10 ■إصلاح النفوس و تزكيتها ■ 👈الله رحيم بعباده ؛ و من رحمته أن يحيي نفوسهم بوحيه ؛ و ينيرها بنوره ؛ { وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ۚ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } [سورة الشورى 52] ✋️ والله يخرج الناس بهذا الوحي الإلهي من الظلمات إلي النور ؛ ظلمات الكفر و الشرك و الجهل إلي نور الإسلام و الحق : { اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ } [سورة البقرة 257] 👈 ولقد أرسل الله رسله بهديه ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ } [سورة إبراهيم 5] و بدون هذا النور تعمي القلوب : { فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ } [سورة الحج 46] وعماها ضلالها عن الحق ؛ و تركها لما ينفعها و إقبالها علي ما يضرها : { وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ ۗ } [سورة الفرقان 55] ✋️ و إخراج الرسل الناس من الظلمات لا يتحقق إلا بتعليمهم تعاليم ربهم و تزكية نفوسهم بتعريفهم بربهم و أسمائه و صفاته ؛ و تعريفهم بملائكته و كتبه و رسله ؛ و تعريفهم ما ينفعهم و ما يضرهم ؛ و دلالتهم علي سبيل التي توصلهم إلي محبته ؛ و تعريفهم بمبادئه : { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } [سورة الجمعة 2] { رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ } [سورة البقرة 129] 🌸🍃🌸🍃🌸🍃 |
🍃1️⃣1️⃣🍃
■ تقويم الفكر المنحرف و العقائد الزائفة ■ ✋️ كان الناس في أول الخلق علي الفطرة السليمة ؛ يعبدون الله وحده ؛ و لا يشركون به أحدا ؛ فلما تفرقوا و اختلفوا أرسل الله الرسل ليعيدوا الناس إلي الصواب و ينتشلوهم من الضلال : { كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ } [سورة البقرة 213] 👈 أي كان الناس أمة واحدة علي التوحيد و الإيمان و عبادة الله فا ختلفوا فأرسل الله النبيين مبشرين و منذرين . و قد كان كل رسول يدعو قومه إلي الصراط المستقيم ؛ و بينه لهم و يهديهم إليه ؛ و هذا أمر متفق عليه بين الرسل جميعا ؛ ثم كل رسول يصلح الإنحراف الحادث في عصره و مصره ؛ ف الإنحاف عن الصراط المستقيم لا يحصره ضابط وهو يتمثل في أشكال مختلفة ؛ و كل رسول يعتني بتقويم الإنحراف الموجود في عصره ؛ ف [ نوح عليه السلام ] أنكر علي قومه عبادة الأصنام ؛ و كذلك [ إبراهيم و هود عليهم السلام ] أنكروا علي أقوامهم الاستعلاء في الارض و التجبر ؛ و [ صالح عليه السلام ] أنكر عليهم الإفساد في الارض و اتباع المفسدين ؛ و [ لوط عليه السلام ] حارب جريمة اللواط التي استشرت في قومه ؛ و [ شعيب عليه السلام ] قاوم في قومه جريمة التطفيف في المكيال و الميزان ؛ و هكذا ؛ فكل هذه الجرائم و غيرها التي ارتكبتها الامم خروج عن الصراط المستقيم ؛ و انحراف عنه ؛ و الرسل يبينون هذا الصراط و يحاربون الخروج عليه بأي شكل من الأشكال كان . |
🍃1️⃣2️⃣🍃 ✋️لا أحد أحب إليه العذر من الله تعالى ؛ ف الله جل جلاله أرسل الرسل و أنزل الكتب كي لا يبقي للناس حجة في يوم القيامة : { رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا } [سورة النساء 165] ولو لم يرسل الله الرسل إلي الناس لجاؤوا يوم القيامة يخاصمون الله جل وعلا ؛ و يقولون : كيف تعذبنا و تدخلنا النار ؛ و تدخلنا النار وانت لم ترسل إلينا من يبلغنا مرادك منا ، كما قال الله تعالى : { وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَىٰ } [سورة طه 134] أي : لو أهلكهم الله بعذاب جزاء كفرهم قبل أن يرسل إليهم رسولا لقالوا : هلا أرسلت إلينا رسولا كي نعرف مرادك ؛ و نتبع آبائك ؛ و نسير علي النهج الذي تريد ؟ 👈 و في يوم القيامة عندما يجتمع الاولين و الآخرين يأتي الله بكل أمة برسولها ليشهد عليها بأنه بلغها رسالة ربه ؛ و أقام عليها الحجة : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ شَهِيدًا * يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّىٰ بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا } [سورة النساء 41 - 42] وقال في آية أخري : { وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ۖ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ ۚ} [سورة النحل 89] 👈 و لذلك فإن الذين يرفضون اتباع الرسل ؛ و يعرضون عن هديهم -- لا يملكون إلا الاعتراف بظلمهم إذا وقع بهم العذاب في الدنيا : { فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ * لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَىٰ مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ * } [سورة اﻷنبياء ] 👈 و في يوم القيامة عندما بساقون إلي المصير الرهيب ؛ وقبل أن يلقوا في الجحيم يسألون عن ذنبهم فيعترفون : { تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ ۖ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَىٰ قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ * وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ * فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ } [سورة الملك 8 - 11] 👈 وعندما يضجون في النار بعد أن يحيط بهم العذاب من كل جانب ؛ و ينادون و يصرخون تقول لهم خزنة النار : { قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۚ قَالُوا فَادْعُوا ۗ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ } [سورة غافر 50] 🌸🍃🌸🍃🌸🍃 |
1⃣3⃣ ● رسل الله إلي الجن ● ✋ بما أنهم مكلفون فلا بد أن يبلغهم الله وحيه ؛ و يقيم عليهم الحجة ؛ فكيف حصل ذلك ؟ هل لهم رسل منهم ؛ كما للبشر رسل منهم ؛ أم أن رسلهم هم رسل البشر ؟ 👈 إن قوله تعالى : { يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُم } [سورة اﻷنعام 130] يدل علي أن الله تعالى أرسل إليهم رسلا ؛ و لكنها لم تصرح بأن هؤلاء الرسل من الجن أو من الإنس ؛ لأن قوله تعالى : { منكم } يحتمل الأمرين ؛ قد يكون المراد أن رسل كل جنس منهم ؛ و قد يراد أن رسل الإنس و الجن من مجموعهما ؛ فيصدق علي أحدهما وهم الإنس ؛ وقد اختلف في ذلك علي قولين : 👈 الأول : أن للجن رسلا منهم ؛ و ممن قال بهذا القول الضحاك و ابن الجوزي و هو ظاهر الكلام ؛ و قال ابن حزم : "" لم يبعث إلي الجن نبي من الإنس ألبته قبل محمد صل الله عليه وسلم "". 👈 الثاني : أن رسل الجن من الإنس : قال السيوطي : "" جمهور العلماء سلفا وخلفا ؛ علي أنه لم يكن من الجن قط رسول و لا نبي ؛ كذا روي عن ابن عباس و مجاهد و الكلبي و أبي عبيد "" ✋ و مما يرجح أن رسل الإنس هم رسل الجن قول الجن عند سماع القرآن : { إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَىٰ } [سورة اﻷحقاف 30] و لكنه ليس نصا في المسألة . وهذه المسألة لا يبني عليها عمل . و ليس فيها نص قاطع . 🌸🍃🌸🍃🌸🍃🌸🍃 |
🍃14⃣🍃 ■ الوحي ■ ● النبوة منحة إلهية ● ✋النبوة منحة إلهية ؛ لاتنال بمجرد التشهي و الرغبة ؛ و لاتنال بالمجاهدة و المعاناة ؛ و قد كذب الفلافسة الذين زعموا أن النبوة تنال بمجرد الكسب و الاجتهاد ؛ و تكلف أنواع العبادات ؛ و اقتحام أشق الطاعات و الدأب في تهذيب النفوس ؛ و تنقية الخواطر ؛ و تطهير الأخلاق ؛ و رياضة النفس و البدن . 👈 وقد بين الله في أكثر من آية أن النبوة نعمة ربانية إلهية ؛ قال تعالى : { أُولَٰئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا ۚ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَٰنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ۩ } [سورة مريم 58] وحكي الله قول نبي الله يعقوب لإبنه يوسف عليهم السلام : { وَكَذَٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ } [سورة يوسف 6] وقال الله لموسي عليه السلام : { قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي } [سورة اﻷعراف 144] ✋ وقد طمع أمية بن أبي الصلت في أن يكون نبي هذه الأمة ؛ و قال الكثير من الشعر متوجها به إلي الله ؛ و داعيا إليه ؛ و لكنه لم يحصل على مراده و صدق الله إذ يقول : ۘ{ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ۗ } سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَا [سورة اﻷنعام 124] 👈 و عندما اقترح المشركون أن يختار الله لأمر النبوة و الرسالة أحد الرجلين العظيمين في مكة و الطائف عروة بن مسعود الثقفي او الوليد بن المغيرة ؛ أنكر الله ذلك القول ؛ و بين ان هذا مستنكر ؛ فهو الإله العظيم الذي قسم بينهم أرزاقهم في الدنيا ؛ أفيجوز لهم أن يتدخلوا في تحديد المستحق لرحمة النبوة و الرسالة ؟ { وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَٰذَا الْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ * أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ } [سورة الزخرف 31 - 32] ✋ و سنبين بإذن الله تعالى الطريق الذي يصبح به الذين أختارهم الله أنبياء ؛ 🍃🌸🍃🌸🍃🌸🍃 |
🍃1⃣5⃣🍃 ■ طريق إعلام الله أنبياءه و رسله ■ ● تعريف الوحي ● 👈 سمي الله الطريق الذي يعلم به أنبياءه و رسله و حيا ؛ قال تعالي : { إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ ۚ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا } [سورة النساء 163] ✋ والوحي في اللغة : الإعلام الخفي السريع مهما اختلفت أسبابه ؛ فقد يكون بالإلهام كوحي الله إلي الحواريين : { وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُون َ} [سورة المائدة 111] و كوحي الله لأم موسي : { وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ } [سورة القصص 7] ويأتي بمعني الإيماء و الإشارة ؛ فقد سمي القرآن إشارة زكريا إلي قومه و حيا : { فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا } [سورة مريم 11] 👈 و أكثر ماوردت كلمة "" وحي "" في القرآن الكريم بمعني إخبار و إعلام الله في اصطفاء من عباده كل ما أراد إطلاعه عليه من ألوان الهداية و العلم ؛ بطريقة سرية خفية ؛ غير معتادة للبشر ؛ ■ مقامات وحي الله إلي رسله ■ للوحي الذي يعلم الله به رسله و أنبياءه مقامات ؛ قال الله تعالى مبينا هذه المقامات : { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ } [سورة الشورى 51] ✋فالمقامات ثلاثة ✋ 👈 الأولي : الإلقاء في روع النبي الموحي إليه بحيث لا يمتري النبي في أن هذا الذي ألقي في قلبه من الله تعالي ؛ كما جاء في صحيح ابن حبان عن رسول الله صل الله عليه وسلم أنه قال : (( إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتي تستكمل رزقها و أجلها ؛ ف فاتقوا الله و أجملوا في الطلب )) رؤيا الانبياء : وهذا الذي فسر به ابن الجوزي المقام الأول داخل في الوحي بلا شك ؛ فإن رؤيا الأنبياء حق ؛ و لذلك فإن خليل الرحمن إبراهيم بادر إلي ذبح ولده عندما رأي في المنام أنه يذبحه ؛ و عد هذه الرؤيا امرا إلهيا ؛ قال تعالي في إبراهيم و ابنه إسماعيل : { فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ۚ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ } [سورة الصافات 102 - 105] و في الحديث الذي يرويه البخاري و مسلم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : (( أول ما بدئ به رسول الله صل الله عليه وسلم من الرؤيا الصالحة في المنام ؛ فكان لا يري رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح )) |
🍃1⃣6⃣🍃 ✋ المقام الثاني ● تكليم الله لرسله من وراء حجاب 👈 و ذلك كما كلم الله تعالي موسي عليه السلام ؛ و ذكر الله ذلك في أكثر من موضع في كتابه : { فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَىٰ * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ۖ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى* وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىٰ * إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي } [سورة طه11 - 14] وممن كلمه آدم عليه السلام : { قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ ۖ } [سورة البقرة 33] وكلم الله عبده ورسوله محمد صل الله عليه وسلم عندما عرج به إلي السماء . ✋ المقام الثالث ● الوحي إلي الرسول بواسطة الملك : و هذا هو الذي يفقه من قوله تعالي : {ٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ ۚ} [سورة الشورى 51] وهذا الرسول هو جبريل عليه السلام ؛ و قد يكون غيره و ذلك في أحوال قليلة ؛ ✋ صفة مجئ الملك إلي الرسول : ■ بالتأمل في النصوص في هذا الموضوع نجد أن للملك ثلاثة أحوال : ●الاول ● أن يراه الرسول علي صورته التي خلقه الله عليها ؛ ولم يحدث هذا لرسولنا صل الله عليه وسلم إلا مرتين . ● الثاني ● أن يأتيه الوحي في مثل صلصلة الجرس ؛ فيذهب عنه و قد وعي عنه الرسول صل الله عليه وسلم . ● الثالث ● أن يتمثل له الملك رجلا فيكلمه و يخاطبه و يعي عنه قوله ؛ و هذه أخف الأحوال علي الرسول صل الله عليه وسلم ؛ وقد حدث من جبريل في اللقاء الأول عندما فجأة في غار حراء . ✋ بشائر الوحي : ● كان الرسول صل الله عليه وسلم قبل معاينته للملك ؛ و يري ضوءا ؛ و يسمع صوتا ؛ و لكنه لا يري الملك الذي يحدث الضوء ؛ و لايري مخاطبه ؛ و الهاتف به ؛ روي مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما ؛ قال : [[ مكث رسول الله صل الله عليه وسلم بمكة خمس عشرة ؛ يسمع الصوت و يري الضوء سبع سنين ؛ ولا يري شيئا ؛ و ثمان سنين يوحي إليه ؛ و أقام بالمدينة عشرا ]] 👈 قال النووي : "" يسمع الصوت و يري الضوء "" قال القاضي : "" أي : صوت الهاتف من الملائكة ؛و يري الضوء ؛ أي : نور الملائكة ؛ و نور آيات الله ؛ حتي رأي الملك بعينيه ؛ و شافهه بوحي الله "" ✋ أثر الملك في الرسول ✋ ● من المزاعم التي يدعيها المكذبون بالرسل أن ماكان يصيب الرسول صل الله عليه وسلم إنما هو نوع من الصرع ؛ أو اتصال من الشياطين به ؛ و كذبوا في دعواهم ؛ ف الأمران مختلفان ؛ فالذي يصيبه الصرع يصفر لونه ؛ و يخف وزنه ؛ و يفقد اتزانه ؛ و كذلك الذي الشيطان ؛ و قد يتكلم الشيطان علي لسانه ؛ و يخاطب الحاضرين ؛ و عندما يفيق من غيبوته لا يدري ؛ ولا يذكر شيئا مما خاطب به الشيطان الحاضرين علي لسانه ؛ أما الرسول صل الله عليه وسلم فإن اتصال الملك به نماء في جسده ؛ و إشراق في وجهه ؛ ثم إن الجالسين لا يسمعون كلاما ؛ إنما يسمعون دويا كدوي النحل عند وجهه ؛ و يقوم الرسول صل الله عليه وسلم ؛ بعد ذلك و قد وعي كل ما أخبر به الملك ؛ فيكون هو الذي يخبر أصحابه بما أوحي إليه ؛ 👈 فقد أخبرتنا -- أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعن أبيها -- أنها رأت الرسول صل الله عليه وسلم ؛ ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد ؛ فيفصم عنه ؛ و إن جبينه ليتفصد عرقا ؛ وفي رواية عنها : "" إن كان لينزل علي الرسول صل الله عليه وسلم ؛ في الغداة الباردة ؛ ثم تفيض جبهته عرقا "" و أخبرتنا أن ناقته عندما كان يوحي إليه وهو فوقها يضرب حزامها و تكاد تبرك به من ثقله فوقها ؛ و يذكر أحد أصحابه صل الله عليه و سلم أن فخذه كانت تحت فخذ النبي صل الله عليه وسلم ؛ حين الإنزال إليه ترض فخذ الصحابي ؛ وهذا يعلي بن أمية يحدثنا عن مشاهدة تنزل الوحي علي الرسول صل الله عليه وسلم ؛ و قد كان يتمني قبل ذلك أن يراه في تلك الحال ؛ قال : "" فإذا رسول الله صل الله عليه وسلم محمر الوجه ؛ و هو يغط ؛ ثم سري عنه ، 🍃🌸🍃🌸🍃🌸🍃 |
🍃1⃣7⃣🍃 ■ صفات الرسل ■ ✋ البشرية : شاءت حكمة العليم الخبير أن يكون الرسل الذين يرسلهم إلي البشر من البشر أنفسهم : { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ } [سورة الكهف 110] ■ وسنجلي هذا الموضوع في أربعة مطالب : ■ المطلب الأول : 👈 أهلية البشر لتحمل الرسالة الذين يستعظمون و يستبعدون اختيار الله بعض البشر لتحمل الرسالة لا يقدرون الإنسان قدره ؛ ف الإنسان مؤهل لتحمل الأمانة العظمي ؛ أمانة الله التي أشفقت السموات والأرض و الجبال من حملها ؛ : { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } [سورة اﻷحزاب 72] ✋ والذين استعظموا أختيار الله البشر رسلا نظروا إلي المظهر الخارجي للإنسان ؛ نظروا إليه علي أنه جسد يأكل و يشرب و ينام ؛ و يمشي في الأرض لتلبية حاجاته : { وَقَالُوا مَالِ هَٰذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ ۙ } [سورة الفرقان 7] و لم ينظروا إلي جوهر الإنسان ؛ و هو تلك الروح التي نفخة من روح الله : { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ } [سورة الحجر 29] وبهذه الروح تميز الإنسان ؛ و صار إنسانا ؛ و استخلف في الأرض ؛ و قد أودعه الله الاستعداد للاتصال به عن طريق تلك النفخة العلوية التي ميزته ؛ فلا عجب أن يختار الله واحدا من هذا الجنس ؛ صاحب استعداد للتلقي ؛ فيوحي إليه ما يهدي به إخوانه إلي الطريق كلما غام عليهم الطريق ؛ و مايقدم به إليهم العون كلما كانوا بحاجة إلى العون : { قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۖ} [سورة إبراهيم 11] 👈 ثم إن الرسل يعدون إعدادا خاصا لتحمل النبوة و الرسالة ؛ و يصنعون صنعا فريدا : { وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي } [سورة طه 41] واعتبر هذا حال نبينا محمد صل الله عليه وسلم ؛ كيف رعاه الله و حاطه بعنايته علي الرغم من يتمه و فقره : { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَىٰ * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ * وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَىٰ } [سورة الضحى 6 - 8] و قد زكاه و طهره ؛ و أذهب عنه رجس الشيطان ؛ و أخرج منه حظ الشيطان منذ كان صغيرا ؛ فعن أنس بن مالك أن رسول الله صل الله عليه وسلم آتاه جبريل عليه السلام وهو يلعب مع الغلمان ؛ فأخذه فصرعه ؛ فشق عن قلبه ؛فاستخرج القلب ؛ فاستخرج منه علقة ؛ فقال هذا حظ الشيطان منك ؛ ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ؛ ثم لأمه ؛ ثم أعاده في مكانه ؛ و جاء الغلمان يسعون إلي أمه -- أمه في الرضاع وهي حليمة السعدية -- فقالوا : إن محمد قد قتل ؛ فاستقبلوه و هو ممتقع اللون ؛ قال أنس : وقد كنت أري أثر ذلك المخيط في صدره . ✋ وحدث قريب من هذا عندما جاء جبريل عليه السلام يهيئه للرحلة الكبري للعروج به إلي السموات العلي ؛ ففي حديث الإسراء : (( فرج سقف بيتي و أنا بمكة ؛ فنزل جبريل عليه السلام ؛ ففرج صدري ؛ ثم غسله من ماء زمزم ؛ ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة و إيمانا ؛ فأفرغها في صدري ؛ ثم أطبقه )) [[ متفق عليه ]] 🍃🌸🍃🌸🍃🌸🍃 |
🍃1⃣8⃣🍃 ■ لم لم يكن الرسل ملائكة ■ 👈 لقد كثر اعتراض أعداء الرسل علي بعثة الرسل من البشر ؛ و كان هذا الامر من أعظم ماصد الناس عن الإيمان ؛ { وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا } [سورة اﻹسراء 94] و عدوا اتباع الرسل بسبب كونهم بشرا فيما جاؤوا به من عقائد و شرائع أمرا قبيحا ؛ و عدوه خسرانا مبينا ؛ { وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ } [سورة المؤمنون 34] { فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ } [سورة القمر 24] وقد اقترح أعداء الرسل الذين يبعثون إليهم من الملائكة يعاينوهم و يشاهدونهم ؛ أو علي الأقل يبعث إليهم مع الرسول البشري رسولا من الملائكة ؛ { وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ } [سورة الفرقان 21] { وَقَالُوا مَالِ هَٰذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ ۙ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا } [سورة الفرقان 7] ✋ و عندما نتأمل النصوص القرآنية يمكننا أن نرد علي هذه الشبهة. من وجوه : ● الاول : أن الله اختارهم بشرا لا ملائكة لانهم أعظم في الابتلاء و الاختبار ؛ ففي الحديث القدسي الذي يرويه مسلم في صحيحه : (( إنما بعثتك لأبتليك و أبتلي بك )) ● الثاني : أن في هذا إكراما لمن سبقت لهم منه الحسني ؛ فإن اختيار الله لبعض عباده ليكونوا رسلا تكريم و تفضيل لهم ؛ { أُولَٰئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا ۚ } [سورة مريم 58] ● الثالث : أن البشر أقدر علي القيادة و التوجيه ؛ و هم الذين يصلحون قدوة و أسوة . ● الرابع : صعوبة رؤية الملائكة ؛ فالكفار عندما يقترحون رؤية الملائكة ؛ و ان يكون الرسل إليهم ملائكة لا يدركون طبيعة الملائكة ؛ ولا يعلمون مدي المشقة و العناء الذي سيلحق بهم من جراء ذلك . ✋ ف الاتصال بالملائكة و رؤيتهم أمر ليس ؛ فالرسول صل الله عليه وسلم مع كونه أفضل الخلق ؛ و هو علي جانب عظيم من القوة الجسمية و النفسية عندما راي جبريل علي صورته أصابه هول عظيم و رجع إلي منزله يرجف فؤاده و قد كان صل الله عليه وسلم يعاني من اتصال الوحي به بشدة ؛ و لذلك قال في الرد عليهم : { يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَىٰ يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ } [سورة الفرقان 22] ذلك أن الكفار لايرون الملائكة إلا حين الموت او حين نزول العذاب ؛ فلو قدر أنهم رأوا الملائكة لكان ذلك اليوم يوم هلاكهم ، ✋ فكان إرسال الرسل من البشر ضروريا كي يتمكنوا من مخاطبتهم و الفقه عنهم و الفهم منهم ؛ ولو بعث الله رسله إليهم من الملائكة لما أمكنهم ذلك . { وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا * قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا } [سورة اﻹسراء 94 - 95] فلو كان سكان الأرض ملائكة لأرسل الله إليهم رسولا من جنسهم ؛ أما و ان الذين يسكنون الارضى بشرا فرحمة الله وحكمته تقتضي أن يكون رسولهم من جنسهم : { لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ } [سورة آل عمران 164] ✋و إذا كان البشر لا يستطيعون رؤية الملائكة و التلقي عنهم بيسر و سهولة فيقتضي هذا -- لو شاء الله أن يرسل رسولا إلي البشر -- أن يجعله رجلا : { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ } [سورة اﻷنعام 9] فالله يخبر أنه لو بعث رسولا ملكيا لكان علي هيئة رجل ليمكنهم مخاطبته و الانتفاع بالأخذ عنه ؛ و لو كان كذلك لالتبس الامر عليهم ؛ 👈 والتباس الأمر عليهم بسبب كونه في صورة رجل ؛ فلا يستطيعون أن يتحققوا من كونه ملكا ؛ و إذا كان الامر كذلك فلا فائدة من إرسال الرسل من الملائكة علي هذا النحو ؛ بل إرسالهم من الملائكة علي هذا النحو لا يحقق الغرض المطلوب ؛ لكون الرسول الملك لا يستطيع أن يحس بإحساس البشر و عواطفهم و انفعالاتهم و إن تشكل بأشكالهم . 🍃🌸🍃🌸🍃🌸🍃 |
🍃1⃣9⃣🍃 ◀ أولا ▶ ■ مقتضي بشرية الأنبياء والرسل■ مقتضى كون الرسل بشرا أن يتصفوا بالصفات التي لا تنفك البشرية عنها و هي : 👈 أولا : يأكلون و يشربون و ينامون و يتزوجون و يولد لهم : الرسل والأنبياء يحتاجون لما يحتاج إليه البشر من الطعام و الشراب ؛ و يحدثون كما يحدث البشر لأن ذلك من لوازم الطعام والشراب : { وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ ۖ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ } [سورة اﻷنبياء 7 - 8] ومن ذلك أنهم ولدوا كما ولد البشر ؛ لهم آباء و أمهات ؛ و أعمام و عمات ؛ و أخوال و خالات ؛ يتزوجون و يولد لهم ؛ { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ۚ } [سورة الرعد 38] و يصيبهم ما يصيب البشر من أعراض ؛ فهم ينامون و يقومون ؛ و يصحون و يمرضون ؛ و ياتي علي البشر وهو الموت ؛ فقد جاء ذكر إبراهيم خليل الرحمن لربه : { وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ } [سورة الشعراء 79 - 81] و قال الله لعبده و رسوله محمد صل الله عليه وسلم : { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ } [سورة الزمر 30] وقال مبينا أن هذه سنته في الرسل كلهم : { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ } [سورة آل عمران 144] وقد جاء في وصف الرسول صل الله عليه وسلم : """ كان بشرا من البشر ؛ يفلي ثوبه ؛ و يحلب شاته و يخدم نفسه """ 👈 وقد صح عن الرسول صل الله عليه وسلم قال لأم سليم : (( قال " يا أمَّ سُلَيمٍ ! أما تعلَمين أنَّ شرْطي على ربِّي ، أني اشترطتُ على ربِّي فقلتُ : إنما أنا بشرٌ . أرضَى كما يرضى البشرُ . وأغضب كما يغضب البشرُ . فأيما أحدٍ دعوتُ عليه ، من أمتي ، بدعوةٍ ليس لها بأهلٍ ، أن تجعلَها له طهورًا وزكاةً وقربةً يقرِّبُه بها منه يومَ القيامةِ " . الراوي : أنس بن مالك | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 2603 | خلاصة حكم المحدث : صحيح )) 🍃🌸🍃🌸🍃🌸🍃 |
الساعة الآن 05:48 PM بتوقيت مسقط |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By
Almuhajir