عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 05-27-2021, 01:14 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,023
افتراضي

" الإيمـــان وأركانــــه "

===============
سـبق أن بينـا أن عقيـدة التوحيـد هـي ثمـرة الإيمـان .
وبينـا أنـواع التوحيـد التـي تمثـل " الإيمـان بالله " الـذي هـو الركـن الأول مـن أركـان الإيمـان السـتـة .
أركــان الإيمــان :
1ـ الإيمـان بالله .
2 ـ الإيمـان بالملائكـة .
3ـ الإيمـان بالكتـب .
4 ـ الإيمـان بالرسـل .
5ـ الإيمـان باليـوم الآخـر .
6 ـ الإيمـان بالقـدر خيـره وشـره .
وهـذه الأركـان السـت مجموعـة فـي حديـث جبريـل عليـه السـلام ، حيـن جـاء إلـى النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فـي صـورة أعرابـي يسـأله عـن الإسـلام ، والإيمـان ، والإحسـان قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم عـن الإيمـان :
" أن تؤمـنَ بالله ، وملائكتـه ، وكتبـه ، ورسـله ، واليـوم الآخـر ، وتؤمـن بالقـدر خيـره وشـره " .
رواه مسلم عن عمر بن الخطاب / ج : 1 . ورواه البخاري نحوه عن أبي هريرة / الفتح / ج : 1.


* * * * *
شـــرح أركـــان الإيمـــان

====================

أولاً : الإيمـــان بالله

===========
الإيمـان بالله عـز وجـل معنـاه :
===================
الاعتقـاد الجـازم بأن الله رب كـل شـيء ومليكـه وخالقـه ، وأنـه الـذي يسـتحق وحـده أن يفـرد بالعبـادة ، وأنـه المتصـف بصفـات الكمـال كلهـا ، المنـزه عـن كـل نقـص .
فالإيمـان بالله سـبحانه يتضمـن توحيـده فـي ثلاثـة : فـي ربوبيتـه ، وفـي ألوهيتـه ، وفـي أسـمائه وصفاتـه .
فهـذه ثلاثـة أنـواع مـن التوحيـد تدخـل فـي معنـى الإيمـان بالله عـز وجـل وسبـق تفصيـل الكـلام فـي كـل نـوع .


* * * * *
ثانيًــا : الإيمـــان بالملائكــة
====================
إن الإيمـان بالغيـب أصـل عظيـم مـن أصـول الإيمـان ، وأهـم صفـات عبـاد الرحمـن .
قـال تعالـى :

{ ذَلِـكَ الْكِتَـابُ لاَ رَيْـبَ فِيـهِ هُـدًى لِّلْمُتَّقِيـنَ * الَّذِيـنَ يُؤْمِنُـونَ بِالْغَيْـبِ ... }.سورة البقرة / آية : 2، 3.
والغيـب لا يعلمـه إلا الله . قـال تعالـى :

" وَلِلّهِ غَيْـبُ السَّـمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ... ".سورة هود / آية : 123.
والغيـب مـا غـاب عنـا ولا نعلـم عنـه شـيئًا إلا مـا أطلـع الله عليـه بعـض خلقـه .

قـال تعالـى "عَالِـمُ الْغَيْـبِ فَـلاَ يُظْهِـرُ عَلَـى غَيْبِـهِ أَحَـدًا * إِلاَّ مَـنِ ارْتَضَـى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْـلُكُ مِـن بَيْـنِ يَدَيْـهِ وَمِـنْ خَلْفِـهِ رَصَـدًا " .
سورة الجن / آية : 26 ، 27 .
ومـن هـذا الغيـب الـذي أمرنـا الله بالإيمـان بـه ، الإيمـان بالملائكـة . قـال الله تعالـى :

{ ... وَلَكِـنَّ الْبِـرَّ مَـنْ آمَـنَ بِاللهِ وَالْيَـوْمِ الآخِـرِ وَالْمَلآئِكَـةِ ... } .سورة البقرة / آية : 177 .

وهـو أحـد أركـان الإيمـان المذكـورة فـي حديـث جبـريـل ـ عليه السلام ـ .

· وهـم خلـق خلقهـم الله عـز وجـل قبـل خلـق الإنسـان بزمـن لا يعلـم مقـداره إلا الله .
قـال تعالـى :
{ وَإِذْ قَـالَ رَبُّـكَ لِلْمَلاَئِكَـةِ إِنِّـي جَاعِـلٌ فِـي الأَرْضِ خَلِيفَـةً ... } . سورة البقرة / آية : 30.
فخاطبهـم قبـل خلـق الإنسـان فـدل هـذا علـى وجودهـم قبلـه .

· وهـم خلـق لطيـف خلقهـم الله مـن نـور .
( كما صح ذلك عند مسلم / كتاب الزهد / باب أحاديث متفرقة / حديث : 2996 ) .

* عـن عائشـة ـ رضي الله عنها ـ قالـت : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" خلقـت الملائكـة من نـوروخُلـق الجـان من مـارج من نـار وخلـق آدم مما وصـف لكـم " .
· وهـم خلـق جميـل الخلقـة .


قـال تعالـى : { ... فَلَمَّـا رَأَيْنَـهُ أَكْبَرْنَـهُ وَقَطَّعْـنَ أَيْدِيَهُـنَّ وَقُلْـنَ حَـاشَ للهِ مَـا هَـذَا بَشَـراً إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَـكٌ كَرِيـمٌ } .سورة يوسف / آية : 31 .

وروى أحمد ـ رحمه الله ـ بسند صحيح -صححه الشيخ مقبل بن هادي الوادعي ـ رحمه الله ـ :
* عـن جريـر بـن عبـد الله البجلـي ـ رضي الله عنه ـ قـال :

" لمـا دنـوت مـن المدينـة أنخـتُ راحلتـي ثـم حللـتُ عيبتـي ثـم لبسـتُ حلتـي ثـم دخلـتُ ، فـإذا رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يخطـب ، فرمانـي النـاس بالحـدق .
فقلـت لجليـس : يـا عبـد الله ذَكَرَنِـي رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .
قـال : نعـم ذكـرك آنفـًا بأحسـن ذكـر .

فبينمـا هـو يخطـب إذ عـرض لـه فـي خطبتـه وقـال : " يدخـل عليكـم مـن هــذا البـاب أو مـن هـذا الفـج مـن خيـر ذي يمـن إلا إن علـى وجهـه مسـحة ملـك " .

قـال جريـر : فحمـدت الله عـز وجـل علـى مـا أبلانـي " .

هـذا وقـد قـال ربنـا عـز وجـل عـن جبريـل ـ عليه السلام ـ { ذُو مِـرَّةٍ فَاسْـتَوَى } .
سورة النجم / آية : 6.

نقـل ابـن كثيـر عـن ابـن عبـاس قـال : ذو منظـر حسـن .

· وأعـداد الملائكـة كثيـرة لا يعلمهـا إلا الله .
* عـن مالـك بـن صعصعـة ـ رضي الله عنه ـ مرفوعـًا ـ فـي حديـث المعـراج ـ :
" فرفـع لـي البيـت المعمـور ، فسـألت جبريـل فقـال : هـذا البيـت المعمـور ، يصلـي فيـه كـل يـوم سـبعون ألـف ملـك إذا خرجـوا لـم يعـودوا إليـه آخـر مـا عليهـم " .
وهو في الصحيحين .

وثبـت فـي " صحيـح مسـلم " مـن حديـث ابـن مسـعود مرفوعـًا :
" يؤتـى بجهنـم يومئـذ لهـا سـبعون ألـف زمـام مـع كـل زمـام سـبعون ألـف ملـك يجرونهـا " .

وغيـر ذلـك مـن الأدلـة التـي تـدل علـى كثـرة الملائكـة .

· الملائكـة يسـكنون السـماء ولا ينزلـون إلا بـإذن الله .
قـال تعالـي : { وَمَـا نَتَنَـزَّلُ إِلاَّ بِأَمْـرِ رَبِّـكَ ... } .سورة مريم / آية : 64.

وقـال تعالـى : { إِنَّ الَّذِيـنَ قَالُـوا رَبُّنَـا اللهُ ثُـمَّ اسْـتَقَامُوا تَتَنَـزَّلُ عَلَيْهِـمُ الْمَلاَئِكَـةُ أَلاَّ تَخَافُـوا وَلاَ تَحْزَنُـوا ...} .سورة فصلت / آية : 30.

· الملائكـة تتجلـى ويراهـا بعـض البشـر :
مـع كـون الملائكـة خلقـًا مغيَّبـًا ، فقـد ثبـت فـي غيـر مـا حديـث أن بعـض الصحابـة ـ رضي الله عنهم ـ رأوا بعـض الملائكـة حـال تمثلهـم فـي صـورة بشـرية .


ـ مـن هـذه الأحاديـث ، حديـث عمـر بـن الخطـاب ـ رضي الله عنه ـ قـال :
بينمـا نحـن عنـد رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ذات يـوم إذ طلـع علينـا رجـل شـديد بيـاض الثيـاب ، شـديد سـواد الشـعر ، لا يُـرى عليـه أثـر السـفر ، ولا يعرفـهمنـا أحـد ..... الحديـث ..... وفـي آخـره قـال النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" فإنـه جبريـل أتاكـم يعلمكـم دينكـم " . رواه مسلم .

ـ وحديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال:
كنـت مـع أبـي عنـد رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وعنـده رجـل يناجيـه ، فكـان كالمُعْـرِض عـن أبـي ، فخرجنـا مـن عنـده ، فقـال لـي أبـي : أي بنـي ألـم تـر إلـى ابـن عمـك ـ ( أي الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ) ـ كالمعـرض عنـي ؟ !
فقلـت : يـا أبـت إنـه كـان عنـده رجـل يناجيـه .

فرجعنـا إلـى النبـي صلى الله عليه وعلى آله وسلم،

فقـال أبـي : يـا رسـول الله ، قلـتُ لعبـد الله كـذا وكـذا ، فأخبرنـي أنـه كـان عنـدك رجـل يناجيـك فهـل عنـدك أحـد ؟ !
فقـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " وهـل رأيته يـا عبـد الله " ؟ قـال : قلـت : نعـم
قـال : " فـإن ذلـك جبريـل وهـو الـذي شـغلني عنـك " .
رواه أحمد ـ رحمه الله ـ وهو صحيح .
صححه الشيخ مقبل في الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين / ج : 1 / ص : 341.
ـ وحديـث أسـامة بـن زيـد ـ رضي الله عنهما ـ عنـد البخـاري ومسـلم :

" أتـى جبريـل النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وعنـده أم سـلمة ، فجعـل يتحـدث .

فقـال النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم – لأم سـلمة : " مـن هـذا " ؟ قالـت : هـذا دحيـة . فلمـا قـام قالـت : والله مـا حسـبته إلا إيـاه حتـى سـمعتُ خطبـة النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آلهوسلم ـ يخبـر خبـر جبريـل . أو كمـا قـال " .

تعليـق : دحيـة الكلبـي : هـو دحيـة بـن خليفـة الكلبـي .
كـان صحابيـًا مشـهورًا بالجمـال ، وكـان جبريـل ينـزل علـى صورتـه .

* * * *
فلابـد لصحـة إيمـان العبـد ، الإيمـان بالملائكـة :
والمقصـود بـه الاعتقـاد الجـازم بـأن لله ملائكــة موجوديـن مخلوقيـن مـن نــور وأنهـم لا يعصـون الله مـا أمرهـم ، وأنهـم قائمـون بوظائفهـم التـي أمرهـم الله بالقيـام بهـا . والـذي يسـتقصي الآيـات القرآنيـة الكريمـة ، والأحاديـث النبويـة الشـريفة ، التي تكلمـت عـن الملائكـة ، وأوصافهـم وأعمالهـم ، وأحوالهـم ، يلاحـظ أنهـا تناولـت فـي الغالـب ما يبيـن علاقتهـم بالخالـق سـبحانـه ، وبالكـون ، وبالإنسـان .
فعرَّفنـا سـبحانه مـن ذلـك علـى مـا ينفعنـا فـي تطهيـر عقيدتنـا .
وأمـا حقيقـة الملائكـة ، وكيـف خلقهـم ، وتفصيـلات أحوالهـم ، فقـد اسـتأثر سـبحانه بهـا .
وهـذه خصيصـة عامـة مـن خصائـص العقائـد الإسـلامية ، تناولـت الحقائـق الكونيـة ، والتعريـف بهـا فـي حـدود مـا يحتـاج إليـه البشـر ، ويصلـح أحوالهـم فـي المعـاش والمعـاد ومـا تطيقـه عقولهـم .
والمؤمـن الصـادق يقـر بكـل مـا أخبـر بـه الخالـق ، مجمـلاً أو مفصـلاً ، ولا يزيـد علـى ذلـك ، ولا ينقـص منـه ، ولا يتكلـف البحـث عمـا لـم يطلـع عليـه ، ولا يخـوض فيـه .

علاقـة الملائكـة بالخالـق :
علاقـة الملائكـة بالخالـق ، علاقـة العبوديـة الخالصـة ، والطاعـة والامتثـال ، والخضـوع المطلـق لأوامـره عـز وجـل .
قـال تعالـى " يَخَافُـونَ رَبَّهُـم مِّـن فَوْقِهِـمْ وَيَفْعَلُـونَ مَـا يُؤْمَـرُونَ " . سورة النحل / آية : 50 .
وقـال تعالـى " لاَ يَعْصُـونَ اللهَ مَـا أَمَرَهُـمْ وَيَفْعَلُـونَ مَـا يُؤْمَـرُونَ " .سورة التحريم / آية : 6 .
علاقـة الملائكـة بالكـون والإنسـان :
وإذا كانـت تلـك هـي صلتهـم بربهـم : عبوديـة كاملـة لـه سـبحانه ، وطاعـة تامـة لأوامـره عــز وجـل ، فـإن صلتهـم بالكـون والإنسـان هـي فـرع تلـك العبوديـة ، وتلـك الطاعـة
رد مع اقتباس