عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 01-17-2015, 08:30 PM
الصورة الرمزية توبة
توبة توبة غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 817


المجلس السادس عشر
تابع بَابُ مَا يُحْذَرُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَالتَّنَافُسِ فِيهَا

قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه


6064 حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَمْرَةَ قَالَ حَدَّثَنِي زَهْدَمُ بْنُ مُضَرِّبٍ قَالَ سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَيْرُكُمْ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ قَالَ عِمْرَانُ فَمَا أَدْرِي قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ قَوْلِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَهُمْ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ وَيَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ وَيَنْذُرُونَ وَلَا يَفُونَ وَيَظْهَرُ فِيهِمْ السِّمَنُ .

الشرح

حديث عمران بن حصين - رضي الله عنه - جاء الشاهد في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود: « خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم ... » 1 : البخاري : الشهادات (2651) , ومسلم : فضائل الصحابة (2535) ,
حديث عمران بن حصين فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة في الصحيحين .

وحديث عبد الله بن مسعود أيضا جاء في صحيح مسلم أنه شك في القرن الثالث، وجاء في صحيح مسلم أنه قال: « خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم » 2 : البخاري : الشهادات (2652) , ومسلم : فضائل الصحابة (2533) . من حديث أبي هريرة في صحيح مسلم، وفي صحيح مسلم أيضا عن السيدة عائشة « أن رجلا سأل النبي عليه الصلاة والسلام أي الناس خير؟ قال: القرن الذي أنا فيه، ثم الثاني، ثم الثالث » 3 : مسلم : فضائل الصحابة (2536) , وأحمد (6/156).
وجاء في بعضها ذكر الرابع جذما من حديث جعدة بن هبيرة، لكن في ثبوته نظر، وأكثر الأخبار على ذكر القرنين بعد قرنه، ووقع الشك في القرن الثالث في حديث عمران بن حصين عن ابن أبي مسعود، في بعضها وقع الشك هل بعد قرنين أو ثلاثة، وفي بعضها وقع الشك هل بعد قرنه قرن أو قرنين، لكن المعتمد عليه أنهما بعد قرنه قرنان، ووقع الشك في الثالث، وربما شهد بأن القرون التي بعد قرنه الثلاثة، حديث أبي سعيد الخدري في صحيح مسلم أنه قال: يغزو فئام من الناس، فيقال: فيكم من صحب النبي عليه الصلاة والسلام؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم ، ثم يغزو فئام فيقال: فيكم من صحب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم ذكر القرن الثالث، ثم ذكر من صحب أصحاب من صحب النبي عليه الصلاة والسلام ذكر القرن الرابع، وربما يشهد له أنهم أربعة قرون، لكن المقدم في حديث عمران بن حصين وما جاء في معناه في ذكر القرون أنه ثلاثة، وقع الشك في القرن الثالث بعد القرنين اللذين بعده عليه الصلاة والسلام .


وهذا يبين أن أفضل القرون هو قرنه عليه الصلاة والسلام، وهو الصحابة، ويبين أن الصحابة هم أفضل الأمة، وهو قول جمهور أهل العلم: أنهم أفضل بجملتهم، جمهور الصحابة أفضل من قرن التابعين، وكذلك يفضلونهم على الجملة، ذهب ابن عبد البر وجماعة أن هذا تفضيل جملة على جملة .

والصواب أن التفضيل فرد على فرد، أنه تفضيل فرد على فرد لا تفضيل جملة على جملة، وأن الصحبة لا يعدلها شيء، لكن هذا القول اختاره بعض أهل السنة، وأن بعض الصحابة ممن لم يكن له صحبة قوية وكثيرة، أو تأخرت صحبته، أنه ربما كان في التابعين من هو أفضل من متقدمي التابعين، ولكن الصواب هو قول جمهور أهل السنة، وأنها تفضيل فرد على فرد، لا تفضيل جملة على جملة .

وفي هذا البيان تشديد لأمر الشهادة، ثم يأتي قوله بعد ذلك: « يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن » 4 : البخاري : المناقب (3650) , ومسلم : فضائل الصحابة (2535)
عند الترمذي « ويتسمنون ويحبون السمن » 5 : مسلم : فضائل الصحابة (2535).
يعني يتعاطون ذلك، وهذه خصال ذميمة يبين أنه ذكر في الشهادة: « يشهدون ولا يستشهدون » يبادرون إلى الشهادة، وهذا الأظهر فيه أنه المسارعة إلى الشهادة، وقيل: إن المراد به شهادة الزور، والأظهر - والله أعلم - أنه المسارعة إلى الشهادة، والمبادرة إليها بدون طلب، وهذا يؤذن بعدم الضبط، وعدم العناية، وعدم التحري أن يبادر الإنسان إلى الشهادة، لا تبادر؛ لأنه مثل ما قال: قد يجوز مع الشهادة والعهد ونحن صغار، لا تبادر، فصاحب الحق إذا كان له الحق يطلب الشهادة، لكن أنت إذا علمت أن صاحب الحق يجهل حقه، ويبحث عمن يثبت له حقه بشهادته، فشهادتك له خير كما جاء في حديث زيد بن خالد - رضي الله عنه - نعم.



المصدر
الصفحة الرئيسة / المكتبة الإلكترونية / الشروح /
شرح بلوغ المرام (الجزء السابع) لفضيلة الشيخ عبد المحسن بن عبد الله الزامل
*********
وفي رواية البخاري في كتاب الشهادات

2508 حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ زَهْدَمَ بْنَ مُضَرِّبٍ قَالَ سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُكُمْ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ قَالَ عِمْرَانُ لَا أَدْرِي أَذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ وَيَنْذِرُونَ وَلَا يَفُونَ وَيَظْهَرُ فِيهِمْ السِّمَنُ .

صحيح البخاري » كتاب الشهادات.

قَوْلُهُ : ( وَلَا يُؤْتَمَنُونَ ) أَيْ لَا يَثِقُ النَّاسُ بِهِمْ وَلَا يَعْتَقِدُونَهُمْ أُمَنَاءَ بِأَنْ تَكُونَ خِيَانَتُهُمْ ظَاهِرَةً بِحَيْثُ لَا يَبْقَى لِلنَّاسِ اعْتِمَادٌ عَلَيْهِمْ .




قَوْلُهُ : ( وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ التَّحَمُّلَ بِدُونِ التَّحْمِيلِ أَوِ الْأَدَاءَ بِدُونِ طَلَبٍ ، وَالثَّانِي أَقْرَبُ ، وَيُعَارِضُهُ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ مَرْفُوعًا " أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ ؟ الَّذِي يَأْتِي بِالشَّهَادَةِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا " ، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَرْجِيحِهِمَا.

قَوْلُهُ : (
وَيَنْذِرُونَ ) نعرض هنا لحكم النذر .
هل يجوز أن ينذر الإنسان بأنه إذا حصل له ما هو كذا وكذا أن يصلي عشر أو عشرين ركعة أو أكثر أو أقل؟

النذر منهي عنه لا ينبغي النذر، ولكن متى رزقه الله خيراً شكره بطاعته في الصلاة وغيرها، أما النذر فمنهي عنه، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا تنذروا فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئاً، وإنما يستخرج به من البخيل) متفق على صحته ، فالمؤمن ينبغي له ترك النذر، لكن إن نذر طاعة وجب عليه الوفاء، إذا نذر طاعة وجب عليه الوفاء لأن الله أثنى على الموفين بالطاعات، فقال سبحانه: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصيه) خرجه البخاري في صحيحه رحمه الله، فإن نذر أن يصلي كذا وكذا، أو يصوم الاثنين والخميس أو إذا رزقه الله ولداً تصدق بكذا وكذا، أو إذا تزوج يتصدق بكذا، يوفي بنذره، إذا كان طاعة لله مثلما ذكر، أما نذر المعاصي لا يجوز، لو قال نذر لله عليه أنه يشرب الخمر أو يسرق أو يزني فهذا نذرٌ منكر لا يجوز له فعله، ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم-: (من نذر أن يعصي الله فلا يعصيه) وعليه كفارة يمين في أصح قولي العلماء عن هذا النذر الخبيث، أما النذر المباح فهو مخير إن شاء فعله وإن شاء كفر عنه، إذا قال نذرٌ لله أني آكل من هذا الطعام، نذرٌ: لله أني أبيت في هذا البيت، أو أسافر اليوم، هو مخير إن شاء وفى وإن شاء كفر عن يمينه كفارة النذر لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- :(كفارة النذر كفارة اليمين). جزاكم الله خيراً




المصدر
وَقَوْلُهُ : ( وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ بَعْدَهَا نُونٌ أَيْ يُحِبُّونَ التَّوَسُّعَ فِي الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ ، وَهِيَ أَسْبَابُ السِّمَنِ بِالتَّشْدِيدِ . قَالَ ابْنُ التِّينِ : الْمُرَادُ ذَمُّ مَحَبَّتِهِ وَتَعَاطِيهِ لَا مِنْ تَخَلَّقَ بِذَلِكَ ، وَقِيلَ : الْمُرَادُ يَظْهَرُ فِيهِمْ كَثْرَةُ الْمَالِ ، وَقِيلَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَتَسَمَّنُونَ أَيْ يَتَكَثَّرُونَ بِمَا لَيْسَ فِيهِمْ وَيَدَّعُونَ مَا لَيْسَ لَهُمْ مِنَ الشَّرَفِ ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ ذَلِكَ مُرَادًا . وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ بِلَفْظِ " ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ يَتَسَمَّنُونَ وَيُحِبُّونَ السِّمَنَ " وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي تَعَاطِي السَّمْنِ عَلَى حَقِيقَتِهِ . فَهُوَ أَوْلَى مَا حُمِلَ عَلَيْهِ خَبَرُ الْبَابِ وَإِنَّمَا كَانَ مَذْمُومًا ; لِأَنَّ السَّمِينَ غَالِبًا بَلِيدُ الْفَهْمِ ثَقِيلٌ عَنِ الْعِبَادَةِ كَمَا هُـوَ مَشْهُورٌ .


المصدر



__________________


مدونة ( أصحابي )
مناقب الصحابة رضي الله عنهم





التعديل الأخير تم بواسطة توبة ; 07-23-2016 الساعة 10:21 PM