عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 05-27-2021, 01:12 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,023
افتراضي

مـن لـــوازم التوحيـــد

" الـــولاء والبـــراء "
مـن لـوازم التوحيـد أن توالـي أهلـه الموحديـن وتتبـرأ مـن أعدائـه المشـركين ، قـال تعالـى :
"إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ"سورة المائدة / آية : 55 ، 56 .

· الـــولاء :
المعنـى اصطلاحـًا :
القـرب مـن المسلميـن بمودتهـم وإعانتهـم ومناصرتهـم علـى أعدائهـم ، والسـكنى معهـم .
والمـوالاة ضـد المعـاداة .
· البـــراء :
المعنـى اصطلاحـًا :
البعـد والخـلاص والعـداوة بعـد الإعـذار والإنـذار ، والمـراد هنـا قطـع الصلـة القلبيـة مع الكفـار ، فـلا يحبهـم ولا يناصرهـم ولا يقيـم فـي ديارهـم .
* الـولاء والبـراء تابعـان للحـب والبغـض ، فـإن أوثـق عُـرَى الإيمـان الحـب فـي الله والبغـض فـي الله ، وبهمـا تنـال ولايـة الله ، وهمـا مـن أهـم لـوازم التوحيـد .
ولـن تقـوم للأمـة الإسـلامية قائمـة ، إلا بالرجـوع إلـى الله والحـب فيه والبغـض فيـه ، والـولاء لـه ولأوليائـه ، والبـراء ممـن أمرنـا بالبـراء منه ، وعندئـذ يفـرح المؤمنـون بنصـر الله .
* ولمـا كـان الـولاء والبـراء مبنييـن علـى قاعـدة الحـب والبغـض ، فـإن النـاس عنـد أهـل السـنة والجماعـة ـ بحسـب الحـب والبغـض فـي الله والـولاء والبـراء ـ ثلاثـة أصنـاف :
الصنــف الأول : مَـنْ يُحَــبُّ جُمْلَــة :
وهـو مـن آمـن بالله ورسـولهِ ، وقـام بوظائـف الإسـلام ومبانيـه العظـام علمـًا وعمـلاً واعتقـادًا ، وأخلـص أعمالـه وأفعالـه وأقوالـه لله ، وانقـاد لأوامـره ، وانتهـى عمـا نهـى الله عنـه ورسـوله ، وأحـب فـي الله ، ووالـى فـي الله ، وأبغـض فـي الله ، وعـادى فـي الله ، وقـدم قـول رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ علـى قـول كـل أحـد كائنـًا مـن كـان .
الصنــف الثانـي : مـن يُحَـب مـن وجـه ويُبغـض مـن وجـه :
وهـو المسـلم الـذي خلـط عمـلاً صالحـًا وآخـر سـيئًا ، فيُحَـبُّ ويوالَـى علـى قـدر مـا معـه مـن الخيـر ، و يُبغَـض و يعـادَى علـى قـدر مـا معـه مـن الشـر .
فهـذا عبـد الله بـن حِمـار ، وهـو رجـل مـن أصحـاب رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ كـان يشـرب الخمـر ، فأُتِـيَ بـه إلـى رســول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فأمـر الرســول ـ صلى الله عليه وعلى آلهوسلم ـ بضربـه بالنعـال والجريـد ، فلعنـه رجـل وقـال : مـا أكثـر مـا يؤتـى بـه ..... .

فقـال النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" لا تلعنـه فإنـه يحـب الله ورسـوله " .
صحيح البخاري / كتاب : الحدود / باب : ما يكره من لعن شارب الخمر وإنه ليس بخارج من الملة .
فالرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ رغـم أنه لعـن شـارب الخمـر وبائعهـا وعاصرهـا ومعتصرهـا وحاملهـا ، إلا أنـه نهـى عـن لعـن هـذا الرجـل لأنـه يحـب مـن وجـه ويبغـض مـن وجـه .
يحـب مـن وجـه : إنـه يحـب الله ورسـوله .
ويبغـض مـن وجـه : كونـه شـارب خمـر .
الصنــف الثالـث : مـن يُبغـض جملــة :
وهـو مـن كفـر بالله وملائكتـه وكتبـه ورسـله واليـوم الآخـر ، ولـم يؤمـن بالقـدر خيـره وشـره ، أو تـرك أحـد أركـان الإسـلام عمـدًا .
فأهـل السـنة والجماعـة يوالـون المؤمـن المسـتقيم علـى دينـه ولاءً كامـلاً ، ويحبونـه وينصرونـه نصـرة كاملـة ، ويتبـرءون مـن الكفـرة والملحديـن ، ويعادونهـم عـداوةً وبغضًـا كامليـن .
أمـا مـن خلـط عمـلاً صالحـًا وآخـر سـيئًا ( وهـم العصـاة أصحـاب الكبائـر ) فيوالونـه بحسـب مـا
عنـده مـن الإيمـان ، ويعادونـه بحسـب مـا عنـده مـن الإيمـان ، ويعادونـه بحسـب مـا هـو عليـه مـن الشـر .
الـولاء والبـراء القلبـي :الولاء والبراء ص : 139.
مـن عقيـدة أهـل السـنة والجماعـة ، أن الـولاء القلبـي وكذلـك العـداوة ـ القلبيـة ـ يجـب أن تكـون كاملـة .
يقـول شـيخ الإسـلام ابـن تيميـة :
فأمـا حـب القلـب وبغضـه ، وإرادتـه وكراهتـه ، فينبغـي أن تكـون كاملـة جازمـة ، لا توجـب نقـص ذلـك إلا بنقـص الإيمـان ، وأمـا فعـل البـدن فهـو بحسـب قدرتـه ، ومتـى كانـت إرادة القلـب وكراهتـه كاملـة تامـة وفعـل العبـد معهـا بحسـب قدرتـه فإنـه يعطـى ثـواب الفاعـل الكامـل .
ذلـك أن مـن النـاس مـن يكـون حبـه وبغضـه وإرادتـه وكراهتـه بحسـب محبـة نفسـه وبغضهـا ، لا بحسـب محبـة الله ورسـوله ، وبغـض الله ورسـوله .
وهـذا نـوع مـن أنـواع الهـوى ، فـإن اتبعـه الإنسـان فقـد اتبـع هـواه ... قـال تعالـى :
"وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ".سورة القصص / آية : 50 .
المداهنــة وعلاقتهـا بالـولاء والبــراء :في بيان العقيدة ص : 111 .
المداهنـة : هـي المصانعـة والمسـالمة وتـرك مـا يجـب مـن الغيـرة والأمـر بالمعـروف والنهـي عـن المنكـر ، والتغافـل عـن ذلـك لغـرض دنيـوي وهـوى نفسـاني ، فالاسـتئناس بأهـل المعاصـي ومعاشـرتهم وهـم علـى معاصيهـم ، وتـرك الإنكـار عليهـم مـع القـدرة عليـه هـو المداهنـة .
وعلاقـة المداهنـة بالـولاء والبـراء تظهـر مـن معناهـا وتعريفهـا الـذي ذكرنـاه وهـو تـرك الإنكـار علـى العصـاة مـع القـدرة عليـه ، ومسـالمتهم ومصانعتهـم ، وهـذا فيـه تـرك للمـوالاة فـي الله ، والمعـاداة فيـه وتشـجيع للعصـاة والمفسـدين .
ويصبـح المداهـن داخـلاً فـي قولـه تعالـى "
لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79) تَرَىٰ كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ"
.سورة المائدة / آية : 78ـ 80 .
المـداراة وأثرهـا علـى الـولاء والبــراء :
المـداراة : هـي درء المفسـدة والشـر بالقـول الليـن وتـرك الغلظـة ، أو الإعراض عـن صاحـب الشـر إذا خيـف شـره أو حصـل منـه أكبـر ممـا هـو ملابـس لـه .
وفـي الحديـث : عـن عائشـة ـ رضي الله عنها ـ قالـت :
اسـتأذن رجـل علـى رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وأنـا عنـده ، فقـال : " بئـس أخـو العشـيرة " .

ثـم أََذِِِن لـه ، فلمـا دخـل ألان لـه القـول (1) ، فلمـا خـرج قلـت : يـا رسـول الله ! قلـتَ مـا قلـتَ ثـم ألنـتَ لـه القـولَ .
فقـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " يـا عائشـة إن مـن شـر النـاس مـن تركـه النـاسُ أو وَدَعَـه النـاسُ اتقـاء فُحشـه " .
الشمائل للترمذي / تحقيق الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ / ص : 184 / حديث رقم : 301 .

الحديث صحيح / أخرجه البخاري .
( 1 )ألان لـه القـول : " وذلـك لتألفـه لِيُسـلِمَ قومُـهُ لأنـه كـان رئيسـهم ومطاعًـا فيهـم ، كمـا هـو شـأن الجفـاة ، لأنـه لـو لـم يُلِـنْ لـه القـول لأفسـد حـال عشـيرته ، وزيـن لهـم العصيـان لأنهـم لا يعصـون لـه أمـرًا " . حاشية الشمائل / ص : 184 .
ومـن رسـالة بيـان العقيـدة ، تعليقًـا علـى هـذا الحديـث :
فالنبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ دارى هـذا الرجــل لمَّـا دخـل عليـه مـع مـا فيـه مـن الشـر لأجـل
المصلحـة الدينيـة ، فــدل علـى أن المــداراة لا تتنافــى مـع الـولاء والبـراء إذا كـان فيهـا
مصلحـة راجحـة مـن كـف الشـر والتأليـف ، أو تقليـل الشـر .
ومـن ذلـك مـداراة النبـي للمنافقيـن خشـية شـرهم وتأليفـًا لهـم ولغيرهـم .
*نمـوذج للـولاء والبـــراء :
موقـف عبـد الله بـن عبـد الله بـن أُبـي بـن سـلول مـن أبيـه المنافـق :
عـن جابـر بـن عبـد الله قـال : كنـا فـي غـزاة قـال سـفيان :
ـ يـرون أنهـا غـزوة بنـي المصطلـق ـ فكسـع رجـلٌ مـن المهاجريـن رجـلاً مـن الأنصـار ، فقـال المهاجـري : يـا للمهاجريـن . وقـال الأنصـاري : يـا للأنصـار .
فسمـع ذلـك النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فقـال : مـا بـالُ دعـوى الجاهليـة ؟
قالـوا : رجـل مـن المهاجريـن كسـع رجـلاً مـن الأنصـار .
فقـال النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " دعوهـا فإنهـا منتنـة " .
فسـمع ذلـك عبـد الله بـن أُبـيّ بـن أبـي سـلول ، فقـال : أوَقَـد فعلوهـا ؟ والله لئِـن رجعنـا إلـى المدينـة ليخرجـن الأعـز منهـا الأذل .
فقـال عمـر : يـا رسـول اللـه دعنـي أضـرب عنـق هـذا المنافـق .
فقـال النبـي صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم :

" دعـه لا يحـدث النـاس أن محمـدًا يقتـلُ أصحابَـهُ " .
وقـال غيـر عمـر ، فقـال لـه ابنُـه عبـدُ الله بـن عبـد الله :
والله لا تنقلـب حتـى تُقِــرَّ أنـك الذليــل ، ورســول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ العزيـز ، ففعـل .
صحيح سنن الترمذي / ج : 3 / حديث رقم : 2641.
رد مع اقتباس