هل تزول الخلوة مع السائق بوجود صبي عمره ثمان سنوات ؟
هل تزول الخلوة مع السائق بوجود صبي عمره ثمان سنوات ؟ السؤال: عمل زوجي يتطلب منه السفر كثيرا لمدة ثلاثة أسابيع ، أو شهر ، وليس لدي محارم في البلد الذي أعيش فيه ، ولدي أطفال ، وأحيانا نحتاج أن نذهب لسوبر ماركت ، أو مستشفى ، أو مشاوير ضرورية ، فهل يجوز أن أركب مع السائق الخاص بنا بمفردي مع أطفالي ، علما بأن الكبير 8 سنوات ، والصغير 4 سنوات ؟ الجواب : الحمد لله أولا: لا تجوز خلوة المرأة بأجنبي عنها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ ) رواه البخاري (1862) ، ومسلم (1341) ، وقوله : ( لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ ) رواه الترمذي (1171) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " . ونقل النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (14/ 153) إجماع العلماء على تحريم خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية عنه " ، وكذا نقله الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري (4/ 77). والانفراد مع السائق يعتبر خلوة ولو كان يسير في طرقات وشوارع مليئة بالناس، كما أفتى به غير واحد من أهل العلم . وينظر جواب السؤال رقم : (10374). قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : قال رحمه الله : " لا يحل لإنسان أن يمكن زوجته أو ابنته من أن تركب مع السائق وحدها ؛ لأن هذا من أعظم الخلوة التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله في حديث ابن عباس الثابت في الصحيحين (لا يخلون رجل بامرأة) . ولا يقال إن هذا ليس بخلوة لأنهم يمشون في السوق ، صحيح أنهم يمشون في السوق ، لكنهم في خلوة ؛ لأن هذه السيارة بمنزلة غرفة ، أو حجرة ، انفرد بها هذا الرجل بهذه المرأة ، فهو يستطيع أن يتكلم معها بما يشاء وأن يضحك إليها وتضحك إليه ، ويستطيع أن يتفق معها بكل سهولة على أن يخرجا إلى خارج البلد ويصنعا ما أراد ، فالمسألة خطيرة جداً سواء قلنا إنها خلوة كما هو الذي يتضح لنا أو قلنا إنها ليست بخلوة ، فإنها تعرض للفتن بلا ريب ، ثم إن بعض الناس يقول : إن زوجتي والحمد لله مأمونة تخاف الله ، أو إن ابنتي كذلك مأمونة تخاف الله ، وتخشى العواقب في الدنيا والآخرة ، نقول : مهما كان الأمر فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم " انتهى من "فتاوى نور على الدرب". ثانيا: تنتفي الخلوة بوجود محرم للمرأة ، أو وجود امرأة أخرى على الراجح. قال في "أسنى المطالب" (3/407) : " ( و ) يجوز ( لرجل ) أجنبي ( أن يخلو بامرأتين ، لا عكسه ) أي لا يجوز لرجلين أجنبيين أن يخلوا بامرأة ولو بَعُدَ تواطئهم على الفاحشة كما صرح به النووي في مجموعه ; لأن المرأة تستحيي من المرأة فوق ما يستحي الرجل من الرجل " انتهى. وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " أما الخلوة في البلد فلا يجوز للمرأة أن تخلو بالسائق في السيارة ، ولو إلى مدى قصير ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم ) . ولكن إذا كان مع المرأة امرأة ، أخرى وكان السائق أميناً : فهنا لا خلوة ، فلا حرج أن تركب في السيارة هي والمرأة ما دام أن ركوبها ليس سفراً . وحينئذ نقول : زالت الخلوة بالمرأة المصاحبة ، ولا نقول : إن المرأة المصاحبة تعتبر محرماً ، بل نقول : إن الممنوع في البلد أن يخلو الرجل بالمرأة ، بخلاف السفر ، فالسفر الممنوع أن تسافر المرأة بلا محرم ، وبين المسألتين فرق واضح " . انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (21/ 191). ثالثا: لا يشترط في المحرم الذي تنتفي به الخلوة أن يكون بالغا، بل إذا كان مميزا يُستحيا منه ، انتفت الخلوة. جاء في "فتاوى النووي" ـ رحمه الله ـ ، ص 209: " هل يحل له مساكنة المعتدة منه ؟ الجواب: إِن سكنَ كلٌ منهما في مسكن من دار ، منفردة بمرافقه : كالمطبخ ، والبئر، والمستراح، والمصْعَدِ إِلى السطح ونحوه : جاز. وإِن اتحدت المرافق : لم يجز؛ إِلا أن يكون هناك مَحْرَم له ، أو لها ، من الرجال، أو النساء، أو زوجةٍ ، أو جاريةٍ ، أو امرأة أجنبيةٍ ثقةٍ . ويشترط في هذا المحْرَم وغيرِه أن يكون عاقلًا، بالغًا، أو مراهقًا، أو مميزًا، بحيث يُستحيا منه. ويجوز أن يخلو رجل بأجنبيتين، ولا تجوز خلوة رجلين بأجنبية " انتهى. وقال في "أسنى المطالب" (3/407): " ( فصل : يحرم على الزوج ) ولو أعمى ( مساكنة المعتدة ) في الدار التي تعتد فيها ، ومداخلتها ؛ لأنه يؤدي إلى الخلوة بها ، وهي محرمة عليه ؛ ولأن في ذلك إضرارا بها ، وقال تعالى : (ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن) ( إلا في دار واسعة ) فيجوز ذلك ( مع محرم لها من الرجال ، أو ) محرم ( له من النساء ، أو ) مع ( زوجة ) أخرى له ( أو جارية ) له ، ولها ، لانتفاء المحذور السابق ، ( و ) لكنه ( يكره ) ; لأنه لا يؤمن معه النظر ... ( ويشترط في المحرم ) ونحوه ( تمييز وبلوغ ) : فلا يكفي غير المميز ، ولا المميز الصغير ؛ لأن غير المكلف لا يلزمه إنكار الفاحشة . واعتبار البلوغ نقله الأصل عن الشافعي ثم قال : وقال الشيخ أبو حامد : يكفي عندي حضور المراهق ، وقضية كلام النووي في منهاجه ، كأصله : الاكتفاء بالمميز ، وصرح به في فتاويه ، فقال: ويشترط أن يكون بالغا عاقلا أو مراهقا أو مميزا يستحيا منه " انتهى. فإن كان الصبي صغيرا ، لا يُستحيا منه ، كابن سنتين وثلاث وأربع ، فإن الخلوة لا تنتفي به. قال النووي رحمه الله : " وأما اذا خلا الأجنبي بالأجنبية من غير ثالث معهما : فهو حرام باتفاق العلماء . وكذا لو كان معهما من لا يستحيا منه ، لصغره ؛ كابن سنتين وثلاث ونحو ذلك ؛ فإن وجوده كالعدم" انتهى من "شرح مسلم" (9/109). وقال رحمه الله : " واعلم أن المحرم الذى يجوز القعود مع الأجنبية مع وجوده : يشترط أن يكون ممن يستحيا منه، فان كان صغيرا عن ذلك ، كابن سنتين وثلاث ونحو ذلك : فوجوده كالعدم ، بلا خلاف" انتهى من "المجموع" (4/278). وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: " ما حكم جلوسي مع أخو زوجي، وأطفالي في حضرتي؟ فأجاب: ليس لك الجلوس مع أخي زوجك مع الأطفال ؛ لأن هذه خلوة، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (لا يخلون رجلٌ بامرأة فإن الشيطان ثالثهما) . أما إذا كانوا مميزين ، بحيث يُحترمون : تزول الخلوة ؛ ابن سبع، وابن ثمان ، وابن عشر . أما الصغار دون السبع : فليس لوجودهم فائدة، ولا يمنع من الخلوة . فلا بد يكون الأولاد من سبع ، فأكثر، يحصل بهم زوال الخلوة. جزاكم الله خيراً" انتهى :هنا وعليه : فيجوز لك الركوب مع السائق في وجود ابنك الذي له ثمان سنوات ، ما دام عاقلا متيقظا يستحيى منه ، وينبغي التقليل من ذلك ، والاقتصار على مواضع الضرورة أو الحاجة. وانظري للفائدة : سؤال رقم :(137095). والله أعلم. خلاصة الجواب : يجوز لك الركوب مع السائق في وجود ابنك الذي له ثمان سنوات، ما دام عاقلا متيقظا يستحيى منه، وينبغي التقليل من ذلك ، والاقتصار على مواضع الضرورة أو الحاجة. والله أعلم. موقع الاسلام سؤال وجواب |
الساعة الآن 03:34 PM بتوقيت مسقط |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By
Almuhajir