تابع باب ما يتقى من فتنة الدنيا والتنافس فيها .
من شرح كتاب الرقاق من صحيح الإمام البخاري رحمه الله بَاب مَا يُتَّقَى مِنْ فِتْنَةِ الْمَالِ .وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ) 27شوال 1437 هـ
******************************** شرح الشيخ بن عثيمين رحمه الله قال الإمام البخاري رحمه الله
6071 حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِي حَصِينٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ .
-- ص 32 من الشرح المفرغ.
وقوله تعالى: { إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ }.قوله: (إِنَّمَا ) للحصر ، أي ما أموالكم ، ولا أولادكم إلا فتنة ، لكن هل هي فتنة خير أو فتنة شر؟ قال تعالى: { وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً } فقد تكون فتنة بخير ، وقد تكون فتنة بشر ، وكذلك الأموال والأولاد قد يكون الولد صالحاً فيكون عوناً لأبيه في حياته على طاعة الله ، وينفعه بعد مماته في دعائه ، وكذلك المال ( نعم المال الصالح عند الرجل الصالح ) فالفتنة هنا تشمل هذا وهذا ولهذا قال الله تعالى بعده: { وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } أي فاجعلوا هذا فتنة في الخير ، لتنالوا الأجر.
تعس: بمعنى خاب وخسر.
وقوله: ( عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة ) الدينار والدرهم معروفان ، وأما القطيفة: فهي ما يُجلس ، والخميصة: ما يُلبس.
فالإنسان يعتني بدرهمه وديناره ، ويعتني بملبسه ومجلسه فمن الناس من يعتني بهذه الأشياء لتكون عوناً له على طاعة الله ، ويظهر بها نعمة الله عليه ، ومن الناس من يشتغل بها عن طاعة الله حتى يكون عبداً لها كأنما خُلق لها ، ليس له هم إلا تحصيل الدينار والدرهم والخميصة والقطيفة ، وليس المراد أن الإنسان يسجد لهذه الأشياء ، لأن لا أحد يسجد للدراهم والدنانير والقطائف والخمائص ، ولكن المعنى أنه يشتغل بها عن طاعة الله.
قوله: ( إن أعطي رضي ، وإن لم يُعط لم يرض ) رضي على المعطي حتى لو كان الله رضي عن الله وإن لم يعط سخط حتى عن الله ، (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ ) إذاً: فيه التحذير من هذه الأمور أن تكون عبداً لها ، بل كن عبداً لله واستعن بهذه الأمور على عبادة الله.
س: ما العلاقة بين أول الحديث وآخره ؟
ج: هي تفسير لها أو من صفاته أنه إذا أعطي رضي وإن لم يعط سخط.
س: بعض الشباب يعطل أمر الزواج خشية الافتتان عن طلب العلم ؟
ج: هذا خطأ ، فالزواج لا يحول بين الشاب وطلب العلم بل ربما يكون عوناً له على طلب العلم ، يتفرغ كثيراً ، صحيح أنه ربما أنه ربما يترتب عليه مسائل أخرى كالنفقات لكنه يتفرغ لمسائل كثيرة ، وهو أيضاً إذا تزوج متكلاً على الله ، معتمداً عليه آخذاً بقوله تعالى:( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا } يحصل له خير كثير.
س: تمني الموت ، فقد ثبت عن السلف والصحابة أنهم يتمنون الموت قبل الدخول للجهاد.؟
ج: هم لا يتمنون الموت ، إنما يتمنون الشهادة ، ففرق بين هذا وهذا ، فربما لو فات هذا المكان أو المعركة فاتته الشهادة فيما بعد ومات فراشه ، ويجوز أن يقول: لا تمتني حتى أنفع المسلمين وأجاهد ، وغيرها ، كما قال سعد بن معاذ عندما أصيب في أكحله: اللهم لا تمتني حتى تقر عيني بهؤلاء ـ أي حلفاءه من بني قريظة .
6072 حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لَابْتَغَى ثَالِثًا وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ .
قَوْلُهُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ) هَذَا مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي صَرَّحَ فِيهَا ابْنُ عَبَّاسٍ بِسَمَاعِهِ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ قَلِيلَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَرْوِيِّهِ عَنْهُ فَإِنَّهُ أَحَدُ الْمُكْثِرِينَ وَمَعَ ذَلِكَ فَتَحَمُّلُهُ كَانَ أَكْثَرُهُ عَنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ.
قَوْلُهُ ( لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لَابْتَغَى ثَالِثًا ) فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيًا مَالًا لَأَحَبَّ أَنَّ لَهُ إِلَيْهِ مِثْلَهُ وَنَحْوُهُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ فِي الْبَابِ وَجَمَعَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ فِي الْبَابِ أَيْضًا وَقَوْلُهُ : لَابْتَغَى " بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ افْتَعَلَ بِمَعْنَى الطَّلَبِ وَمِثْلُهُ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ " أَحَبَّ " وَكَذَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ لَتَمَنَّى مِثْلَهُ ثُمَّ تَمَنَّى مِثْلَهُ حَتَّى يَتَمَنَّى أَوْدِيَةً .
قَوْلُهُ وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ فِي رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ " نَفْسَ " بَدَلَ " جَوْفَ " وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ كَالْأَوَّلِ وَفِي مُرْسَلِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ " وَلَا يُشْبِعُ " بِضَمِّ أَوَّلِهِ " جَوْفَ " وَفِي حَدِيثِ ابْنِ الزُّبَيْرِ " وَلَا يَسُدُّ جَوْفَ " وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فِي الْبَابِ " وَلَا يَمْلَأُ عَيْنَ " وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ فِيهِ " وَلَا يَمْلَأُ فَاهُ " وَمِثْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي وَاقِدٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَلَهُ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ " وَلَا يَمْلَأُ بَطْنَ " قَالَ الْكِرْمَانِيُّ : لَيْسَ الْمُرَادُ الْحَقِيقَةَ فِي عُضْوٍ بِعَيْنِهِ بِقَرِينَةِ عَدَمِ الِانْحِصَارِ فِي التُّرَابِ إِذْ غَيْرُهُ يَمْلَؤُهُ أَيْضًا بَلْ هُوَ كِنَايَةٌ عَنَ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ مُسْتَلْزِمٌ لِلِامْتِلَاءِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا يَشْبَعُ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى يَمُوتَ فَالْغَرَضُ مِنَ الْعِبَارَاتِ كُلِّهَا وَاحِدٌ وَهِيَ مِنَ التَّفَنُّنِ فِي الْعِبَارَةِ قُلْتُ وَهَذَا يَحْسُنُ فِيمَا إِذَا اخْتَلَفَتْ مَخَارِجُ الْحَدِيثِ وَأَمَّا إِذَا اتَّحَدَتْ فَهُوَ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ ثُمَّ نِسْبَةُ الِامْتِلَاءِ لِلْجَوْفِ وَاضِحَةٌ وَالْبَطْنُ بِمَعْنَاهُ وَأَمَّا النَّفْسُ فَعَبَّرَ بِهَا عَنِ الذَّاتِ وَأَطْلَقَ الذَّاتَ وَأَرَادَ الْبَطْنَ مِنْ إِطْلَاقِ الْكُلِّ وَإِرَادَةِ الْبَعْضِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْفَمِ فَلِكَوْنِهِ الطَّرِيقَ إِلَى الْوُصُولِ لِلْجَوْفِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالنَّفْسِ الْعَيْنَ وَأَمَّا الْعَيْنُ فَلِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِي الطَّلَبِ لِأَنَّهُ يَرَى مَا يُعْجِبُهُ فَيَطْلُبُهُ لِيَحُوزَهُ إِلَيْهِ وَخَصَّ الْبَطْنَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا يُطْلَبُ الْمَالُ لِتَحْصِيلِ الْمُسْتَلَذَّاتِ وَأَكْثَرُهَا يَكُونُ لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَقَالَ الطِّيبِيُّ : وَقَعَ قَوْلُهُ : وَلَا يَمْلَأُ إِلَخْ " مَوْقِعَ التَّذْيِيلِ وَالتَّقْرِيرِ لِلْكَلَامِ السَّابِقِ كَأَنَّهُ قِيلَ وَلَا يَشْبَعُ مَنْ خُلِقَ مِنَ التُّرَابِ إِلَّا بِالتُّرَابِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْحِكْمَةُ فِي ذِكْرِ التُّرَابِ دُونَ غَيْرِهِ أَنَّ الْمَرْءَ لَا يَنْقَضِي طَمَعُهُ حَتَّى يَمُوتَ فَإِذَا مَاتَ كَانَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُدْفَنَ فَإِذَا دُفِنَ صُبَّ عَلَيْهِ التُّرَابُ فَمَلَأَ جَوْفَهُ وَفَاهُ وَعَيْنَيْهِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ مَوْضِعٌ يَحْتَاجُ إِلَى تُرَابٍ غَيْرُهُ وَأَمَّا النِّسْبَةُ إِلَى الْفَمِ فَلِكَوْنِهِ الطَّرِيقَ إِلَى الْوُصُولِ لِلْجَوْفِ .
هذه الأحاديث كلها معناها واحد وهو: أن الإنسان لا ينتهي له طمعاً في المال ، فلو كان له واديان من ذهب لابتغى ثالثاً ، ولو كان عنده ثلاثة لابتغى رابعاً ، وهكذا ، ولا يملأ بطن ابن آدم إلا التراب.
أي: إلا أن يموت فيدفن في التراب ، وليس المعنى بملء بطنه التراب أن يأكل التراب حتى يشبع ، ولكن المعنى: أنه لا يملأ بطنه إلا أن يموت فيُدفن في التراب.
( ويتوب الله على من تاب ) هذا ترشيح لما سبق ، أي: أن الإنسان وإن كان عنده جشع وطمع فإنه إن أخطأ في ذلك وتاب تاب الله عليه. أما قوله: ( كنا نرى هذا من القرآن حتى نزلت ألهاكم التكاثر ) فهذا ظن من الصحابة الذين سمعوا هذا القول أنه من القرآن ولكنه ليس من القرآن فلو كان من القرآن لبقي لقوله تعالى: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } .
6073 حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ عَطَاءً يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ مِثْلَ وَادٍ مَالًا لَأَحَبَّ أَنَّ لَهُ إِلَيْهِ مِثْلَهُ وَلَا يَمْلَأُ عَيْنَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَلَا أَدْرِي مِنْ الْقُرْآنِ هُوَ أَمْ لَا قَالَ وَسَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ ذَلِكَ عَلَى الْمِنْبَرِ. قَوْلُهُ ( وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ ) أَيْ أَنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ مِنَ الْحَرِيصِ كَمَا يَقْبَلُهَا مِنْ غَيْرِهِ ، قِيلَ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى ذَمِّ الِاسْتِكْثَارِ مِنْ جَمْعِ الْمَالِ وَتَمَنِّي ذَلِكَ وَالْحِرْصِ عَلَيْهِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ الَّذِي يَتْرُكُ [ ص: 261 ] ذَلِكَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَابَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَابَ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَهُوَ مُطْلَقُ الرُّجُوعِ أَيْ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ وَالتَّمَنِّي وَقَالَ الطِّيبِيُّ : يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْآدَمِيَّ مَجْبُولٌ عَلَى حُبِّ الْمَالِ وَأَنَّهُ لَا يَشْبَعُ مِنْ جَمْعِهِ إِلَّا مَنْ حَفِظَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - وَوَفَّقَهُ لِإِزَالَةِ هَذِهِ الْجِبِلَّةِ عَنْ نَفْسِهِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ فَوَضَعَ " وَيَتُوبُ " مَوْضِعَهُ إِشْعَارًا بِأَنَّ هَذِهِ الْجِبِلَّةَ مَذْمُومَةٌ جَارِيَةٌ مَجْرَى الذَّنْبِ وَأَنَّ إِزَالَتَهَا مُمْكِنَةٌ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وَتَسْدِيدِهِ وَإِلَى ذَلِكَ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ - تَعَالَى – (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) فَفِي إِضَافَةِ الشُّحِّ إِلَى النَّفْسِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ غَرِيزَةٌ فِيهَا وَفِي قَوْلِهِ وَمَنْ يُوقَ إِشَارَةٌ إِلَى إِمْكَانِ إِزَالَةِ ذَلِكَ ثُمَّ رَتَّبَ الْفَلَاحَ عَلَى ذَلِكَ قَالَ وَتُؤْخَذُ الْمُنَاسَبَةُ أَيْضًا مِنْ ذِكْرِ التُّرَابِ فَإِنَّ فِيهِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْآدَمِيَّ خُلِقَ مِنَ التُّرَابِ وَمِنْ طَبْعِهِ الْقَبْضُ وَالْيُبْسُ وَأَنَّ إِزَالَتَهُ مُمْكِنَةٌ بِأَنْ يُمْطِرَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَا يُصْلِحُهُ حَتَّى يُثْمِرَ الْخِلَالَ الزَّكِيَّةَ وَالْخِصَالَ الْمُرْضِيَةَ قَالَ - تَعَالَى - :( وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا) فَوَقَعَ قَوْلُهُ : وَيَتُوبُ اللَّهُ إِلَخْ " مَوْقِعَ الِاسْتِدْرَاكِ أَيْ أَنَّ ذَلِكَ الْعُسْرَ الصَّعْبَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - عَلَيْهِ
قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَلَا أَدْرِي مِنَ الْقُرْآنِ هُوَ أَمْ لَا يَعْنِي الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ أُبَيٍّ . قَوْلُهُ قَالَ وَسَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ ) الْقَائِلُ هُوَ عَطَاءٌ وَهُوَ مُتَّصِلٌ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ " عَلَى الْمِنْبَرِ " بَيَّنَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَهَا أَنَّهُ مِنْبَرُ مَكَّةَ وَقَوْلُهُ " ذَلِكَ " إِشَارَةٌ إِلَى الْحَدِيثِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ بِدُونِ زِيَادَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ . الْحَدِيثُ الثَّالِثُ
6074 حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْغَسِيلِ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى الْمِنْبَرِ بِمَكَّةَ فِي خُطْبَتِهِ يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ ابْنَ آدَمَ أُعْطِيَ وَادِيًا مَلْئًا مِنْ ذَهَبٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ ثَانِيًا وَلَوْ أُعْطِيَ ثَانِيًا أَحَبَّ إِلَيْهِ ثَالِثًا وَلَا يَسُدُّ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ.
9632 قَوْلُهُ : عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْغَسِيلِ ) أَيْ غَسِيلِ الْمَلَائِكَةِ (1) وَهُوَ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ الْأَوْسِيُّ وَهُوَ جَدُّ سُلَيْمَانَ الْمَذْكُورُ لِأَنَّهُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ وَلِعَبْدِ اللَّهِ صُحْبَةٌ وَهُوَ مِنْ صِغَارِ الصَّحَابَةِ وَقُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ وَكَانَ الْأَمِيرَ عَلَى طَائِفَةِ الْأَنْصَارِ يَوْمئِذٍ وَأَبُوهُ اسْتُشْهِدَ بِأُحُدٍ وَهُوَ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ وَأَبُوهُ أَبُو عَامِرٍ يُعْرَفُ بِالرَّاهِبِ وَهُوَ الَّذِي بُنِيَ مَسْجِدُ الضِّرَارِ بِسَبَبِهِ وَنَزَلَ فِيهِ الْقُرْآنُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ مَعْدُودٌ فِي صِغَارِ التَّابِعِينَ لِأَنَّهُ لَقِيَ بَعْضَ صِغَارِ الصَّحَابَةِ وَهَذَا الْإِسْنَادُ مِنْ أَعْلَى مَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الثُّلَاثِيَّاتِ وَإِنْ كَانَ رُبَاعِيًّا وَعَبَّاسُ بْنُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ هُوَ وَلَدُ الصَّحَابِيِّ الْمَشْهُورِ الْحَدِيثُ الرَّابِعُ .
(1) افتخرَ الحيَّانِ من الأوسِ والخزرجِ فقال الأوسُ مِنَّا غسيلُ الملائكةِ حنظلةُ بنُ الراهبِ ومِنَّا مَنِ اهتزَّ لهُ عرشُ الرحمنِ ومِنَّا من حمتهُ الدَّبْرُ عاصمُ بنُ ثابتٍ قال فقال الخزرجيونَ مِنَّا أربعةٌ جمعوا القرآنَ لم يجمعْهُ أَحَدٌ غيرُهم زيدُ بنُ ثابتٍ وأبو زيدٍ وأُبَيُّ بنُ كعبٍ ومعاذُ بنُ جبلٍ
********************************
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الألباني | المصدر : إرواء الغليل
الصفحة أو الرقم: 3/168 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح.
سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ عن قتلِ حنظلةَ بنِ أبي عامرٍ بعدَ أن التقَى هو وأبو سفيانَ بنُ الحارثِ حين علاهُ شدَّادُ بنُ الأسودِ بالسيفِ فقتلهُ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إنَّ صاحبَكم تُغَسِّلُهُ الملائكةُ فسألوا صاحبتَهُ فقالت إنهُ خرجَ لمَّا سمعَ الهائعةَ وهو جُنُبٌ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لذلكَ غَسَّلَتْهُ الملائكةُ
الراوي : عبدالله بن الزبير | المحدث : الألباني | المصدر : إرواء الغليل
الصفحة أو الرقم: 3/167 | خلاصة حكم المحدث : حسن
__________________
مدونة ( أصحابي )
مناقب الصحابة رضي الله عنهم
|