عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01-09-2016, 02:37 AM
الصورة الرمزية توبة
توبة توبة غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 817
افتراضي



المجلس السادس
تابع شرح حديث كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل
32 ربيع الأول 1437 هـ


أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ وَصِحَّتِكَ قَبْلَ سَقَمِكَ وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ وَفَرَاغِكَ قَبْلَ شُغْلِكَ وَحَيَاتِكَ قَبْلَ مَوْتِكَ (1) وَأَخْرَجَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي الزُّهْدِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ مِنْ مُرْسَلِ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ كَلَامُ ابْنِ عُمَرَ مُنْتَزَعٌ مِنَ الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ وَهُوَ مُتَضَمِّنٌ لِنِهَايَةِ قِصَرِ الْأَمَلِ وَأَنَّ الْعَاقِلَ يَنْبَغِي لَهُ إِذَا أَمْسَى لَا يَنْتَظِرُ الصَّبَاحَ وَإِذَا أَصْبَحَ لَا يَنْتَظِرُ الْمَسَاءِ بَلْ يَظُنُّ أَنَّ أَجَلَهُ مُدْرِكُهُ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ : وَقَوْلُهُ " خُذْ مِنْ صِحَّتِكَ إِلَخْ " أَيِ اعْمَلْ مَا تَلْقَى نَفْعَهُ بَعْدَ مَوْتِكَ وَبَادِرْ أَيَّامَ صِحَّتِكَ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ فَإِنَّ الْمَرَضَ قَدْ يَطْرَأُ فَيَمْتَنِعُ مِنَ الْعَمَلِ فَيُخْشَى عَلَى مَنْ فَرَّطَ فِي ذَلِكَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الْمَعَادِ بِغَيْرِ زَادِ وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ الْحَدِيثَ الْمَاضِيَ فِي الصَّحِيحِ إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ صَحِيحًا مُقِيمًا (2) لِأَنَّهُ وَرَدَ فِي حَقِّ مَنْ يَعْمَلُ وَالتَّحْذِيرُ الَّذِي فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَعْمَلْ شَيْئًا فَإِنَّهُ إِذَا مَرِضَ نَدِمَ عَلَى تَرْكِهِ الْعَمَلَ وَعَجَزَ لِمَرَضِهِ عَنِ الْعَمَلِ فَلَا يُفِيدُهُ النَّدَمُ وَفِي الْحَدِيثِ مَسُّ الْمُعَلِّمِ أَعْضَاءَ الْمُتَعَلِّمِ عِنْدَ التَّعْلِيمِ وَالْمَوْعُوظِ عِنْدَ الْمَوْعِظَةِ وَذَلِكَ لِلتَّأْنِيسِ وَالتَّنْبِيهِ .


وَلَا يُفْعَلُ ذَلِكَ غَالِبًا إِلَّا بِمَنْ يَمِيلُ إِلَيْهِ وَفِيهِ مُخَاطَبَةُ الْوَاحِدِ وَإِرَادَةُ الْجَمْعِ وَحِرْصُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى إِيصَالِ الْخَيْرِ لِأُمَّتِهِ وَالْحَضُّ عَلَى تَرْكِ الدُّنْيَا وَالِاقْتِصَارُ عَلَى مَا لَا بُدَّ مِنْهُ.(3)


شرح الشيخ بن عثيمين رحمه الله.


أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بمنكبه من أجل أن ينتبه لما يقول: وقوله: ( غريب أو عابر سبيل ) الفرق بينهما أن الغريب المقيم في البلد الذي ليس وطناً له ، وعابر السبيل الذي مر بالبلد وهو سائر ، أي أنك لا تتخذ الدنيا وطناً لأن الناس ثلاثة أقسام: مستوطن ، وعابر سبيل ، ومقيم غريب.
فيقول: كن في الدنيا كأنك غريب ، أي مقيم في غير وطنك ، أو عابر سبيل ، مسافر مررت بالبلد لتأخذ حاجة وتمشي ، الثالث: المستوطن فلا تكن مستوطن لأنها ليست دار وطن ، ولهذا تأثر ابن عمر بهذه الوصية كان يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء ـ أي اعمل ولا تقل أترك عمل المساء لعمل الصباح أو عمل الصباح لآخر النهار ـ لا تنتظر فإنك لا تدري هل تدرك الصباح إذا أمسيت أو المساء إذا أمسيت.


( وخذ من صحتك لمرضك ) فالإنسان ليس دائماً صحيح بمرض فيعجزه عن الوظائف الدينية التي كان يفعلها في حال صحته ، فخذ من صحتك لمرضك.


( ومن حياتك لموتك ) وموتك أطول بكثير ، إذا عمرت ستعمر مثلاً مائة وخمسين سنة ـ قل هذا مثلاً ـ لكن كم للناس الذين ماتوا ؟ آلاف السنين ، إذاً ، موتك أكثر من حياتك ، فخذ من حياتك لموتك ، وهذه وصية نافعة من ابن عمر تزهد في الدنيا ، يقول بعض الناس يروي حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً ، واعمل لآخرتك كأنك تموت أبداً ).

أولاً:هذا ليس بحديث. وثانياً: معناه أن لا تهتم فما لم تحصله اليوم للدنيا فاعمله غداً. واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً فلا تأخر عمل الآخرة كأنك تموت غداً ، فاعمل عمل اليوم ، أما الدنيا فدعها على التراخي ، وهذا ليس كما يظنه بعض الناس أنه احكم عمل الدنيا ولا تهتم بعمل الآخرة لأن عمل الآخرة لا تظهر ثمرته إلا بعد الموت ، فمعناه أنه ينبغي للإنسان في أمور الدنيا أن لا يهتم بها ما لم يكون اليوم يكون غداً ، فلا تهتم ، أما الآخرة فلا تؤخر عمل اليد لغدٍ.




س: الغريب أكثر استيطاناً من عابر السبيل ؟
س: هل يأثم بعض الدعاة إذا نسب ( اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا ) إلى النبي صلى الله عليه وسلم ؟
ج: نعم. ( من حدث عني بحديث كذب يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين ).(4)
س: قوله: ( كن في الدنيا كأنك غريب ) لماذا لم يقل: كن في الدنيا غريب ؟
ج: لأنه ليس غريب بل مستوطن ( في بلده ، لأن المستوطن مستقر أما الغريب فليس مستقر حتى لو أقام في البلد أربعة أو خمسة أيام تجده مستوحشاً حتى الناس من مر به ينظر في وجهه مستغرباً ـ فمعناه لا تستوطن في الدنيا ، ولا تجعلها وطناً ، فإنها سائرة.(5)


(1) اغْتَنِمْ خَمْسًا قبلَ خَمْسٍ : شَبابَكَ قبلَ هِرَمِكَ ، وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ ، وغِناكَ قبلَ فَقْرِكَ ، وفَرَاغَكَ قبلَ شُغْلِكَ ، وحَياتَكَ قبلَ مَوْتِكَ
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب الصفحة أو الرقم: 3355 | خلاصة حكم المحدث : صحيح.
(2) إذا مرض العبدُ أو سافر ، كتب اللهُ تعالى له من الأجرِ مثلَ ما كان يعملُ صحيحًا مُقيمًا .
الراوي : أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع الصفحة أو الرقم: 799 | خلاصة حكم المحدث : صحيح.
شرح الحديث أي: إنَّ مَن كان يعمَلُ عملًا صالحًا، مِن صلاةِ تطوُّعٍ أو صيامِ تطوُّعٍ أو نحوِه، ثمَّ سافَر أو مرِض، فمنَعه ذلك مِن أداءِ العبادة الَّتي كان يتطوَّعُ بها، كتَب اللهُ له أجرَ مِثلِ العبادة الَّتي كان يفعَلُها في حالِ صحَّتِه وحالِ إقامتِه.
وفي الحديثِ: عظيمُ فضلِ الله تعالى على عِبادِه، وفضلُ العملِ في حالِ الإقامةِ والصِّحَّة؛ لينالَ هذا الأجْرَ إذا سافَرَ أو مَرِض.
(3) المصدر
(4) مَن روى عني حديثًا وهوَ يرى أنَّه كذِبٌ فهوَ أحدُ الكاذبَيْنِ
الراوي : علي بن أبي طالب | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 38 | خلاصة حكم المحدث : صحيح.
(5) شرح كتاب الرقاق من صحيح البخاري للشيخ العثيمين رحمه الله


__________________


مدونة ( أصحابي )
مناقب الصحابة رضي الله عنهم




رد مع اقتباس