عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 02-08-2014, 03:45 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,679
افتراضي

6-إظهار الرحمة بالمخطئ:

وهذا يكون في حال من يستحقّ، ممن عَظُم ندمه، واشتد أسفه، وظهرت توبته مثلما يقع أحيانا من بعض المستفتين كما في مثل هذه القصة: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَجُلا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ظَاهَرَ مِنِ امْرَأَتِهِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ ظَاهَرْتُ مِنْ زَوْجَتِي فَوَقَعْتُ عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ أُكَفِّرَ فَقَالَ:وَمَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ قَالَ رَأَيْتُ خَلْخَالَهَا فِي ضَوْءِ الْقَمَرِ قَالَ:فَلا تَقْرَبْهَا حَتَّى تَفْعَلَ مَا أَمَرَكَ اللَّهُ بِهِ رواه الترمذي وابن ماجه .




بينما نحن جُلوسٌ عِندَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، إذ جاءَه رجلٌ فقال : يا رسولَ اللهِ، هلَكتُ . قال : ما لَكَ . قال : وقَعتُ على امرأتي وأنا صائمٌ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : هل تجِدُ رقبةً تُعتِقُها . قال : لا . قال : فهل تستطيعُ أن تصومَ شهرينِ متتابعينِ . قال : لا . فقال : فهل تجِدُ إطعامَ ستينَ مسكينًا . قال : لا . قال : فمكَث النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم . فبينا نحن على ذلك أُتِيَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعَرَقٍ فيه تمرٌ، والعَرَقُ المِكتَلُ، قال : أين السائلُ . فقال : أنا . قال : خُذْ هذا فتصدَّقْ به . فقال الرجلُ : أعلى أفقرَ مني يا رسولَ اللهِ ؟ . فواللهِ ما بين لابَتَيها، يُريدُ الحَرَّتينِ، أهلُ بيتٍ أفقرُ من أهلِ بيتي . فضَحِك النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتى بدَتْ أنيابُه ثم قال : أطعِمْه أهلَك . الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 1936
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]


إن هذا المستفتي المخطئ لم يكن هازلا ولا مستخفا بالأمر بل إن تأنيبه نفسه وشعوره بخطئه واضح من قوله: هلكت ، ولذلك استحق الرحمة .

7 -عدم التسرع في التخطئة:

وقد حدثت لعمر رضي الله عنه قصة رواها بنفسه، فقال:
سمِعتُ هشامَ بنَ حكيمٍ يقرَأُ سورةَ الفُرقانِ في حياةِ رسولِ اللهِ ِصلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فاستمَعتُ لقراءتِه ، فإذا هو يَقرَأُ على حروفٍ كثيرةٍ لم يُقرِئنيها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فكِدتُ أُساوِرُه في الصلاةِ ، فتصبَّرتُ حتى سلَّم ، فلبَّبتُه برِدائِه فقلتُ : مَن أقرَأك هذه السورةَ التي سمِعتُك تَقرَأُ ؟ قال : أقرَأنيها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فقلتُ : كذَبتَ ، فإنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد أقرَأنيها على غيرِ ما قرَأتَ ، فانطلَقتُ به أقودُه إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فقلتُ : إني سمِعتُ هذا يَقرَأُ بسورةِ الفُرقانِ على حروفٍ لم تُقرِئنيها ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( أرسِلْه ، اقرَأْ يا هشامُ ) . فقرَأ عليه القراءةَ التي سمِعتُه يَقرَأُ ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( كذلك أُنزِلَتْ ) . ثم قال : ( اقرَأْ يا عُمَرُ ) . فقرَأتُ القراءةَ التي أقرَأني ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( كذلك أُنزِلَتْ ، إنَّ هذا القرآنَ أُنزِل على سبعةِ أحرُفٍ ، فاقرَؤوا ما تيسَّر منه ) . الراوي: عمر بن الخطاب المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4992
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
. ومن الفوائد التربوية في هذه القصة: أن على طالب العلم أن لا يستعجل بتخطئة من حكى قولا يخالف ما يعرفه إلا بعد التثبت فربما يكون ذلك القول قولا معتبرا من أقوال أهل العلم .

ومما يتعلق بهذا الموضوع أيضا: عدم التسرع في العقوبة وفي القصة التالية شاهد: عَنْ عَبَّادِ بْنِ شُرَحْبِيلَ رضي الله عنه قَالَ:
قدمتُ مع عمومتي المدينةَ فدخلتُ حائطًا من حيطانها ففركتُ من سنبلِه فجاء صاحبُ الحائطِ فأخذ كسائي وضربني فأتيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أستعدى عليه فأرسل إلى الرجلِ فجاؤوا به فقال ما حملك على هذا فقال : يا رسولَ اللهِ : إنه دخل حائطي فأخذ من سنبلِه . ففركه . فقال رسولُ اللهِ : ما علمتَه إذ كان جاهلًا، ولا أطعمَته إذ كان جائعًا، ارددْ عليه كساءَه الراوي: عباد بن شرحبيل المحدث: الألباني - المصدر: صحيح النسائي - الصفحة أو الرقم: 5424
خلاصة حكم المحدث: صحيح
. ويُستفاد من هذه القصّة أنّ معرفة ظروف المخطئ أو المتعدي يوجّه إلى الطريقة السليمة في التعامل معه، وكذلك يُلاحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُعاقب صاحب البستان؛ لأنه صاحب حقّ وإنما خطّأه في أسلوبه ونبهه بأنّ تصرّفه مع من يجهل لم يكن بالتصرّف السليم في مثل ذلك الموقف، ثمّ أرشده إلى التصرّف الصحيح، وأمره بردّ ما أخذه من ثياب الجائع .

8 الهدوء في التعامل مع المخطئ:

وخصوصا عندما يؤدي القيام عليه والاشتداد في نهيه إلى توسيع نطاق المفسدة، ويمكن أن نتبين ذلك من خلال مواجهة النبي صلى الله عليه وسلم لخطأ الأعرابي الذي بال في المسجد كما جاء عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:
بينما نحن في المسجدِ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم إذ جاء أعرابيٌّ . فقام يبولُ في المسجدِ . فقال أصحابُ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : مَهْ مَهْ . قال : قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم لا تُزْرِمُوه . دَعُوهُ فتركوه حتى بال . ثم إن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم دعاه فقال له إن هذه المساجدَ لا تَصْلُحُ لشيءٍ من هذا البولِ ولا القَذَرِ . إنما هي لِذِكرِ اللهِ عز وجل، والصلاةِ، وقِراءةِ القرآنِ ، أو كما قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم . قال فأمر رجلًا من القومِ، فجاء بدَلْوٍ من ماءٍ، فشَنَّهُ عليه . الراوي: أنس بن مالك المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 285
خلاصة حكم المحدث: صحيح
.
رد مع اقتباس