اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة تابع شرح كتاب الرقاق من صحيح البخاري.
المجلس الثالث
1 ربيع الأول 1437 هـ
الحديث الثاني اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة
قال الإمام البخاري في صحيحه
6050 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :-
اللَّهُمَّ لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الْآخِرَهْ فَأَصْلِحْ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ .
وقال رحمه الله
6051 حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَنْدَقِ وَهُوَ يَحْفِرُ وَنَحْنُ نَنْقُلُ التُّرَابَ وَيَمُرُّ بِنَا فَقَالَ:-
اللَّهُمَّ لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الْآخِرَهْ فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ تَابَعَهُ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ.
* شرح الحديث *
قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ مُنَاسَبَةُ إِيرَادِ حَدِيثِ أَنَسٍ وَسَهْلٍ مَعَ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ التَّرْجَمَةُ أَنَّ النَّاسَ قَدْ غُبِنَ [ ص: 236 ] كَثِيرٌ مِنْهُمْ فِي الصِّحَّةِ وَالْفَرَاغِ لِإِيثَارِهِمْ لِعَيْشِ الدُّنْيَا عَلَى عَيْشِ الْآخِرَةِ فَأَرَادَ الْإِشَارَةَ إِلَى أَنَّ الْعَيْشَ الَّذِي اشْتُغِلُوا بِهِ لَيْسَ بِشَيْءٍ بَلِ الْعَيْشُ الَّذِي شُغِلُوا عَنْهُ هُوَ الْمَطْلُوبُ وَمَنْ فَاتَهُ فَهُوَ الْمَغْبُونُ .
المصدر
(من شرح كتاب الرقاق للشيخ عبد الرحمن صالح محي الدين ). ~~~~~~~
وقوله- لا عيش إلا عيش الآخره » والعيش مصدر عاش يعيش عيشًا وعيشةً وهي الحياة ومايكون فيها من مطعم ومشرب، ما هي العيشة؟ اللهم لا عيش إلا عيش الآخره .
ما هي العيشة؟
قلت هي الحياة وما يكون فيها من مطعم ومشرب وهي حياة الإنسان وهذا مثل قول لا إله إلا الله، ، » لا عيش إلا عيش الآخره « الحسنة، وهاهنا نفيٌ واستثناء قلت والمرا د به القصر والحصر، وأن الآخرة هي الحياة الحقة، والحياة الطيبة، يعني لا حياة حقيقية جيدة والله » لا عيش إلا عيش الآخره « هذا قصد الرسول صلى الله عليه وسلم .
حياتنا هذه تنتهي لا محالة، والحياة الدائمة هي الحياة الآخرة، ولذلك قال الرسول.» لا عيش إلا عيش الآخره « (أ.هــ).
من شرح رياض الصالحين للشيخ بن عثيمين رحمه الله .
~~~~~~~
قلت فأرادَ -صلى الله عليه وسلم- الإشارة إلى أ ن العيش الذي نشتغل فيه ليس بشيء بل العيش الذي شغلوا عنه هو المطلوب، ومن فاته فهو المغبون، والله من فاته الاشتغال بالآخرة ومايعد لها ومايعمل لها والله إ نه هوالمغبون، حقيقةً هذا المغبون، هذا الغبن حقيقةً ، مثل الذي يبي ع الذهب بالبعر، تعرفون يبيعون الذهب بالبعر يبيع الذهب يبيعه بالبعر هذا مسكين مغبون.
هذا أشد غبن -نسأل الله السلامة والعافية- لأ نه باع الآخرة
بالدنيا -نسأل الله السلامة والعافية- ث م قال الإمام البخاري انتهى.
* يعنى العيشة الهنية الراضية الباقية هو عيش الآخرة، أما الدنيا فإنه مهما طاب عيشها فمآلها للفناء، وإذا لم يصحبها عمل صالح فإنها خسارة.
ولهذا ذكر في ضمن الأحاديث هذه" أنه يؤتى بأنعم أهل الدنيا في الدنيا" يعني أشدهم نعيماً في بدنه وثيابه وأهله ومسكنه ومركوبه وغير ذلك، " فيصبغ في النار صبغة" يعني يغمس فيها غمسة واحدة ، ويقال له " يا ابن آدم هل رأيت خيراً قط؟
هل مر بك نعيم قط؟ فيقول : لا والله يا رب ما رأيت" لأنه ينسى كل هذا النعيم، هذا وهو شيء يسير، فكيف بمن يكون مخلداً فيها والعياذ بالله أبد الآبدين..
وذكر أيضاً حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ في السوق بجدي أسك. والجدي من صغار الماعز، وهو أسك : أي مقطوع الأذنين، فأخذه النبي عليه الصلاة والسلام ورفعه وقال: " هل أحد منكم يريده بدرهم؟ قالوا يا رسول الله ، ما نريده بشي. قال: "هل أحد منكم يود أن يكون له؟ قالوا: لا. قال : إن الدنيا أهون عند الله تعالى من هذا الجدي".
رواه : مسلم | صحيح مسلم | برقم 2957 |صحيح |
فهذا جدي ميت لا يساوي شيئاً، ومع ذلك فالدنيا أهون وأحقر عند الله تعالى من هذا الجدي الأسك الميت، فهي ليست بشيء عند الله ، ولكن من عمل فيها عملاً صالحاً؛ صارت مزرعة له في الأخرة، ونال فيها السعادتين: سعادة الدنيا وسعادة الآخرة.
أما من غفل وتغافل وتهاون ومضت الأيام عليه وهو لم يعمل؛ فإنه يخسر الدنيا والآخرة. قال الله تعالى: (ِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ)(الزمر: 15)،وقال تعالى : (وَالْعَصْرِ) (1) (إِنَّ الْإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ) (2) (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (العصر:3:1).
وكل بني آدم خاسر إلا هؤلاء الذين جمعوا هذه الأوصاف الأربعة: آمنوا، وعملوا الصالحات، وتواصوا بالحق، وتواصوا بالصبر. جعلنا الله وإياكم منهم.(أ.هــ)
المصدر
في هذا الحديث فوائــــــد :
1- تعلق النبي عليه الصلاة والسلام بالآخرة.
3- أن العيش الحقيقي عيش الآخرة. 4-أن العيش بالدنيا زائل حقير. 5- تعظيم النبي عليه الصلاة والسلام لربه. 6- أن العيش الحقيقي هو الباقي لا الزائل. 7- حقارة الدنيا وسرعة زوالها. 8- ينبغي على القائد تعليق الناس بالآخرة. 9- فضيلة اليقين الذي يؤدي إلى الإيمان بالآخرة. 10- التعلق بالآخرة يريح القلب والبدن فلا يهتم بالدنيا. 11- فضيلة محبة الله ولقاءه. 12-الإيمان بالآخرة حقيقة يقود للطاعات والمسارعة إليها.
__________________
مدونة ( أصحابي )
مناقب الصحابة رضي الله عنهم
التعديل الأخير تم بواسطة توبة ; 01-09-2016 الساعة 02:26 AM
|