عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 09-24-2015, 02:39 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,023
الإشارة الثانية:

التكبير من أظهر شعائر الدّين والإيمان، وأكثر الذكر ترددًا على اللسان، فانظركيف صار شعار الإسلام في أذان الصلاة، بل ما اجْتُزِئَ فيه بتكبيرة بل أربع، كل منها تعلن بالشعار وتؤكد ما لأختها من الآثار، وتنبّه القلوب
على توحيد الله تعالى ومعرفته باسمه الكبير الذي لا يكبره شيء، فمن معاني اسمه الكبير : الذي كبُرَ وعظُـم ، فكل شيء دون جلاله؛ صغير
والتكبير يمهـد لتحقـيق كلمة الإخلاص وشهادة الحق لتأتيـأ ألفـاظ الشهـادتين على القلب مستحضرًا ما فيها مستقبلاً معانيها، فالتكبير حريمها وبـابهـا كما في شأن الصلاة، فهو تحريمة كل صلاة فرضـًا أو نفـلاً، جماعة أو فـردًا، فمفتـاح الصلاة ومدخلها التكبير، فحق الدخول إليها أن يكون مستصحبـًا ما في التكبير من المعنى، بل تجد ذلك مؤكَّدا بتكبيرة عند كل انتقال
من ركن إلى الذي يليه، فالتكبير فتح له باب الصلاة وسلَّمه من ركن إلى ركن؛ ليتأكد له استصحاب عبودية القلب بتكبير الله تعالى والتعلق باسمه الكبير حالَ صلاته كلها، فلا يتم له أركانها -من جهة القيام بحقوق ذلك واستثماره في عبودية قلبه وتزكية نفسه- إلا بشهود تلك المعاني، وعلى قدرها تحصل له تلك الثمار، ويجد بعد الخروج منها مأمول الآثار.

فلما كانت الصلاة في أصلها كبيرة يثقل القيام بحقوقها؛ يسَّرَها التكبير، وخفف على النفس ثقلها وكبرها، فالله أكبر، فكل ما يكبُر عليه، كبِّر فيه،فالله أكبر فالله أكبر عُدّة أهل الدين فيها، يَتَقَوَّوْنَ بها، ويَتَأَسَّوْنَ بهدْيه صلى الله عليه وسلم:(الله أكبر، الله أكبر، خربت خيبر) = أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا خيبر ، فصلينا
عندها صلاة الغداة بغلس ، فركب نبي الله صلى الله عليه وسلم ، وركب أبو طلحة ، وأنا رديف أبي طلحة ، فأجرى نبي الله صلى الله عليه وسلم في زقاق خيبر ، وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم ، ثم حسر
الإزار عن فخذه ، حتى إني أنظر إلى بياض فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فلما دخل القرية قال :
"الله أكبر ، خربت خيبر ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم ، فساء صباح المنذرين ". قالها ثلاثـًا ، قال : وخرج القوم إلى أعمالهم ، فقالوا : محمد - قال عبد العزيز : وقال بعض أصحابنا : والخميس ، يعني الجيش - قال : فأصبناها عنوة ، فجمع السبي ، فجاء دحية ، فقال : يا نبي الله ، أعطني جارية من السبي ، قال :"اذهب فخذ جارية " . فأخذ صفية بنت حيي ، فجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبي الله ، أعطيت دحية صفية بنت حيي ، سيدة قريظة والنضير ، لا تصلح إلا لك ، قال :

" ادعوه بها ". فجاء بها ، فلما نظر إليها النبي صلى الله عليه وسلم قال :" خذ جارية من السبي غيرها" . قال : فأعتقها النبي صلى الله عليه وسلم وتزوجها . فقال له ثابت : يا أبا حمزة ، ما أصدقها ؟ قال : نفسها ، أعتقها
وتزوجها ، حتى إذا كان بالطريق ، جهزتها له أم سليم ، فأهدتهاله من الليل ، فأصبح النبي صلى الله عليه وسلم عروسـًا ،فقال : " من كان عنده شيء فليجيء به " .
وبسط نطعـًا ، فجعل الرجل يجيء بالتمر ، وجعل الرجل يجيء بالسمن ، قال : وأحسبه قد ذكر السويق ، قال : فحاسوا حيسًـا ، فكانت وليمة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

صحيح البخاري / 8- كتاب الصلاة / 12 - باب ما يذكر في الفخذ / حديث رقم :371 / ص: 52 .

= عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال :كنا إذا صعدنا كبرنا ، وإذا نزلنا سبحنا .
صحيح البخاري / 56- كتاب: الحهاد والسير / 132 - باب : التسبيح إذا هبط واديًـا /حديث رقم :2993 / ص: 351
فالله أكبر الله أكبر من كل ما يكبر على العبد أو في نفسه، فبكِبَرِ الله تعالى يتعلق به قلبه، وبه يقوى، وبه يستعين، وعليه يتوكل.

رد مع اقتباس