بسم الله الرحمن الرحيم
الضابط الثاني
إذا كان الإيهام الواقع بسبب الوصل يوحي بتناقض
وهذا التناقض كاف لرفع الوهم
وذلك نحو قوله تعالى
"وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ
وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ "
(المائدة: 64)
ففي الآية الكريمة وقفان لازمان
الأول: الوقف على"مَغْلُولَةٌ "
وهو من المواضع التي انفردت بها طبعة الأزهر الشريف
وكونه لازما حتى لا يتوهم
أن قوله: "غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ "
من كلام اليهود ، وليس كذلك بل هو من كلام الله ردا عليهم
و الإيهام هنا بعيد لاختلاف الجملتين الاسمية والفعلية
هذا من ناحية الشكل
أما من ناحية المعنى فلا يعقل أن يدعوا اليهود على أنفسهم
حتى يتوهم السامع أن هذا من قولهم
الثاني : الوقف على" بِمَا قَالُواْ "
وهو من الواضع المتفق علي لزومها
بين طبعات المصاحف وسبب لزومه
هو أن وصله بما بعده فيه إيهام أنه من كلام اليهود
وليس كذلك، بل هو من كلام الله ردا عليهم
وهذا الإيهام مستبعد أيضا
إذ كيف يقول اليهود في صدر الآية " يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ "
ثم يقولون" بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ "، ؟
! حتى يتوهمه السامع
فالإيهام في مثل هذا يوحي بتناقض هذا التناقض
كاف لرفع الوهم
قوله تعالى :" لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ
وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ "(المائدة: 73)
فالوقف على" ثَلاَثَةٍ " لازم
وهو من المواضع المتفق علي لزومها بين طبعات المصاحف
لأن في وصله بما بعده إيهام بأن جملة
" وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ"
من كلام النصارى القائلين"إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ "
وليس كذلك ، بل هو من قول الله ردا عليهم .
وهذا الإيهام مستبعد أيضا، والتناقض هنا واضح
إذ أنه لا يعقل أن يقول النصارى في صدر
الآية" إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ "
ثم يقولون" وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ "
حتى يتوهم السامع ذلك.
فما ذكروه من إيهام فيه إيحاء بالتناقض
وهذا كاف لرفع الوهم .
قوله تعالى :"وَإِذَا جَاءتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى
مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللّهِ اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ "
(الأنعام :124)
فالوقف هنا على قوله" رُسُلُ اللّهِ "
لأن في وصله بما بعده إيهام بأن
قوله" اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ "
من جملة كلام المشركين وليس كذلك
بل هو من قول الله ردا عليهم
أقول وهذا الإيهام يوحي بتناقض كاف لرفع الوهم
إذ أنه لا يعقل أن يقول المشركون في صدر الآية
" لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ "
ثم يقولون " اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ "
حتى يتوهم السامع ذلك .
وللضوابط بقية