يباح عندئذٍ ارتكاب الحرام أو ترك الواجب أو تأخيره عن وقته دفعًا للضرر عنه في غالب ظنه ضمن قيود الشرع .
منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي . بتصرف .

* حقيقة الضرورة :
_________________
قال الشيخ العثيمين في شرحه للقواعد الفقهية / ص : 24
* المحرم يباح عند الضرورة ، لكن لابد لذلك من شريطين
الأول : صدق الضرورة إليه ، بحيث لو لم يفعله تضرر .
الثاني : أن تندفع ضرورته بفعله ، فإذا كان يمكن أن يدفع ضرورته من المباح ، فإنه لا يحل هذا المحرم . ا . هـ .

* ما هو حد الضرورة ؟
___________
نقول بأن الاضطرار وإن كان سببًا من أسباب إباحة الفعل إلا أنه لا يُسقط حقوق الآدميين وإن كان يُسقط حقَّ اللهِ عز وجل برفع الإثم والمؤاخذة عن المضطر أو المستكرَه ، فإن الضرورة لا تبطل حق الآدميين .
مثاله : شخص وجد شاة فذبحها مضطرًا ـ للجوع الشديد ـ وأكل لحمها ، ثم جاء صاحب الشاة وطالبه بالثمن ، فلا يقول أنا مضطر والضرورات تبيح المحظورات ! نعم هو رُفع عنه الإثم ـ حق الله ـ ، لكن لا يعني ذلك أن حق الآدميين يسقط ، وإنما يجب عليه أن يدفع القيمة ـ لصاحب الشاة ـ .
ولهذا قيد العلماء هذه القاعدة ، بقاعدة أخرى ، وهي :
الاضطرار لا يبطل حق الغير .
منظومة القواعد الفقهية / شرح : سعد بن ناصر الشثري .
ولكن هذا ليس على الإطلاق ، فهناك ضابط لهذه المسألة ، وهو : إذا نشأت الضرورة من حق الغير ، فإنه حينئذ لا حق لذلك الغير .
* مثاله :
إنسان هاج عليه جَمَل ، فاضطر إلى قتله ؛ دفاعًا عن نفسه ، فهل يحق لصاحب الجمل أن يأتي إليه ويطالبه بقيمة الجمل ؟ .
الجواب : لا . لا يحق له ؛ لماذا ؟ . لأن الاضطرار هنا ناشئ من ملك الغير ، ناشئ من ذات المملوك ـ أي الجَمَل ـ فحينئذ لا يجب الضمان .
أما إذا كان الاضطرار ليس ناشئًا عن حق الغير ، فعلى المضطر الضمان . مثل ذلك : مضطر جائع ، لم يجد إلا جملًا مملوكًا لغيره ، فذبحه وأكله ، فحينذ الاضطرار ليس ناشئًا عن مِلْك الغير ـ أي الجَمل ـ ومن ثَم فإنه ـ أي المضطر ـ يضمن ـ أي يدفع عِوَض ـ ذلك المِلْك ـ أي ـ الجمل ـ .
* مثال آخر :
إنسان في السفينة ، ألقى بعض المتاع في البحر ؛ لأنه مضطر إلى إلقائه . فهنا هل يجب الضمان أو لا يجب ؟ .
نقول : ننظر لماذا ألقى المتاع ، فإن كان قد ألقاه لضرر ناشئ من المتاع ، كأن يكون الرجل في جانب السفينة ، فسقط عليه بعض المتاع ، فخشي على نفسه الهلاك ، فألقى بالمتاع في البحر .
فهنا الاضطرار ناشئ من مِلْك الغير ، فلا يجب عليه الضمان .
لكن لو كان الاضطرار ليس ناشئًا من ذلك المتاع ، بأن تكون السفينة حمولتها كثيرة ، ويخشى عليها من الغرق ، فقال القائمون على السفينة : لابد من إلقاء بعض المتاع ، فأُخِذَ بعض المتاع فأُلقي ، فحينئذ هل يضمن ؟ . نقول : نعم يضمن ، لأن هذا الاضطرار ليس ناشئًا من ذات المتاع ، وإنما ناشئ من جميع من في السفينة ، فحينئذ يُقال لجميع من في السفينة : اضمنوا هذا المتاع ، ويضرب عليهم قيمته أو مثله ، بحسب أعدادهم .

مجموعة الفوائد البهية على منظومة القواعد الفقهية / ص : 61 .
ويتفرع على هذه القاعدة :
ـ الطبيب لا ينظر من العورة إلا بقدر ما تدعو إليه الضرورة .
ـ إذا بلغ الجوع بإنسان مبلغًا لا يطيقه ـ وخاف معه الهلاك جوعًا ـ جاز له أن يأكل ما حرم الله عليه أكله ، لكن بقدر ما يدفع به شدة الجوع ويحفظ عليه حياته . إذا زالت الضرورة عاد الحكم إلى أصله وهو التحريم .
القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه / ص : 78 / بتصرف .
_____________
18ـ وَتَرْجِعُ الأَحْكَامُ لليَقِينِ * فَلاَ يُزِيلُ الشَّكُّ لليَقِيِنِ
هذه القاعدة تشير إلى قاعدة فقهية كلية وهي :
" اليقين لا يزول بالشك " .
الأَحْكَامُ : واحدها حُكم وهو في اللغة : المنع 0 تقول : حكمتُ الرجل تحكيمًا ، إذا منعته مما أراد ، قاله الجوهري في " الصِّحَاح " .
والحكم في الاصطلاح هو : إسناد أمر إلى آخر إيجابًا أو سلبًا . قاله الجرجاني في
" التعريفات " ، ومثاله في الإيجاب : زيد قائم ، حيث أثبت القيام لـزيد . ومثال السَّلب : لم يقم زيد ، حيث نفيت القيام عن زيد . مجموعة الفوائد البهية على منظومة القواعد الفقهية / ص : 61 .
وقد عَرَّفَه الأصوليون بأنه خطاب الله ـ تعالى ـ المتعلق بأفعال المكلفين ؛ اقتضاءً ـ أي طلبًا ـ ،أو تخييرًا ، أو وضعًا .( * ) الحكم الوضعي : هو خطاب الشرع بجعل أمرٍ ما علامة على أمر آخر .
والأحكام الوضعية خمسة هي :
السبب ، والشرط ، والمانع ، والصحة ، والفساد . الواضح في ... / ص : 48 . الدرة المرضية شرح منظومة القواعد الفقهية / ص : 57 .
اليَقِينِ :
لغة : العلم وزوال الشك . كذا قال الجوهري . منظومة القواعد ... / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي .
وقال بعض الأصوليون : إن اليقين في اللغة مأخوذ من الاستقرار ، يُقال : يقن الماء ، بمعنى استقر. منظومة القواعد الفقهية / شرح : سعد بن ناصر الشثري .
وقيل هو الإدراك الجازم الذي لا تردد فيه.منظومة القواعد ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم .
اصطلاحًا : هو حصول الجزم أو الظن الغالب بوقوع الشيء أو عدم وقوعه .منظومة القواعد ... / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي .
وقيل : اليقين في الاصطلاح : طمأنينة القلب ، واستقرار العلم فيه. منظومة القواعد الفقهية / شرح : سعد بن ناصر الشثري . .
الشَّكُ :
لغة : التردد ؛ وهو تجويز أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر .الدرة المرضية شرح منظومة القواعد الفقهية / ص : 57 .
وقيل يراد بالشك : التداخل ؛ وذلك لأن الشاك يتداخل عنده أمران ، لا يستطيع الترجيح بينهما . منظومة القواعد الفقهية / شرح : سعد بن ناصر الشثري .
وقيل الشك هو : مطلق التردد .منظومة القواعد الفقهية / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي .
اصطلاحًا : هو اعتدال النقيضين عند الإنسان وتساويهما قاله الراغب في " المفردات " .مجموعة الفوائد البهية على منظومة القواعد الفقهية / ص : 61 .
وقيل : يطلق على مطلق التردد ، ويطلق على الاحتمال المتساوي الطرفين.منظومة القواعد الفقهية / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي .
ـ والمعنى : أن الإنسان إذا تحقق من وجود الشيء ، ثم طرأ عليه الشك في زواله ، فيرجع إلى الأصل المتيقنِ ، وهو بقاؤه واستمرارُه .
منظومة القواعد الفقهية / للسعدي / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم .
ولا تكاد تلك القاعدة تخلو من باب من أبواب الفقه ويدل على صحة هذه القاعدة عدة أدلة ترجع إلى الخبر ،والإجماع ، والنظر .
فأما الخبر، ما رواه مسلم في صحيحه :
* فعن سعيد وعبَّادِ بنِ تميمٍ ، عن عمهِ ، شُكِيَ إلى النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ الرجلُ يُخيلُ إليه أنه يجدُ الشيءَ في الصلاةِ . قال : " لا ينصرف حتى يسمع صوتا ، أو يجد ريحًا " .
صحيح مسلم . متون / ( 3 ) ـ كتاب : الحيض / ( 26 ) ـ باب : الدليل على أن من تيقن الطهارة ثم شك في الحدث فله أن يصلي بطهارته تلك / حديث رقم : 361 / ص : 93 .
ـ ففي هذا الخبر : الحكم ببقاء الطهارة وإن طرأ الشك ، لأن الطهارة مُتيقَّن منها ، وأما إذا تُيقِّن من الحدث الموجب نقض الطهارة ـ نُقِضَت الطهارة ـ .
وهذا أصل في كل أمر قد ثبت واستقر يقينا ، فإنه لا يرفع حكمه بالشك .
* وعن أبي سعيد الخُدري ، قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدرِ كم صلى ؟ ثلاثا أم أربعا ؟ فليطرح الشكَّ ولْيبنِ على ما استيقنَ ، ثم يسجدُ سجدتين قبل أن يُسَلِّم " .
صحيح مسلم . متون / ( 5 ) ـ كتاب : المساجد ومواضع الصلاة / ( 19 ) ـ باب / حديث رقم : 571 / ص :137 .
مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 63 / بتصرف .
وأما الإجماع :
فحكاه غير واحد كالقرافي ـ رحمه الله ـ في " الفروق " ، وابن دقيق العيد ـ رحمه الله ـ في" إحكام الإحكام " .مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 64 .
وأما النظر :
فلأن اليقين لا يغلبه الشك ألْبتة ، حيث إنه قطع بثبوت الشيء فلا ينهدم بالشك .

مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 65 .
o فائدة :
ــــــــ
اعلم وفقك الله ـ أن قاعدة : " اليقين لا يُزال بالشك " لها اعتبار عند الاصتدلال بالأدلة ؛ إذ الأصل في الألفاظ أنها للحقيقة ، وفي الأوامر أنها للوجوب ، وفي النواهي أنها للتحريم .
ولا يُخْرَج بتلك الأحكام عن أصولها الْمُتَيَقَنة لاستدلال أو دليل مشكوك فيه إما من جهة الثبوت أو الدلالة .
وقد نبه إلى ذلك العلائي ـ رحمه الله ـ في كتابه : " المجموع الْمُذْهب " ، وقال : " ومن هذا الوجه يمكن رجوع غالب مسائل الفقه إلى هذه القاعدة إما بنفسها أو بدليلها " .
ومن ثَم يتبين أن القاعدة الكلية : " اليقين لا يزال بالشك " ، لها موردان - أي تطبق وتصب على شيئين -
الأول : الأدلة الشرعية ، عند إعمال قاعدة " استصحاب الأصل " ، لأن الأصل له حكم اليقين .
الثاني : أفعال المكلَّف ، عند اشتباه أسباب الحكم عليه. وهذا المورد هو المقصود أصالةً من القاعدة ، قاله ابن القيم ـ رحمه الله ـ في : " بدائع الفوائد " .
وهذا كله عندما يكون للمشكوك فيه حال قبل الشك ، فَتُستصحَب ولا ينتقل عنها إلا بيقين ، وهذا جزم به الجمهور ، ونص عليه ابن القيم في كتابه السابق .
قال ابن القيم : في " بدائع الفوائد " : " ينبغي أن يُعلم أنه ليس في الشريعة شيء مشكوك فيه ألْبتة ، وإنما يعرض الشك للمكلف " . ا . هـ .مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 66 .
أمثلة تطبيقية على القاعدة :
______________
* إذا أكل الصائم شاكًّا في طلوع الفجر ، صح صومه ، لأن الأصل بقاء الليل حتى يتيقن الفجر .
أما إذا أكل شاكًّا في غروب الشمس ، لم يصح صومه ، لأن الأصل بقاء النهار ، فلا يجوز أن يأكل مع الشك ، وعليه القضاء ما لم يعلم أنه أكل بعد الغروب فلا قضاء عليه حينئذ .
* من شك في حصول الرضاع بينه وبين امرأة أجنبية ، فيبنِ على الأصل المتيقَّنِ ، وهو كونُها أجنبية عنه .
* من شك في طلاق امرأته ، فإنه يبني على الأصل المتيقن ، وهو بقاء الزوجية .
منظومة القواعد ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم .
* من أتم صلاتَهُ وفرغ منها ، ثم شك في زيادة أو نقص ، فهذا الشك لا يؤثر ، فصلاته تامة لأن الأصل التمام ، ثم طرأ شك ، فلا يُعوَّل عليه لكن من شك أثناء الصلاة فهذا له حكم آخر مفصل بكتب الفقه .
منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : عبيد الجابري / بتصرف .
ـ ضابط القاعدة :
هذا الحكم وهو الرجوع إلى اليقين وتقديمه على الشك ، صحيحٌ متجهٌ إن كان المعارِضُ للأصل المتيقَّنِ ، هو الشك ، بمعنى " الاحتمال المتساوي الطرفين " ، فَيُرَجَّحُ احتمال البقاء على احتمال الزوال .
وأما إن كان المعارِضُ للأصلِ المتيقَّنِ هو الظن ، بمعنى " الاحتمال الراجح " ، فيجري فيه الخلافُ المعروف في تعارض الأصل والغالب .
والأقرب ترجيح الغالب بدليل وجوب العمل بالنية الظنية ، كشهادة الرجلين مع أن الأصل براءة الذمم .
وبدليل عمل النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ بخبر المرأة ... في الرضاع مع كونه خبر واحدٍ لا يفيد إلا الظن ، فترك به الأصل ، وهو عدم الرضاع .
والأصل والغالب إن تعارضا فقدِّم الغالبَ وهو المرتضى .
وهذا من باب ترجيح القياس على التمسك بالبراءة الأصلية ، كما هو مذهب الجمهور ؛ لأن الظن المستفاد من القياس الصحيح أقوى من الظـن المستفاد من الاستصحاب ـ أي استصحاب البراءة الأصلية ـ ، والحكمُ المسْتَصحَبُ ، وإن كان يقينًا في أصله إلا أنه ظنيٌّ من جهة بقائه واستمراره ، فرجعت المسألةُ إلى تعارض الظنون . وإن كانت هناك فروع مستثناةٌ من القاعدةِ ، تُذْكَرُ في المطوَّلات ، كقواعد ابن رجب ، وأشباه السيوطي .
منظومة القواعد الفقهية / للسعدي / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم / بتصرف .
صحيح فقه السنة / ج : 2 / ص : 105 .
ـ قواعد متفرعة عن هذه القاعدة :
------------------
* ما ثبت بيقين لا يرتفع إلا بيقين .
* الأصل بقاء ما كان على ما كان .
والمعنى : أن ما ثبت على حال في الزمن الماضي ثبوتًا أو نفيًّا ، فإنه على حاله ولا يتغير ما لم يوجد دليل يغيره ، لأن الاستصحاب في اللغة : الملازمة وعدم المفارقة .
* الأصل براءة الذمة :
وهذا مأخوذ من قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم " البيِّنَة على المدعي ، واليمين على المدعَى عليه " .
سنن الترمذي [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 13 ) ـ كتاب : الأحكام عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ /( 12 ) ـ باب : ما جاء في أن البينة على المدَّعِي واليمين على المدَّعَى عليه / حديث رقم : 1341 / ص : 316 / صحيح .
والمعنى : القاعدة المستمرة أن الإنسان بريء الذمة من وجود شيء أو لزومه ، وكونه مشغول الذمة هذا خلاف الأصل ، لأن المرء يولد خاليًا من كل دين أو التزام أو مسئولية ، وكل شغل لذمته بشيء من الحقوق إنما يطرأ بأسباب عارضة بعد الولادة ، والأصل في الأمور العارضة العدم .
* الأصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته :
فلو أن إنسانًا استيقظ من النوم لما أراد أن يصلي الظهر وجد في ثيابه أثر مَنِيّ ـ للاحتلام ـ فأشكل عليه هل هذا من نومه بعد صلاة الفجر فتكون صلاة الفجر صحيحة ؟ أم أنه من الليل فيلزمه الاغتسال ثم إعادة صلاة الفجر ؟ . نقول : إذا لم يتأكد ولم تقم قرائن ، فالأصل إضافة الحال إلى أقرب أوقاته ، وعلى هذا نحكم بأنه من نومه بعد صلاة الفجر ، وبِنَاءً على ذلك نحكم بصحة صلاة الفجر .
منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي .
==============

رد مع اقتباس